بعد أن تشكلت أول حكومة عراقية عَقِب ثورة العشرين ضد الإحتلال للبريطاني للعراق بادرت تلك الحكومة في السادس من كانون الثاني / يناير ١٩٢١ الى تشكيل فوج تألف من ضباط عراقيين سابقين كانوا يعملون في الجيش العثماني في ثكنة الخيالة في الكاظمية ببغداد وَسمِي بفوج الإمام موسى الكاظم في ٩ آذار / مارس من العام ذاته وكان ذلك الفوج النواة لتأسيس الجيش العراقي الذي سطر فيما ما بعد أروع ملاحم البطولة في تاريخ العسكر حتى تم تصنيفه في العقود الماضية متقدماً في الدرجات الأولى (الرابع بحسب أحد التصنيفات) بين جيوش العالم وأولاً بالنسبة للجيوش العربية . عمدت الدول الإمبريالية المحتلة إلى حل الجيش العراقي الباسل كأول خطوة للسيطرة على المنطقة بعد غزو العراق وبذلك تقضي على أهم قوة في المنطقة لتحقق بذلك عدة أهداف منها ضعف المنطقة ودخولها في صراعات متنوعة أهمها الصراع الطائفي وعدم وجود قوة رادعة توقف تلك الصراعات وبالتالي تتخلص وحلفاؤها من جزء مهم من التهديد وتحقق أمنها وأمن إسرائيل . لم تكن أمريكا وحلفاؤها هم فقط من عملوا على إجهاض قوة الجيش العراقي فحسب … بل عملت دول المنطقة وعلى رأسها إيران ودول الخليج على إنهاء وجود هذا الجيش العظيم للتمكن من التدخل السافر في كل شؤون البلد وتصفية لثاراتها ولكن تبقى الأسباب الرئيسية في تدمير الجيش العراقي هي السياسة الداخلية وإقتضاء إرادة الأحزاب الحاكمة ذلك لأسباب عديدة . لقد إقتضت إرادة الأحزاب والتيارات السياسية إضعاف الجيش العراقي وجعله هيكلاً خاوياً لعدة أسباب ، منها : – ولاؤها لجهات خارجية تنوي بسط نفوذها في البلد دون أن تواجهها قوة تمنعها من تنفيذ أجنداتها . – مسارعة الأحزاب على إختلافها بتنفيذ تلك المخططات لتثبت الولاء وبالتالي تنال الدعم من تلك الجهات خصوصاً إن معظم تلك الأحزاب تأسست خارج البلد والأخرى تنتمي لتلك الأجندات بطريقة أو أخرى أي إن إنعدام الواعز الوطني للأحزاب كان عنصر مهم في تنفيذها لتلك المخططات . – الأحزاب أيضاً لا ترغب بوجود جيش قوي لتتمكن من بسط مصالحها ونفوذها على الشارع من خلال أن يكون لكل حزب جيش (ميليشيا مسلحة) تمارس الضغط لكسب قرار سياسي معين أو تحقيق مصالح معينة وحمايتها من محاسبة الدولة لذا فإن إضعاف القوات المسلحة كان اللبنة الأساس لإضعاف كل مؤسسات الدولة . أما أهم ما عملت عليه القوى السياسية والبرامج التي ساهمت في إضعاف الجيش ، فمنها : – العمل على إشاعة الطائفية وغلغلتها إلى كل مفاصل الدولة أهمها الأمنية (الدفاع من حصة س والداخلية من حصة ش) فكانت المحاصصة الطائفية بالتحديد عامل مهم أدى إلى إنهاك القوات المسلحة . – عمليات الفساد الإداري والمالي وإن شملت كل مفاصل الدولة لكنها كانت الأكبر في المؤسسة العسكرية من خلال بيع المراتب والمناصب الإدارية في الجيش وصفقات التسليح والعقود الفاسدة . – تسريح الكثير من الضباط بدعوى الولاء للنظام السابق وإستبدالهم بأذرع حزبية لا تفقه في الأمور العسكرية من خلال دمج الميليشيات . – سيطرة القرارات السياسية وصراعاتها على المؤسسة العسكرية . – التصريحات التي أوهنت الجيش من قبل قيادات وأعضاء القوى السياسية والتي تُخَوِن الجيش وتضعفه بهدف إيجاد سبب لعمل الميليشيات التابعة لها . رغم المؤمرات الكبيرة التي إشتركت فيها أمريكا وحلفاؤها والدول الإقليمية والقوى السياسية والصراعات الداخلية على تدمير الجيش العراقي ، تلك المؤمرات التي لو إستهدفت أي جيش أو كيان عسكري آخر لأنهت وجوده . ورغم المشاكل الكبيرة التي يعانيها جيشنا البطل إلا أنه أثبت وببسالته المعهودة إنه لا زال يحقق الإنتصارات الكبيرة وإنه للمهمات الصعبة أهل ، وكأن عمليات تحرير الأنبار كانت رسالة لكل أعداءه إني وبرغم جراحي لا زلت قوياً ورسالة إلى الشعب إن جيشكم هم حماتكم وسور وطنكم وعزكم وفخركم . قوتكم من قوته وضعفكم من ضعفه . لذا وفي ذكرى تأسيسه فهو ليس بحاجة إلى تهنئة بهذه الذكرى بقدر حاجته إلى دعم شعبه والتخلي عن كل القوى والأجندات التي تُخيل لكم إنها سندكم … بحاجة إلى حملات تسكِت الأفواه العفنة التي تخونه وتحاول النيل منه وهي الهدية الوحيدة التي يمكن من خلالها أن نكون أعزاء وتكون تكريماً حقيقياً لتاريخ جيشنا المغوار .