ما أن تتلقف وسائل الإعلام نبأ تسويق منتوج جديد أو إختراع أو إبتكار أو إكتشاف مهم وتشيعه بين الناس حتى تسرح بي الخواطر الى استعراض ما أمكنها الإحاطة به من مخترعاتٍ واكتشافاتٍ وابتكاراتٍ من عصر النهضة حتى يومنا هذا سواءً في مجال الغذاء أوالصحة أو النقل أو إنتاج المعدات والآلات والمكائن والحواسيب التي تبرمج مليارات المعلومات في نظم معقدة مذهلة. كم هائل من المنتجات كلها تصب في خدمة الإنسان وتسهيل شقوة الحياة وتحويلها الى نعيم مخففة عن كاهله الصعاب باعثة الأمل في ذوي العاهات والمعاقين حتى جعلتهم ينسون عوقهم وعاهاتهم بما وفرته لهم من مستعاض مسمعةً الأصم. مبصرة الكفيف مسيّرة الكسيح واهبة العقيم البنات والبنين فضلاً عن قطع غيار لكل عضو بل لكل جزء في جسم الإنسان. ولكل داء دواء ولكل معسرة حلول. وقبل هذا كانت قد نورت الأفكار وبددت الظلام وطوت المسافات والإتصالات براً وبحراً وجواً. أدفأت الجليد.. أذابته . بردت اللهيب.. زمهرته. شقّت الجبال، شجرت الصحراء، أورقتها وأثمرتها. فجرت المياه من الصم الصياخيدعذباً زلالا. وبعد هذا وذاك ها هي تحيل العالم شاشة صغيرة وتجعل القمر والمجرات في متناول اليد!.
إنجازات رائعة ومذهلة ما أتت من صدفة أو جاءت من فراغ بل تفجرت عن ذهنيات فريدة موهوبة وثقت بربها الذي علم الإنسان ما لم يعلم واستعانت بالطاقة الكامنة التي وهبها الله تعالى لبني البشر وأمرهم باستثمارها. “يرفع الله الذين آمنوا والذين اوتوا العلم منكم درجات” .
وفي الوقت الذي تعكف فيه هذه الذهنيات المتوقدة في مختبراتها وحقولها العلمية متجردة من أنانيتها لتقديم كل ما من شأنه خدمة الإنسانية وتطورها ورقيها. في الوقت عينه تنزوي ذهنيات من طراز آخر تبنت الشر منهجاً وغايةً ووسيلةً متخذة من الكهوف ومن اوكار الشياطين مختبرات وملاذات آمنة ومن الإنسانية حقول تجارب بعد ان أوحى لها دعاة الشر انها طريق سهل للدخول الى الجنة!. لذلك توزعت إبتكاراتها بين التفخيخ والتلغيم والتلويث والتفجير والتدمير والنسف والتخريب والحقد والكراهية. وتطورت وتنوعت فتارةً يقع إختيارها على رياض الأطفال وعلى دور العبادة وعلى الأسواق وتجمعات العمال ومحطات نقل المسافرين والكراجات، وأخرى على شبكات الماء والكهرباء وأنابيب النفط والخدمات والبنى التحتية. قد يلغمون طفلاً ويدسونه في زحام ويفخخون أبقاراً وكلاباً ويرسلونها في الطرقات والتجمعات، وقد يمنطقون مجنوناً بحزام ناسف ويدخلونه مطعما أو متجراً. وابتكاراتهم جارية على قدم وساق لتدمير الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم وكرمه وأتم خلقه في تسعة أشهر في الوقت الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام!.
وشتان بين ابتكار وابتكار، بين تدمير وازدهار، بين تخريب وإعمار!، بين جهاد وجهاد، بين إصلاح وإفساد!.
فهل بعد هذا يشك شاكّ ويظن ظانّ ويسأل متحير: لمن الجنة؟!.
“وتلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين”.