بالرغم من كل التطورات الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي اجتاحت الكثير من المجتمعات اليوم , الا ان حال الدول النامية أو نصيبها من هذا التطور لم يكن بالقدر المطلوب أو بالشكل الذي يلبي طموحات ورغبات المجتمعات النامية ويعود ذلك لاسباب عديدة ومختلفة منها أسباب داخلية أي خاصة بهذه الدول او أسباب خارجية اي خارجة عن ارادة هذه الدول.
وأذ تُعد الأسرة هي المصدر الأول في تكوين قيم الفرد واتجاهاته، وعاداته الاجتماعية، فهي التي تمده بالرصيد الأول من القيم والعادات الاجتماعية، وهي بذلك تمده بالضوء الذي يرشده في سلوكه وتصرفاته وتطوره، ففي الأسرة يتلقى الطفل أول درس عن الحق والواجب، والسلوكيات الصائبة والخاطئة، والحسنة والقبيحة، وما يجوز عمله وما لا يجوز، والمرغوب فيه وغير المرغوب فيه، وماذا يجب عمله، وماذا يجب تجنبه، ولماذا، وكيف يكسب رضا الجماعة، وكيف يتجنب سخطها؟ والتحلي بالقيم الأخلاقية امر لا بد منه فهي أساس الإصلاح في المجتمع كما أنها هي اللبنة الأساسية للتقيد بالقوانين والأنظمة دون الالتفات إلى أخطاء الأخرين ومحاولة تقليدها.
فجميع المؤشرات الواقعية تدل على أن الدول المتميزة ببنائها الرصين، قد بلغت درجة التميز والتفرد، بعد أن صممّت وقررت طرد القيم المتخلفة التي تتضاد مع القيم الاخلاقية الايجابية، فيما بقيت مجتمعات ودول أخرى تتخبط في الجهل والاحتراب والتراجع الى الوراء، بسبب اعتناقها للقيم المتخلفة، وتمسكها بها، وكأنها دستور لا يجوز تجاوزه، وهكذا ترعى بعض المجتمعات تلك العادات الرديئة المضادة للأركان التي تُبنى على أساسها الدول والجماعات والأفراد على حد سواء، فالتضارب بين هذه الأركان والقيم المعيقة للبناء والتقدم أمر متوقّع، لاسيما أن هناك من يسعى لإدامة المعوقات حتى يبقى الجهل والكسل والتخلف عناصر تثقل كاهل الفرد والدولة والمجتمع.
وأذا اردنا أن نشخص بعض السلوكيات السلبية في المجتمع والمرتكزة على قيم هدامة كالتجاوز على المال العام والمحسوبية والواسطة والثأر والرشوة وعدم أحترام الوقت وعدم الالتزام بلانظمة والقواعد الحكومية والمجتمعية وغيرها من المظاهر والافكار والسلوكيات السلبية الهدامة.
شيوع مثل هذه السلوكيات السلبية بين أفراد المجتمع سيؤدي بألتأكيد الى أثار نفسية وأجتماعية وحتى أقتصادية خطيرة في المجتمع لما يترتب على مثل هذه القيم من أضرار وسلبيات تقع على الافراد والمؤسسات والمجتمع بشكل عام , ونستطيع القول أن أنتشار مثل هذه القيم سيشكل عائقاً أمام مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لما تسببه من خسائر بشرية ومادية اضافة الى ما يمكن أن تسببه من اثارة للتشاحن والصراع والكراهية في المجتمع الامر الذي يهدد سلامة وأمن الفرد والاسرة والمجتمع بشكل عام.
أن أنتشار هذه الظواهر في المجتمع أنما يؤشر حالة تستحق الاهتمام والدراسة من أجل التوصل الى أهم اسبابها ودوافعها ووضع الحلول والمقترحات الناجعة لها والتخلص من أضرارها وانعكاساتها السلبية, وهنا يجدر الاشارة الى الدور الذي تلعبه الدوائر التخطيطية والتربوية والتعلمية في تنفيذ خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبناء فرد ومجتمع سليم وفعال لتحقيق أهداف التنمية .