22 نوفمبر، 2024 8:06 م
Search
Close this search box.

ما بعد النصر العسكري ..

ما بعد النصر العسكري ..

دخل العراق مرحلة جديدة بعد اعلانه النصر و القضاء على تنظيم داعش الارهابي الذي ارعب العالم اجمع منذ ظهوره دولياً قبل اربع سنوات بوحشية و تطرف و همجية فاق و تميز بها عن التنظيمات المتشددة التي انبثق منها .
إعلان النصر من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل أكثر من اسبوع اعتُبر خطاباً تاريخياً لما فيه من رسائل إلى الداخل و الخارج ، اهمها : الحفاظ على تنوع العراق التاريخي الديني و العرقي وعدم العودة إلى الخطاب الطائفي و التحريضي ، الذي أسهم في ولادة (داعش) ، واحترام القانون و القضاء و حصر السلاح بيد الدولة و بدء إعمار المدن المحررة ، والبقاء على حالة الحذر و التأهب لمواجهة العمليات الإرهابية ، وأخيراً بدء حرب شاملة على الفساد ، وغيرها من النقاط التي تحدث بها .
لقد كانت المعركة ضد تنظيم داعش اضطرابا مجتمعيا كبيرا يراه جميع العراقيين و العالم اليوم انتصاراً للحق على الباطل , في حين يراه الذين كانون يراهنون على التنظيم في انهاء وجود العراق و تمزيق نسيجه , هزيمة كبرى قد لحق بأكبر مخطط خارجي و بأعنف تنظيم متطرف ولد في العالم حتى الان , وهذا قد لا يدعوهم الى القبول بتلك الهزيمة و الاستسلام لها بسهولة . وهنا ..
ان هزيمة داعش عسكريا يجب أن لا تفهم على أن زمن المواجهة قد انتهى , بل يجب أن تتبعها مرحلة المواجهة الأمنية التي تتمثل في القضاء على الحواضن والمجاميع المتفرقة والمختفية هنا أو هناك و التي بدأت بالظهور و التهديد , اضافة الى المعركة الفكرية التي يجب ان تقضي على الفكر المتشدد للتنظيم و ما زرعهُ في عقول و نفوس الشباب و الاطفال في المحافظات و المناطق التي احتلها لثلاث سنوات .
كما علينا ان نجتث الظروف التي أنجبت حواضن الفكر المتطرف بالتزامن مع كسب ود العشائر المحتفلة بالنصر اليوم , دون الاعتماد عليها في عمليات الحماية او التدخل بالسياسة ، شريطة ان تبقى العشيرة وحدة اجتماعية محترمة وهي تنظم القيم الاجتماعية الخاصة بها و المتعارف عليها . وان يحييد دور رجال الدين .
و قد ينتهي دور المقاتلين بحدود انتهاء المعارك , ليبدأ دور الفنانين والمثقفين و مؤسسات الاعلام الوطنية و المجتمع المدني ، لتبث الحياة بصياغتها لمفاهيم جديدة تتلاءم مع ما دخلت به البلاد من مرحلة بعد داعش الارهابي , دون ان تتصادم مع العادات والتقاليد الاجتماعية بشكل مباشر او غير مباشر ، و على غرار التجربة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية , يجب ان تنشط و تفعل الاناشيد و الاغاني الوطنية و الندوات الثقافية و حركة المسارح الجماهيرية ، وهي تتحدث عن النصر الكبير و تتغنى به .
وما لا يجب تجاهله و نسيانهُ ابدا , تفعيل و سنُ القوانين والتشريعات التي تتكفل بعوائل الشهداء جميعا و منهم شهداء الحشد الشعبي و جرحاه الذين لا زال قانونهم مجمدا ، فقد قدموا اعز ما يملكون للدفاع عن عرض و ارض و مقدسات العراقيين دون استثناء ، فبهذه القوانين يمكن وضع بلسم على جراح هذه العوائل التي نزفت ليبقى الجسد العراقي سليما معافا . كما لا يمكن النهوض بالتعايش و المصالحة الوطنية و اعادة النازحين دون ازالة اثار داعش بإعادة إعمار مدن البلاد عامة والمدمرة جراء الحرب خاصة .
و اخيرا ان الحرب على الفساد و كما وصفها رئيس الوزراء حيدر العبادي بالصعبة و المعقدة , مصراً على البدء بها و اعلانها بعد الانتهاء من داعش , تتطلب ارادة سياسية صلبة لا تتهاون او تتفاوض او توقف الإجراءات القانونية بحق الفساد والفاسدين , وهذا بدوره يتطلب فاعلية الجهاز القضائي الذي يجب عليه هو الاخر ان لا يحابي ولا يسامح ويقف جنبا الى جنب مع قضية الوطن والفاعلين في سبيل حمايته وحماية ثرواته من النهب والسرقات .

أحدث المقالات