16 نوفمبر، 2024 4:38 م
Search
Close this search box.

“سيف الدين الدسوقي” .. من رواد الشعر الرومانسي في السودان

“سيف الدين الدسوقي” .. من رواد الشعر الرومانسي في السودان

خاص : كتبت – سماح عادل :

“سيف الدين مصطفى الدسوقي” شاعر سوداني، ولد في 1936 بحي العرب في “أم درمان” بالسودان، في أسرة معروفة بالتدين، نال تعليمه في بلدته حتى الثانوية ثم التحق بجامعة القاهرة- فرع الخرطوم (جامعة النيلين حالياً)، كلية الآداب، قسم اللغة العربية، وتخرج منها، ثم سافر إلى مصر حيث درس في كلية الصحافة بالقاهرة وحصل منها على دبلوم الصحافة، وبعد ذلك سافر إلى بريطانيا ليدرس في معهد “ريجينت” بلندن ويحصل على دبلوم اللغة الإنجليزية.

حياته..

حصل “سيف الدين الدسوقي” على دورات تدريبية داخل السودان وخارجه في العمل الإذاعي والتلفزيوني، ثم عمل مذيعاً في هيئة الإذاعة السودانية ب”أم درمان”، ورئيساً للقسم الثقافي بالتلفزيون السوداني، كما عمل مديراً للإخراج والمنوعات بإذاعة الرياض بالسعودية، ثم عمل في إذاعة وادي النيل بالسودان ليعمل فيها في وظيفة مدير مناوب للإذاعة، كذلك عمل نائبا لأمين الهيئة القومية للإعلام والإنتاج الفني بالسودان.

نشر “سيف الدين الدسوقي” في عدد من الصحف العربية العديد من المقالات الأدبية والقصائد والمسرحيات، وهو يعتبر من رواد المدرسة الرومانسية التجديدية في الشعر بالسودان،  ومن دواوينه الشعرية “حروف من دمي” و”الحرف الأخضر” و”زمن الأفراح الوردية”، كتب العديد من القصائد باللهجة السودانية وبالعربية الفصحى وتغنى ببعض تلك القصائد فنانون سودانيون بارزون، كما كتب عدداً من الأعمال الدرامية والمسرحيات، كما شارك في الإذاعات العربية بعشرات المسرحيات والبرامج.

حركة نابضة..

يقول الشاعر السوداني”مبارك المغربي” عن أعمال “سيف الدين الدسوقي”: “إنها حركة حية نابضة بالحركة كتبها بدمه قبل قلمه في صدق شعوري نابع من القلب، وإلهام جياش دفاق فجاءت صورة متداخلة متفاعلة تنم عن سمو نفسه ورقة وجدانه”.

تجاهل الدولة..

كشفت أسرة “سيف الدين الدسوقي” عن وجود تجاهل غير مبرر من قبل الدولة طوال فترة مرض والدهم، وقالت ابنته المخرجة “فجر سيف الدين” لجريدة “آخر لحظة” السودانية: “نحن غاضبون أشد الغضب من تجاهل الدولة الكبير لوالدنا الأستاذ سيف الدين الدسوقي بكل ما قدمه للسودان من أعمال خالدة حتى الآن، فنحن نود أن يذكروه فقط ليرفعوا من روحه المعنوية، بصراحة أكثر نحن لا نرجو خيراً من الدولة، لأن الوالد في الأساس تم إنزاله من العمل بمعاش اختياري بسبب مشكلة سياسية، حتى أنه كان يرفض دخولنا لمجال الإعلام لأنه ظالم- كما يقول- حتى لا نتعرض للظلم الذي تعرض له.. نحن لا ننتظر خيراً من هذه الحكومة لوالدنا، ويكفينا حب الناس والجمهور له، والاحتفاء الكبير الذي يجده منهم، وهذا هو الأهم”.

النزوح بعيدا..

في حوار مع “سيف الدين الدسوقي” أجراه “صلاح حبيب” نشر في الصحيفة السودانية “المجهر السياسي” يقول معرفا عن نفسه: “سيف الدين مصطفى الشيخ إبراهيم الدسوقي.. من مواليد مدينة حي العرب بأم درمان.. فيها تلقيت دراستي الأولية، ومن ثم انتقلت مع والدي الذي كان يعمل معلماً بمعهد أم درمان العلمي، فالتحقت بالمعهد وأكملت المرحلتين الوسطى والثانوية، ومن ثم التحقت بجامعة القاهرة الفرع سابقاً (النيلين) حالياً كلية الآداب”.

وعن  شعره يقول “سيف الدين الدسوقي”: ” لا أتذكر اسم أول قصيدة كتبتها.. ولكن أحد مقاطعها يقول: (أقبل يا هادي وحسنك).. إلى أن يقول (وما أنا إلا عاشق شفه الهوى فهل كنت أخفي ما أعاني).. شعري العربي الفصيح مجموع في مجموعة دواوين (خمسة دواوين) مجموعة كاملة، وخمسة دواوين أخرى لم تُطبع، من قصائدها (محمد صلى الله عليه وسلم شعراً)، بالإضافة إلى عدد من القصائد الأخرى، ولديّ دواوين باللهجة العامية”.

وعن الفنانين الذين تعامل معهم يقول “سيف الدين الدسوقي”: “تعاملت مع الفنان الراحل “إبراهيم عوض”، ولديّ أكثر من خمس قصائد غنائية من بينها قصيدة (ليه بنهرب من مصيرنا).. وتعاملت مع الفنان “الجابري” في أغنيتين الأولى بعنوان (ما في حتى رسالة واحدة)، والثانية بعنوان (كيف أنسى).. وتعاملت مع الفنان الراحل “محمد أحمد عوض” في ثماني عشرة قصيدة منها (رغم بعدي برسل سلامي).. وتعاملت مع “البلابل”، وعدد آخر من الفنانين.. وآخر ما كتبت في الشعر الغنائي (ليه بنهرب من مصيرنا)”.

وعن همومه وقت إجراء الحوار يقول “سيف الدين الدسوقي”: “لقد نزحت إلى غرب المدينة بالحدود، فهي حياة ليست للشعراء فيها هناءات من العيش الرغيد.. وتشغلني صحتي التي تراجعت وأطفالي الصغار”.

أم درمان..

وفي حوار آخر معه أجراه “نوح السراج” منذ 20 عاماً حينما كان “سيف الدين الدسوقي” قد أحيل إلى المعاش وفتح مكتباً خاصاً به بشارع أبوروف بأم درمان وكان من خلال هذا المكتب يمارس نشاطه الثقافي، ونشر مؤخرا في “قناة المدارية”، يقول “سيف الدين الدسوقي” عن نشأته في “أم درمان”: ” أنا من أم درمان هذه المدينة الفاضلة، ولدت فيها بحي العرب في العام 1936، في منزل والدي الشيخ مصطفى الدسوقي الأستاذ بمعهد أم درمان العلمي، تعلمنا في مدارسها ومعاهدها والتقينا بأناس أفاضل كانوا يفدون إلى مدينة أم درمان من أجل العمل والعلم، وكانت أم درمان نفسها مليئة بالرجال القدَيرين في جميع المجالات، تعلمنا منهم الكثير واكسبوا شخصياتنا كثيرا من صفاتهم الرائعة وسموا بأنفسهم وأخلاقهم وعلومهم، وفي بيتنا في البداية تعلمنا اللغة والأدب والدين وتعمقنا في بحاره داخل المعهد العلمي، وصقلنا تجربتنا في جامعة القاهرة التي تعلمنا فيها طرق البحث واتصلنا فيها برجال لهم باع طويل في الآداب أمثال دكتور عبد المجيد عابدين، ودكتور إحسان عباس وآخرين، فصقلوا مواهبنا ووقفوا إلى جانبنا ونظروا في تجاربنا الأولى حتى استوى عودها، وحتى انبنت شخصياتنا هذا البناء الذي تراه في مجال الآداب والفنون”.

عشق الموسيقى..

وعن الهوايات التي كان يمارسها يقول: “في شبابي كنت أمارس رياضة كرة القدم ولكنني انقطعت عنها زمنا طويلا، وكنت أتعشق الموسيقى والغناء لدرجة كبيرة والآن صار سماعي لها قليلا، وكنت أسمع الموسيقى العالمية سماعا منتظما وأسافر لبعض العواصم العربية والأجنبية لأجلب أسطواناتها، ولكن الحياة ومشاغل الأسرة والأولاد والتزامات المجتمع شغلتني عن كل ذلك فصرت مقلا في كل شيء، وكنت ارتاد المنتديات الأدبية وعواصم الأدب ومنابره فاقتصر نشاطي على بعضها فقط، وقلّت لقاءاتي حتى بالمبدعين في كل هذه المجالات واكتفينا فقط بالضروري والمهم”.

وعن شخصيات تركت أثرًا في حياته يقول “سيف الدين الدسوقي”: “أمي وأبي وإخوتي وأسرتي وتربيتي وأساتذتي في جميع المراحل ومجتمع أم درمان وحركة النضال الزاهرة في تلك الأيام، وفيما بعد ارتياد الآفاق والتعرف على الناس والشعوب والملهمات والمعجبين والناس الكثيرين الذين كان لهم فضل عليّ وحتى الآن، وأصدقائي وتراب وطني والآلام العميقة التي استثمرتها لصالحي ولحظات السعادة التي كنت أعيشها حتى الثمالة كل ذلك أثر فيّ آثارا بالغة”.

الهجرة من السودان..

ويقول “سيف الدين الدسوقي”  عن أخطر قرار اتخذه في حياته: “قرار الهجرة من السودان عام 1964 وترك العمل مما قلب حياتي رأسا على عقب وامتد أثره في حياتي حتى اليوم”.

وعن مكانه في الساحة بعد كل المسيرة الطويلة له يقول “سيف الدين الدسوقي”: “مكاني هو الذي تراه, ووضعي هو الوضع الذي أنا عليه الآن, المبدع في السودان ليس بأحسن من وضع المبدعين في البلدان النامية، يموتون ويحبون ويبدعون ولا أحد يدري عنهم شيئاً, هذا قدر لن تغيره الحكومات ولا المؤسسات ولا النوايا الحسنة”.

ويجيب “سيف الدين الدسوقي” عن سؤال هل تحققت أحلامكم: “لم يتحقق شيء من أحلامنا، ولن يتحقق بعد تغير الأزمنة” وعن قصيدة يتمنى أن يكتبها يقول: “رثاء نفسي وسأكتبها غداً فلا تستعجل” .

قصيدة طعم العطر من الغابات

يا طعمَ العطرِ من الغابات هناكَ..

بأرض النيلْ

يا لون الخمرِ بِدَنّ يسكرُ فيه الحب

يا قصة أيامي في سفح الربوةِ في..

بلدي المسكين

أيقظتِ فؤادي بعد سباتٍ

طَالَ وطالْ

وفجأتِ القلبَ بحبٍ من نيرانْ

مَرّتْ أعوامي في الغربةِ شبهَ مواتْ

حتى ناديت باسمي كي ألقاك

كي أقرأ شعر الشوق وبَوْحَ الروح

وقرأتِك حرفاً من أحزانْ

ورأيتك طيراً يفرح بالألحانْ

ونشقتُ عبيرَكِ في كلماتْ

أحببتكِ رغمَ الخوفِ ورغمِ الناس

وسرحتُ أجسّدُ حبي في عينيك

قابلتكِ كالمجنون

ودفنتُ بشعركِ أنفاسي الحرّى

وعرفتُ المجد على جسدٍ كالبانْ

أرسلتُ حصاني يَسْرَحُ لا يهدأ

وأكلتُ النار

فكفاني بالله عليك

أعصابي ليست من ألياف

إمَا أنْ أنعم عندك بالأسرار

وأغذّى الروح هناءاتِ الأحبابْ

أو قولي: أنت بعيدُة عن دربي

وتعاليْ سُدِّى في وجهي البابْ

رحل الشاعر الكبير “سيف الدين الدسوقي” منذ أيام عن عمر يناهز 82 عاماً

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة