ازمة الغاء البطاقة التموينية التي قررها مجلس الوزراء العراقي بالاجماع في جلسته الاعتيادية يوم الثلاثي الماضي ثم الغاء قرار الالغاء من جديد خلال الاجتماع الاستثنائي لنفس المجلس يوم الاحد الماضي يعكس الاداء الديمقراطي في العراق بغض النظر عن اهمية الغاء البطاقة التموينية او اعادتها.
رغم اعتقادنا بان قرار الغاء البطاقة التموينية كان قراراً متسرعاً الا انه خضع للمزيد من المزايدات والرقص على نغمة الانتخابات والاستقطابات ودغدغة مشاعر الشعب العراقي وتجييش عواطفه وتوجيه وجدانه للتصويت في الانتخابات القادمة وفق ازمة الالغاء للجهات التي تباكت على محاولات الغاء البطاقة التموينية!
المفيد والملفت في هذا السياق هو ان القرار المتخذ في مجلس الوزراء يخضع للتصويت والاصغاء الى ملاحظات المعترضين وتحفظاتهم ثم التصويب بالاجماع دون استئثار او احتكار للقرار.
وان كنا لا نقارن ولا مجال للمقارنة بين العهدين السابق والجديد ولكن لا يمنع ذلك من الاشارة العابرة الى طبيعة اتخاذ القرار في النظام الدكتاتوري البائد فليس هناك اي مطبخ لصنع القرار ولا قنوات فلترية لمناقشة القرار المراد اتخاذه فاذا قال الطاغية المقبور صدام قال العراق فهو يعلن الحرب ويعلن السلم ويقرر بما يشاء ويمزق اتفاقية الجزائر ليلعن الحرب الظالمة على الجارة ايران الاسلامية ثم يعيد العمل وفقها بعد ثماني سنوات من الحرب الاستنزافية المدمرة للبلدين المسلمين وسط تصفيق ازلامه وجلاوزته.
اليوم الامر مختلف جداً ولعل التراجع الاخير والسريع من قرار الغاء البطاقة التموينية مؤشر مهم على سلامة المسار الديمقراطي وصحة الاداء الحكومي والاصغاء الى صوت الشعب دون مكابرة او عناد.
الرسالة الكبرى في قرار الغاء قرار الغاء البطاقة التموينية رسالة واضحة ومعبرة على ان العراق قد غادر الفردية والديكتاتورية الى الابد ولا مجال للطعن بقادة العراق وخاصة في الجهاز التنفيذي الذين يقررون ثم يتراجعون ويعتذرون للشعب العراقي فالسؤال الجدير بالتذكير في هذا السياق هو اين الديكتاتورية التي يتباكى منها بعض العراقيين؟