تسري همهمة هذه الايام تتصاعد شيئا فشيئا عن الانتخابات , بدأنا نشاهد المسؤولين اكثر كما ان قد لهجتهم تغيرت و اصبحوا ودودين اكثر وبما ان العمل في الاعلام يتيح لنا القرب من المسؤولين فأننا نعرف جيدا ان حمى كسب الاصوات باتت هم المسؤولين الاول ويتم التباحث بين المسؤولين والطامحين بدخول عالم السياسة بشكل متواصل عن فنون كسب الاصوات والمهارات التي اكتسبها البعض في هذا المضمار بعض هذه الحيل او “المهارات” بتعبير اقل قسوة مشروع والبعض الاخر غير مشروع المشروع منها يتعلق بشكل عام بطرق الاعلام والترويج لا يختلف كثيرا عن الترويج لبضاعة تجارية وكلما كانت بضاعتك جيدة واعلانك عنها جيد كلما نجحت تجارتك وكسبت معجبين اكثر هكذا تدار العملية الانتخابية ايضا ببساطة ففي ضل الاجواء التي نعيشها وخاصة في مناطق وسط وجنوب العراق ليس هناك تعدد في الالوان وانما هناك تعدد في الوجوه والاسماء .
تقريبا كل الاحزاب الموجودة اسلامية شيعية بالعنوان الحقيقي يضاف اليها صفات اخرى تنطبق على الجميع ايضا الكل ضد الطائفية الكل وطني ومع تحسين الوضع الاقتصادي للطبقات الفقيرة ووو غيرها من المدعيات التي تصدق احيانا وتكذب اخرى . لكن في الحقيقة لا فرق جوهري او ايدلوجي بين الاحزاب الموجودة في الساحة اذ لا صوت مثلا لاحزاب علمانية او اخرى قومية او شيوعية ما عدى الوجود المتواضع طبعا للحزب الشيوعي الذي للاسف الشديد اصبح واجهة للتحالف الكردستاني في المناطق العربية ومنبطح تماما امام المشروع الكردي في العراق .
وانعدام الالوان هذا يعقد من عملية الاختيار لدى الطبقات الاقل تعلما من الشعب باعتبار لاوجود فعلي بين الاحزاب وهذا في واقع الامرادى الى بروز مقاييس جديدة للساحة تسخف من العملية الديمقراطية وتفرغها من محتواها في الانتخابات الاولى التي اجريت في العراق وشارك فيها الشعب بشكل كبير كان الهم الاول انجاح العملية الديمقراطية وارساء اركان الدولة الجديدة نوع من التحدي لزمن الديكتاتورية وكان الهم الامني ايضا محفزا هاما اخر .
الانتخابات الثانية كان الهم الطائفي هو الاول في الساحة وقد قال كلمته في افراز حكومة لا استطيع ان اصفها بالطائفية الا انها بنيت على هذا الاساس ومازالت تنؤ تحت مضاعفات هذا البناء .
في الانتخابات المقبلة افترض ان الهم الطائفي اخلى مكانه ” للخدمات “الغول الذي يتضخم يوما بعد اخر , من نافلة القول اان الهم الطائفي لم يختفي ولا شك الا انه اصبح اقل جاذبية من ذي قبل وبات لسان حال الشارع يقول ان الطائفية لا توفر الخدمات ورب الاسرة لا يستطيع اطعام صغاره بخبزشيعي او سني . ناهيك عن جدار عدم الثقة الذي بني بين الشعب والحكومة ونواب البرلمان طوال الفترة الماضية ان على حق او باطل. ادى الى ظهور مقاييس جديدة لاختيار نواب البرلمان الاول والاهم بنظري هو مدى الفائدة المباشرة التي يقدمها النائب او المسؤول للشخص المنتخب وكلما كان الرجل اكثر قربا من الناخبين كلما ازدادت الثقة وبالتالي الفائدة قال لي احد الطامحين انه ذهب الى احدى القرى في اطار تحشيده للدعم الانتخابي وتحدث طويلا لشيخ العشيرة عن المبدأ والدين والوطن فقال له شيخ العشيرة ما معناه لا تحدثني عن كل تلك الامور فالكل متساوٍ ان كنت عراقي فالبقية ليسو هنود وان كنت شيعيا فالكل ايضا ولكن حدثني بالجيش الذي تراه يقف خارج الديوان بانتضار التعيين والاطفال الذين يبحثون عن مدارس ماذا سوف تقدم؟ اسقط الرجل بيده ولم يحر جوابا ليس لانه لم يكن يريد ان يقدم ما طالبه الرجل به وانما لانه لم يكن يريد ان يكذب او لم يعرف ربما كيف يكذب في مثل هذه الحالات .
القصة اعلاه نموذج حي يكشف الى حد بعيد الهم الاول للمواطن العراقي وكيفية استمالته .
وهو موضوع جدير الاهتمام من قبل المرشحين فكما انه يوضح حقيقة الوضع الحالي وبعده عن الشعارات الرنانة الطنانة التي يحاول البعض التمسك بها وبيعها من جديد دون وعي بمتغيرات السوق الانتخابي واذا كانت هذه الحالة فيها جانبا ايجابيا يدفع بالمسؤول الى القيام بواجبه وتوفير الخدمات الى المواطن وتحسين الحالة الاقتصادية فأن ذلك يحمل في طياته حالات ونماذج سلبية نرى انها تنتشر ايضا باطراد .
فموضوع المنفقة العامة التي طرحها شيخ العشيرة الانف الذكر تتحول في كثير من الاحيان الى منافع شخصية ضيقة الافق تصيب العملية الانتخابية برمتها بمقتل وتحتال عليها وتحولها الى عملية تبادل رشى بين طرفين للاطاحة بالبلد ومنها ما ايضا اورده لي احد الاشخاص الذين كنت ارافقهم شخصيا للترويج لحملته الانتخابية او بالاحرى لجس النبض لمعرفة مدى نجاحه في الانتخابات المقبلة .
وبذل صاحبنا هنا جهدا استثنائيا وخطب خطبا عصماء عن افضل الافكار التي سوف تنقذ البلد من الضياع الذي يمر به وافضل السبل لانقاذ الشباب من البطالة ولم يفته التعريج على الكهرباء والكمية والتعيين طبعاً. لكن في النهاية قال له احد مستمعيه وابتسامه عريضة مرسومة على وجهه وبصوت رخيم يعطيك شعورا بالثقة العالية ” ان كل من اتى قبلك ايها السيد قالوا تقريبا نفس الكلام وبما انكم كلكم صادقين فنحن نصوت للذي يدفع ! ليس الشئ الكثير اجرة طريق واكرامية فحسب وعندما سكت صاحبنا تابع متحدث الديوان المفوه .. الحقيقة يا سيدي العزيز كلكم سيان ان كنتم صادقين فكلكم كذلك وان كنتم ولا سامح الله كاذبين فكلكم كذلك المضمون هو ما نقبضه قبل الانتخابات وليس بعدها واذا كنت تخاف ان لا ننتخبك فكل شخص يقبض يحلفلك بسيد خضير .وختم كلامه بالحكمة التالية التي اعتبرها من حكم زمن الانتخابات العراقية اذا كنت تنوي الفوزبالانتخابات فهي ببساطة خمسة وعشرين وسيد خضير وبس !