19 نوفمبر، 2024 5:37 ص
Search
Close this search box.

بغداد تحكمها إمرأه لوحدها في نهاية العهد الجلائري بداية القرن الخامس عشر

بغداد تحكمها إمرأه لوحدها في نهاية العهد الجلائري بداية القرن الخامس عشر

في سلسلة تراث بغداد وتاريخها كانت لنا محاضرة عن الانثى الوحيدة التي حكمت بغداد منذ بنائها عام ١٤٥ هج حتى الان ونحن في الربع الاول من القرن الواحد والعشرين ذلك ان دوندي خاتون او كما تسميها بعض المصادر بالسلطانة دوندي او دوندي سلطان حكمت بغداد عدة سنوات بعد مقتل عمها حاكم بغداد السلطان أحمد الجلائري سنة ١٤١٠ واستمرت في حكم بغداد ولم تستطيع قوات اصحاب الخروف الاسود او الغنم او الشياه السود او الرايات السود القره قيو نلو دخول بغداد سنة ١٤١٣ إلا بعد تركها لبغداد مع كنوزها واولادها في منتصف الليل بواسطة المراكب في دجلة متوجهة ومن هنالك الى مدينة تستر
واذا كان تاريخ بغداد قد شهد خاصة في العهد العباسي بدور كبير للنساء في حكم بغداد فإن حكم النساء كان من خلال خليفة بغداد وبواسطته ولم تستقل أية امرأة في حكم بغداد لوحدها كما كان الحكم للسلطانة دوندي اذ شهدت بغداد دورا كبيرا في حكم بغداد من النساء ولكن اوامرهن خاضعة لموافقة الخليفة ومشيئته وارادته اما حكم دوندي السلطانة فلم يكن معلقا او موقوفا على موافقة او رغبة او مشيئة اي شخص اذ انها الحاكمة التي تصدر الاوامر التي يتولى تنفيذها الامراء والاخرون اذ لا يوجد سلطان او حاكم اعلى من سلطتها في بغداد فحكمها يختلف عن دور الخيزران والسيدة وزمرد خاتون وغيرهن من زوجات ووالدات الخلفاء العباسيين اللاتي كن يمارسن شيئا من السلطة بغداد من خلال الخلفاء فلقد كانت الخيزران من ربات السياسة والنفوذ والسلطان ولكنها كانت شيء من السلطة من خلال زوجها الخليفة المهدي وولديها الهادي وهارون الرشيد وذلك ينطبق على السيدة شغب التي تمارس السلطة من خلال ابنها الخليفة المقتدر وكانت لزمرد خاتون شيء من السلطة تمارسها من خلال خلافة زوجها الخليفة المستضيء وابنها الخليفة الناصر لدين الله وزبيدة لها شيء من ذلك زمن ابنها الخليفة الامين والامر ذاته يقال عن القهرمانات والجواري اللاتي مارسن شيئا من السلطة زمن الدولة العباسية مثل ثمل القهرمانة وزيدان القهرمانة وفاطمة القهرمانة وقبيحة ام الخليفة المعتز وأم موسى القهرمانة وجميعهن لا يصلن الى مرتبة السلطانة دوندي في حكم بغداد
والسلطانة دوندي احدى حاكمات بغداد زمن الدولة الجلائرية التي حكمت بغداد لمدة تصل الى ثمانين سنة بعد ان انهت حكم الدولة الايلخانية المغولية التترية التي بدأها هولاكو خان الذي فتح بغداد عام ٦٥٦ هج سنة ١٢٥٨ واستمر لمدة تقترب من مدة حكم الجلائريين لبغداد وقد بدأ حكم الدولة الجلائرية بالشيخ حسن الكبير ومن ثم ولده أويس ومن ثم السلطان حسين بن أويس والد السلطانة دوندي الذي قتله شقيقه السلطان احمد عم السلطانة دوندي والذي استلم الحكم في بغداد
كانت دوندي خاتون قد نشأت نشأة قاسية واجهت في طفولتها مصاعب كبيرة اكسبتها تجارب وخبرة في الحكم والعمل السياسي وتعودت الخداع والتضليل وترويج الشائعات فلقد شهدت في طفولتها مقتل ابيها السلطان حسين على يد عمها سنة ١٣٨٢ وتربت في بيت عمها مغتصب حكم بغداد من ابيها كونها كانت الوحيدة لابيها فلم تقو على معارضة عمها قاتل ابيها واخلصت له ووقفت معه تشد ازره في كثير من الامور ولما دخل تيمورلنگ بغداد وهرب منها السلطان احمد رافقته في سفرته الى القاهرة لاستدرار عطف السلطان المصري الظاهر برقوق لطرد تيمور لنگ من بغداد واعادة عمها الى السلطة ووافق السلطان المصري على تقديم المساعدة شريطة زواج دوندي خاتون التي وافقت على هذا الزواج الذي لم يستمر طويلا على الرغم من الجمال الكبير لدوندي وكان هذا الزواج يرمي الى تحقيق اهداف سياسية وتعاون بين الاسرة الچركسية في مصر مع الاسرة الجلائرية وبفضل هذه المساعدة استطاع عمها العودة الى حكم بغداد وعادت هي بعد ان طلقها السلطان المصري بعد زواج استمر عدة اشهر وفي بغداد أمر عمها بزواجها من ابن اخيه شاه ولد وحين غادر عمها بغداد الى تبريز لقتال قره يوسف قائد القرة قوينلو اصحاب الخروف الاسود ترك دوندي وزوجها شاه ولد حيث كانت دوندي شديدة الطموح شابة بارعه قاسية القلب تسلطت على الامور في بغداد وقبضت على السلطة بيد من حديد وبعد ان وصلت الاخبار بقتل عمها تولى زوجها الحكم ستة اشهر ثم قتل بتدبير منها وتولى الحكم بعده محمود ابنه من امرأة اخرى غير دوندي فتسلطت عليه واستبدت بالامر وابعدت محمود عن السلطة حتى اطلق عليها سلطانة وحيث جاء قائد القرة قوينلو لاحتلال بغداد لم يتمكن من دخول بغداد حيث كان الامير بخشايش الذي يقود الجيش في بغداد ينفذ اوامرها تلك الاوامر التي لم يستطع معها القوات المحاصرة دخول بغداد وعمدت الى الخديعة فأخذت الشائعات تدور في بغداد من ان السلطان احمد حي لم يمت وانه مختف في احد الدور في بغداد وسيعود الى الحكم ووجدت هذه الشائعة اثرها في العامة وبعض مشايخ الصوفية خاصة وان اهل بغداد اعتادوا على اختفاء عمها السلطان احمد عندما يحتل بغداد تيمور لنگ واستغل الامير بخاشيش ظروف محاصرة بغداد وكونها امرأة ولم يتعود سكان بغداد ان تحكمهم أنثى وحاجة دوندي فأراد الانتساب الى الاسرة الجلائرية كطريق لحكم بغداد وازاحتها فتقدم بطلب الزواج من ابنة دوندي فتظاهرت بالموافقة وتم تحديد يوم الزواج واقيمت الافراح لذلك اخذ الامير يمني نفسه بقرب الوصول الى السلطة وفي ليلة الدخول امضى وقته مزهوا في شرب الخمر وما ان حان منتصف الليل وهم بالتوجه ليدخل على زوجته وهو يترنح من كثرة الخمرة وحين كان يهم بركوب الفرس بادره احد اعوان دوندي بالسيف وقطع رأسه بأمر من دوندي ووضعه على رمح وسار به امام الفرس لذلك تولت تعيين امير جديد هو عبد الرحيم بن الملاح لكن انقسم سكان بغداد بين مصدق لشائعة حياة السلطان احمد وبين مكذب وقامت فتنة ترتب عليها قتل الامير الجديد وقتل الكثيرين من اهل بغداد بأمر دوندي على اساس انه امر السلطان احمد ولما ضاق الامر عليها في بغداد ومحاصرة شاه محمد قائد الاق قوينلو أمرت دوندي بان السلطان احمد يريد الخروج ولابمن اقامة الافراح ومعالم الزينة وانتهزت دوندي انشغال البغداديين بتزيين بغداد واقامة الافراح جمعت اموالها واولادها وافراد حاشيتها وتركت بغداد بالمراكب عن طريق نهر دجلة الى واسط والى مدينة تستر وبعد خروجها وسمع القائد دخل بغداد لينهي دولة الجلائريين في حكم بغداد لتبدأ دولة اصحاب الخروف الاسود في حكم بغداد .

أحدث المقالات