يزج البعض بأنفسهم في المعتركات الانتخابية كشخصيات مستقلة سياسيا ، ضمن قوائم فردية او متعددة ، هادفين من وصف توجهاتهم الفكرية ب” الاستقلال “السياسي الى التحلل من اخطاء الجماعات السياسية ، والافادة في الوقت ذاته من معطيات العملية السياسية لإيصالهم الى قمة المؤسسات الحاكمة وادارة الشأن العام ، وتلك الممارسة سواء كانت عفوية او مدروسة ، هي سياسية بامتياز ، ولاتخلو من التحايل والانتهازية في كثير من الاوقات ، اذ تتم عبر آليات سياسية ، وتنتهي الى قيادة مؤسسات سياسية ، كما وتراهن في نجاحها على اللعب على عنصر النقم الشعبي العام من جملة الاداء السياسي سيما وقت الأزمات .
وحتى مع التسليم بصحة الاستقلال السياسي لهؤلاء الافراد او الجماعات الصغيرة ، وذلك ضرب من الوهم ، فان زيادة اعداد المستقلين في المجالس التمثيلية هو أمر ضار وسلبي من وجوه عدة ، فالمستقلون السياسيون ينطلقون من قاعدة الرفض للعمل الجماعي الذي يطبع الحياة الحزبية ويوفر لها القوة والامكانات ، فيما تنزع طروحاتهم الى المثالية وتعطيل اقتناص الفرص الواقعية التي تنتهجها الجماعات السياسية ، اضافة الى ترفعهم عن التعامل مع كل ماهو سياسي باعتباره معيبا ومنقوصا . ولكون اعداد المستقلين دائما اقل من المنتمين سياسيا ، ولعدم قدرتهم على تكوين كتلة سياسية متماسكة فانهم كثيرا ماشكلوا حلقات زائدة في جسم المؤسسات التمثيلية رغم كفاءاتهم الفردية ، فيما انتهى معظمهم الى الاندماج في الاحزاب والكتل السياسية الاخرى استجابة لمتطلبات العمل السياسي وفي مقدمتها الجماعية والتنظيم والواقعية .