أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى أماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من ألاحزاب فالنار موعده فلاتك في مرية منه أنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لايؤمنون ” – 17- هود –
من يعرف معنى هذه ألاية الكريمة , لايحتاج بعد ذلك معرفة تفاصيل بيعة الغدير الواقعة في 18 ذي الحجة التي عرفت بحجة الوداع على قاعدة ” لاأجتهاد في النص ”
فلقد وردت هذه ألاية الكريمة في سورة هود التي قال عنها الرسول الكريم :” شيبتني سورة هود ” وفي معرض الرد على الذين كانوا يتهمون رسول الله بألافتراء , فأمره الله أن يتحداهم بأتيان عشر سورمثله مفتريات , ثم أمره أن يطيب نفسا ويثبت على ماعنده من العلم بأنه منزل من عند الله وهو على الحق وليس بمفتر فلا يستوحش من أعراض ألاكثرين ولا يرتاب – الميزان في تفسير القرأن – ج10- ص188-
والبينة : الشيئ الواضح والظاهر , والظاهر أحيانا يظهر معه غيره كالضوء , ولذلك كثر أستعمال البينة في القرأن حتى سميت سورة ” البينة ” قال تعالى ” لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ” -1- رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة ” -2- البينة –
وقد سمى الله تعالى الحجة ” بينة ” قال تعالى ” ليهلك من هلك عن بينة ” – 44- ألانفال – وسمى أيته ” بينة ” قال تعالى ” قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم أية ” – 73- ألاعراف – وسمى البصيرة الخاصة ألالهية التي أوتيها ألانبياء ” بينة ” قال تعالى ” ياقوم أرأيتم أن كنت على بينة من ربي وأتاني رحمة من عنده ” – 28- هود – أو مطلق البصيرة كما في قوله تعالى ” أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله وأتبعوا أهواءهم ” -14- محمد – وقال تعالى ” أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ” -122- ألانعام – ويغلب على المراد بالبينة هو المعنى العام بقرينة قوله ” أولئك يؤمنون به ” والمراد به هو النبي محمد “ص” فالكلام مسوق ليتفرع عليه قوله ” فلا تك في مرية منه ” والبينة بهذا المعنى لاتنافي كون القرأن بينة كما في قوله تعالى ” قل أني على بينة من ربي وكذبتم به ” -57- ألانعام – كما ذهب الى ذلك صاحب تفسي الميزان رحمه الله حيث نفى تخصيص ذلك بالمؤمنين حيث لادليل على التخصيص , وكذلك نفى أن يكون العقل هو البينة حيث أضيفت الى الرب .
والمراد بالشاهد منه ” ويتلوه شاهد منه ” والشهادة هنا تأدية الشهادة التي تفيد صحة ألامر المشهود له دون تحملها فالمقام مقام تثبيت حقية القرأن وهو بمعنى يناسب تأدية الشهادة لاتحملها .
والشاهد هنا هو من أيقن بالقرأن وكان على بصيرة ألهية من أمره فأمن به عن بصيرته وشهد بأنه حق منزل من عند الله تعالى كما يشهد بالتوحيد والرسالة , فأن شهادة الموقن البصير على أمر تدفع عن ألانسان مرية ألاستيحاش وريب التفرد , فأن ألانسان يحتاج من يؤيده في القول به , أما أذا قال به غيره من الناس وأيد نظره في ذلك زالت عنه الوحشة وقوي قلبه وأرتبط جأشه وقد قال تعالى ” قل أرأيتم أن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني أسرائيل على مثله فأمن وأستكبرتم ” – 10- ألاحقاف –
ويتلوه من التلو لامن التلاوة , والضمير فيه راجع الى ” من ” أو الى ” بينة ” بأعتبار أنه نور أو دليل ومأل الوجهين واحد فأن الشاهد الذي يلي صاحب البينة يلي بينته كما يلي نفسه والمعنى من كان على بصيرة ألهية من أمر ولحق به من هو من نفسه فشهد على صحة أمره وأستقامته , ومن هنا قال الفريقين أن المراد بالشاهد هو علي بن أبي طالب عليه السلام .
وقد قيل المراد بالشاهد : القرأن , وقيل جبرائيل يتلو القرأن على النبي “ص” بناء على قوله تعالى ” لكن الله يشهد بما أنزل اليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ” – 166- النساء – وقيل الشاهد ملك يسدد النبي “ص” ويحفظه القرأن وهو أستناد الى ألاية المذكورة .
وقيل الشاهد هو النبي “ص” قال تعالى ” يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ” – 45- ألاحزاب – وقيل شاهد منه لسانه أي يتلو القرأن بلسانه , ولكن التأمل في سياق ألاية وظاهر جملها يكفي أبطال تلك الوجوه .
ويبقى مالدى الفريقين كما سنرى هو الوجه المطابق لما قيل أن الشاهد هو علي بن أبي طالب عليه السلام , ويعزز ذلك كثير من النصوص القرأنية التي نزلت بحقه منها أية ” المباهلة ” في سورة أل عمران حيث أعتبرت عليا نفس النبي محمد “ص” ومنها أية التطهير ” وأية طاعة أولي ألامر , وأية تخصيص من هم أولي ألامر بالذين يؤتون الزكاة وهم راكعون ” وهي تخص ألامام علي بن أبي طالب , وأية المودة , وأية التبليغ ” ياأيها النبي بلغ ما أنزل اليك من ربك وأن لم تفعل فمابلغت رسالته ” ومن غير القرأن ماهو من سنة النبي “ص” حيث قال ” أنا مدينة العلم وعلي بابها ” وقال “ص” : علي أقضاكم ” و حديث ” الثقلين ” ومن تفريعاته قوله “ص” : لاتتقدموا عليهم فتهلكوا ولا تتأخروا عنهم فتندموا , ولا تعلموهم فأنهم معلمون ” وقد ثبت ذلك عبر حياة أئمة أهل البيت عليهم السلام حيث لم يعرف عنهم أنهم درسوا أو تعلموا عند أحد ؟ ومما يزيد ألامر حجة علينا جميعا أنهم لم يختلفوا فيما بينهم في الفتيا وفي المواقف , ومن يحلو له التفريق بين موقف ألامام الحسن في الصلح مع معاوية وموقف ألامام الحسين في الثورة على يزيد لم يعرف شيئا من فقه القرأن الذي يقول ” قاتلوا التي تبغي ” والسنة التي تقول ” الحسن والحسين أمامان قاما أو قعدا ”
ومن الذين رووا أن هذه ألاية المباركة نزلت في علي بن أبي طالب كل من :-
1- تفسير البرهان عن تفسير الثعلبي وعن أبن المغازلي يرفعه الى عباد بن عبد الله
2- كنوز الرموز للرسعني
3- الدر المنثور أخرج أبن أبي حاتم وأبن مردويه وأبو نعيم في المعرفة
4- بصائر الدرجات عن ألاصبغ بن نباتة
5- كشف الغمة عن المفيد وألامالي يرفعه عن عباد بن عبد الله ألاسدي
6- الكافي بأسناده عن عمر الخلال
7- أمالي الشيخ : بأسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين “ع” عن الحسن “ع” في خطبة طويلة خطبها بمحضر معاوية منها : فأدت ألامور وأفضت الدهور الى أن بعث الله محمدا “ص” للنبوة وأختاره للرسالة , وأنزل عليه كتابه ثم أمره بالدعاء الى الله عزوجل فكان أبي أول من أستجاب للله عزوجل ولرسوله وأول من أمن به وصدق الله ورسوله وقد قال الله عزوجل في كتابه المنزل على نبيه المرسل ” أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ” فرسول الله الذي على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه ” – الميزان في تفسير القرأن – ج10- ص 200-
8- تفسير المنار : حيث قال في معرض تفسيره للشاهد : أنه علي رضي الله عنه ترويه الشيعة ويفسرونه بألامامة ثم قال : وروي أنه سئل كرم الله وجهه عنه فأنكره وفسره بأنه لسانه “ص” وقابلهم خصومهم بمثله فقالوا : أنه أبو بكر وهما من التفسير بالهوى – أنتهى ” ولقد عرفنا أن رواة الحديث من السنة أكثر من الشيعة
9- تفسير الكشي : عن أبي أسامة زيد الشحام .
للسماء ثقافة هي مجموع الخطابات التي نزل بها جبرائيل عليه السلام على الرسل وألانبياء , ولكل رسول ونبي خليفة , وخلفاء خاتم ألانبياء والمرسلين محمد بن عبد الله “ص” أثنا عشر خليفة كلهم من قريش على ذلك تواترت الروايات عند الفريقين .
وثقافة السماء حملت الينا مفاهيم كل من :-
1- التوحيد
2- العبادة : صلاة , صوم , حج , زكاة , خمس
3- العدل
4- المعاد
5- النبوة
6- ألامامة
7- الولاية
8- العصمة
9- الجهاد
10- التقية
11- البداء
12- النسخ
13- الغيب
14- القضاء والقدر
15- المساواة بين الرجل والمرأة
16- الحجاب
17- الشفاعة
18- الصحبة ” صحبة النبي “ص”
19- الزوجية ” زوجات ألانبياء ”
20- ألاصطفاء
21- أرث ألانبياء
22- الدية والقصاص
23- الجنة والنار
24- الرزق
25- ألاجل
ثقافة ألارض : حملت الينا تشويها أصاب أغلب المفاهيم , فلم يبق من التوحيد ألا ألاسم وضاعت المعاني المرتبطة بذات الجلالة في الحياة حتى أصاب المجتمع ألارضي اليوم ما أصاب المجتمع المكي وماحوله من العرب الذين كانوا يحجون الى البيت الحرام
حتى بلغ بهم الحال أن تأتي المرأة للطواف فعندما لاتجد ملابسا تطوف بها , تطوف عارية وهي تقول شعرا :-
اليوم يبدو كله أو بعضه
وما بدا منه لا أحله ؟ – أخبار مكة في التاريخ -157- لآبن ألازرقي –
ورغم أن الحج ثقافة سماوية ألا أنه تحول بمرور الزمن الى عادة وتقاليد فيها شوائب كثيرة كما شابت الشوائب اليوم مراسيم أحياء ثورة ألامام الحسين عليه السلام من التطبير بالقامة والضرب بالزنجيل وذلك عند الشيعة , ومثلما أصاب التصوف وبعض مفاهيم العرفان من شوائب عند أهل السنة ذهبت بها بعيدا عن عبادة ” ألاعتكاف ” الى عبادة ” الخلوة” في الكهوف والمغارات ومن ثم ضرب الدفوف وأدخال السيوف والسكاكين بالرؤوس والبطون , وأبتلاع المسامير والزجاج في مجالس الدرباشة التي يحييها الدراويش الذين يطلقون عليهم أسماء الخلفاء , أي كل درويش هو خليفة يجب على ألاتباع مبايعته , حتى أصبحت التكايا لها أسماء وعناوين والقطب ألاوحد في ذلك هو ” محمد القطب ”
وثقافة ألارض لم تتوقف عند هذا الحد وأنما أجتمع لها من ألاتباع ممن لم يتعرفوا على ثقافة السماء وممن لم تتقبل نفوسهم مفاهيم السماء لآسباب مقرونة بطبيعة ألافراد ومزاجهم كما هو حال الوليد بن المغيرة الذي نزلت فيه بعض أيات سورة المدثر قال تعالى ” ذرني ومن خلقت وحيدا – وجعلت له مالا ممدودا – وبنين شهودا – ومهدت له تمهيدا – ثم يطمع أن أزيد – كلا أنه كان لآياتنا عنيدا –سأرهقه صعودا – أنه فكر وقدر – فقتل كيف قدر – ثم قتل كيف قدر – ثم نظر – ثم عبس وبسر – ثم أدبر وأستكبر – فقال أن هذا ألا سحر يؤثر – أن هذا ألا قول البشر – 25- سورة المدثر –
ومما جاء في البحث الروائي عن هذه ألايات الكريمة أنها نزلت في الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب وكان من المستهزئين برسول الله “ص” .
وكان رسول الله “ص” يقعد في الحجرة ويقرأ القرأن فأجتمعت قريش الى الوليد بن المغيرة فقالوا : يا أبا عبد شمس ماهذا الذي يقول محمد ؟ أشعر هو أم كهانة أم خطب ؟ فقال : دعوني أسمع كلامه , فدنا من رسول الله “ص” فقال : يامحمد أنشدني من شعرك قال : ماهو بشعر , ولكنه كلام الله الذي أرتضاه لملائكته وأنبيائه ورسله , فقال : أتل علي منه شيئا ؟
فقرأ عليه : ” حم السجدة فلما بلغ قوله ” فأن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود , قال : فأقشعر الوليد وقامت كل شعرة في رأسه ولحيته ومر الى بيته ولم يرجع الى قريش من ذلك
فمشوا الى أبي جهل فقالوا : يا أبا الحكم أن أبا عبد شمس صبا الى دين محمد أما تراه لم يرجع الينا , فغدا أبو جهل الى الوليد فقال : ياعم نكست رؤوسنا وفضحتنا وأشمت بنا عدونا وصبوت الى دين محمد فقال : ماصبوت الى دينه ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود فقال : أبو جهل أخطب هو ؟ قال : لا الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضا , قال : أشعر هو ؟
قال : لا أما أني سمعت أشعار العرب : بسيطها ومديدها ورجزها وما هو بشعر , قال : فما هو ؟
قال : دعني أفكر فيه
فلما كان من الغد قالوا له : يا أبا عبد شمس ماتقول فيما قلناه ؟
قال : قولوا هو سحر فأنه أخذ بقلوب الناس , فأنزل الله تعالى ” ذرني ومن خلقت وحيدا ” وقد سمي وحيد لآنه قال لقريش أنا أتوحد لكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة , وكان له مال كثير , وحدائق , وكان له عشر بنين بمكة , وكان له عشر عبيد عند كل عبد ألف دينار يتجر بها وتلك القنطار في ذلك الزمان ويقال أن القنطار جلد ثور مملوء ذهبا – الميزان في تفسير القرأن –ج20 ص 175-
وقد ذكر ذلك في المراجع التالية :-
1- الدر المنثور أخرجه الحاكم وصححه البيهقي
2- الدلائل عن طريق عكرمة عن أبن عباس
3- تفسير القمي
4- المجمع عن العياشي وعن أبي سعيد الخدري .
وثقافة ألارض تراكمت عليها أقوال كل من :-
1- أهل السلطة الزمنية
2- أهل الهوى
3- الدهريين
4- من لم يحفظوا الحديث ويضبطوا أصوله ويجمعهم ” الخطأ والنسيان ”
5- الجهلة والمحدودين
6- المنافقين
فأهل السلطة أعرضوا عن مفهوم ” أولي ألامر ” وفسروه لصالحهم فضاعت على الناس حقيقة ألامر .
وخافوا من مفهوم ” العصمة ” حتى لاينكشف زيفهم وعدم قدرتهم فأوحوا الى أتباعهم أن يحصروها في ألانبياء فقط مع تشويه لمعناها في مواقف بعض ألانبياء عليهم السلام حتى جعلوها غير مستساغة لدى البعض من عوام الناس لاسيما من ألحد منهم ووصموها بالدكتاتورية ؟
وأرعبهم مفهوم ألامامة فأستمالوا من شاءوا بأغراءاتهم لآنكارها حتى قال أحد أنصار السلطة الزمنية في القرن الثامن الهجري هي شيئ معدوم لايقول بها ألا الرافضة , ولا دليل عليها في القرأن ومن خطل الرأي عند هذا الرجل أنه أعتبر الذي يقتل على يد الكافر أفضل من الذي يقتل على يد المسلم ” والقتل هنا هو للنفس المؤمنة البريئة ” وهذا الرجل هو من رفع شعار ” عليهم السيف المسلول الى يوم القيامة ” وبذلك أباح دماء طائفة من المسلمين بدون وجه حق حتى أصبحت هذه من ثقافة ألارض وليس من ثقافة السماء التي تقول ” ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعا ” والذين نشاهدهم اليوم على شاشات الفضائيات يتفاخرون بذبح الناس كما تذبح الخراف وهم يرددون كلمة ” الله أكبر ” هؤلاء يمثلون ثقافة ألارض بأنانيتها وحقدها وجهلها ولايمثلون ثقافة السماء وأن صرخوا بكلمة أسم الجلالة فهي مجرد كلمات يلوكونها ولايعرفون معناها وسيتحملون مسؤولية من قتلها بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا .
وأمتدت خصومة أهل السلطة الزمنية ومن معهم من أهل الهوى والدهريين من أهل الضلالة ومن المنافقين والجهلة والمحدودين الى تشويه معنى الغيب وعلاقة النبي به , حيث أنكروا عليه كل شيئ في هذا المجال حتى أصبحت ثقافة ألارض تقف حائرة تجاه مفهوم الغيب ولمن هو ولمن يكشف أحيانا وعند الضرورة ولم يفهموا معنى ألاية ” أن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي ألارحام وماتدري نفس ماذا تكسب غدا وماتدري نفس بأي أرض تموت ” , وقال تعالى ” أن الله يعلم غيب السماوات وألارض والله بصير بما تعملون ” -18- الحجرات – وقال تعالى ” الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ” – 3- البقرة –
وتعنتوا في موضوع الشفاعة وهي مفهوم سماوي فجعلوها ثقافة أرضية تستنكر ماللآنبياء والرسل وألائمة من حظ ونصيب في الشفاعة بعد أن يأذن الله بذلك ورغم النصوص القرأنية الصريحة في ذلك والذين يشملهم مفهوم ألاية ” أن الذين أمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ” -7- البينة – قال تعالى ” وكم من ملك في السماوات لاتغني شفاعتهم شيئا ألا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ” – 26- النجم – وقد ورد في الحديث عن النبي “ص” : لكل مؤمن شفاعة ” وقال تعالى ” وأتقوا يوما لاتجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ” – 48- البقرة –
وأصبحت ثقافة ألارض متسربة ومتسللة الى ثقافة بعض المتدينين وعند جميع الطوائف والمذاهب وألاديان , فالتثليث ومصطلحات أبن الرب , والرب ألاب وألابن هي ثقافة أرضية لاعلاقة لها بثقافة السماء , قال تعالى ” قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد ألا الله ولا نشرك به شيئا ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فأن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ” – 64- ال عمران – .
وأصبحت ألامامة معدومة عند البعض وأنكروا وجودها في القرأن؟
وكأنهم لم يقرأوا قوله تعالى لآبراهيم عليه السلام :” أني جاعلك للناس أماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين ” ثم قال تعالى ” أن أبراهيم كان أمة قانتا للله حنيفا ولم يك من المشركين ” – 120- النحل – وقال تعالى ” ماكان أبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ” – 67- أل عمران – أن أولى الناس بأبراهيم للذين أتبعوه وهذا النبي والذين أمنوا والله ولي المؤمنين ” – 68- أل عمران – وقال تعالى ” أن الله أصطفى أدم ونوحا وأل أبراهيم وأل عمران على العالمين ” – 33- أل عمران – وقال تعالى ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” – 34- أل عمران – وعندما يقول الرسول “ص” : خلفائي أثنا عشر كلهم من قريش ” ثم يبين صفاتهم بأنهم ” معلمون فلاتعلموهم ” فلا نجد هذه الصفات ألا عند ألائمة ألاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام نقول ذلك من باب العلم والتحليل العلمي وليس من باب الحديث الطائفي كما يحلو للبعض , فالحجة قائمة علينا جميعا أن نستعمل عقولنا لا أهوائنا , ونحن في ذكرى بيعة الغدير المسكوت عنها عند أغلب الناس ولكن الحق لايحجب بغربال ؟
وهذه ألاية ” 17″ من سورة هود المباركة التي أفتتحنا بها هذه الدراسة , وقد ثبت أنها نزلت في علي بن أبي طالب وهو كما عرفنا صاحب ألاذن الواعية ” وتعيها أذن واعية ” وصاحب المبيت في فراش الموت وفارس معركة الخندق وقالع باب حصن خيبر اليهودي والمدافع عن رسول الله في معركة أحد والمواجه لآبي سفيان في حمراء ألاسد , هذا الرجل الذي تجتمع فيه صفات ألايمان والجهاد والفقه والبلاغة وعلوم شتى سجلتها مواقفه , هل يحق لنا بعد كل هذا أن نستغرب من بيعة الرسول “ص” له ؟
ثم لماذا ننكر على رسول الله “ص” أن يكون له وصيا وخليفة كما لبقية الرسل وألانبياء عليهم السلام مشمولا بألاصطفاء الذي مر معنا في أدم ونوح وأل أبراهيم وأل عمران , ثم أن ألاية الكريمة ستظل علينا جميعا حجة وهي واضحة الدلالة حيث قالت ” وما محمد ألا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم …” وماجرى عند أنتقال النبي للرفيق ألاعلى يعبر عما أشارت اليه ألاية ومن يقرأ ما كتب في سيرة بن هشام وفي تهذيب السيرة لايخرج ألا بنتيجة تفيد معنى ألانقلاب , وشخصيات الرواية محرجة للجميع فكلهم مما يقدسهم أغلب الناس نتيجة ثقافة ألارض التي أستبدلت ألادنى بالذي هو خير , فأصبحت مفاهيم الصحبة لرسول الله تتقدم على أسبقية ألايمان بالله والجهاد في سبيله وأصبحت الزوجية محاطة بالعصمة والقداسة بالنسبة لزوجات ألانبياء وهي ثقافة أرضية يرفضها القرأن قال تعالى ” ضرب الله مثلا للذين كفروا أمرأة نوح وأمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما ” والخيانة هنا بألامانة وليس بالشرف والمرأة والزوجة في القرأن تفيد نفس المعنى وكذلك أهل الرجل زوجه مثل ” أذ قال موسى لآهله ” وأمرأة أبراهيم زوجه وكذلك أمرأة فرعون التي قالت ربي أبني لي عندك بيتا في الجنة فألاساس في الزوجية هو الصلاح وأستقامة ألايمان ولذلك قال تعالى في شأن نساء النبي “ص” ” أن تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما وأن تظاهرا عليه فأن الله مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ” – 4- التحريم – ولقد ذكرت أغلب التفاسير أن صالح المؤمنين هنا هو علي بن أبي طالب , وعندما يكون هو الشاهد لرسول الله “ص” فهو الجدير ببيعة الغدير التي ذكرها ” 120 ” من الصحابة , فهل يستعيد الغدير حقه ويسترجع معناه أنه أختبار العقول والنفوس المطمئنة وهي ثلة من ألاولين وقليل من ألاخرين , وسنستغفر للذين لايعرفون غير الشتيمة وتوزيع التهم لآنهم لايعلمون .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]