بالرغم من كلّ ما حصلَ لنا وما سيحصلُ لنا من احباطات ومآسٍ وويلات ، وبالرغم من كلّ معاناتنا التي نهشتْ لحومنا ووصلتْ الى نخاع العظم ، فاننا سوفُ ننتخبُ وكأنّ الانتخاباتَ صارَت قدرنا الذي كتبَ علينا – شئنا أم أبينا – ونحنُ ندركُ جيداً أن لعبة الانتخابات ما كانت ولن تكون لصالحنا ، بل أنها الطريق المفتوح لمن يريدُ الثراء بأسرع وقت ، ولمن يريدُ تعويضَ النقص الموجود في نفسه ، ولمن يُريدُ تحقيق أحلامه الوردية التي من الصعب تحقيقها وفق القوانين الطبيعية والمنطقية ، ولمن يريدُ أن يحفرَ اسمهُ في ذاكرة التاريخ وهو يعلمُ أن اسمه من الأسماء النكرة ، ولمن يريدُ أن يؤمن مستقبله ومستقبل أولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده ، ولمن ، ولمن ، ولمن …. وسوفُ ننتخبُ ونحن صاغرين لمنطق الاذلال الذي تعودنا عليه منذ سنوات عديدة دون أن تكون لنا ارادة حقيقية من أجل التغيير بعدَ أننا فقدنا قدراتنا الذاتية لرفض الاذلال . سوفَ ننتخبُ ونحن بنفس الرؤى التي فرضها علينا الواقع الفئوي المجتمعي لنثبت كما ثبتنا سابقا مفهوم المحاصصة – وما أدراك ما المحاصصة – وسوف ننتخبُ ونحن بنفس الخطى التي تعودنا أن نسيرَ بها ونحنُ ندركُ جيدا أنها خطىً مشلولة مرتبكة لا قيمة لها وفق المقاييس الديمقراطية الحقيقية ، بل انها تتحركُ في مسارات رُسمت لنا من قبل شياطين السياسة واقتنعنا بها طائعين أم مكرهين . وسوفُ ننتخبُ العناونين والأسماء التي اعتمدت على مداعبة نفوسنا مداعبات طائفية وقومية رغم غياب البرامج الانتخابية المعمول بها في الانتخابات الديمقراطية الصحيحة . وسوف ننتخبُ من يريدُ أن يأكلنا لأننا تعودنا أن نكون لقمة سائغة لمن يريد أن يأكلنا طالما أنه ينتمي الى نفس خندقنا الفئوي، وهذا هو المهم الأهم لدينا . ومن هنا يتضحُ بشكل لا ريب فيه أن الانتخابات تعتمدُ على قوتين متناقضتين ، الأولى قوة المواطن الذي يصرّ على اعطاء المناصب الشرعية لمن لا يفكرون به وبمعاناته على الاطلاق ، والثانية قوة المرشحين الذين يرون في الانتخابات فرصا ممتازة لهم لتحقيق طموحاتهم وأحلامهم بغض النظر عن طموحات وأحلام المواطنين .
وسوف ننتخبُ ونبقى ننتخبُ دورة بعد أخرى ونحن لا نجني من الانتخابات سوى المآسي المتلاحقة لأننا قبلنا ورضينا بهذا المنطق الفاشل ولا نملك الارادة الفعلية من أجل التغيير .