تبدو الجماعات الارهابية (كالحرباء) تُغَيّر من اسلوب عملها و نمط تفكيرها بين فترة و أخرى ، أو بالاحرى تجدد من آليات تنفيذ برامجها في زرع الخوف و الذعر بين الناس بشكل يتناسب مع البيئة أو الحاضنة التي تعيش فيها …
ربما يكون الارهاب الهاتفي احدث اساليبها و اقلها تكلفة من الناحية المادية و البشرية ، و اكثر فتكاً و تحقيقاً لمأربها ، و يكفي ان يقوم شخص مجهول بالاتصال بواحدة من وحدات الاجهزة الامنية ، و ابلاغها بوجود تهديد ارهابي في احدى منشأت البنية التحتية ، مما يدفع بالقوات الامنية الى التحقق و اتخاذ الاجراءات اللازمة و في النهاية تتضح بأنها كاذبة أو عارية من الصحة .
بات هذا النوع من الارهاب تحدياً شبه يومي يواجهه السلطات الامنية الروسية منذ ان بدأت موجة الاتصالات العارية عن الصحة لأشهر , هذا الاتصال الكاذب يدفع بالسلطات الامنية الى أجلاء اعداد كبيرة من المواطنين و اجراء اللازم لأنه يستهدف المؤسسات العامة كالمطارات و الاسواق العامة المكتظة بالسكان و اماكن الاحتفالات و التجمعات الجماهيرية .
ان الاجهزة الامنية مضطرة للتعامل مع كل اتصال باعلى درجات (الحذر و الجدية و المسؤولية ) ، اذ يبقى الاحتمال قائماً بأن البلاغ حقيقي و ليس كاذباً ، حتى لو كان على حساب راحة المواطن و استقراره لأن حماية الارواح من اولويات العمل الامني .
دفعت هذه البلاغات (الكاذبة) او (الوهمية) الحكومة الروسية الى اصدار قانون يشدد العقوبة عن ذلك النوع من الارهاب لتصل الى السجن عشر سنوات ، بينما لم تكن تتجاوز في السابق خمس سنوات و يُعَرّف القانون (الارهاب الهاتفي) بأنه : (أي بلاغ كاذب حول تفجير او حرق او أي عمل آخر يهدد منشأت البنى التحتية الاجتماعية) ، اما اذا ادى الابلاغ الكاذب الى زعزعة عمل المؤسسات الحكومية و غيرها فأن العقوبة تتراوح بين (6 – 8) سنوات ، و لكن اذا نتج عنها موت او أي نتائج (خطيرة) او (سلبية) اخرى فيّكون العقوبة (9 – 10) سنوات . كما و ان القانون عَرّفَ (البنية التحتية الاجتماعية) : بأنها تشمل مؤسسات الرعاية الاجتماعية و التعليم و دورالحضانة و (التربية قبل المرحلة المدرسية) و الشركات و المنظمات المرتبطة بتنظيم السياحة و تقديم الخدمات و المؤسسات و النوادي الرياضية و المؤسسات التي تقدم الخدمات القانونية و المالية و الائتمانية .
مما لاشك فيه ان اتخاذ الاجراءات اللازمة في سبيل حماية امن المواطن و ممتلكاته من قبل الاجهزة الامنية من اولوية عملها ، و لكن الارهاب الهاتفي الحديث في روسيا يثير تساؤلات عديدة منها :
ان هذا النوع الحديث من الارهاب ظهر في روسيا اكثر من اية دولة اخرى ، و ان كان موجوداً فأنه لا يخرج من اطار حالات معينة .
ان التطور العلمي و التقني الذي يشهده العالم في مجال الاتصالات يجعل من السهل على الاجهزة الامنية التعرف على المخبر الكاذب لمجرد مراقبة مكان اتصاله عن طريق كاميرات او بأقل تقدير تحديد مكان اتصاله بواسطة الاجهزة الخاصة .
على الرغم من طول فترة ظهور هذا النوع من الارهاب إلا انه لم ينشر قبض السلطات الامنية الروسية على شخص بالابلاغ الكاذب عن وجود تهديد ارهابي .
ان الاجراءات العقابية المنصوص عليها في (قانون مكافحة الارهاب الهاتفي) يكون حائلاً امام تعاون المواطنين مع السلطات الامنية رغم أهميته بالابلاغ عن مشتبه او أي تهديد آخر .
ان الاهتمام الزائد بهذا الموضوع تدل وبشكل واضح على ان الاجهزة الامنية الروسية يقظة على مدار اليوم وتفعل المستحيل من اجل مواطنيها وربما يكون من وراءها رسالات ضمنية الى جهات معينة لديها و مجهولة عند العامة .
إن تشريع هذا القانون يفتح الباب أمام الاجهزة الامنية الروسية للقيام بعمليات متعددة بين الاخلاء و تنفيذ الاجندات تحت يافطة الاخبار الكاذب .