مزيجٌ من حراكٍ وضجيج , يكاد يمسى غضباً ونشيج ! , وهذا ما يجري في برلمان كردستان , ليس حول التظاهرات والأضطرابات , ولا عن مواجهات قوى الأمن مع المتظاهرين والمحتجين , بل حتى بعيداً عن الأزمة بين بغداد والأقليم , فكلّ هذا الإنهماك في هذا الحراك هو لأجل اتخاذ او اصدار قرار بعدم الأعتراف والغاء عطلة عيد الجيش العراقي في الأقليم والتي تصادف في السادس من كانون ثاني من كل عام .
أقلّ ما يُقال على هذه الحال لبرلمانيي الشمال , اليس قائد القوة الجوية العراقية الفريق انور حمه من القومية الكردية , وألم يكن الفريق اول بابكر زيباري رئيساً لأركان الجيش العراقي بالرغم أنه لا يحمل شارة الأركان , وهذه سابقة لم تسبقها سابقة في الأركان العراقية .! , ثمّ هنالك العديد من الضباط الكرد في تشكيلات الجيش العراقي ” وبعيدا عن الأقليم والبيشمركة ” ويتبوّأون مناصب عسكرية تصل الى قادة فرق وأمراء الوية وافواج .! , بل حتى في الجيش السابق فأنّ نسبة الضباط الأكراد كانت اعلى مما هي عليه الآن .
ونضيف : هل ينسون ام يتناسون هؤلاء البرلمانيين أنّ الجيش العراقي السابق هو الذي حررّ واستعاد العديد من المدن الكردية التي احتلتها ايران في الحرب العراقية – الأيرانية .! ثمّ لماذا تفويت هذه الفرصة او المناسبة ليستفيدون منها الموظفون والعمال الأكراد في مدن الأقليم .! ونتساءل ايضاً اذا لم يكن 6 كانون الثاني عيداً لكلّ منتسبي الجيش العراقي , فهل القرار البرلماني الكردستاني يدعو لترك الضباط الكرد لمواقعهم في الجيش العراقي .! , كما هل الأجواء السياسية الساخنة بين اربيل وحكومة المركز تسمح وتتطلب هكذا تصعيد وتسخين واستفزازات , في الوقت الذي بعض القوى السياسية والجماهيرية الكردية تستنجد بالعبادي للتدخل لوقف تجاوزات سلطات الأقليم .!
نرى هنا أن ننتقل بالقارئ من جوّ الحزن والشجن الى اجواءٍ اخرى تكادُ تتأرجح بين التشنجات النفسية – القومية ” ولا نقول العرقية ” , وبين ما يثير الدهشة مع مسحةٍ من القهقهة .! , فقد اعلنت وزارة التجارة والصناعة في كردستان عن رفضها استلام البطاقة التموينية الجديدة من الحكومة المركزية في بغداد بسبب عدم وجود الكتابة عليها باللغة الكردية في هذه السنة , وقالوا أنهم ابلغوا وزارة التجارة العراقية برفضهم استلام البطاقات الجديدة , واضافوا أنّ بغداد ذكرت أنّ ذلك يعود الى خللٍ مطبعي , لكنّ الوزارة الكردية أكدت أنّ اسباباً سياسية تقف وراء ذلك , وانها مصرّة على عدم استلام التموينية الجديدة , وهنا قد يغدو الحق او بعض الحق مع وزارة التجارة الكردية , لكنّ عليها الأدراك المطلق بأنّ ما قبل الأستفتاء شيء وما بعده شيءٌ آخر , وخصوصاً أنّ قيادة الأقليم ما برحت مصرّة على عدم الأعتراف بذلك الأستفتاء , وما تمثّله الكتابة المفقودة باللغة الكردية هو اصغر من جزيءٍ من ايٍّ من اجزاء ردود الفعل على قيادة الأقليم التي يطالبوها المتظاهرون الأكراد بالرحيل .
أمّا ما يتعلّق بالقهقهة وضروراتها الذاتية والتلقائية وبصوتٍ مدوٍّ ايضاً , فهل لنا أن نفهم أنّ وزارة التجارة والصناعة الكردستانية الموقّرة تُفَضّل حرمان جماهير الشعب الكردي من استلام الحصة التموينية , على استلام بطاقات تخلو من الكتابة بحروفٍ كردية .! , كما هل هذه الوزارة هي الممثل الشرعي والقانوني والفقهي لقوت وغذاء الشعب الكردي الشقيق .!
ليست لدينا اية شكوكٍ او ظنونٍ بأنّ القائمين او المتربعين على هذه الوزارة الكردية , بأن يتصرّفوا بهكذا سلوكياتٍ لولا اوامر وتعليمات مشددة من رئاسة الأقليم التي تعاني من انكساراتٍ سيكولوجيةٍ – سياسية , وهي في حالةٍ من اهتزاز التوازن وتلجأ الى اسلوب التعويض النفسي .! , وهو العبثي بلا ادنى شك .