يختار العمال من الفقراء الأماكن الأكثر جدوى في طلب الرزق، ويتجمعون في بعض الساحات المعروفة في كل مدن الدنيا. وفي بغداد يتجمع أبناء الأحياء الفقيرة منذ ساعات الفجر الأولى بإنتظار طلبات تصلهم عبر وسطاء، أو أرباب عمل مباشرين خاصة في قطاعات البناء والأعمال اليدوية.
أبرز تلك الساحات في العاصمة (ساحة الطيران) القريبة من منطقة الباب الشرقي مركز العاصمة، وفيها تقاطعات عديدة، وتصلها سيارات الأجرة من مختلف أنحاء المدينة البعيدة والقريبة، وتكثر فيها محال بيع الثياب والأحذية، وهناك سوق شعبية لباعة الخضر والفواكه. ومايميزها بالفعل تجمع شبان فقراء يقطنون فنادق بائسة، وقد قدموا من مدن الجنوب المسحوقة حيث تنعدم فرص العمل، وتنقطع أسباب الرزق، وهي معروفة لدى العام والخاص من الناس لكن تجربة التواجد فيها محفوفة بالمخاطر خاصة بعد عام 2003 وقد كانت مخاطر الوجود فيها فترة حكم صدام حسين مختلفة تماما فأغلب العمال الذين يتجمعون عندها معرضون للملاحقة من عناصر الأمن، ورجال الإستخبارات، وجنود في جهاز الضبط العسكري خوفا من إرتباطهم بحركات معادية للنظام، أو لعدم إلتحاق البعض منهم بالجيش، وكانت عمليات مطاردة معلنة وخفية تمارس فيها طوال النهار.
تعرضت الساحة الى تهديد من نوع جديد مختلف بعد 2003 تمثل في عدد غير محدود من التفجيرات التي ضربت تجمعات العمال والباعة ومواقف السيارات، وكان عدد الضحايا يزداد تبعا لكمية المواد المتفجرة، ونوع التفجير. فضحايا السيارة المفخخة يفوق عددهم بأضعاف ضحايا القنبلة الموضوعة في مكان ما من تجمع المساكين. ويتفاوت عدد ضحايا التفجير بالحزام الناسف بحسب كمية الديناميت الموضوع حول جسد الإنتحاري. هذا يعني إن ساحة الطيران في الباب الشرقي تمثل خطرا محدقا بالعراقيين، وعلى الدوام، ولكن نوع التهديد هو الذي يختلف فقط.
كان صهيب الذي يعيش في حي بغداد الجديدة شرق العاصمة متواجدا ساعة التفجير الإرهابي صباح يوم الإثنين 15 يناير 2018 عندما فجر إنتحاري حزامه الناسف بالقرب منه. بعدها وجد جهاز الموبايل الذي يعود لصهيب لكن صهيب كان حلق بروحه في السماء، وطار جسده الممزق في الهواء بفعل قوة التفجير لمسافة..