جميلة هي الاحاديث العفوية تلك التي تنطلق دونما شعور او حساب او تدقيق، تجدها احيانا تجري على ألسنة الناس حينما يكونوا احراراً في كلماتهم وافكارهم وما يطرحون حين يبتعدوا عن الروتين وعن الرسميات، تلمست هذا اللون من الكلمات، حين كنت اراقب حديثاً من بعيد وانا اطالع صحيفة اليوم، واراقب الاحداث عن كثب
أحدهما يقول للآخر: منذ كم سنة وانت في الجيش
قال له قضيت أربعين سنة في الجيش ولا زلت احتفظ بنفسي عسكرياً ارى نفسي لا زلت ارتدي بزتي العسكرية، واتخيلها في ساحات القتال.
فقال: كم احب فيك هذه الصفة واذكر حين كنت تدخل الشارع، مزهوا بملابسك وبالبندقية التي كنت تحملها خاصة تلك السنوات الخوالي التي كان البلد يخوض فيها صراعات مريرة مع المحتلين
فاجابه وهو يتذكر تلك السنوات مع نفس طويل وحسرة والم: نعم يا أبا محمد كنت اخدم بلدي، كنت عراقياً لا اعرف المسؤول والقائد، كل همي أن أخدم بلدي وادافع عن بلدي، كانت اوسمتي حينما أرى وجوهكم تتهلل فرحاً بعودتي منتصراً من ارض المعركة كنت احيانا أتمنى ان لا اقبض راتبي لاقول للوطن ان ادافع عنك بالمجان لولا حاجتي، أتمنى ان أذهب فداءً لترابك، للناس التي تمشي على تربتك الطاهرة
فعلاً كنت اتذكر هذا فيك كنت مزهوا اكثر من ايام تكريمك
فسأله صاحبه سؤالا فاجاني فيه وانا استمع لحديثهم: ما هو اسعد يوم مر في حياتك العسكرية
فاجابه بغرابة أكثر: لو لم تسالني لحكيت لك انا هذه الخاطرة، اليوم هو اسعد يوم لي في حياتي، ليس لانه يوم تاسيس الجيش وهو يوم يهمني كثيرا، لكني اليوم قرت اكلاماً اقرأه لكني لم اتمعن به كما تمعنت فيه اليوم، كلام اعاد الي زهوي وإفتخاري، اليوم عادت لي بهجتي، شبابي، ايامي التي قضيتها جندياً افخر بما اقوم به.
فقال له صديق: وما هذا الكلام، شوقتني كيراً
قال: اليوم طالعت لافتة كبيرة وضعها ضابط عسكري على داره، مكتوب فيها:( ندائي ورجائي وطلبي وإلزامي لأبنائي وإخواني وأعزائي أفراد الجيش والشرطة الشرفاء الوطنيين المخلصين مصير العراق وتاريخه ووحدة شعبه وبقاؤه وأمنه وأمانه بأيديكم وسواعدكم الجادة وهممكم العالية وصدقكم وإخلاصكم للوطن..)
فاجابه: ابو محمد مستغربا ولم هذا الاهتمام يا سيدي ما اكثر الخطابات وما اكثر المتكلمين والقادة
قال له: لا هذا قائد من نوع اخر وشخص يختلف عن الذين ذكرتهم، إنه مرجع دين، وعراقي، واول مرة اسمع مرجعاً يخاطب الجماهير وخصوصاً الجيش والشرطة بهذه الابوية، نحن بحاجة الى ان يكون العالم معنا وفينا حتى يعرف همومنا ومشاكلنا ويخيط لنا جراحنا.
فقال: صدقت يا ابا سعيد
دفعني الفضول لإسبقهما بالبحث عن الاجابة، فتحت بيانات هاتفي لأ تعرف على قائلها لما قراتها قلت في نفسي: لله درك يابن العراق