23 نوفمبر، 2024 5:15 ص
Search
Close this search box.

سيناريوهات الإحداث في إيران

سيناريوهات الإحداث في إيران

طرحً المحللون الإستراتيجيون الغربيون عدداً من السيناريوهات المفتوحة لما تؤول إليه الأحداث الحالية في إيران.. وبتقديري كمشاهد ومراقب وباحث بالشؤون العراقية والمنطقة.. لا يمكن إلى الآن الحديث بشكل حاسم حول أحد السيناريوهات.. لكن يمكن استقراء الأحداث بمهنية عالية.. لتأشير الوقائع.. وردات الفعل..
أما السيناريوهات المطروحة:
1ـ ركوب الموجة مجاناً: ربما تستطيع إحدى الجماعات أو التكتلات السياسية داخل إيران أو خارجها؛ أن تضطلع بزعامة هذا التمرد بشكل مفاجئ وغير متوقع.. وهذا أسوأ سيناريو قائم.. لأن الحاجة إلى الدعم الخارجي للبقاء سوف يحيل إيران إلى “سوريا جديدة”..
2ـ ظهور قيادة جديدة: ربما يستطيع فرد أو جماعة، من داخل المجتمع، التصدي للزعامة بعد إقصاء الجميع.. وقد يتعدى الأمر إلى “الزعامة الوطنية”.. وهذا التطور مستحيل تقريباً بدون “الدعم العسكري”..
3ـ الانقلاب العسكري: دخول العسكريين على خط الأزمة له شكلان.. الأول: إعمال القمع وتقوية “الزعامة الدينية”.. بغرض دعم النظام القامع.. الثاني: إقصاء “القيادة الدينية” واستبدالها بقيادة عسكرية.. والهيكل العسكري في إيران يجعل احتمالات انقلاب فرد قوي أو ديكتاتور عسكري بشكل فردي مستحيل.. مع هذا فاحتمال الحراك بين مجموعة من العسكريين قائم..
4ـ تغيير شكل القيادات الراهنة: ربما يصل النظام الحالي إلى اتفاق مع المتمردين.. ومن ثم الشروع في قمعهم والقضاء عليهم بعد السيطرة على الأوضاع.. احتمال وراد أيضاً..
5ـ إمكانية التحول إلى حركة واقعية: وهو نوع التطور المطلوب للأحداث الجارية.. لكن نظراً إلى انعدام البديل السياسي.. الذي يحظى بالإجماع، وغياب الطبقة المتوسطة عن المشهد الراهن.. لا يمكن توقع دعم مثل هذا الحراك من جانب فرد أو فكر خاص.. ورغم تحول المتمردين عن المطالب المعيشية إلى السياسية.. لكن مثل هذه المطالب لن تصل إلى شيء في ظل انعدام زعامة واضحة.. لأنه من الطبيعي أن يقاوم النظام السياسي هذه المطالب بأي شكل..
6ـ إنهاء الحركة بإطالة مدتها.. مما يؤدي الى ضعفها.. وبالتالي قدرة النظام على سحق ما تبقى منها.. لتبدأ مرحلة القبضة الحديدية.. تحت شعار القضاء على الكفرة والفاسقين..
ووفق قراءتي ومتابعتي للأحداث أقول:
ـ التظاهر حق مشروع للمواطنين لطرح آرائهم ومطالبهم.. والتظاهرات الحالية تظاهرات ذات طابع معاشي واقتصادي حقيقي.. لتتحول الى طابع اقتصادي ـ سياسي.. فهي مشروعة حتى في الدستور الإيراني..
ـ وطبيعياً أية تظاهرات تواجه بالتضييق أو المنع من قبل عناصر الحكومة.. تكون لها ردات فعل.. وهذا ما حدث..
ـ أما اتهام التظاهرات بأنها بدعم أجنبي أو مدسوسة فكل حكومات الشرق الأوسط.. وحتى في عراق اليوم تتهم بكل صيغ الاتهام لتصل لنعتهم بالكفرة..
ـ أما التأييد الأمريكي والسعودي وغيرهما للتظاهرات فهو أمر طبيعي مادامت التظاهرات ضد النظام الإيراني الحالي.. الذي تعارضه دول الغرب وغالبية الدول العربية.. ليس لأن نظام ايران ديمقراطي.. أو شمولي.. بل لأسباب مذهبية.. ودعمه للمعارضة في تلك البلدان.. والمساهمة في الحرب في سوريا.. ودعم المعارضة بالبحرين واليمن..
ـ وبالتأكيد مهما كانت التظاهرات.. فإن المعارضة الإيرانية تدعمها.. بل وتشارك بها.. مثل: (مجاهدي خلق أو غيرها).. وهذا ليس نقيصة في التظاهرات الشعبية..
أما النظام الإيراني فقد أعلن رسمياً احترامه للمطالب التظاهر السلمي.. لكن الواقع يشير عكس ذلك مستغلاً الأحداث وردات فعل بعض المتظاهرين..
لقد واجه النظام الإيراني هذه التظاهرات بكل أشكال التهديد والوعيد والسجن.. والاتهامات غير المنطقية.. بل بالوسائل المادية.. بالعصي وخراطيم المياه.. والغاز المسيل للدموع بإفراط.. وبالقوة والسلاح الحي وكل أشكال الترهيب والمواجهة..
كانت حصيلة محاولات النظام لإيقاف التظاهرات.. قتل أكثر من عشرين متظاهر.. وهم عزل من السلاح.. واعتقال ما يقارب ال 400 متظاهر حتى الآن..
ـ كما النظام الإيراني نظم تظاهرات لمؤيدين له.. بل دعمها بكل وسائل الدعم والنقل بباصات حكومية.. وهذه نقطة تسجل على النظام وليس له..
الخاتمة:
إن النظام الحالي لا يمكن إسقاطه بالسهولة التي سقط بها نظام الشاه.. فسقوط نظام الشاه كان نتيجة وجود قيادة للمنتفضين.. وخطب الخميني من فرنسا كانت تسجل على كاسيتات وتوزع في إيران!
كان غالبية الشعب بكل قواه الدينية والعلمانية ضد نظام الشاه.. كما إن الغرب ودول المنطقة تخلت عن دعم الشاه..
والأهم إن الجيش الإيراني كان القوة الوحيدة في الساحة ووقف على الحياد (الى جانب الشعب).. بينما اليوم الحرس الثوري القوة العسكرية المسيطرة على الساحة.. يقف الى جانب النظام بكل الأحوال..
ويمكن القول إن الدعم الأمريكي والسعودي والخارجي للمعارضة الإيرانية.. الذي يجري الآن كحالات ترويض للنظام الإيراني.. كما هي الحالات التي جرت على نظام صدام.. ونظام السودان الحالي.. نظام صدام بقيً بلا تراجعات تخدم وضعه.. فتم سحقه ليس بقوة الشعب.. بل بقوة خارجية دولية مؤلفة من 130 ألف جندي أمريكي وأوربي وبتحالف دولي.. وبعد 13 سنة من الحصار الاقتصادي الشامل على البلد.. فيما نجد على سبيل المثال أيضاً إن ترويض نظام عمر البشير الشمولي في السودان نجحً.. وعاد النظام السوداني الى التحالف السعودي الأمريكي.. فتم رفع قرارات المقاطعة والعزل والحصار.. ورفعه من قائمة الأنظمة الداعمة للإرهاب.. ليحصل الآن على الدعم السعودي والأمريكي..
ـ النظام الإيراني الحالي كنظام شمولي.. ويمتلك القوة الاقتصادية والنووية والبشرية.. لا يمكن ترويضه بسهولة.. أو إسقاطه بتظاهرات معاشيه لم تتطور لتشكل تظاهرات شعبية عارمة.. مدعومة بقوة عسكرية..
فما زال النظام قائماً وقوياً وما زال شعار: (تصدير الثورة الى الخارج) الذي رفعته الثورة الإيرانية منذ العام 1979 قائماً.. وينفذ على الأرض في أكثر من دولة عربية وإسلامية.. فالمعركة طويلة بين المعارضة الإيرانية التي ما زالت متواضعة في الداخل.. وبين النظام القابض على السلطة بقوة النار والحدي والغطاء الديني.. ولا يمكن أن نتصور إن سياسة النظام الإيراني الحالي ستتغير الى دولة مدنية.. ولن يقبل بأن الشعب مصدر السلطات.. بأي حال بديلاً عن سلطة (ولاية الفقيه)..

أحدث المقالات

أحدث المقالات