23 سبتمبر، 2024 3:20 م
Search
Close this search box.

“تدبير منزلي” .. تبرز ضياع المجتمع الأميركي كأثر لتفكك العائلة !

“تدبير منزلي” .. تبرز ضياع المجتمع الأميركي كأثر لتفكك العائلة !

خاص : عرض – سماح عادل :

رواية (تدبير منزلي) للكاتبة الأميركية “مارلين روبنسون”، ترجمة “سامر أبو هواش”، إصدار مشروع كلمة (هيئة أبوظبي للثقافة والتراث).. تتناول سيرة عائلة أميركية في الريف، وكيف اختلفت مصائر أفرادها وكيف أنحلت هذه العائلة مسلمة مصير أبنائها إلى التشرد والضياع.

الشخصيات..

“روث”: البطلة.. تحكي منذ أن كانت طفلة عن عائلتها، فهي تعيش بدون أب وماتت أمها في ظروف غامضة، يرجح أنها إنتحرت، ثم أضطرت إلى العيش مع جدتها ثم مع خالتها لتنتهي إلى التشرد.

“لوسيل”: أخت “روث” الصغرى.. عاشتا معاً طوال فترة طفولتهما متقاربتين، ثم ومع بداية المراهقة تبدأ “لوسيل” في الإبتعاد وتكره العيش في منزلهم، وتقرر الرحيل لتخط لنفسها حياة مختلفة.

“سيلفيا فوستر”: الجدة.. حكت عنها البطلة منذ بداية زواجها بـ”ادموند فوستر”، وكيف أنه أتى بها إلى بلدة نائية في الريف الأميركي وبنى لها بيتاً، ثم أنجبت ثلاث فتيات وربتهن بعناية فائقة، ثم تفرقت الفتيات كل في طريق، وبعد سنوات عدة يكون عليها تربية حفيدتين بعد موت أمهما وتعتني بهما جيداً إلى أن تموت.

“ليلي” و”نونا فوستر”: أخوات الجد.. توصي الجدة بعد موتها أن تتوليان تربية الحفيدتين، لكنهما كانا قد كبرا في السن وألفا حياة العزلة، حيث أنهما عذراوتين ولم يتزوجا وظلا طوال حياتهما يعيشان معاً في فندق فقير، لذا فقد كانت تربية طفلتين عبئاً عليهما وأضطرا إلى إستدعاء “سيلفي”، خالة الطفلتين، لتتولى هي مسألة رعايتهما.

“سيلفي فيشر”: خالة “روث”.. عاشت منذ صباها حياة التشرد التي إختارتها بنفسها، تزوجت لبعض الوقت لكن البطلة لا تحكي عن زواجها، لأنها لم تعرف عنه شيئاً من “سيلفي”، ثم تعيش “سيلفي” حياة التشرد والتنقل والنوم في القطارات وفي الطرق العامة، وحين يطلب منها رعاية الطفلتين لا ترفض، لكنها أيضاً لا تستطيع القيام بالمهمة على أفضل وجه، تظل شاردة تعيش ما بين الواقع والخيال، ولا تعتني بالفتاتين كما ينبغي مما يجعل الحياة معها غير مستقرة أو مريحة.

“إدموند فوستر”: موظف السكك الحديد.. لا تحكي عنه البطلة كثيراً رغم أن موته سيكون محور ضياع العائلة وإنفراطها، فقد مات بطريقة مأساوية، حيث خرج القطار الذي يعمل به عن القضبان وسقط في البحيرة المتثلجة في فصل الشتاء، ولم يستطع أحد إنقاذه وباقي الركاب، وظل قابعاً في أعماق البحيرة مخلفاً لبناته، ثم الحفيدات، حزناً عميقاً.

الراوي..

البطلة “روث”، هي الراوي، تحكي بضمير المتكلم.. بعقل طفلة ثم مراهقة، لا تحكي عن أشياء لا تعلمها، لذا نجد المعلومات المتوفرة عن أمها وباقي الفتيات هشة وشاحبة، فقد تحكي عن الجدة بوضوح حتى في بداية زواجها، ثم تهتم بدواخل البطلة “روث” وإنفعالاتها وإحساسها بالعالم، وتحكي عن باقي الشخصيات من خلال أفعالهم الخارجية.

السرد..

السرد هادئ الإيقاع، تخلط فيه الكاتبة بين الخيال والواقع.. تحكي بلغة حالمة، وتقوم بعمل مداخلات كثيرة في ثنايا السرد، تستشهد فيها بحكايا “طوفان نوح” وزوجته، وتعلق على ما يجري من وجهة نظر طفلة متشككة لا تشعر بالأمان، الرواية حوالي 260 صفحة من القطع المتوسط.

تفكك العائلة..

تحكي الرواية عن تفكك عائلة ما في بلدة متخيلة تدعى، “فينغربون”، تقع في الريف الأميركي، هذه البلدة تتميز بطقس قاسي، فهي شديدة البرودة في الشتاء، تعاني من الأمطار الشديدة التي تصل إلى حد عمل طوفان في البلدة وإغراق المنازل الخشبية، وحين خرج القطار عن قضبانه وسقط في البحيرة تعذر إنقاذ الناس فيه بسبب وحشية الطقس، وبهذه الطريقة المأساوية لموت الجد يتحدد مصير باقي العائلة.. الأم تكتم حزنها، لكن بناتها يشعرن بعدم الأمان ويتعلقن بها، لكن بعد أن يكبرن يرحلن جميعاً، يتزوجن جميعاً، لكن لا نعرف مصير الأزواج، لأن “روث” البطلة لم تعرف عنهم شيئاً، لكن يتضح أن الأزواج لم يبقوا، تضطر “هيلين” إلى تربية طفلتين بمفردها، ثم ومع شعورها بالحمل الثقيل تقرر ترك إبنتيها أمام باب جدتهم وتقود سيارة، كانت قد أستعارتها من جارة لها، تقود نحو جرف في البحيرة وتسقط هناك.

وتظلا “روث” و”لوسيل” يعانين الخوف من فقدان جديد.. يترقبان الجدة، لكنها تقوم برعايتهما وتحبهما وتوفر لهما بيتاً آمناً، وبعد موتها تبدأ معاناتهما من جديد.. حيث تصبح مهمة تربيتهما في يد سيدتان عجوزان، ثم في يد خالة لا تحب حياة المنازل، تهوى الرحيل والترحال، تظل تتجول بالخارج بجانب البحيرة تنتظر القطار لترى الركاب وهم يسافرون.

لا تستطيع هذه الخالة توفير بيتاً آمناً لهما، فهي نفسها لا تشعر بالأمان.. تنام بحذائها، في وضع مقلوب وترتدي ملابسها كاملة أثناء النوم، كما لا تستطيع القيام بأعمال المنزل كباقي الأمهات في البلدة، وحين تتغيب الطفلتان عن المدرسة لا تلاحظ ذلك ولا تهتم.

إختيار التشرد..

“روث” و”لوسيل” تترقبان الخالة خوفاً من رحيلها المفاجئ، ولا تستطيعان أن تكونا قريبتين منها، لأنها لا تتكلم كثيراً، ولا تحكي سوى حكايات غريبة عن متشردات أفقدهن الجنون عقلهن.. “لوسيل” تقرر الرحيل وتعيش مع مدرسة لها، في حين أن “روث” تنجرف أكثر مع “سيلفي”.. تذهب معها إلى البحيرة ليلاً وتركب معها قطاراً في عربة شحن البضائع، وحين يعترض الجيران خوفاً منهم أن تتحول “روث” إلى متشردة هي الأخرى ويبدأوا في إتخاذ إجراءات قانونية لتفريق “سيلفي” و”روث”، تتفقان معاً وتحرقان المنزل وتهربان إلى مدن بعيدة.. تحكي “روث” أنها لم تندم عن إختيار حياة التشرد، وأنها إبتعدت عن أختها تماماً ولم تقابلها لسنوات طويلة، وأنها أضطرت للقيام بعمل في مهن شاقة مثل نادلة وعاملة.

الرواية..

تتميز الرواية بأنها تحكي نمطاً من الحياة مألوفاً في المجتمع الأميركي.. وهو ناتج عن تفكك العائلة، الذي أصبح ظاهرة منتشرة نتيجة لظروف كثيرة تخص المجتمع الأميركي، الرواية نشرت في الثمانينيات وحازت شهرة كبيرة، لكنها تحكي عن زمن أسبق، يرجح أنها تحكي عن فترة الأربعينيات والخمسينيات في الريف الأميركي.

الكاتبة..

“مارلين روبنسون”، روائية وكاتبة أميركية.. ولدت في عام 1943 في بلدة “ساندبوينت” بولاية “أيداهو” الأميركية في أقصى الشمال الغربي المحاذي لكندا.

درست في كلية “بمبروك”، التي كانت مخصصة للنساء في جامعة “براون”، ونالت البكالوريوس عام 1966، وشهادة الدكتوراه في اللغة الإنكليزية عام 1977، من جامعة واشنطن. وهي إضافة إلى كتاباتها النقدية والأدبية تمارس تدريس الأدب في عدد من الجامعات الأميركية، كما تعلّم في “محترف أيوا للكتاب”.

حازت روايتها (التدبير المنزلي) 1980، على جائزة “بين” الأدبية من مؤسسة “همنغواي” كرواية أولى. وفازت روايتها الثانية (جلعاد) 2004، بجائزة “بوليتزر” في الأدب القصصي، وجائزة دائرة نقاد الكتاب الوطنية “إن. بي. سي. سي”، وجائزة “امباسادور” للكتاب. روايتها الثالثة (البيت) 2008، حازت إحدى جوائز جريدة “لوس أنغليس تايمز” للكتاب في 2008، إضافة لجائزة “أورانغ” للآداب في 2009. وكانت من أبرز المرشحين النهائيين لنيل جائزة الكتاب القومي في أميركا.

قامت بإلقاء مجموعة من محاضرات، “تيري”، في جامعة “ييل”، شملت سلسلة من النقاشات تحت عنوان (غياب العقل: من باطن تبديد أسطورة الحديث عن الذات)، تم إختيارها واحداً من ضمن أهم مائة كتاب لعام 2008 من قبل صحيفة (نيويورك تايمز)، وإختيارها ضمن أهم عشرة كتب مفضلة لدى ناقد الكتب في صحيفة (نيويوركر جيمس وود) لعام 2008.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة