19 ديسمبر، 2024 6:24 ص

الأحزاب والأئتلافات السياسية وصورة المشهد الأنتخابي القادم

الأحزاب والأئتلافات السياسية وصورة المشهد الأنتخابي القادم

رغم تأكيدات السفير الأمريكي بالعراق، وأصرار رئيس الحكومة (العبادي) وغالبية قادة وسياسي (التحالف الوطني الشيعي) على ضرورة أجراء الأنتخابات في موعدها في آيار القادم، ألا أن الأمر لم يتم حسمه بعد في البرلمان. وبعيدا عن كل ذلك، أن أجريت الأنتخابات في موعدها أم سيتم تأجيلها، فصورة المشهد الأنتخابي قد وضحت وبانت الكثير من خطوطه العريضة من خلال قوائم الأحزاب السياسية وتحالفاتها والتي أصابت العراقيين بالكثير من الأحباط!، وزادت من حيرتهم أكثر وهم يشاهدون ان الكثير من الشخصيات السياسية التي عليها تهم بالفساد والثراء غير المشروع ومعروفة لدى الشارع العراقي بفسادها كانت ضمن الكثير من تلك القوائم الحزبية او الأئتلافات السياسية وشكلت ركائز مهمة فيها!. فبالوقت الذي كان العراقيين يعولون الكثير الكثير على قائمة رئيس الحكومة(العبادي) والتي سميت بقائمة (النصرالمبين) وأذا بهم يتفاجأون بأنها تضم نواب ووزراء سابقون عليهم ملفات فساد رهيبة ومرعبة! وأحد النواب معروف بذلك وطالما أعترف علانية وعبر الفضائيات وفي كل لقاء بأنه فاسد وكل النواب والسياسيين فاسدون! بلا أدنى درجة من الخوف والحياء؟!، أما الوزير الآخر فسبق لفضائية البغدادية قبل أغلاقها ان عرضت ملفا كاملا عن فساده بالصورة والصوت وبتحقيق من قبل صحفي أجنبي! والعراقيين يعرفون ذلك تماما!. فقائمة العبادي تحديدا أصابة غالبية العراقين بمقتل! لوجود هكذا أشخاص ضمن القائمة، حتى أن الكثير من العراقيين أسقطوها من حساباتهم بعد أن كانوا يعولون عليها الشيء الكثير!، بسبب من مكوناتها التي أصبحت في موضع شك وريبة من قبل العراقيين! وبالتالي فقدت الكثير من شعبيتها، حتى ان الكثيرين علقوا على عنوانها(النصر المبين) وقالوا أذا كان وضعها هكذا فقد تحول نصرها المبين الى هزيمة قبل بدء المنازلة الأنتخابية!. نعود الى صلب الموضوع وعن صور المشهد الأنتخابي، فأول الصور المؤلمة الأنتخابية التي أكتشفها العراقيين وحتى البسطاء منهم،هو أن جميع القوائم السياسية الأنتخابية وكل التحالفات، لازالت قابعة في نفس الحفرة الطائفية التي كانوا عليها وتمترسوا فيها منذ أنتخابات عام 2005 ويبدو أنه ليس هناك رغبة جادة وحقيقية لدى قادة الأحزاب السياسية في عبور التخندق الطائفي عكس ما يدعون ويصرحون به أمام وسائل الأعلام وأن وجد شيعي في هذه القائمة السنية وسني في تلك القائمة الشيعية فهذا من الشواذ ويأتي من باب ذر الرماد في العيون؟! فصار يقينا لدى عموم العراقيين أن الأنتخابات القادمة ستكون أنتخابات طائفية بأمتياز!!؟، فهذا تحالف سني واضح تماما، وذاك تحالف شيعي أوضح منه، والأكراد هم الأكراد أجسادهم في بغداد وقلوبهم وعقولهم ومصالحهم وميولهم هناك في الأقليم!!. الصورة الثانية عن المشهد الأنتخابي التي أستقرأها العراقيين هو أن موضوع الفساد وحيتانه المرعبة سيظل في آمن وأمان وفي حصن حصين! وذلك من خلال تحالف الفاسدين في قوائم قوية تمثل السلطة والمال والقوة!، وصار يقينا لدى العراقيين وبما لا يقبل الشك أن موضوع القضاء على الفساد والفاسدين ما هي ألا كذبة كبيرة لكل من نادى ووعد العراقيين بها!!. الصورة الأخرى المشوهة عن المشهد الأنتخابي هو سرعة الأئتلاف وسرعة الأنسحابات بين المؤتلفين! التي تدل على أن التحالفات لم تتم وفق أية مباديء وطنية وفكرية ولا حتى عقائدية بقدر ما تتم وفق مصالح حزبية وشخصية بحتة!، حيث لا وجود للمواطن والوطن في فكر قادة هذه التحالفات والأحزاب السياسية ولذا سرعان ما أنفرطت تلك التحالفات. صورة أخرى مشوهة عن المشهد الأنتخابي، هو أن موضوع المنافسة والزعامة على رئاسة التحالف كان سببا في بعض الأنسحابات!، وهذا هو دائنا وديدنا نحن العرب أن كنا سياسيين أو مواطنيين عاديين، فأفتنا الرئاسة كانت ولازالت وستبقى؟!، كما قالها المفكر العربي الكبير (بن خلدون) أن آفة العرب الرئاسة!. صورة أخرى مؤلمة عن المشهد الأنتخابي، هو أن هذه الأنتخابات تأتي والعراقين يعيشون ويمرون بأسوء حالاتهم النفسية والأجتماعية والأمنية وحتى الأخلاقية!، وهي لا تقارن مع أنتخابات عام 2005!الذي كان تنظيم القاعدة في أوج قوته بالعراق ورغم ذلك تحدى العراقيين تلك الصعوبات وتهديدات تنظيم القاعدة وذهبوا الى صناديق الأنتخابات.وهنا لابد من التوضيح بأن العراق رغم كل ذلك كان بحال أحسن من الآن بكثير!!، حيث كان الأمل والحلم بأن القادم سيكون أحسن،كما أن العراقيين لم يذوقوا بعد طعم الضيم والفقر والجوع والحاجة والتشرد والخوف والموت، رغم أنه كان بداية الصراع والأقتتال الطائفي بالعراق، كما أن الفساد لم يكن ظاهرا كما هو عليه الآن! بسبب كثرة الواردات والفائض النقدي من موارد النفط، فالمال غطى على الفساد والفاسدين!، كما لم تظهر بعد عيوب قادة الكثيرمن الأحزاب السياسية وفسادهم كما هو الحال عليه الآن! ، فالعراقيين لم يشعروا بكل ذلك لأنهم كانوا في بداية ماراثون الموت والفساد والتخلف والجوع والفقر الذي وضعتهم الأحزاب والحكومات على سكته! أما أنتخابات عام 2018 فهي تأتي والعراقيين فاقدين الثقة بكل السياسيين وبكل الأحزاب ولا أمل لهم بالتغيير ولن يتوقعوا ويأملوا أي خير من الأنتخابات القادمة!!.صورة أخرى عن المشهد الأنتخابي العراقي، هو تهديد الحكومة والقوى السياسية الراغبة بأجراء الأنتخابات بقطع رواتب الموظفين في حال عزوفهم عن المشاركة بالأنتخابات وعدم تحديث بطاقاتهم الأنتخابية!، وفي هذا السياق نقل عن السياسي المعروف موفق الربيعي قوله: (في حال عدم مشاركة المواطنين بالأنتخابات نجيبهم بالكوة!!)، وبالوقت الذي ليس لنا تعليق على قول هذا السياسي المثير للجدل!، ورغم تكذيب الحكومة لذلك فأننا لا نستبعد أن تقوم الحكومة والأحزاب السياسية التي تصر على أجراء الأنتخابات بتهديد المواطنين موظفين كانوا أم غير موظفين بأي صورة من صور التهديد مقابل أجبارهم على أجراء الأنتخابات؟!. المشكلة أن العراقيين في حيرة من أمرهم وأية حيرة؟!، فهم أن عزفوا عن الذهاب والمشاركة في الأنتخابات، فهذا يعني بقاء هذه الأحزاب وهذه الوجوه السياسية التي لفظها ورفظها الشعب!. أما أذا شاركوا بالأنتخابات فالنتائج واحدة!، حيث ستأتي بنفس هؤلاء السياسيين وبنفس هذه الوجوه، وكأنهم أصبحوا قدرا آلهيا نزل على روؤسنا ولا مفر منه شاء العراقيين أم أبو ذلك!!، فالتزوير وارد جدا في هذه الأنتخابات! وكيف لا وهناك أكثر من (4) مليون مهجر ونازح. وهنا لابد من الأشارة بأن أخبار مؤكدة نقلتها الكثير من الفضائيات من محافظة الأنبار بأن هناك عشرات اللألاف من البطاقات الأنتخابية المزورة قد تم تهيئتها!!. أخيرا نقول لأن العراق واقع بين فكي أمريكا وأيران، وقد دفع ثمنا غاليا وكبيرا بسبب ذلك؟!.فعليه ستبقى صورة المشهد الأنتخابي العراقي ونتائجه رهينة الصراع بين تلك الدولتين فهم من سيحسموا الموقف النهائي بالأنتخابات ونتائجه ووفق مصالحهم القومية العليا، ولا حول ولا قوة للعراقيين في ذلك!! سوى أنتظار رحمة الله وعطف أيران وحنان أمريكا عليهم!. ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات