بدأت التعاملات التجارية في المجتمعات البدائية التي كانت تمتهن مهنة الصيد للحصول على ما يحتاجه من المأكل عن طريق المقايضة والتبادل بالسلع (الصيد ) الذي يتم الحصول عليه .ولتنوع الصيد واختلاف طريقة الحصول على الفرائس ، واختلاف انواع الأسلحة المطلوبة للحصول على الصيد ، تم إيجاد نظام يعتمد على ندرة الصيد أو درجة المجهود في الحصول على الفريسة كأساس في المقايضة ما بين السلع .
ولتطور المجتمع وظهور أنشطة أخرى بمرور الزمن وظهور تخصصات و مهن جديدة مثل صيد الأسماك وصيد الطيور والزراعة وتوسع حاجة الإنسان الى السلع المختلفة ، ظهرت الحاجة الى ضرورة إيجاد نظام يكفل ويسهل جميع التعاملات التجارية ، وأصبحت الحاجة ملحة الى إيجاد مقياس موحد ما بين السلع والأنشطة المختلفة فظهرت وللمرة الأولى العملة على شكل قواقع بحرية ملونة لكونها نادرة الوجود في الطبيعة وأصبحت العملة الموحدة التي تؤمن تبادل مختلف السلع التجارية . ولتوسع الأنشطة التجارية لاحقاً ما بين المدن ظهرت الحاجة إلى الاعتماد على عملة تحمل نفس المواصفات (نادرة وثمينة) وتتواجد في كل المدن فتم اللجوء إلى المعادن النادرة ، وكانت البادرة في استخدام العملات الفضية ثم لحقها التعامل بالعملات الذهبية لندرتها اكثر من الفضة .
ولسهولة التعامل بالذهب تم عمل قطع الذهب على هيئة إسطوانات صغيرة يتم التعامل على أساس عدد القطع والأوزان في التعاملات التجارية .
ثم ظهرت فكرة تقطيع الإسطوانات الى أقراص صغيرة لتفي هذه القطع في التعاملات التجارية الصغيرة .
وبعد توسع انتشار العملات الذهبية بدأت حالات الغش في تصنيع الأقراص الذهبية من خلال خلط معادن أخرى مع الذهب مثل النحاس ، وظهرت الحاجة إلى فصل العملات الذهبية النقية عن العملات الأخرى المخلوطة بالشوائب والعملات المغشوشة ، حيث بدأت عملية وضع علامات وأختام عليها ، فاستغلها الحكام والملوك لصالحهم ، وبدأ عهد جديد لصك العملات المحلية المختلفة الخاصة لكل مملكة .
ولتوسع الأنشطة التجارية ما بين الدول والمدن البعيدة ظهرت الحاجة إلى إيجاد وسيلة لنقل الأموال الطائلة اللازمة للأعمال التجارية الكبيرة ، فظهرت الحاجة إلى توديع العملات الذهبية لدى جهات أمينة ، وكانت المعابد والكنائس افضل مكان في تلك الفترة ( كون رجل الدين والقس أكثر شخص يمكن الوثوق به داخل المجتمع ) ليقوم المعبد بمنح سندات مقابل الأموال المسلمة ، لتعتمد هذه السندات في التعاملات التجارية .
وظهرت مهن جديدة لاحقاً ، وهي مهنة المصرفي ( banker ) الذي يقوم بأصدار سندات معتمدة مقابل العملات الذهبية تعتمد في التعاملات التجارية .
وبمرور الزمن ظهرت جهات متعددة تمنح سندات متنوعة ، دعت الضرورة الى توحيد هذه السندات لكي تعتمد في كل المدن وكافة الأنشطة التجارية ، مع ضرورة وضع الأموال والعملات الذهبية في أماكن أمينة فظهرت فكرة إنشاء البنك المركزي الذي يدير هذه الأموال والسندات .
ولتوحيد هذه السندات المتنوعة ظهرت فكرة إصدار العملات الورقية التي تغطي جميع الأنشطة التجارية مع أمكانية تحويل هذه العملات الورقية إلى عملة ذهبية عند الحاجة .
وبمرور الزمن ودخول الدول في حروب وصراعات تعرضت الدول إلى مشاكل اقتصادية مثل التضخم ، وعدم أستقرار الأسعار ، وإصدار عملات ورقية اكثر من رصيد الذهب ، فأقتُطعت العلاقة ما بين العملة الورقية وما يقابلها من رصيد الذهب وبدأت الدول بإصدار عملة محلية خاصة بها تعبر عن قوة النشاط الاقتصادي لتلك الدولة ، فاصبحت لكل دولة عملة محلية خاصة بها .
ولأختلاف قوة النشاط الاقتصادي لكل دولة ظهرت المنافسة ما بين العملات المحلية المختلفة في ساحة الأنشطة التجارية ، ولتأمين النشاط التجاري المستقر ما بين الدول ظهرت الحاجة إلى عقد اتفاقات دولية لخلق أنظمة تجارية متطورة ، وخلق أسس تنافسية جديدة فظهرت البورصات العالمية التي بدأت تتطور شيئا فشيئا مع تطور تكنولوجيا الاتصالات فاصبحت التعاملات على مدار الساعة ما بين مدن العالم وظهرت أنظمة وبرامج جديدة تؤمن السلامة والتعامل الأمين ما بين مدن العالم وبورصاتها جميعا ، فظهرت الحاجة إلى التعامل بعملة مقبولة من جميع الجهات ، ويمكن تحويلها الى اية عملة محلية عند الحاجة ، فظهرت العملة الإلكترونية والتي تطورت لاحقا إلى أن تكون عملة موحدة مقبولة في جميع أنحاء العالم ومستقلة عن أية جهة محلية ومتحررة من قيود المؤسسات المالية المحلية ، فظهرت عملة الـ( بيتكوين ) التي أحدثت انقلابا في عالم الاقتصاد الحديث .