سوء الأداء السياسي في العراق أصبح حالة عامة ومعروفة من قبل الجميع ولاتحتاج للنقاش ولكني وددت تسليط الضوء على ظاهرة خطيرة وممارسة مرفوضة يقوم بممارستها معظم أعضاء مجلس النواب الذين أنتخبهم الشعب وأوصلهم الى البرلمان وأقسموا اليمين تحت قبته أن يخدموا هذا الشعب ويعملوا على تكريس كل جهودهم ووقتهم وبإخلاص تام لخدمة البلد والشعب والدفاع عن حقوقه ورفع المعاناة عن المواطن , وهذه الممارسة هي الخروج من قاعة البرلمان عند حدوث عملية تصويت على أحد القوانين المهمة وذلك لخلق حالة (عدم إكتمال النصاب) وبالتالي إفشال عملية التصويت والتسبب في عدم تمرير القانون وذلك لتحقيق مآرب خاصة ومصالح حزبية وكتلوية.
ألسبب الرئيسي في ظهور هذه الممارسة الغير قانونية هو الأساس الخاطيء الذي بنيت عليه العملية السياسية في البلد وهي الاعتماد على المحاصصة الطائفية البغيضة والتي جعلت ولاء البرلماني والسياسي لكتلته ولحزبه وقوميته وطائفته قبل ولائه للوطن والشعب , وأعطت لرؤوساء الكتل الحزبية وخاصة الكبيرة دوراً أكبر من دورهم وحجمهم وجعلت لهم الأمر والنهي في تمرير القوانين الهامة والمصادقة عليها أوتعطيلها وحسب مصالح كتلهم الشخصية ,فلذلك أن مايحدث على أرض الواقع هو أنه عندما تكون هناك نيّة لتمرير أحد القوانين الهامة وإدراجه على لائحة الجلسات تبدأ اللقائات خلف الكواليس بين رؤساء الكتل أوممثليهم وتبدأ الاتفاقات على التعديلات أو الحذف أو الإضافة وحسب المصالح الحزبية لا على حساب الوطن والمواطن وكذلك تبدأ المساومات على مجموعة من القوانين حيث يتم الاتفاق على تمريرها حزمة واحدة بحيث كل قانون منها يخدم أحد الكتل الكبيرة المتنافسة وفي حالة عدم الاتفاق بينهم يتم اللجوء الى الممارسة الغير قانونية التي ذكرناها بالانسحاب في لحظة التصويت لعدم تحقيق النصاب الكافي للتصويت علماً أن معظم النواب الذين يقومون بهذه الممارسة يخرجون من قبة البرلمان قبل بدأ عملية التصويت بوقت قصير والجلوس في كافيتيريا المجلس ويرتشفون الشاي والقهوة وهم يضحكون على هذا الشعب المسكين الذي أنتخبهم وكل هذا يحدث تحت أسماع وأنظار رئاسة المجلس ألذي لم يحرك ساكناً ولم يتخذ الإجرائات القانونية التي تردع هؤلاء النواب وتمنعهم من هذا التصرف غير القانوني.
ان هذه الممارسة الخاطئة والغير قانونية تُعدّ استخفافاً بمصالح البلد والشعب وتصيب الضرر في مصالحهم بما ينتج من تأخير إقرار القوانين الهامة التي تصُبّ في مصلحة البلد والمواطنين ويجب أن لاتمرّ مرور الكرام ويجب أن تقوم رئاسة البرلمان بدورها الحقيقي وتتخذ حزمة من الإجراءات الشديدة الرادعة بحق هؤلاء النواب الذين يستخفون بمصالح الشعب , وكذلك يجب على الحكومة والقضاء عدم السكوت على هذا التهاون وايثار المصالح الحزبية على مصالح الشعب وذلك بالضغط على رئاسة البرلمان لمحاسبة هؤلاء الأعضاء ليتخذوا جزاؤهم العادل ولكي يعرفوا بأن هذا العمل الذي يمارسوه هو خيانة للأمانة والقسم الذي أدوه تحت قبة البرلمان وعليهم أن يسارعوا بخلع عبائاتهم الحزبية والكتلوية وارتداء عبائة الوطن قبل أن تحلّ عليهم لعنة الله والأرامل والأيتام وعوائل الشهداء والعاطلين والفقراء والمسحوقين.