22 نوفمبر، 2024 8:13 م
Search
Close this search box.

من هو رئيس الوزراء القادم

من هو رئيس الوزراء القادم

خلال اربعة اشهر من الان سيتم فتح صناديق الانتخابات في العراق لاختيار اعضا مجلس النواب الجديد كمرحلة اولى لاختيار رئيس جديد لمجلس الوزراء لاربعة سنوات قادمة . مع بداية هذه المرحلة تتسارع التحركات لمعرفة من هو الذي سيشغل هذا المنصب مع تغير التحالفات والائتلافات داخل الحياة السياسية في العراق والجميع يحاول ان يكون له دور في اختيار شاغل ذلك المنصب . من هذا المنطلق سنحاول ان نستطلع المعطيات التي ستساهم في تحديد تلك الشخصية من خلال النظر في اللاعبين الاساسيين في الساحة السياسية العراقية ومراجعة حظوظها في رئاسة مجلس الوزراء وصولا الى الاكثر حظا في ذلك الموقع .
في بداية القول يجب ان نعترف شئنا ام ابينا ان الكتل الاساسية اللاعبة في الساحة العراقية هي الكتلة الكردية والكتلة السنية والكتلة الشيعية . بالنسبة للكتلة الكردية فقد كانت منذ عام 2003 تلعب دور بيضة الميزان التي تحدد الكتلة الاكثر حظا وكانت تمتاز دوما بوحدة توجهها ووحدة صوتها بحيث ان التفاوض معها كان دوما مريحا لبقية الكتل واكثر مصداقية من خلال امكانية الاعتماد على تعهداتها والاعتماد على طاعة نوابها لتوجيهات قادتها . في انتخابات عام 2018 الصورة داخل الملعب الكردي مختلفة حيث ان التوجهات داخل كردستان اصبحت مختلفة خصوصا بعد اختفاء القيادة التاريخية للاتحاد الوطني الكردستاني القائد جلال طالباني واختفاء زعيم حركة التغيير (كوران ) الزعيم نوشيروان مصطفى وتنحي الرئيس مسعود بارازني عن منصب رئاسة الاقليم والاختلافات التي ظهرت بعد ازمة الاستفتاء بحيث اصبح هناك اصوات مختلفة والتي وان اتفقت على سعيها في الدفاع عن حقوق الكورد الا انها مختلفة في اسلوب الوصول الى تلك الحقوق ولكن وحدة الاهداف قد تجعل من الممكن الى التوصل الى تفاهمات مع تلك الكتل خصوصا مع بروز قيادات شابة مثل نجيرفان بارازاني رئيس حكومة الاقليم وقوباد طالباني بالاضافة الى البروز الصاروخي لقيادة بافل طالباني الذي برز بصورة كبيرة اثناء ازمة الاستفتاء بصورة الرجل الحكيم والمدعوم من قبل والدته السيدة هيروخان رفيقة درب الزعيم جلال طالباني هذا بالاضافة الى وجود رجل السياسة الكردية الهادئة الدكتور برهم صالح ورجل البيشمركة القوي كوسرت رسول بالاضافة الى القيادة الديناميكية لحركة كوران متمثلة ب(عمر سيد علي) منسق الحركة وتلك القيادات جميعها كما قلنا توحدها الاهداف وتفرقها الاساليب لذلك تبقى رقما اساسيا في تحديد الشخص الذي سيحتل منصب رئاسة مجلس الوزراء خصوصا وان لديها من القدرة على كسب التاثير الخارجي من خلال توظيفها لعلاقاتها مع الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية .
فيما يتعلق بالكتلة السنية فقد ادى توزع ارتباطاتها الى اضعاف تاثيرها داخل الحياة السياسية العراقية حيث ادت تدخلات المال الخليجي الى اضعاف واختفاء التأثير المدني لمصلحة تأثير الاحزاب الاسلامية السنية والتي توزعت ولائاتها بين المحور السعودي الاماراتي والمحور القطري التركي والمحور الداخلي ومحور سنة الخارج . بالنسبة للمحور السعودي الاماراتي فيضم المجموعات التي تنسق حركتها حسب نغمات تغريدات ثامر السبهان الوزير السعودي لشؤون الخليج والذي تولى ادارة ملف العراق واستلم كافة العلاقات مع الاوساط السنية العراقية التي عمل على بنائها بندر بن سلطان عندما كان يتولى منصب الأمين العام لـ مجلس الأمن الوطني السعودي ورئيس الاستخبارات السعودية والتي في الغالب كانت تعتمد على الارتباطات العشائرية الا ان سياسة السبهان الجديدة عمدت الى ابعاد الوجوه القديمة والاتجاه الى الاعتماد على رجال الاعمال لاستغلال المال السياسي للحصول على مقاعد داخل مجلس النواب القادم . المحور الثاني فهو المحور القطري التركي والذي تأثر بصورة كبيرة بالحصار الذي تم فرضه على قطر والمصاعب التي تواجهها تركيا من الناحية الاقتصادية لذلك عمدت القوى التي تشكل ذلك المحور الى الدعوة لانشاء اقليم سني على غرار اقليم كوردستان للابتعاد عن تاثيرات التقارب الحكومي العراقي السعودي . بالنسبة لمحور سنة الداخل فقد توزعت ارتباطاتهم مابين قوى سعت للارتباط بالقوى المؤثرة داخل الائتلاف الشيعي واخرى سعت للارتباط بالحكومة في بغداد . بالنسبة لمحور سنة الخارج فتركزت في مجموعة من رجال اعمال وقيادات عسكرية سابقة وقيادات بعثية سابقة لم تحدد بوصلتها لحد الان ولكن اثرت ارتباطاتها مع بقايا حزب البعث السابقة الى الحد من تأثيرها . ادى توزع الولاءات بين الكتل السنية الى اضعاف تاثيرها الداخلي وجعل حلمها يتركز على الصراع حول منصب رئيس مجلس النواب القادم والحصول على بعض الوزارات في الحكومة القادمة .
بعد اخراج الكتلة الكردية والكتلة السنية من السباق لمنصب رئيس مجلس الوزراء تبقى الكتلة الشيعية وسنقوم بدراسة مكوناتها لمعرفة من هم المرشحين الاقرب لشغل ذلك المنصب . في البداية نقول للاسف ان القوى المدنية قد فقدت فرصتها في ان تكون عنصر فاعل في اختيار رئيس الوزراء القادم فبعد ان نجحت في ايصال ثلاثة من ممثليها الى مجلس النواب الحالي الا ان اداء اولئك النواب كان مخيبا للامال فقد اختفى صوت رئيس حزب الامة العراقية في مكان اقامته في اربيل وتوقف عن حضور جلسات مجلس النواب منذ فترة طويلة كما ان النائب الثاني من البصرة بالرغم من الحضور الاعلامي الا ان صوته كان غائبا داخل البرلمان كما ان موقفه غير الواضح اثناء ازمة الاستفتاء اثر بصورة كبيرة على مصداقيته كما ان النائبة الثالثة فقد تناثرت جهودها مابين الدفاع عن الطيور المهاجرة ومابين حضور انشطة في اوربا مما غيب تاثير القوى المدنية مستقبلا . بالنسبة لكتلة اياد علاوي فقدت تلك الكتلة تأثيرها نظرا لتركيزها على شخص اياد علاوي فقط دون ظهور شخصيات ممكن ان تعزز من حظوظ اياد علاوي للعودة الى سباق منصب رئيس الوزراء , يبقى اياد علاوي كشخص واعتمادا على علاقاته الدولية في المحيط الاوربي والعربي رقما مؤثرا في تحديد رئيس الوزراء القادم ولكن اصراره على ارتباطه بتاريخه البعثي السابق يجعل من فرصته للعودة الى كرسي رئاسة الوزراء معدومة . يبقى في الساحة السياسية من القوى العلمانية حزب المؤتمر الذي يحاول بقيادته الجديدة العودة الى الساحة السياسة معتمدا على ارث الدكتور احمد الجلبي ولك ممايؤثر على حظوظ هذا الحزب هو تركيزه على النضال في لوبيات واشنطن دي سي وتبني تكتيكات الدكتور الجلبي للحصول على تاييد الادارة الامريكية للحصول على موطاء قدم في الساحة السياسية متناسين ان ادارة ترامب هي ليست ادارة بوش وان عراق 2018 هو ليس عراق 2003 .
بالنسبة للقوى الاسلامية الشيعية فهي تتوزع مابين مايمكن ان يطلق عليها كتل العمائم وكتل البدلات تتمثل كتلة العمائم في التيارات الرئيسية كتلة تيار الحكمة وكتلة التيار الصدري وحزب الفضيلة وكتلة المجلس الاعلى الاسلامي . ان كافة التيارات والاحزاب التي تخرج من تحت اية عمامة مع وافر الاحترام لما تمثله العمامة من رمز ديني فهي لاتملك اي فرصة للوصول الى منصب رئيس الوزراء مهما كانت الشعبية التي تحظى بها الشخصيات المنظمة الى تلك التيارات والاحزاب لسببين اساسيين الاول ان غالبية الشيعة العراقيين تتبع مرجعية السيد علي السيستاني ولاتقبل باي عمامة ثانية والسبب الثاني هو رفض القوى الخارجية لرئيس وزراء يعلن بصورة صريحة تبعيته لرمز ديني في مشهد يذكر بالنموذج الايراني .تبقى لتلك القوى تاثيرها في ترجيح شخصيات اخرى من خارج تياراتها الى ذلك المنصب .
بالنسبة لحزب الفضيلة نرى ان الحزب قد فضل تقليص جهودة للتركيز على الساحة المضمونة للحزب في سعي من الحزب للحفاظ على موقعه في وزارة العدل التي حصل عليها طيلة ثمان سنوات لذلك فاصوات الحزب ستذهب لمن يمنح الحزب تلك الوزارة . تأثر تيار الحكمة بصورة كبيرة بالصراعات التي سبقت ظهور التيار بعد خروج السيد عمار الحكيم من رئاسة المجلس الاعلى الاسلامي وبالرغم من انضمام الكثير من الكوادر الشابة للتيار والتفافها حول ارث عائلة الحكيم الانها تواجه الان تحدي اثبات ذات وقدرات في مجال لم يسبق لغالبيتها الخوض فيه . نفس التحليل ممكن ان ينطبق على المجلس الاعلى فبالرغم من خروج عمامة عائلة الحكيم من المجلس ولكن الظروف التي احاطت بتاريخ المجلس تحد من قدرته على الخروج من ظلال العمامة وبالرغم من وجود شخصيات بامكانها بصورة مستقلة المنافسة مثل الدكتور عادل عبد المهدي والمهندس باقر الزبيدي ولكن وجودهم ضمن المجلس يحد من فرصهم في المنافسة وادت الضربات التي عانى منها المجلس في البصرة بعد قضية ماجد النصراوي الى تقليل من تاثير المجلس في الانتخابات القادمة .
منذ عام 2003 كان التيار الصدري عنصر محرك في الشارع العراقي معتمدا على اتساع قاعدة مقلدي الشهيد الثاني اية الله محمد محمد صادق الصدر والذي بالرغم من استشهاده عام 1999 مازال يعتبر ثاني اكبر المراجع من حيث عدد المقلدين وخصوصا في اوساط الشباب الا ان ضعف التخطيط السياسي وعدم وضوح الرؤيا الاستراتيجية لم يتجاوز عدد مقاعده في جميع الانتخابات النيابية عن 40 مقعد وبسبب خضوع التيار لعمامة السيد مقتدى الصدر فليس له امل في الحصول على مقعد رئاسة الوزراء وخصوصا بعد خروج اقوى شخصية يمكن لها ان تنافس على ذلك الموقع وهو السيد بهاء الاعرجي من التيار وقراره بخوض الانتخابات بصورة مستقلة . شهد عام 2017 تبني التيار الصدري لسياسة التقارب مع السعودية في تحول كبير عن الخط الذي اتبعه التيار طيلة 14 عام وتحوله من ممثل الشارع الشيعي في الدفاع عن قضايا الشيعة الشعبية من الدفاع عن قبور البقيع وقضية انصار الله في اليمن وقضية شيعة البحرين وقضية الشيخ نمر النمر الى جزء من مشروع السبهان في الحياة السياسية العراقية . اثر ذلك التحول على اصوات التيار في الشارع السياسي سوف تؤثر على عدد المقاعد التي سيحصل عليها .
يعتبر حزب الدعوة هو الممثل الرئيسي لكتل (البدلات ) بالاضافة الى حركة (ارادة ) التي تلتف حول النائبة حنان الفتلاوي وتجمع الكفاءات والجماهير الذي يلتف حول النائب هيثم الجبوري وكتل وتجمعات صغيرة اخرى والتي تعتمد في وجودها على اشخاص وليس برامج عمل بالاضافة الى المرشحين المستقلين والفصائل المنضمة تحت اطار الحشد الشعبي والتي وان كانت لن تشترك في الانتخابات كفصائل مستقلة ولكن اصواتها سيكون لها عامل حسم في تحديد من هو المرشح لرئاسة الوزراء مثل منظمة بدر التي تعتبر جزء من تجمع دولة القانون كما هو الحال بالنسبة لعصائب اهل الحق.
بالنسبة لحزب الدعوة فينقسم الى ثلاثة تيارات اساسية هو تيار الاصلاح بقيادة ابراهيم الجعفري وكتلة دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري كامل المالكي والكتل التي التفت حول رئيس مجلس الوزراء الحالي حيدر العبادي وحول هذه الشخصيات الثلاث تتركز الترشيحات لمنصب رئيس مجلس الوزراء للدورة القادمة .
يعتبر الدكتور ابراهيم الجعفري من القيادات التاريخية لحزب الدعوة ويحظى باحترام كبير في اوساط الحزب ولكن اغراق الدكتور الجعفري في عالم الفلسفة خلفت نوع من الفجوة بينه وبين الكوادر الشعبية للحزب بالاضافة الى فشل التيار الذي يقوده في خلق زعامات مساندة اضعفت من حظوظ الدكتور الجعفري في العودة الى كرسي رئاسة الوزراء ليترك الساحة امام كل من السيد نوري المالكي والدكتور حيدر العبادي للتنافس على المنصب .
منحت الانتصارات التي حققها الجيش العراقي والاجهزة الامنية والحشد الشعبي على داعش شعبية طاغية للدكتور حيدر العبادي في الاوساط الشعبية حتى اصبح الحديث بين الناس ان حصوله على موقع رئيس الوزراء لفترة ثانية امر محسوم ولكن نظرة فاحصة لواقع السياسة العراقية والنظام الانتخابي النافذ في العراق يقول بان الحسابات تلك قد لاتكون صحيحة مائة بالمائة . من الناحية الخارجية فان الدكتور العبادي يحظى بمقبولية كبيرة من قبل المجتمع الدولي اكثر من اي سياسي عراقي اخر لمنصب رئيس الوزراء وخصوصا في دول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية الا ان الموضوع الكردي والعلاقات مابين المركز والاقليم سيصبح عامل ضغط من قبل دول الاتحاد الاوربي على وجه الخصوص على الدكتور العبادي قبل منحه ورقة التاييد . بالنسبة لدول الجوار سيقوم المحور السعودي الاماراتي بالضغط على الدكتور العبادي للحصول على امتيازات لصالح الاطراف العراقية المتحالفة مع ذلك المحور قبل منح العبادي ورقة التاييد في نفس السياق سيعمل المحور القطري التركي للعمل في نفس الاتجاه لصالح حلفائه . بالنسبة للدولة الاسلامية في ايران فسيكون هدفها الحفاظ على الخط البري الواصل من طهران الى دمشق مفتوحا امام تحركاتها لذلك فهي ستساند الطرف الذي يضمن تامين ذلك الخط . بالنسبة للداخل العراقي فبالرغم من الشعبية الكاسحة للدكتور العبادي الا ان تلك الشعبية تتركز حول شخص العبادي ولاتمتد لاي من مساعديه او انصاره . كما ان الدكتور العبادي قد فقد الكتل الرئيسية التي جاءت به الى رئاسة الوزراء بعد ان غيبت فضيحة اونا اويل اقوى مؤيديه وهو الدكتور حسين الشهرستاني الذي كان له الحسم في حصول العبادي على رئاسة مجلس الوزراء عام 2014 كما ان استفتاء الاستقلال الكردي قد افقد الدكتور العبادي تاييد مسعود البارزاني مثلما افقده الموت تأييد المرحوم جلال الطالباني وهو ماحصل ايضا في التغيرات التي ابعدت السيد عمار الحكيم عن قيادة المجلس الاعلى الاسلامي في العراق . لذلك فان دخول الدكتور حيدر العبادي للانتخابات القادمة بعيدا عن دولة القانون سيكون له مخاطر كبيرة على مستقبله كرئيس لمجلس الوزراء للمرحلة القادمة . بالنسبة للسيد نوري المالكي فان فقدان التأييد الدولي بالاضافة الى الاتهامات بالفساد التي شابت فترة الثمان سنوات من حكمة بالاضافة الى سقوط الموصل يضعف من حظوظه في رئاسة الوزراء الا ان امتلاكه لمفاتيح اللعبة السياسية يعزز من تلك الحظوظ وخصوصا انه يحظى بتاييد الكثير من الكتل الصغيرة التي ابتعدت عن حزب الدعوة كحزب ولكنها قريبة في توجهاتها من شخص المالكي بالاضافة الى ان التحالفات القديمة بين الدكتور العبادي والسيد مسعود بارزاني جعلت من الاتحاد الوطني الكردستاني جناح هيروخان وحركة كوران اقرب الى السيد المالكي بالاضافة الى التاييد الكبير الذي يحظى به ضمن فصائل الحشد الشعبي والتي تعتبره الحامي الرئيسي لحقوقها بعد ظهور ميل داخل ادارة العبادي الى التقرب من المحور السعودي الاماراتي المناهض لوجود الحشد الشعبي . لذلك فان موقع رئاسة الوزراء القادم يعتمد على التفاهم مابين جناح نوري المالكي وجناح حيدر العبادي وادراك كل منهما لنقاط القوة ونقاط الضعف لديهم والايام مازالت حبلى بالاحداث التي قد تاتي بالجديد .

أحدث المقالات