22 نوفمبر، 2024 10:16 م
Search
Close this search box.

لماذا يا رئيس البرلمان؟

لماذا يا رئيس البرلمان؟

في البلدان الأخرى، المتحضّرة وحتى بعضها الأقل تحضّراً، يتقدّم المسؤول الكبير في الدولة باستقالته، أو أقلّه يتوقّف عن ممارسة مهامّه مؤقتاً، عندما تُثار حوله شبهات… يحصل هذا دائماً، وتشهد بعض السنوات أكثر من حالة في بلدان مختلفة.
هنا، في العراق، وسائر البلدان المثيلة التي تتحكم بحكامها عقلية بدو القرون الوسطى وما قبلها، لا يحدث شيء كهذا حتى في الأحلام! وما يحصل الآن مع رئيس مجلس النواب العراقي مثال، مجرّد مثال.
السيد سليم الجبوري أُثيرت شبهات بشأن موقفه المتحمّس لاستقالة النائب عن اتحاد القوى (الجبوري من قيادييه) مطشر السامرائي من منصبه البرلماني ومنح مقعده النيابي إلى شخص آخر لم يفزْ في الانتخابات العامة التي جرت في 2014 والمثارة حوله شبهات بالفساد الإداري والمالي في تحقيقات أجراها مجلس النواب.
كلّ هذه الشبهات، المتعلّقة برئيس المجلس وبالنائب المستقيل و”النائب”البديل، أثارها أعضاء في مجلس النواب نفسه يطعنون في دوافع وغايات استقالة النائب السامرائي وترشيح الشخص المُثارة حوله الشبهات، وكذلك في رعاية السيد الجبوري هذه”الصفقة”وإصراره عليها برغم الاعتراضات الشديدة داخل المجلس.
بوصفه رئيساً لمجلس النواب، كان على السيد الجبوري أن ينأى بنفسه عن هذه القضية دفعاً للشبهات، إنْ لم تكن هناك حقاً”صفقة”، ليس بالضرورة مالية فقد تكون سياسية – انتخابية، هو طرف فيها بحسب اتّهامات بعض زملائه النواب. كان عليه، إذا ما أراد التصرّف على طريقة ما يفعله مسؤولو الدولة الكبار في الدول المتحضّرة وشبه المتحضّرة، أن يتنحّى مؤقتاً عن رئاسة المجلس ريثما ينجلي غبار القضية وتتجلّى الحقيقة، تاركاً لنائبيه إدارة قضية النائب المستقيل و”النائب”البديل بدلاً منه.
بإظهاره كل هذه الحماسة لـ”النائب”البديل وكل هذا التحدّي لزملائه أعضاء مجلس النواب الذين طرحوا اعتراضات أقلّ ما تستحقه النظر فيها مليّاً ومناقشتها داخل المجلس وأمام الرأي العام العراقي، فإن السيد الجبوري لا يضع نفسه فوق مستوى الشبهات، وهذا أمر خطير للغاية نسبةً الى الوظيفة العامة المرموقة التي يتولّاها، رئاسة السلطة العليا، التشريعية والرقابية، في البلاد.
السيد الجبوري مطلوب منه الآن أيضاً أن يبيّن للرأي العام العراقي كيف حصل ما أفاد به أحد أعضاء البرلمان بشأن النص المنشور في الجريدة الرسمية لقانون العفو العام.
النائب عن التحالف الوطني حسن سالم كشف أول من أمس، الإثنين، في مؤتمر صحافي حضره عدد من أعضاء المجلس عن أنّ قانون العفو العام الذي نُشِر في الجريدة الرسمية احتوى على مادّة لم يصوّت عليها مجلس النواب، بل هو أسقطها عندما طُرِحت في مشروع القانون، لأنها تمنح العفو لإرهابيين خطّطوا وموّلوا ونفّذوا أعمالاً إرهابية. النائب سالم وصف الأمر بـ”كارثة حقيقية في حق ضحايا الإرهاب”، وهو أمر صحيح إنْ صحّ ما تحدّث به النائب سالم.
معروف أنّ أيّ قانون يُجيزه مجلس النواب يرفعه رئيس المجلس إلى رئيس الجمهورية للتوقيع عليه ونشره في الجريدة الرسمية ليكون ساري المفعول.
إذا كان هذا قد حصل بالفعل، فكيف حصل؟ وكيف ولماذا رفعتْ رئاسة المجلس القانون إلى رئاسة الجمهورية بالمادة المُسقطة؟.. السيد الجبوري، بوصفه رئيس البرلمان، مسؤول مسؤولية مباشرة إذا ما صحّ كلام النائب سالم، وعليه أن يقول ما يتوجّب قوله، نفياً أو توكيداً.

أحدث المقالات