ان انتفاض سبعين مدينة ايرانية بوجه نظام الملالي ليس بالفعل السهل على حملة القمع التي شنتها اجهزة النظام وفشلت في اطفاء نار الانتفاضة والاحتجاجات والتظاهرات العارمة التي شملت طهران وقم ومشهد وكرمانشاه واصفهان وغيرها ، ودعت الرئيس الاميركي الى المطالبة بدعم تظاهرات الشعب الايراني ،كذلك فعل كبار الساسة والشخصيات الاوربية والدولية وما زالت ولليوم الخامس حركة التظاهرات والاحتجاجات تتصاعد لتشمل مدنا ايرانية اخرى ،وقد اراد الملالي التقليل من شان الانتفاضة بالقول انها احتجاجات لاسباب اقتصادية ،وهنا يجدر القول – كم ثورة شعبية تفجرت لاسباب اقتصادية وقد تحولت فيما بعد الى ثورة سياسية اطاحت بانظمة عاتية ،كذلك هي الانتفاضة الايرانية فقد بدأت احتجاجا على الغلاء والتجويع لتعبر الى ارض السياسة بالهتاف ضد النظام ولاسقاط علي خامنئي ،( الموت للدكتاتور ) والهتاف ضد التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية ( اتركوا غزة ولبنان واهتموا بايران ) ان الابعاد السياسية لا يمكن اغفالها وانكارها في هذه التظاهرات التي تتصاعد يوما بعد يوم وتنذر باقتلاع نظام الملالي وعلى خلفيتها قالت المحامية الإيرانية، شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، إن التظاهرات في إيران ليست سوى “بداية حركة كبيرة” قد يفوق مداها احتجاجات عام 2009.
وذكرت عبادي، المقيمة في المنفى بلندن، في مقابلة أجرتها معها صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، في تقرير صحفي”أعتقد أن التظاهرات لن تنتهي في وقت قريب. يبدو لي أننا نشهد بداية حركة احتجاجية كبيرة قد تتخطى بكثير الموجة الخضراء عام 2009. ولن أتفاجأ إن تحولت إلى شيء أكبر”.
وقد تجددت التظاهرات ليل السبت، وبدت شبكات منظمة مجاهدي خلق تحركاتها لديمومة الانتفاضة ورفض الادعاء انها تجري بدفع خارجي وقد سقط فيها شهيدان قتلا بنيران الحرس الثوري ، فيما أوقف العشرات وجرت هجمات على مبان عامة وتم احراق عربات للاجهزة الامنية وهوجمت مقرات القمع .
وهي أكبر تظاهرات منذ الاحتجاجات على إعادة انتخاب الرئيس السابق المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد عام 2009 والتي قابلتها السلطات بحملة قمع شديدة.
غير أن الدوافع خلف الغضب الحالي ابتداءا كانت اقتصادية واجتماعية ولكنها الان سياسية بامتياز تلمس ذلك في هتافات المتظاهرين ولافتاتهم وتضيف عبادي “هذا ليس جديدا في إيران، هناك أزمة اقتصادية غاية في الخطورة. والفساد في جميع أنحاء البلاد بلغ مستويات مروعة. ورفع بعض العقوبات على ارتباط بالاتفاق حول الملف النووي مع أوروبا والولايات المتحدة عام 2015 لم يأت بفوائد فعلية للشعب، خلافا لما كان العديدون ينتظرون”.
وتابعت عبادي، “يضاف إلى ذلك أن إيران لديها نفقات عسكرية عالية جدا. ولم يعد الناس يتقبلون رؤية هذه المبالغ الطائلة من الأموال تنفق على ذلك”.
وحذرت بأن “خيبة الأمل تصيب بصورة خاصة الشباب” الذين يعانون أكثر من سواهم على حد قولها من البطالة المرتفعة ومن الفساد و”أجواء الرقابة التي يشعر بها الناس في الشوارع”.
وشددت المحامية الحائزة جائزة نوبل للسلام، على أن “الوضع الاقتصادي والفارق المروع بين الأغنياء والفقراء، بين الذين ينعمون بالرفاه والذين لا يحصلون عليه، هو أساس ابتداء الاحتجاجات. الفوارق الاجتماعية تزايدت بصورة متواصلة في السنوات الأخيرة وهذا من العناصر الجوهرية لفهم ما يجري”.
لكن تركيز عبادي على الدوافع الاقتصادية والاجتماعية واغفال الجانب السياسي وكراهية الشعب الايراني لنظام الملالي ونشاط المعارضة الايرانية وعلى راسها منظمة مجاهدي خلق يصب في خدمة الملالي في التقليل من شأن التظاهرات – الانتفاضة –
ففي مدينة كرمنشاه، خرجت مظاهرات لليوم الثاني تلتها تظاهرات في اليومين الثالث والرابع، وردد المحتجون هتافات تطالب بإطلاق سراح السجناء السياسيين، واعتبرت وكالة فارس أن الاحتجاجات في هذه المدينة تمت بناء على دعوة “معارضين للثورة”.
وفي أصفهان، انضم محتجون ضد غلاء المعيشة والضرائب والفقر والبطالة إلى تجمع نظمه عمال مصنع يطالبون بزيادة رواتبهم. وكانت مدينة مشهد قد شهدت الخميس مظاهرة شارك فيها مئات، ورددوا خلالها شعارات مناوئة للحكومة.
وقالت وكالة فارس للأنباء إن هناك احتجاجات في مدن ساري ورشت وقزوين وهمدان، وقدهتف المتظاهرون بشعارات سياسية وقال الحرس الثوري في بيان له إن الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وما سماها الجبهة المعادية للثورة في الداخل والخارج، مشيرا إلى أن “الرجعية تتبع أسلوبا مخادعا جديدا لإحداث فتنة في البلاد” واستهداف حركة ثورتها خارج الحدود
الى ذلك دعى الرئيس الاميركي الى دعم الشعب الايراني في مطالباته
ودعت الخارجية الأميركية دول العالم إلى أن تدعم علنا الشعب الإيراني ومطالبه بحقوقه الأساسية وإنهاء للفساد، وأدانت بشدة اعتقال السلطات الإيرانية متظاهرين سلميين وطالبت بالإفراج عنهم.
كما دعت “النظام الإيراني إلى احترام حقوق شعبه وأهمها حرية التعبير عن آرائه”. وقالت المتحدثة باسم الوزارة هيذر نويرت في بيان إن “القادة الإيرانيين حولوا دولة مزدهرة ذات تاريخ وثقافة غنيَين إلى دولة مارقة تصدر أساسا العنف وسفك الدماء والفوضى”.
** في اليوم الثالث للانتفاضة
احتج آلاف المتظاهرين في طهران ومدن إيرانية أخرى على الغلاء وسياسات الحكومة الداخلية والخارجية، فيما تحدث ناشطون عن سقوط قتلى وجرحى خلال تفريق المظاهرات.
ونظمت أكبر مظاهرة في العاصمة طهران في ساحة الثورة وسط البلاد، وقدرت وكالة “فارس” الموالية للحكومة عدد المحتجين بما بين 300 و400 شخص.
وهتف المتظاهرون بشعارات معارضة، ونشر نشطاء في وسائل الإعلام صورا تظهر فض عناصر الأمن لجموع المتظاهرين في المكان، وأكدت الوكالة تفريق “المشاركين في التجمع بذريعة انه غير قانوني”، ورمى بعضهم أفراد الأمن بالحجارة.
إلى ذلك، احتشد عشرات الطلاب المتظاهرين أمام المدخل الرئيسي لجامعة طهران وهتفوا: “إصلاحيون ومحافظون انتهى كل شيء”، بينما قررت الحكومة إغلاق محطات مترو الأنفاق في وسط المدينة لدواع أمنية وللحيلولة دون تدفق مزيد من المحتجين إلى محيط الجامعة.
ونقلت وكالة “ايلنا” المؤيدة للإصلاحات عن مسؤول في وزارة العلوم قوله إن الطلاب المعارضين تمكنوا من مغادرة الجامعة في حافلات، واعتقل ثلاثة منهم وأطلق سراح اثنين منهم.
وأفادت وكالة “مهر” الإيرانية بأن ما بين 300 و400 طالب لا يزالون في محيط الجامعة متسببين بإغلاق الطرق في المنطقة، ما أدى إلى ازدحام مروري.
وتواصلت المظاهرات بعد حلول الظلام فقد رفض المحتجون العودة إلى منازلهم ويناشدون أفراد الشرطة بحمايتهم من تصرفات الحكومة.
في غضون ذلك، تتواصل تظاهرات حاشدة في مدن أخرى، بما في ذلك ساوة وزنجان حيث ألقى عشرات المحتجين الغاضبين الحجارة على أفراد الأمن.
وفي وقت سابق من اليوم، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر مظاهرة احتجاجية نظمت في مدينة شهر كرد غربي إيران، وهتف المتظاهرون: “الموت للديكتاتور والمقصود علي خامنئي”
في غضون ذلك، ذكرت مصادر إعلامية إيرانية أن السلطات قطعت الإنترنت لمدة ساعة واحدة في طهران وبعض المدن الأخرى.
وقال ناشطون في تقارير عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن تفريق المظاهرات أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المحتجين.
وتحدث بعض رواد موقع “تويتر” عن مقتل متظاهرين اثنين في مدينة درود غرب إيران برصاص قوات الأمن، فيما قال آخرون إن 4 محتجين قتلوا على يد عناصر الحرس الثوري الإيراني في مدينة خرام آباد الغربية
وفي تعقيب له على التظاهرات هاجم الرئيس روحاني الرئيس الاميركي دونالدترامب وعددا من الدول العربية ووصفهم بانهم اعداء الثورة وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب اعلن أن الولايات المتحدة تتابع باهتمام كبير الاحتجاجات في إيران، مؤكدا أن دعم طهران للإرهاب هو الذي تسبب باندلاع موجة الاحتجاجات الراهنة.
وكتب ترامب على صفحته في موقع تويتر: “تشهد إيران احتجاجات واسعة النطاق. لقد اتخذ الناس في نهاية المطاف موقفا حكيما من أن أموالهم تسرق وتبذر لدعم الإرهاب.. ويبدو أنهم لن يحتملوا ذلك.. إن الولايات المتحدة تتابع باهتمام (الاحتجاجات) من ناحية انتهاك حقوق الإنسان”.
وتتهم الولايات المتحدة إيران برعاية الإرهاب، بما في ذلك عبر دعمها لـ”حزب الله” اللبناني الذي صنفته واشنطن تنظيما إرهابيا.
وشهدت مدينة مشهد الإيرانية سابقا مظاهرة احتجاجا على الوضع الاقتصادي في البلاد، ردد المتظاهرون فيها هتافات مناهضة للحكومة. وألقت الشرطة القبض على 52 شخصا لمشاركتهم في تجمع غير مرخص وإتلاف ممتلكات الدولة في مشهد على حد تعبيرها
كما جرت مظاهرات معادية للحكومة في مدن إيرانية أخرى، فيما أفادت السلطات بأن شخصين قتلا أثناء احتجاجات في مدينة دورود، مشيرة إلى أن قوات الأمن لم تطلق الرصاص على المحتجين
**الاعلام والتظاهرات
انتقد دبلوماسي أميركي سابق ومحام وباحث في مقال نشرته مجلة “نيوزويك” الأميركية، السبت، تغطية صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية للانتفاضة الايرانيه
، مشيرا إلى أن تغطية مشبوهة للصحيفة تقلل من قيمة احتجاجات ايران
، وتحصرها في السياق الاقتصادي فقط.
وكاتب المقال هو إليوت أبرامز، باحث دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية. وتولى مناصب في مجال السياسة الخارجية خلال فترتي حكم الرئيسين: الراحل رونالد ريغان، وجورج دبليو بوش.
وتحت عنوان مباشر: “لماذا تقلل نيويورك تايمز من احتجاجات إيران؟”، كتب الباحث البارز، السبت، أن تقارير مؤسسات إعلامية عدة، من بينها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أكدت أن المظاهرات التي بدأت الخميس، انتشرت بعد أيام في كبرى المدن الإيرانية، واجتذبت أعدادا ضخمة من المواطنين.
وقال الباحث، وهو جمهوري، في البداية إن الشعارات والهتافات التي رددها المتظاهرون طالت الرئيس الإيراني حسن روحاني، والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، ونظام حكم الملالي على نحو شامل.
وذكر أن المظاهرات التي اندلعت في مدن مهمة مثل #قم وغيرها، بدأت بشعارات اقتصادية مثل “الناس يتسولون”، وانتهت إلى شعارات سياسية تطالب بإسقاط خامنئي، ونظام الجمهورية الإسلامية.
وأضاف أبرامز أن شعارات أخرى جاءت رافضة للتدخل في غزة
وسوريا ولبنان، وطالبت بمنح الأولوية للمواطن الإيراني، مشيرا إلى أن مقاطع الفيديو التي انتشرت عن الانتفاضة كشفت عن مواجهات عنيفة مع قوات الأمن كما حدث في كارمنشاه.
وعطفا على هذا المشهد، شرع الكاتب في انتقاد تغطية “نيويورك تايمز” التي أفرغت المظاهرات، وفقا لرؤيته، من محتواها السياسي، وحولتها إلى مجرد مطالبات لتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وأورد أمثلة من عناوين الصحيفة الأميركية التي تشير فيها إلى “احتجاجات متفرقة في إيران بشأن متاعب اقتصادية، منتقدا تعبيرا ورد في تقرير للصحيفة يقول إن ما حدث في إيران “ربما يبدو قلاقل”.
واعتبر أبرامز أن موقف الصحيفة الأميركية المتشكك يعد إشارة لدعم نظام الملالي في إيران.
وأشار إلى أن التقارير الإخبارية المتحفظة لـ “نيويورك تايمز” والتي أعدها مدير مكتب الصحيفة في طهران، توماس إردبرنك، وهو هولندي الجنسية، ربما تعكس حذرا خشية إبعاده من إيران، ولذا جاءت تقاريره خلوا من الشعارات السياسية التي رفعها المتظاهرون مثل “الموت أو الحرية”.
وأفاد الباحث أن إردبرنك يعد واحدا من الصحافيين الأجانب القلائل المعتمدين في إيران، ثم واصل سرد حالات الاعتقال والطرد التي طالت صحافيين أجانب أثناء عملهم في إيران، مثل طرد مراسل هيئة الإذاعة البريطانية وإغلاق مكتب “بي بي سي” بالكامل أثناء تغطية الثورة الخضراء عام 2009.
وتطرق إلى واقعة اعتقال مراسل “واشنطن بوست”، جاسون رضايان، عام 2014 في إيران، وسجنه 18 شهرا.
وخلص الباحث في مقاله إلى أنه إذا كانت الحكمة تقتضي أن يراقب كل مراسل في إيران ما يقوله في تقاريره، إلا أن عناوين ومحتوى “نيويورك تايمز” عن انتفاضة إيران جاءت “مضللة” لأنها اعتبرت أن ما يحدث هو “احتجاجات اقتصادية فقط”.
وأورد الكاتب في ختام بيان وزارة الخارجية الأميركية عن الاحتجاجات، والذي يؤكد طابعها السياسي.
فيما هاجمت قناة “العالم” الإيرانية تغطية قناة “العربية” السعودية للاحتجاجات العارمة التي تشهدها المدن إلايرانية.
وقالت “العالم”، عبر موقعها الإلكتروني، إن قناة “العربية تحترق”، وإنها تابعة لـ”دولة رجعية في المنطقة”.
ومع إقرارها بوجود مظاهرات، إلا أن “العالم” زعمت باقتصارها على مطالب اقتصادية بسيطة، وأن هذه الاحتجاجات تحدث في كل دول العالم.
وأضافت: “لوحظ أن البعض حاولوا ركوب الموجة، كما فعل ترامب وقناة العربية، وتجاوز حدود الاحتجاجات المدنية، لكن كما يحصل في مثل هذه الحركات، تم استيعاب هؤلاء بين جموع الناس”.\
وتحدت “العالم” قناة “العربية” ببث صور أو فيديوهات توثق اعتداء قوات الأمن الإيرانية على المتظاهرين السلميين وبحسب قناة “العالم”، فإنه “من الطبيعي أن السعودية وإعلامها المضلل، المتمثل بقناة العربية، تحاول الانتقام لهزائمها المتوالية في المنطقة من إيران الإسلامية، وذلك بعد استهداف 13 قطعة بحرية لقوى العدوان على اليمن، واستهداف مواقع مختلفة في السعودية بدقة بحوالي عشرة صواريخ من قبل القوات اليمنية، وفشل مجموعات داعش الإرهابية المدعومة من الرياض وهزيمتها في سوريا والعراق، وفشل تحالفاتها مع الدول الأخرى في تحقيق أهدافها، وإنفاق مليارات الدولارات من أموال شعب الجزيرة العربية”
اما في العراق بيّن النائب عن كتلة بدر النيابية المعروفة بتبعيتها لايران رزاق الحيدري، الاثنين، ان بعض الاعلام العربي يتناول موضوع التظاهرات في ايران على انه “ربيع”، مشيرا الى ان ايران هي البلد الاكثر ديمقراطية في المنطقة.