من مفاهيم التحالف السياسي؛ هو هو أتحاد توجهين سياسيين أو أكثر, من أجل خوض الأنتخابات أو المشاركة في تأسيس الحكومة, ويكون لكل طرف من المتحالفين وجهته وسلوكياته الخاصة بهِ, ويعملون على ترك الأختلاف في وجهات النظر والرؤى جانباً, ويتحالفون على آيدلوجية وبرنامج موحد سواء كان أنتخابي أو حكومي؛ والتحالفات السياسية يُعمل بها في العراق ودولته الفتيه, إلا أنها لم تصل الى مرحلة النضوج الكافية, فنرى أن أطراف التحالف لم يتوافقوا حتى بعد أنعقاد التحالف والأمضاء على متبنياته.
ومن تلك التحالفات التي أجُريت في العراق تحالف نصر العراق, وعُقد هذا التحالف بين طرفيه, تيار الحكيم وحلفاؤه, والعبادي وحلفاؤه, ليكون التحالف برئاسة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي, وتحالف المتحالفون على أن التحالف لهُ ضوابط:
1. مشاركة القرار: القرار في أتخاذ القرارات ورسم السياسات وتحديد المسار يكون مشترك.
2.وطنية التحالف: التحالف مهيئ ليكون تحالف عابر للطائفية, ويستقطب القوى الوطنية المعتدلة.
3.البرنامج الأنتخابي: التحالف على تبني مشترك لبرنامج يهدف لبناء الدولة العادلة.
إلا أن تلك الضوابط لم تعد ملزمتاً لرئاسة التحالف, حتى بدا التفرد بالقرار, وتهميش الأطراف وعدم أعطائهم أستحقاقهم للمشاركة في القرار, طافياً على سطح التحالف وواضحاً في مرآة السياسة, وهذا يعطي أنذاراً لأطراف التحالف, خصوصاً ولهم سابقة تجربة مع أطراف من نفس حزب السلطة, فما كان من الطرف الآخر إلا الأنسحاب, لأن وجودها يتسبب بحرجها أمام جمهورها, الذي لم يعهد لها إلا الشموخ والشجاعة في القرارات المصيرية والحساسة, فبعد قرار تأجيل أنتخابات مجالس المحافظات, والتمسك بهِ من قبل العبادي, يخالف ضابطة التشارك بالقرار, وليس ذلك فحسب بل يخالف حتى متبنيات المرجعية والشارع العراقي بضرورة دمج الأنتخابات, فلو مررت هذه القفزة على ضابطة التشارك, فالعبادي لم يتوانى عن القفز على الضوابط المتبقية.
هذا التخالف ليس جديداً على تحالفات ساسة العراق, فلهم زمن مليءٌ بالتجارب, فأنشقاق السيد أمين عام حزب الدعوة عن أئتلاف العراقي الموحد, ليؤسس أئتلاف دولة القانون, سنَ سنةً سيئة له وزرها ووزر من عمل بها, واليوم السيد العبادي يينتهج منهجه, وأن أختلف في بعض الممارسات والآليات عن من سبقهُ, إلا أنه يتفق معه في الأيدلوجيات والمعتقدات, وما التخلف عن العهود إلا نتيجة المعتقدات؛ فإذا أُريد لسكان العراق النضوج بعمليتهم السياسية, لابد لهم من أنضاج فكر ساستهم, ولانضوج لتفكيرهم دون أنهاء حالة خذلان بعضهم البعض الآخر, وأن يكونوا رجال دولة لا رجال سياسة.