إعداد/د. الحسين الشيخ العلوي
ترصد الورقة خريطة التكتلات السياسية وأذرعها العسكرية، والقوى الليبية المؤثرة في صناعة الأحداث وعلاقتها بالفاعلين الإقليميين والدوليين في ظل الجهود الدبلوماسية لدول الجوار والاتحاد الأوروبي لإيجاد تسوية توافقية بين الفرقاء تنهي حالة الانسداد السياسي.
رغم تعدد اللاعبين في المشهد السياسي الليبي فإن المتتبع للشأن الليبي يدرك دون كبير عناء أن القوى المؤثِّرة في صناعة الأحداث، هي: تكتل الشرق وحكومة الوفاق، في حين لا تعدو بقية التكتلات محاولة إثبات الوجود لكي تفرض نفسها على مجريات الأحداث لبرهة من الزمن، لكنها لا تمتلك القدرة على خلط الأوراق وإعادة ترتيبها كما هو شأن التكتلين الرئيسيين. فهذان التكتلان قادران على خلط الأوراق على ساحة التأثير في ليبيا وعلاقة هذه الساحة بالخارج. ومع ما باتت تشكِّله ليبيا من خطورة على الأمن الإقليمي والدولي نظرًا لتدفق موجات الهجرة غير الشرعية عبرها نحو القارة العجوز واقتران هذه الهجرة أحيانًا بالجريمة المنظمة والإرهاب العابر للقارات فقد نشطت دبلوماسية دول الجوار والاتحاد الأوروبي، وبقدر أقل من قبل الاتحاد الإفريقي بغية إيجاد تسوية توافقية بين الفرقاء الليبيين تنهي حالة التشرذم والانسداد السياسي، وتضع حدًّا لتنازع الشرعية بين ثلاث حكومات وبرلمانيْن. كما أن دخول روسيا الاتحادية على خط التسوية في ليبيا يؤشِّر لعودة قوية للدب الروسي إلى المنطقة، ويعزِّز من الموقف التفاوضي لتكتل الشرق مما يمهد للعديد من المساعي والمبادرات السلمية مع ضغوط متزايدة على أطراف الأزمة الليبية من قبل المجتمع الدولي قد تؤتي أكلها هذه السنة؛ حيث تقود المؤشرات إلى التفاؤل حيال المبادرة الجزائرية-المصرية والتي تم تنسيقها بمباركة تونسية، يتوقع لها المراقبون النجاح عكس سابقاتها نظرًا للعديد من العوامل التي تم تفصيلها في سياق هذا التقرير.
منذ أن أصدر مجلس الأمن الدولي في يوم الخميس، 17 مارس/آذار 2011، بأغلبية 10 أصوات دون اعتراض أيٍّ من الأعضاء الدائمين وامتناع خمس دول عن التصويت، القرار الأممي رقم 1973 الذي يقضي بفرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي الليبية، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين(1)، تم تدويل القضية الليبية وباتت خيوط اللعبة السياسية تخرج تدريجيًّا من أيدي الفرقاء الليبيين حتى تكرَّست سطوة وحضور العامل الخارجي بصورة جلية بُعيد سقوط نظام الراحل معمر القذافي، أواخر العام 2011. وأدَّى الحضور الكثيف للتدخلات الخارجية إلى تأزيم الوضع الليبي وتشرذمه نظرًا إلى تعارض مصالح الدول المتدخلة وتضارب سُلَّم أولوياتها؛ مما حال دون إجماع حقيقي وراء قضايا وطنية كبرى ملحَّة وأفقد النخبة السياسية الوليدة النجاعة والفعالية في مواجهة الاستحقاقات شديدة التعقيد لدولة عاشت لعقود أربعة في وضع هلامي يفتقر لمؤسسات حقيقة كالمتعارَف عليها عالميًّا في بقية دول العالم!
مما لا شك فيه أن سطوة حضور وتأثير العامل الأجنبي في المشهد السياسي الليبي تقف وراء الإخفاق الذريع لجل التسويات السياسية التي رعاها المجتمع الدولي ممثَّلًا في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومع الإقرار بمدى سطوة وتأثير التدخلات الخارجية في مسارات التسوية في ليبيا نظرًا لتعارض مصالح الدول المتدخلة، إلا أنها ليست وحدها كافية لتفسير انسداد المسارات السياسية وتعثُّر المساعي الحميدة لدول الجوار الليبي حتى الآن في إيجاد تسوية توافقية بين الفرقاء الليبيين المتنازعين على الشرعية في أنحاء متفرقة من ليبيا. فمرتكزات العقلية السائدة ذات الخلفية القبلية لمعظم مناطق ليبيا -التي تحدد سلوك وردَّة فعل السياسيين والفاعلين الاجتماعيين حيال الأحداث الجارية- وما تتسم به هذه العقلية من يقينية الطرح والنظرة الأحادية، هذه العقلية التي اعتادت على أخذ حقها بيدها والتي لا تعي متطلبات العيش المشترك ولم تتعود على التداول السلمي للسُّلطة! وغياب التدرج الطبيعي في الممارسة السياسية العامة، إضافة إلى انعدام شبه تام للثقة بين الفرقاء الليبيين، هذا مع وجود شريحة كبيرة لا يستهان بها من الموتورين -ولاسيما من أنصار النظام السابق- لا تزال مؤمنة وموقنة بأنه لا حلَّ خارج إطار الحسم العسكري(2) وإعادة الحق المغتصب!
هذه العوامل وغيرها هي ما تقف وراء حالة الانسداد السياسي وتعنُّت الفرقاء الليبيين وعدم قبول أي منهم بالتنازل عن أي من مطالبه التي يراها الحق كل الحق. ومع هذا تقودنا المؤشرات إلى التفاؤل كثيرًا بأن سنة 2017 ستكون سنة التسويات والحلول التوافقية نظرًا إلى الاعتبارات الأربعة التالية:
تلافي المجتمع الدولي لأخطاء التسويات والمبادرات السابقة مما حدا به إلى تغيير طريقة التعاطي التي أفضت نسبيًّا إلى تليين المواقف والتقارب بين الفقراء الليبيين، قد يسفر هذا في الأسابيع القليلة القادمة عن تسوية وشيكة باتت تلوح في الأفق برعاية دول الجوار الليبي.
دخول روسيا الاتحادية على خط التسويات في ليبيا، وتقارب وجهة نظرها مع الإدارة الأميركية الجديدة حيال الأزمة الليبية.
تفاقم الوضع المعيشي للمواطن الليبي وتردي الأوضاع بشكل كارثي، أفضى لحالة متنامية من الاحتقان بين أوساط الشباب الليبي باتت معه الأوضاع تنذر بانفجار الأمر في أية لحظة، لا شك في أنه إن حدث سيجرف في طريقه كل الواجهات السياسية المتصدرة للمشهد العام راهنًا.
محنة السنوات الستة الفائتة جعلت الغالبية الصامتة من الليبيين تتجاوز ثنائية (سبتمبر/أيلول-فبراير/شباط) وتتطلع إلى الدولة المدنية التي تسع الجميع وبالجميع.
مآلات اتفاق الصخيرات بين الفرقاء الليبيين
هلَّل الكثيرون داخل وخارج ليبيا للاتفاق السياسي الذي تم إبرامه بين الفرقاء الليبيين في مدينة الصخيرات المغربية، بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، برعاية أممية، بل اعتبره البعض بداية النهاية للحقبة الانتقالية، إلا أن الفقرة الثانية من المادة الثامنة من هذا الاتفاق(3) حملت بذور فنائه مبكرًا، عندما جعلت مهام القائد الأعلى للجيش الليبي من اختصاصات مجلس رئاسة الوزراء، وهو الأمر الذي رأى فيه نواب المنطقة الشرقية تحييدًا لدور خليفة حفتر واستبعاده نهائيًّا من اللعبة السياسية.
ورغم الدعم القوي من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وجزء كبير من دول العالم لحكومة الوفاق الوطني، التي تمخضت عن هذا الاتفاق بقيادة فائز السراج، عجزت هذه الحكومة طيلة ما يزيد على السنة عن الحصول على ثقة البرلمان الليبي، كما أن شعبيتها تآكلت سريعًا أمام عجزها عن إيجاد حل للمختنقات المعيشية والأمنية التي يعاني منها المواطن الليبي (مثل عدم توفر الخبز والطوابير على محطات البنزين والماء والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والانفلات الأمني وانتشار الجريمة وغلاء الأسعار وانعدام السيولة في المصارف وتدني قيمة العملة المحلية…إلخ). وذلك بسبب عدم توفر ظروف عمل مناسبة تمكِّن هذه الحكومة من أداء مهامها التنفيذية، وتشي التحركات المحمومة الأخيرة والأحداث المتسارعة بأن هذه الحكومة قد تتجاوزها الأحداث إن لم تغيِّر من طريقة تعاطيها لتكون مقنعة أكثر. وتجري الترتيبات راهنًا داخل كواليس الأمم المتحدة ودول الجوار للعمل على إبرام اتفاق جديد تكون بنود “اتفاق الصخيرات” أرضية له.
المساعي الأممية الحميدة تصطدم بمحددات الواقع الليبي
طيلة السنوات الثلاث الأخيرة سعى المجتمع الدولي ممثَّلًا في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى إيجاد تسوية توافقية بين الفرقاء الليبيين تُنهي حالة الانقسام والتشرذم والانسداد السياسي وتضع نهاية لتنازع الشرعية بين برلمانين وثلاث حكومات يدَّعي كل منها أنها صاحبة الشرعية والحق! كما أن دول الجوار الليبي والمنظمات الإقليمية والقارية قامت بمساع حميدة أفضت إلى مبادرات للتسوية، باء جُلُّها بفشل ذريع يُرجعه البعض إلى تعنت الفرقاء الليبيين وعدم قبول أي منهم بالتنازل لصالح الأطراف الأخرى وانعدام الثقة بين أطراف الحوار الليبي. ومع صحة هذا في تأزيم الوضع وانسداد الأفق السياسي إلا أن المساعي الحميدة للمجتمع الدولي ودول الجوار الليبي اصطدمت أساسًا بمحدِّدات الواقع الليبي لأن تلك المساعي كانت:
محاولات ذات لون واحد، حيث انصبَّ جل المحاولات وتلك المساعي على أجنحة فبراير/شباط المتصارعة بينها على السلطة والنفوذ وتم بهذا استبعاد قرابة نصف الشعب الليبي الذي لا يزال على ولائه للنظام السابق، في هذا الأمر تكرار لا مبرر له لتجربة العراق المريرة التي جعلته لا يزال يُراوح داخل نفق التشرذم والانقسام بعد مضي 14 سنة على إسقاط نظام صدام حسين.
نظرًا لعدم إدراك أصحاب تلك المبادرات والمساعي الحميدة لمحددات الواقع الليبي ومرتكزاته، فقد تم استبعاد أهم مكوِّن اجتماعي قد يلعب الدور الأبرز في لم شمل الليبيين والتصالح فيما بينهم، ممثَّلًا في مجالس القبائل الليبية التي ترتكز على خبرات قرون من تقاليد وأعراف الصلح وجبر الضرر والتوفيق بين الخصوم ولاسيما أن مجالس الصلح القبلية هذه قد لعبت دورًا محوريًّا في إطفاء العديد من الحرائق السياسية وإنهاء التوترات وفضِّ الاشتباكات في أكثر من منطقة ولاسيما في الجنوب والغرب. ولولا نظام التكافل الاجتماعي ذو الطابع القبلي لكان الوضع الإنساني في ليبيا كارثيًّا بكل المقاييس جرَّاء الاحتراب والاقتتال طيلة السنوات القليلة الفائتة.
عدم إشراك أصحاب القوة الحقيقية على الأرض، فمعظم المتحاورين لا يملكون قوة تنفيذ ما اتفقوا عليه على أرض الواقع.
إصرار الدول الغربية وبعثة الأمم المتحدة، وحتى منتصف العام 2016، على استبعاد خليفة حفتر من أية تسوية وهو الذي يسيطر على قرابة نصف ليبيا!
إقحام قضية عودة الأقلية اليهودية الليبية من قِبل بعثة الأمم المتحدة للدعم -من تحت الطاولة- في أية تسوية ترعاها(4) دون إدراك لحساسية هذا الملف لدى الغالبية العظمى من الليبيين، بل إن المتعاطفين مع تلك القضية من الليبيين يفضِّلون فكرة التعويضات دون حق العودة، ولاسيما أن معظم تلك الأقلية اختار النزوح الطوعي ومغادرة ليبيا بُعيد حرب يونيو/حزيران 1967، وتصاعد موجة الكراهية ضدهم.
فشل محاولات استنساخ تجارب العدالة الانتقالية الناجحة في دول أخرى بُعيد الحروب الأهلية، نظرًا لكون تلك التجارب ترتكز أساسًا على الاعتراف والاعتذار العلنيين -قبل جبر الضرر وما إليه- وهما مكوِّنان مفقودان في العقلية الليبية السائدة كما معظم العقليات العربية، بل السائد هو العناد والمكابرة والمعروف محليًّا بــ”تسكير الدماغ”(5).
خارطة القوى السياسية والعسكرية في ليبيا
تسيطر على المشهد السياسي الليبي راهنًا أربعة تكتلات رئيسية تمتلك اثنتان منها أذرعًا عسكرية تبسط سيطرتها على قرابة ثلاثة أرباع مساحة ليبيا، إضافة إلى عشرات القوى السياسية والعسكرية الصغيرة ذات الطابع الجهوي والقبلي أو الأيديولوجي والتي تميل إلى هذا التكتل أو ذاك حسب مقتضيات التحالفات المحلية أو طبيعة الصراعات المتجددة:
أولًا: تكتل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني
جاء تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني كأهم مخرجات الاتفاق السياسي الليبي المبرم في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2015 بين الفرقاء الليبيين برعاية أممية ليُنهي تنازع الشرعية بين الحكومة المؤقتة المنبثقة عن البرلمان الليبي بطبرق والتي يقودها عبد الله الثني وبين حكومة المؤتمر الوطني في طرابلس بقيادة خليفة الغويل. وضمَّ المجلس الرئاسي تسعة أعضاء بقيادة فايز السراج.
المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني حَظِيَا -حتى في ظل عجز الأخيرة عن نيل ثقة البرلمان الليبي- باعتراف دولي لافت ودعم غربي وإقليمي غير مسبوقين منذ نشوب أزمة تنازع الشرعية بين الشرق والغرب الليبيين.
هذا التكتل يحظى بدعم جناح الحمائم في مدينة مصراتة -القوة الضاربة الأولى في ليبيا والثقل المالي فيها- ممثَّلًا في عضو المجلس الرئاسي، أحمد معيتيق، كما يحظى هذا التكتل بدعم العديد من رؤساء البلديات في المنطقة الغربية والجنوبية من ليبيا، هذا فضلًا عن دعم حزب العدالة والبناء -الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين الليبية- كما تحظى حكومة الوفاق الوطني بدعم معظم التشكيلات العسكرية في المنطقة الغربية. وتخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني أهم مؤسستين اقتصاديتين، وهما: مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، وقد عانى مؤخرًا المجلس الرئاسي من تصدعات جرَّاء انشقاق واستقالة بعض أعضائه. الذراع العسكرية لهذا التكتل هي قوات البنيان المرصوص التي تمكَّنت في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2016 من دحر قوات تنظيم الدولة “داعش” في سرت وتحرير المدينة بالكامل.
ثانيًا: تكتل الشرق (حفتر-عقيلة-الثني)
استطاع خليفة حفتر الذي باتت الصحافة الغربية مؤخرًا تسميه برجل ليبيا القوي بعد أن ظل هذا اللقب يُروَّج له فقط في الصحافة الأميركية طيلة السنتين الأخيرتين(6)، استطاع أن يُخضع لسيطرته التي باتت مطلقة في المنطقة الشرقية من ليبيا كلًّا من الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني -التي لا تزال تمارس مهامها في الشرق الليبي طالما لم تنل حكومة الوفاق الوطني ثقة البرلمان، رغم محدودية الاعتراف الدولي بهذه الحكومة-، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، الذي صرَّح طيلة الأشهر الماضية في العديد من المنابر الإعلامية بتمسكه الشديد بقيادة خليفة حفتر للجيش الليبي(7). ويتميز هذا التكتل بدرجة كبيرة من التجانس وقلة الخلافات الظاهرة أو التي تطفو منها على السطح خلافًا للتكتلات الأخرى التي تعج بالخلافات الظاهرة التي تصل حدَّ الاتهامات المتبادلة، ويحظى هذا التكتل بشعبية مطلقة في المنطقة الشرقية وأنصار معتبرين في الجنوب، في حين يوجد له فقط بؤر مناصرة متفرقة في المنطقة الغربية محدودة التأثير في تلك الجهة. الذراع العسكرية لهذا التكتل هي قوات الكرامة التي يقودها المشير، خليفة حفتر، والتي تمكَّنت مؤخرًا من القضاء على أهم معاقل الجهاديين المتطرفين (تحديدًا أنصار الشريعة) في مدينة بنغازي -التي سيطروا عليها بعد سقوط نظام القذافي- بعد مقارعة دامت 33 شهرًا متتالية.
ثالثًا: تكتل (الغويل– أبو سهمين- الصادق الغرياني)
يتكون هذا التكتل من القلَّة من أعضاء المؤتمر الوطني (أول برلمان ليبي منتخب بعد سقوط نظام القذافي) الذين رفضوا الانضمام إلى المجلس الأعلى للدولة وفقًا لبنود اتفاق الصخيرات، معلنين رفضهم لمعظم بنود الاتفاق السياسي الليبي بالصخيرات، ويقود هذا التوجه كل من نوري أبو سهمين، آخر رئيس للمؤتمر الوطني قبل حلِّه، وخليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ الوطني المنبثقة عن المؤتمر الوطني، إضافة إلى مفتي ليبيا السابق، الصادق الغرياني، ويعتبر هذا الثلاثي (الغويل-أبو سهمين- الغرياني) أن حكومة الوفاق الوطني حكومة وصاية دولية تم فرضها على الليبيين، ويحظى هذا التكتل بمباركة معظم المتشددين في ليبيا، كما يتمتع بدعم بارونات المال الجدد في ليبيا، أبرزهم صقور مصراتة، والذراع العسكرية لهذا التكتل هي لواء الصمود -أبرز قوات فجر ليبيا- بقيادة صلاح بادي(8).
رابعًا: تكتل أنصار النظام السابق
رغم خفوت صوتهم في المنابر العامة وتعمُّد إقصائهم من دائرة الفعل بعد صدور قانون العزل السياسي(9)، فإنهم ومنذ منتصف العام 2013 أصبحوا كتلة فاعلة ومؤثِّرة في مجريات الأحداث، خارجيًّا: عبر نشاط دائب من خلال المنظمات الحقوقية والمنابر الإعلامية والتواجد الكثيف في دول الجوار الليبي ولاسيما الجارتان: مصر وتونس، ورغم اختفاء معظم رجالات الصف الأول لنظام الراحل القذافي إما بالموت أو في غياهب سجون فبراير/شباط أو تواريًا خوفًا من الملاحقة أو التصفية الجسدية، فإن شباب ورجال الصف الثاني من رجالات تلك المرحلة هم من يتصدرون المشهد منذ منتصف العام 2013، ويتصيدون أخطاء حقبة فبراير/شباط -وما أكثرها!- لتكريس اعتراف دولي بهم ولإشراكهم في التسويات القادمة، داخليًّا: يُعتبر أنصار النظام السابق كتلة انتخابية وازنة يُتوقع لها أن تكون الحصان الأسود لأية انتخابات قادمة. أبرز التنظيمات السياسية الممثِّلة لهذا التيار “الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا”(10) التي أُعلن عن تأسيسها في 25 ديسمبر/كانون الأول 2016، في حفل حاشد في المنطقة الغربية وتشكِّل مناطق ورشفانة وبني وليد القواعد الشعبية لهذه الجبهة إضافة إلى البلدات والقرى المحسوبة على النظام السابق؛ ولهذه الجبهة حضور لافت في منطقة الجنوب ولاسيما في أقصى الجنوب الغربي، في حين عجزت عن تشكيل قواعد لها في المنطقة الشرقية. ويشاع كثيرًا في أوساط أنصار النظام السابق أن سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الراحل(11) وراء إنشاء هذه الجبهة إلا أننا لم نقف على ما يؤكد هذا الزعم، أما الواجهة الأكثر تقبلًا لهذا التكتل بالنسبة للمجتمع الدولي هي “المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية” الذي بات له حضور في المناسبات والفعاليات الدولية، وتقول المؤشرات إنه قد يكون طرفًا في أية تسوية قادمة للأزمة الليبية. الذراع العسكرية لهذا التكتل هي جيش القبائل الذي يبدو ميليشيا مهلهلة قياسًا بالقدرات التسليحية التي تمتلكها قوات البنيان المرصوص أو قوات الكرامة.
مسارات التوافق السياسي
المتتبع للمشهد السياسي الليبي يدرك دون كبير عناء أن القوى المؤثِّرة في صناعة الأحداث، هما: تكتلا الشرق وحكومة الوفاق، في حين لا تعدو بقية التكتلات محاولة لإثبات الوجود قد تفرض نفسها لبرهة على مجريات الأحداث لكنها لا تمتلك القدرة على خلط الأوراق وإعادة ترتيبها كما هو شأن التكتلين الرئيسيين على ساحة التأثير في ليبيا والعلاقة بالخارج.
فقد جاءت حكومة الوفاق الوطني كحل توافقي بين الفرقاء الليبيين برعاية أممية منذ ما يزيد على السنة وحظيت بدعم دولي كبير، إلا أن التجاذبات السياسية وصراعها مع كتلة الشرق منعها حتى الآن من أن تحظى بثقة البرلمان الليبي الذي تسيطر عليه جماعة كتلة الشرق وبالتالي حَرَمَها من ممارسة دورها دون منغصات.
كتلة الشرق التي تقف وراء خليفة حفتر الذي ظل المجتمع الدولي يتجاهل وجوده حتى فرض نفسه -كرجل ليبيا القوي- ولاسيما بعد أن اختارته روسيا الاتحادية كحليف لها للولوج إلى شمال إفريقيا من جديد عبر البوابة الليبية.
الخطر الذي شكَّله الظهور المباغت لتنظيم الدولة -داعش- في ليبيا، وحَّد جبهة القتال بين الخصمين الرئيسين؛ حيث عزَّز دحر أنصار الشريعة في بنغازي من قبل قوات الكرامة مكانة خليفة حفتر على المستويين الداخلي والخارجي مما جعله يعد العدة ويقرر التوجه في 4 مايو/أيار 2016 إلى سرت(12)، التي تبعد 600 كيلومتر غربًا عن بنغازي، والتي احتلها تنظيم الدولة في 2015 وأعلنها عاصمة الإمارة الإسلامية في شمال إفريقيا، إلا أن تباطؤ قوات الكرامة لمدة تزيد على أسبوعين على تخوم أجدابيا، مكَّن القوات الموالية لحكومة الوفاق من الاستعداد والتحشيد في مدة وجيزة لتشكِّل على عجل قوات البنيان المرصوص -معظمها من مصراتة- وتشن حملة فاجأت الجميع أسفرت بعد أشهر من المقارعة عن هزيمة تنظيم الدولة في سرت وتحرير المدينة بالكامل.
عملية البنيان المرصوص التي عدَّها المراقبون -ضربة معلم- فوَّتت على قوات خليفة حفتر فرصة تحرير سرت التي كانت ستشكِّل مكسبًا بالغ الأهمية لا شك أنها كانت ستعيد تشكيل موازين القوى من جديد لصالح كتلة الشرق.
دخول روسيا الاتحادية على خط التسوية
دخول روسيا الاتحادية على خط التسوية في ليبيا، وهي التي تسعى لتوسيع دائرة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط بعودتها بقوة إلى الواجهة في المنطقة عبر تدخلها العسكري في سوريا واختيارها لخليفة حفتر كحليف في دائرة الصراع في ليبيا عزَّز من حظوظ ومكانة هذا الأخير، مع أنه ليس واضحًا حتى الآن إن كانت موسكو ستقبل بتزويد (قوات حفتر) بالسلاح طالما أن الحظر الدولي قائم. وقد قام حفتر بزيارتين رفيعتي المستوى إلى موسكو خلال العام الفائت كان آخرها في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، كما أنه في 11 يناير/كانون الثاني 2017، قام بزيارة لحاملة الطائرات الروسية، أميرال كوزنتسوف، الراسية في البحر الأبيض، ومع تقارب وجهة نظر موسكو مع إدارة ترامب حيال الأزمة الليبية لا يستبعد المراقبون أن يحظى حفتر هذه المرة بدعم من الولايات المتحدة إضافة إلى مصر وروسيا والإمارات “خاصة في سياق تصريحات أعضاء فريق ترامب عن الإخوان المسلمين الذين يعتبرونهم مُوَازِين للقاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية”!(13).
مسار دول الجوار (الجزائر- مصر- تونس)
عُقد في دول الجوار الليبي عدد من اللقاءات التشاورية حول الأزمة الليبية وصيغ العديد من المبادرات، أبرزها: المبادرة الجزائرية-المصرية بمباركة تونسية. في هذا السياق، كشفت مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، جهودًا تونسية لبدء حوار بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، والقائد العام للجيش، خليفة حفتر(14).
تنامي دور الاتحاد الإفريقي وتراجع الدور العربي
نشط الاتحاد الإفريقي خلال العام المنصرم في متابعة الأزمة الليبية وقُدِّمت في أكثر من عاصمة إفريقية مقترحات بالخصوص بل خُصِّصت جلسات بالكامل لمناقشة الأزمة الليبية، يتزامن هذا مع تراجع كبير للجامعة العربية وغياب مبادرات عربية جماعية جادة حيال الأزمة.
فتِّش عن النفط
أعلن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، في 24 يوليو/تموز 2016، عن رفضه القاطع للاتفاق الذي أبرمته حكومة الوفاق الوطني مع إبراهيم الجضران، رئيس حرس المنشآت النفطية -بعد زيارة المبعوث الأممي مارتن كوبلر للموانئ النفطية- يتم بموجبه تقديم مدفوعات على شكل أجور لرجال الجضران(15)، واعتبر صنع الله أن في ذلك مكافأة للجضران على إغلاقه لموانئ النفط في رأس لانوف والسدرة والزويتينة والتي كلفت الدولة الليبية خسائر بلغت 100 مليار دولار.
في خطوة مباغتة أقدمت قوات الكرامة التابعة لحفتر، في 11 سبتمبر/أيلول 2016، على تحرير الموانئ النفطية وطرد قوات الجضران خارج المنطقة وسط مخاوف غربية صريحة من سيطرة حفتر على النفط -مصدر الدخل الوحيد للدولة- إلا أن تسليمه الموانئ بُعيد أيام من تحريرها للمؤسسة الوطنية للنفط عزَّز من مكانته الدولية وهدَّأ المخاوف قليلًا. خطوة كهذه جعلت حفتر يتقدم في معركة الفوز بالدعم الدولي إلى الحدِّ الذي جعل الاتحاد الأوروبي في اجتماع عقد مطلع شهر فبراير/شباط 2017، يناقش مسألة إسناد دور لخليفة حفتر في حكومة مركزية، وفي السياق ذاته دعا وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، إلى أن يكون قائد الجيش الليبي، خليفة حفتر، جزءًا من الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة(16).
الهجرة غير الشرعية والحرب على الإرهاب
ما يقلق الاتحاد الأوروبي من الوضع المتردي في ليبيا هو تدفق موجات المهاجرين وتواجد الجهاديين على مرمى حجر من القارة العجوز؛ لذا فإن الاتحاد حريص على توافق الفرقاء الليبيين ودعم أية تسوية توافقية تُنهي حالة التشرذم وتنازع الشرعية وتعمل على إنشاء حكومة مركزية تبسط نفوذها على عموم ليبيا.
خلاصة
لا شك في أن مدى التردي وحجم المخاطر والتحديات التي تحيط بالعملية السياسية هو ما أدى إلى ممارسة المجتمع الدولي لضغوط كبيرة على زعماء الكتلتين الأقوى في المشهد الراهن مما يؤشر على قرب اللقاء المرتقب بين السراج وحفتر والذي يعوِّل عليه الكثيرون ولاسيما الاتحاد الأوروبي في أن يكون بداية الحلحلة للإشكاليات العالقة بين الرجلين.
فحكومة الوفاق بتركيبتها الراهنة تجاوزتها الأحداث ولم تعد مؤهَّلة لمواجهة الاستحقاقات الراهنة؛ لذا يتوقع المراقبون أن يكون عام 2017 عام التسويات الكبرى بين هاتين الكتلتين وأن يتم التوصل إلى صيغة اتفاق مرحلي جديد تكون بنود الصخيرات أرضية له وأن يحتل الثلاثي، فايز السراج وخليفة حفتر وأحمد معيتيق، أركانًا أساسية في الحكومة المركزية القادمة التي يراد لها أن تطوي صفحة الخلاف بين الشرق والغرب الليبي. في هذا السياق، أذاعت وسائل الإعلام قبل يومين أن رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، يستعد لإطلاق مبادرة خاصة به خلال الأيام القادمة لحل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد(17).
خليفة حفتر، الذي دأبت الترسانة الإعلامية لمناصريه في مصر وغيرها على تصويره على أنه ذلك العسكري الوطني الذي أخذ على عاتقه محاربة الإرهاب في ليبيا وتكوين جيش ليبي محترف بعقيدة وطنية -فكرة البطل المخلِّص- وأنه حالما يتحقق هذان الأمران سيتوارى عن المشهد العام ويعتزل، بدا في لقائه الأخير مع الجريدة الفرنسية (لوجورنال دي ديمانش) منذ أسبوع مغايرًا للصورة النمطية التي أُريد تسويقها عنه! فقد بدا كرجل سياسة ممسك بخيوط اللعبة وطامح لدور سياسي فيما بين السطور(18).
تاريخ ليبيا المعاصر يقول بأن الشرق (إقليم برقة) والغرب (إقليم طرابلس) كانا دائمًا بوصلة توجيه الوقائع ومكان صناعة الأحداث المفصلية إلا أن الجنوب (إقليم فزان) ظلَّ الحصان الأسود المرجِّح لكفة التوافق وله حضور فعَّال عند الاستحقاقات الكبرى والمنعطفات التاريخية التي تؤسِّس لما بعدها؛ فهل سيعيد التاريخ دورته؟ وحدها الأيام كفيلة بالإجابة عن هذا التساؤل.
_________________________________
د. الحسين الشيخ العلوي- باحث وأكاديمي موريتاني
مراجع
1 – قرار مجلس الأمن رقم S/RES/1973(2011، ويكيبيديا الموسوعة الحرة، 8 فبراير/شباط 2017, (تاريخ الدخول: 08 فبراير/شباط 2017). إضغط هنا.
2 – الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا: تنظيم سياسي ذو أذرع عسكرية غير معلن عنها، معظم قادته هم رجالات الصف الثانى في نظام الراحل معمر القذافى:
http://aljabhaalshaabiya.org/default.aspx
3 – الاتفاق السياسي الليبي، موقع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، 17 ديسمبر/كانون الأول 2017, (تاريخ الدخول:09 فبراير/شباط 2017):
https://unsmil.unmissions.org/LinkClick.aspx?fileticket=pRVejDEPRU4%3D&tabid=5120&mid=8563&language=en-US
4 – Raphael Luzon: Jews of Libya (Date of Issuing: July 9,2016),(Date of surfing: Fev.11,2017).
5 – مشاورات الخبراء بشأن خارطة الطريق الخاصة بالمصالحة الوطنية في ليبيا، مالطا، 19-21 يناير/كانون الثاني 2017، وثيقة مرفقة (تم توزيعها على الخبراء المشاركين دون نشرها في موقع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا):
6 – OSAMA AL-FITORY and KAREEM FAHIM: Libyan Strongman Battles Militias for Control, The New York Times (Date of Issuing: May 28,2014),(Date of surfing: Fev.12,2017).
7 – عقيلة صالح: متمسك بقيادة حفتر للجيش وإجراءات السراج بعد وصوله إلى طرابلس باطلة، القدس العربي، 16 إبريل/نيسان 2016, (تاريخ الدخول: 12 فبراير/شباط 2017):
عقيلة صالح: متمسك بقيادة حفتر للجيش وإجراءات السراج بعد وصوله إلى طرابلس باطلة
8 – آمر لواء الصمود صلاح بادي: عملية فجر ليبيا قامت لمواجهة من يحاولون القضاء على ثورة فبراير وثوارها: المرصد، 12 ديسمبر/ كانون الأول 2016, (تاريخ الدخول: 12 فبراير/شباط 2017):
9 – سنَّ المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) بشبه إجماع، في 5 مايو/أيار 2013، قانون العزل السياسي، الذي يضبط ويحدد المسؤوليات والوظائف التي يُمنع على من تولاها في عهد الراحل معمر القذافي تقلُّد مناصب قيادية في مؤسسات الدولة الليبية الجديدة لمدة عشر سنوات.
10 – الإعلان رسميًّا عن قيام “الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا”: بوابة إفريقيا الإخبارية، 26 ديسمبر/كانون الأول 2016, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017): إضغط هنا.
11 – رشَّحه أنصاره للرئاسة.. أيُّ دور لسيف الإسلام القذافي في مستقبل ليبيا؟، سي إن إن بالعربية، 06 يناير/كانون الثاني 2017, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017):
http://arabic.cnn.com/world/2017/01/06/saif-islam-qadhafi-libya-future
12 – الجيش يتحرك نحو سرت لتحريرها من داعش، موقع أخبار ليبيا، 04 مايو/أيار 2016, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017):
13 – رجل ليبيا، خليفة حفتر، يراهن على روسيا لتوسيع نفوذه، موقع 24 إف إم، 17 يناير/كانون الثاني 2017, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017):
http://www.24fm.ps/ar/news/1484672099
14 – موغريني: نعزِّز الجهود التونسية لبدء حوار بين السراج وحفتر، بوابة الوسط، 06 فبراير/شباط 2017, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017):
http://www.alwasat.ly/ar/news/libya/132277/
15 – رئيس مؤسسة النفط يرفض اتفاق حكومة الوفاق مع الجضران ويعتبره “سابقة مروعة”، ليبيا المستقبل، 24 يوليو/تموز 2016, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017):
http://www.libya-al-mostakbal.org/15521/2838/رئيس-مؤسسة-النفط-يرفض-اتفاق-حكومة-الوفاق-مع-الجضران-ويعتبره-سابقة-مروعة.html
16 – وزير الخارجية البريطاني: حفتر يجب أن يكون جزءًا من الحكومة، بوابة الوسط، 07 فبراير/شباط 2017, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017):
http://www.alwasat.ly/ar/news/libya/132327/
17 – مصادر لـ”بوابة الوسط”: السراج يستعد لإطلاق مبادرة لحل الأزمة، بوابة الوسط، 11 فبراير/شباط 2017, (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2017):
http://www.alwasat.ly/ar/news/libya/132716/
18 – C’est aux Libyens de décider ce qui est bon pour eux, pas à la communauté internationale”: Le Journal du Dimanche,(la date de la publication: le 4 février 2017),( la date du surf :le 13 février 2017)
http://www.lejdd.fr/International/Afrique/C-est-aux-Libyens-de-decider-ce-qui-est-bon-pour-eux-pas-a-la-communaute-internationale-845099