وقــفــة تــعـجـب !
حقـيقـة ؛ إنــه لوضع مريب ! صمت شبه مطلق؛ يكـتسح المشهد الثقافي؛ باستثناء بعض الأنشطة المتفرقة ؛ وهي خافـته الفـعالية ومنعدمة الحضور؛ بحيث هناك شواهـد وصور مادية وملموسـة كإحالات واقعـية عـما يقـع عيانيا في المشهد الثقافي نشاطا ومساهـمة ؛ وفي الحياة العامة العربية. بحـيث في أحْـســن الأحْـوال لا يتجاوز عـدد الحاضرين في نشاط (مـا ) عشرين فردا ؛ بالمنظمين والمساهمين ؛ ومن عجائب الأمور؛ في إحدى مهرجانات مسرح الطفل ؟ إبان الندوة ؛ لا وجود للمساهمين ولا المشرفين ولا الضيوف ( قاعة فارغة ) إلا من أطفال يلعبون بين الكراسي ! وفي نشاط قصصي ؛ إلا من المشاركين في إلقائها وعددهم خمسة !أما ما أثارني جـدا بـعـد توقيع ديوان شعـري؛ لقاص من جيل أواخر السبعينيات من ( القرن المـاضي) ورئيس فرع ( صنم الكتبة ) انسحـب ذاك الحضور ولو لقلـته وضآلـته ؛ إلى المقاهي والحانات ! وقـربهم بخطوات انطلق عـرض مسرحي متميز جـدا ؟ ولنقفز عَـن انـوجاد قاعـات شبه فارغة وعـدم الحضور للعروض المسرحية ؛ حتى من لدن المسرحيين أنفسهم ؟ لنتساءل حول نشاط حضره تسعة أفراد والصور تنطق بذلك؛ وناشرها يؤكـد أنه حضور نوعي ؟ أي نوعية هاته بحضور لا يشرف الثقافة المغربية ؟ فهاته الوضعـية لم تـولد من فـراغ ؛ بـل لها أسباب ومسببـات والتي لم يستطع أحـد مناقشتها أو الانتباه إليها ؛ وخاصة دعاة [ علم الاجتماع ] الذين يترصدون للظـواهر الاجتماعية ؛ من جوانبها السلبية في كثير من الأحيان؛ بطرح بعض الحلول لمشاكلنا المستعصية.بـعْـد التساؤلات والاستقراء وتحرير الاستمارات لتشخيص ( الظاهرة) للقبض على استنتاجات صائبة ورؤيـة متفحصة وعلمية وذلك بمعـزل عـن قـيود الأدلجة ؛ بجميع مسمياتها وأنواعها أوالتحـيز للتحـزّب والجهوية والعـصبية الضيقة !
فعلى سبيل المثال؛ لم تـصدر أي دراسة سوسـيولوجية أو حتى سياسية حول (المثقف والربيع العربي ) ؟؟ وبالتالي فهذاالعزوف واللامبالاة ، في تفعيل الحراك الثقافي ؛ حـراك لا يعـد ترفاً أو شعاراً نرفعه فقط ؛ بـل هاجـس وتوق ورغبة ونزعة نـحو بناء الفـكر وإبداع للوعي الـحضاري؛ باعـتبارذاته رسـالة أساس ومسؤوليـة جـسيـمة . لكِـن هـل الأسباب تكـمن في تشعـشع فـســاد ثقافي ؟ أم انحِـطاطـه ؟
حــالـة المـفــهــوم :
مبدئيا؛ حـديثـنا لا ينـحصر في المفهوم الضيق للثقافة ؛ بل بالمفهوم الشامل والذي طرحته وتـبنتـه منظمة اليونيسكو “كـلّ مركّـب ٍمن عناصرَ روحانيّةٍ ومادّيٍة وفكريّةٍ ووجـدانيّةٍ يخـتصُّ بها مجتمعٌ أو مجـموعةٌ من النّاس….. وهـذا ما يشير إليه أو يتبناه – مالك بني نبي- في كتابه [ شروط النهضة ] وما الإشارة لما سبـق والذي يَـبدو متأطرا في المفهوم الضيق للثقافة . ولكـن بعملية انعكاسية ؛ نلاحظ أن صناعة الكتب تدنت وعـديد من المطابع أفـلست وأغلقت ؛ كـشأن الصحف والصناعة التقليدية؛ التي لم يـعُـد ذاك المبدع / الفنان ؛ يجد ما ينفـقـه ؛ وذلك لانعـدام حـضور المشتري ! إلا أن مفهوم الثقافة والفاعـل فيها (المثقف) أخـذ مساحات من المناقشات و تـجـددهـا ومن الجَـدل وتعَـدد زواياهُ ومداخله ما يكـفي ؛ والملاحظ يبقى أن :تتسع كلمة مثقـف عِـند غـرامشي ، لتشمل كُـل مَـن يَــفكر ، أي جميع الناس. وهـو يرى أن كـل الـَبشرمثـقـفـون بمعْـنى من المعاني، بدرجة من الدرجات ، ولكـنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعـية للمثقفين، والتي لا يمكن أن يقـوم بها إلا المثقف المنخرط في قضايا الـيومي والاستراتيجي (1) ففي سياق هـذا فحـتى- الجـباس- (مثقف) بمعنى من المعاني؛ مادام ينتج ويبدع في لـب الثقافة ؛ زخرفات ونقوشا مبهرة في البيوتات والبلاطات والفنادق ذات الرونق التقليدي. وبالتالي هل ( المثقف) حقيقة منخرط في قضايا وهـموم المحـرومين والكادحـين، من الجماهير ويعـيش عـصره ومشـاغِـل بلـده ومـحـيطـه ؟ حتى وإن قـبلنا بتعريف فـوكو: وأتى زمن مثقـف مـن طـراز جــديد ، أكـثر تواضعاً من المثقف الكوني ، وأكْـثر فـعـاليـة منه في الآن نـفسـه ؛ إنـه المثقـف الخصوصي ؛ الذي بـدلا من أن يتحـدث مـحَـل الناس؛ يتـحَـدث انطـلاقـا مـن محـلـه ، خـبيراًو تقـني معْـرفة ،متخصصاً في هـذا القطاع أو ذاك مِـن قِـطاعات الحَـياة (2) فالـسؤال في طبيعته يخـندق مفهوم (المثقف / الثقافة) في إطاره الضيق؛ مما يكـون بمعـزل عـن الفـساد الذي يلاحـق أو يستشري في البنية الاجتماعية ؛ لكـن في نـفس الوقـت يتبين تمفصلا تـعـسفيا للـبنية الثقافية عـن السياسية/ الاقتصادية/ الاجتماعية ؛ فإذا كـان الفساد متغلغـلا في البنية السياسية ؛ فمن الطبيعي أن تصاب الثقافة بداء الفـسـاد نتيجة التفاعلات والمؤثرات العامة بين البنيات ؛ ليصبح الفـساد داء سرطانيا ؟ بحيث : تستطيع أن تأمل وتتفاءل إن ْ فـسَـد كـُل شيء إلاّ الثقافة ! وتزداد قـتامة الأشياء، وتسودّ الآفاق حـين تـمْـتد آفــة الفــساد السرطانية إلى الخلايا الثقافية ، فـتنقسم بلا ضابط، وتنتشر بلا رادع ولاعِـلاج ! (3) وخاصة أن الثقافة في بـعده الأعـم ليست علماً خاصاً لشريحة اجتماعية دون أخـرى ، بل في حـذ ذاتـها دستور تـتـطلبه الحياة العامة بجميع ما فيها من ضروب التفكـير والإبداع والتنوع الاجـتماعي .
حــــالة الــوضـــع ؟
ولـكن العـديد ممن تناولوا الجانب الثقافي ؛ إلا ويطـرح مسألـة الأزمـة كـنتاج لما آلت إليه الأوضاع الثـقافية؛ عِـلمـا أن ( الأزمة)مصطلح اقـتصادي أكـثردقـة من تداوله في مجالات أخـرى ؛ ولاسيما أنها تأتي بـعْـد رخاء وازدهار السيـولة وانتعـاشة الفاعلين في مجال الترويج ، بين العرض والطلب مـن السلع والخـدمات ورؤوس الأمـوال. لكن مادام المصطلح رائجا؛ وتم توظيفه في مختلف فـروع العلوم الإنسانية ؛ بحـيث أمْـسـت ( الآزمة) تـعْـني مجموعة الظروف والأحداث المفاجئة التي تنطوي على تهديد واضح للوضع الراهـن المستقر في طبيعة الأشياء، فـبعـضهم يعتبرها أزمة بنيوية وآخـرون يؤكـدون أنها هـيكلية ! ما الـفرق بين الهـيكلية / البنيوية ؟ والفسـاد انتشر بشكـل مـريب فـي الحياة العامة وتسـربل في كـل المناطق ؟ فـساد يكاد إلى حـد بعـيد قتل الروح المعنوية للشعـوب العَـربية ؛ وتـلك في تـقـديري مـخطـط لنشر البلادة والجهْـل والتخلف وإتـلاف ما تبقى من المعـرفة وبناء الصرح الحضاري؛ فكيف تهاوت كل المقومات : السياسة / الاجتماعية / الفكرية / الثقافية/ المؤسساتية/ الاقتصادية / …/ العـربية للحضيض ؟ أليست مظاهـر الفساد التي تفـوح هـنا وهـناك وبين الأروقة ودهاليز الـساسة والمثقـفين ؛ أفـرز مَـسْخـًا وتـشـوهات لاحصرلها، بحـيث انعـدمت القـيم ومصداقية القول والفعل ؛وانكسر الخلق والإبداع ؛ وأمْـسـت الرداءة مستولية والسخافـة سائدة والاحتفاء بالابتـذال هـو السائدة والمروج له في كـل شيء ؛ وفي كل المجالات !كأنه أمـر واقع لا اعتراض ولا مناقشة حَـوله ! ففي سياق هـذاالوضع : فـدور المثقف العربي مـهم وضروري في ظل سيطرة السلطة التسلطية / السلطوية على الفضاء السياسي والاجتماعي والثقافي في البلدان العربية ؛ فالدولة العربية ذات الطابع الوطني والشعـبوي تقوم على منطلقات تعزيز الفساد السياسي والاداري والمالي وتحاول دائما إغـراء المثقـف للانضمام إلى أجهزتها وأحـزابها وقـنوات سيطرتها السرية (4) لـكن الملاحظ ؛ أن هناك شبه انعـدام لـدور( المثقف) ! في النـقد والمواجهة ؛ وتنبيه الجماهيرعلى التمييز بين ما هو من صميم الفـعـل الحقيقي والانساني وبيـن مـاهـوتـدجيل وتدجـين ! فالمثقف كأنه أضحى كيانا عـديم الـنفع لأهله وثقافته ؛ مستـلب الإرادة، ممسوخا عـن آدمـيته ؛ ودوره الأساس ؟
ولكـن : إن ادعاء المثقفين ” التكلم باسم الشعب ” وجعل أنفسهم ممثلين لـه أوناطقين باسمـه ؛ ليس مسألة بسيطـة أو مسألـة سياسية ؛ بل هي مسألة سوسيولوجية . إنها مسألة تطال التمثيل المعرفي والسياسي لفئـة اعتبرت سابقا أن لا صوت لها ؛ لفئة الصامتين أو الخـرس ” الذين لا لغـة لهم ” ما يبعث على دراسة . مسألة أصل هـذاالصمت الذي نفترضه في الطبقات الدنيا؛ فهـل يقع هؤلاء تحت وطأة سيطرة سياسية وثقافية ما يجعلهم أعجز عـن التعبير عن أنفسهم بأنفسهم ؟ هل يخضعون للرقابة ؟ (5)
فالإشكالية الكبرى هـنا ؛ حتى ( المثقف) أضحى صـامتا ؛ يحتاج لمن يمثلـه وينطق مكانه؛ بحـكم أن الثقافةفي كليتها بدون كبرياء واعـتزاز، لا مـحالة تُصبح ثقافة مهترئة وهزيلة جـدا ،وبالتالي يصبح (المُثقف ) بدون احـترام لذاته وأعماله… مادام غـيرمنحاز لشريحـته الاجتماعية والتسامـى بإبداعاته التي تـعُـبرعن روح الناس وطـموحاتهم وأحلامهم. هنا نكون أمام خيانة ( المثقفين ) وفي هـذا الإطار:يتحـدث جوليان بنداعـنالمثقفيـن باعْـتبارهم في مرتبة تفوق مرتبة البشرالعاديين، ويشددعلـى دورهـم فى فضح وتعرية الفساد ومناصرة الضعَـفاء، ويسحَـب صفة مثقف عن كل من يتردد فى المجاهـرة بالحق. و….. صار مصطلح خيانة المثقفين يرمز للإشارة إلى تخـلي المثقفين عَـن استقامتهـم الفكرية، والذين تستـويهـم مغريات السلـطة فـتقودهم للإنحـيازلمصالحهـم السياسية والنفعيةعلىحِـسابدورهـم ومسؤولياتهم الأخلاقية (6) طبعـا هناك التباس وإشكالية كـبرى بين المثقف والسلطة بمفهومها الواسع ؛ بحـيث بعْـض من (المثقفين) العرب كانوا محاصرين من لدن السلطة والأحزاب ورجال السياسة والدّين ، وبعضهم تم تدجينهم واحتكارهـم كأبواق دعائية وحمائية لخطاب وممارسة السلطة ؛ التي تفرض عليهم ما أساليب وصيغ سياسية وفكرية معيـنة تتجاوز ايديولوجيتها، في مجتمع متدني الإنتاجية و الفعالية ، وبالتالي ينتجـون وثنية جديدة بأصنام سياسية وصورمشرعة .يعـبدون أسـيادهَـم ويخدمون مصالحهم . وهـنا : ولاشَـيء في نظري يستحق التوبيخ أكثر من تلك الطباع الذهـنية للمثقف ؛ التي تغري بتجنب المخاطر؛ أي الابتعاد عن موقـف صعب ومبدئي تدرك أنه الصحيح؛ لكـنك تقرر ألا تتخـذه . فأنت لا تريد الظهورفي مظهر المنغمس جـدا في السياسة ؛ وتخشى من أن تبدو مولعا بالجـدل؛ وتحتاج إلى موافقة مديرأو شخص ذي سلطة ؛ وتريد الاحتفاظ بسمعة حسنة كإنسان متزن وموضوعي ؛ ومعتدل وتأمل أن تُـدعى مرة أخرى ؛ أن تستشار وأن تـكون عضوا في مجلس إدارة أوفي لجنة لها مقامها وبالتالي أن تظل في نطاق الاتجاه السائد الذي يعول عليه ؛ وتأمل أن تحصل على شهادة فـخرية ؛ أو غنيمة كبرى؛ لا بل حـتى على منصب سفير. إن هـذه الطباع الذهنية هي العـامل الأبرز دون منازع لإفساد المثقـف (7) هــذه المظاهـرالإغـرائيـة والتي تفاقمت؛ هـل تؤدي إلى جـوهَـرالانحطاط الثقافي والفكري والاجـتماعـي أم هـي بـوادره ؟ لأن نـشروانتشـارالـفــساد عَـتبة أساسية ومـدخل رئيس للإنحطاط ؟ إذ بنظرة خاطفة ؛ فلا يصدق ما يقع في المؤسسات الثقافية من تدني وسوء التدبير واتهامات لا اخلاقية واستخفاف بالممارسة الثقافية ؛ ودور ( المثقف) سلبي إلى حد تشردم ذاته ؛ نموذج ما شهده [اتحاد كتاب مصر] من استقالات ورفع دعاوى قضائية وانقسامات داخلية بين الأعضاء ورئيس الإتحاد، لأكثر من سبب ؟ونفس الاشكالية في صفوف أعضاء [اتحاد الكتاب التونسيين] مما اضطر بعضهم إلى تقديم استقالته والتخلي عن عضويتـه ! رغم تنويع الرئاسة التي أسندت لـسيدة ( شاعـرة ) أما اتحاد كتاب الجزائريين ] فـلا تسأل عن وضعه ؟ ورابطة الكتاب الكويتيين فوضع خاص ؟ وهنا كيف يمـكن فهم أواستيعاب إصدار { بيان } مـن لـدن [ اتحاد كتاب الأدباء والكتاب العـرب ] يدعو فيه (المثقفين) إلى مقاطعة دولة قـطر ثقافـيا ؟
في تقديري وبدون تحليل معمق ؛ فلا مناص من الضحك والقهقهة على:
[ اتحاد + الأدباء + العـرب] = [ قطر لـيست عربية ] ؟؟
عجـبا لمن يركـب تـــلـك المعادلات !
صورة عــاكســة :
فـوضع المثقف المغربي؛ومؤسسته ( الصنمية) لا ينفصل عـما هـو سائد في الجغرافية العربية ؛ ولربما أكثر من حيث تراكم السلبيات والاشكاليات؛ وتداخل الفعل السياسي في الثقافي ؛ وهيمنة السياسي والحزبي على ( المثقف) وتحـويله منذ الاستقلال إلى تابع وذيلي ؛ وكانت القـلة التي تعي وتدرك هاته التبعـية ، لأنها كانت تتوارى زئبقيـا في خضم أحـداث ثقافية / سياسية وفي معمعان والإصدارات والأنشـطة المحلية والوطنية . لـكن انكشفـت الصورة الحقيقية : عندما دخلت “ الكتلة الديمقراطية ” بطريقة غير ديمقراطية، إلى حكـومة 1998، وانعكس ذلك سلبا على التنظيمات الموازية للحزب الذي كان يقود التجربة، وجد اتحاد الكتاب نفسه يتخبط في المشاكل ذاتها التي عرفتها شبيبة ونقابة وإعلام الاتحاد الاشتراكي، وكأن اتحاد كتاب المغرب تنظيم موازٍ لهذا الحزب. هذه الوضعية خلقت، في البداية، تجاذبا نحو اليسار ونحـو اليمين، انتهى بانتصار وهيمنة اليمين “الانتهازي” داخل اتحاد كتاب المغرب، وسيّد ثقافة الفساد: المالي، والعِلمي، والسياسي (8) فهاته الصورة لا تحمل الفساد الثقافي بل بوادر الانحطاط ؛ أو بعبارة أدق مابين الفساد والانحطاط ؛ باعتبار أن الفساد الذي نخـر الأحزاب والمنظمات السياسية ؛ نتيجة انعـدام القيم والأخلاق والسياسات الفاشلة والاستراتيجيات الخاطـئة والانتخابات الصورية والمدعـومة سلطويا بالضرورة ينعكس ذلك على المؤسسات الثقافية ؛ وبالتالي فأبرز صورة ناطقة تجمع بين الفساد الثقافي/ الاقتصادي/ السياسي/ قضية : عليوة الذي كان يملأ الساحة السياسية صراخا وتنظيرا والذي مارس السلطة التنفيذية بلون حزب يساري كان يُنظر إليه على أنه هو المُخلِّص، يجد نفسه اليوم خلف قضبان السجن متهما بممارسات وسلـوكات من الوارد أن يقترفها أي مسؤول إلا أن يكون يساريا على الأقل كما يعتقد الاتحاديون(9) فهاته القضية ما علاقة اتحاد كتاب بها ؟
شيء مؤسف : أن أربعة أو خمـسة مثقفين من أثاروا الموضوع واستنكروا ( تلك ) العـلاقة : و يتعلق بانتدابهم محاميا للدفاع عـن شخص يقولون إنه عضو في الاتحاد متهم باختلاسات، هي في الصميم اختلاسات للمال العام…شخـصيا لا أتذكر أني رأيته في مؤتمر من المؤتمرات الاتحاد، أو في نشاط فـرع من فروعه، أو قرأت له نصا إبداعيا أو نقديا أو فكريا، كـل ما أعـرف عنه أنه كان يعيش في بحبوحة من العيش الرغيد…و ربما هذا هو النشاط (الثقافي) الوحيد الذي يبدع فيه هذا الشخص… لو كان الأمر يتعلق بمؤلف أصدره أو بدار نشر هضمت حقوقه، لقلنا أهلا و سهلا، نحن معه، كلنا محامون، إلى أن يسترد حقه أو حقوقه، لكن أن يتجاوز اتحاد كتاب المغرب حدوده و يصبح مدافعا عن متهم باخـتلاس، و ربما غـدا مدافعا عن شخص آخـر متهم باغتصاب أو بقتل فهذا، و الله ، يستحق أن يُعد من عجائب الدنيا…(10) ومن ابتسامات الدنيا ؛ باقي ( المثقفين) التـزموا الصمت ؛ لأنهم يباركون الفسـاد ! ولما لا نقول: ساهموا فـيه بتقلب السنوات ؛ إلى وصلنا ربما لمرحلة الانحطاط ؛ أو إلى العـهر المطلق ! حتى أنـه يـبدو لم تـعـد الثقافة تلك الكـتلة التي تتضمن مهارات متجانسة تقريبا وعبقريات متقاربة ؛ وتقاليد متكاملة وعواطف متشابهة وكل ما يـدعـم الحضارة في بـعـدها الأعـم ؛ ومنغـمسة في الخصوصية . وهـنا نذهـب ما ذهـب إليه بورديو: بالـتشـكيك في عـقائـد المثـقفيـن الخـاصة أو بأيديولوجـيتهم الـعفوية ؛ بـل شـكَّـك أيضـا بمصالحـهم وبموقـعهم اجتماعي ؛ وبتـواطـئهـم مـع مـختلف أشـكال السـيطرة ومـع السـلطة المادية والرمـزية؛ وهـو تواطؤ نـادرا مـا يـعلن عـنه ؛ بل غـالبا ما يصـار إلى نـفـيه أو إلى التسـتـر عليه (11)
الإحـــــــــــــــــــالات :
المثقف والتغيير للشفيع خضـر سعـيد – منشورات صحيفـة الطريق الإلكترونية
ص 2بـــــــــــدون تـاريخ .
2) نـــفـــســــهــا ص3
3)الفسادالثقافي .. لسميع أومـررشيد- صحيفة الحـوارالمتمدن عدد 2779 بتاريخ 24/09/2009
4) خيانة المثقفين ( النصوص الاخيرة) لإدوار سعيد ترجمة أسعد الحسين ص 37/38 بتاريخ 2011 دار نينوى للدراسات والنشر / سوريا – دمشق
5) سوسيولوجيا المثقفين لجيرارليكـلراك ترجمة جورج كـتوره ص 62/63 دار الكتاب
الجـديد المتحدة ط 1/2008
6) المثقف والتغيير للشفيع خضـر سعـيد – منشورات صحيفـة الطريق الإلكترونية ص4
بدون تـاريخ
7) صورالمثقف لإدوار سعيد ترجمة غسان غصن ومرجعة منى أنيس ص104 دار
النهار للنشر – بيروت 1996
8) الفساد الثقافي – لسليمان الريسوني : موقـع هـسبريس في 16/ 02/2015
9) النازلون – عـن مـوقع هــسبريس بتاريخ – 30 / يونيو / 2012 /
10) اتحاد كتاب المغرب والرقص على حـبل السيرك: عبد الحميد الغـرباوي – في:
مـوقـع – مـطـر منتدى بتـاريخ – 12/10/2012
11) سوسيولوجيا المثقفين – لجـيرارليكــلراك ترجمة جورج كــتوره ص 63 دار ا
لكتاب الجديد المتحدة ط 1/2008