22 نوفمبر، 2024 4:50 م
Search
Close this search box.

الفكر السياسي النخبوي العربي الجديد

الفكر السياسي النخبوي العربي الجديد

قد يقول البعض ان عالم الالكترون غادر لغة التنظير والتثقيف الايديولوجي المتوارث،ولم تعد بلداننا بحاجة الى احزاب وتيارات وافكار سياسية جديدة،الا اننا نؤمن ان البلدان والشعوب العربية لم تنتج فكرا سياسيا او اجتماعيا او اسلاميا ناضجا،يمكن ان ترجع اليه في الكوارث والازمات والمنعطفات السياسية والاقتصادية الداخلية والاقليمية والدولية الخطيرة،
هناك دائما منطقة للفراغ تعود اليه الشعوب لتجد الافكار والاطروحات الراديكالية الدينية جاهزة لدفعها من جديد نحو التفكك والتصادم والفوضى ،على عكس الشعوب والامم التي تستلهم من الروح القومية والوطنية الدروس والعبر والعزيمة والاصرار كقاعدة عامة للانطلاق نحو الهدف والخروج من المأزق والازمات،
هذا التراجع العربي يجعل من مهام النخب المفكرة مسؤولية انقاذ امتها وشعوبها من الكوارث،وهي مسؤولية تاريخية،كي لاتعود تلك المجتمعات نحو هاوية التراث البدوي والحياة الريفية المتناقضة مع المدنية الحديثة ،والحضارة الانسانية المتطورة،
لا الدكتاتورية هي الحل لمشكلة استقرار الانظمة والشعوب، ولاحتى الديمقراطية الرأسمالية،التي يمكن ان تعيد تكرار النموذج العراقي الفاشل، الذي اخرج للعالم كل مساوئ وعيوب النظام الديمقراطي الرأسمالي الامريكي-الاوربي،كما ظهر ايضا بصورته الجلية في الولايات المتحدة الامريكية بصعود بوش الابن سابقا الى منصب رئيس الدولة وترامب حاليا،
بل وفقا لما طرحناه سابقا عبر اعتماد النموذج المشترك(نظام ديمقراطي بدكتاتورية النخب في بناء دولة المثقف) ،وفق نظرية ديمقراطية النخب،وهي بالطبع نظريتنا السياسية القادمة ،حيث يمكنها ان تكون النموذج السياسي العالمي الثالث (اي بعد الدكتاتورية المطلقة او المعتدلة، والنظام الديمقراطي الرأسمالي)،
الذي سيجيب على جميع او اغلب الاشارات والاشكالات الخاصة بالاخفاقات والتجارب السياسية العالمية السابقة،
هذه النظرية وكما نعتقد هي الطريق والسبيل الوحيد لخروج المجتمعات والشعوب العربية من انفاق السياسات الفاشلة للانظمة الشمولية او الديمقراطية الشكلية،
ليس تكرارا لفكرة قيام او صناعة طبقات ارستقراطية او رأسمالية مغلفة بأطار طبقة النبلاء النخبوية،انما عبر اعتماد مبدأ التمييز الاجتماعي بين الطبقات الاجتماعية المثقفة والواعية والعامة المهمشة،اذ لايمكن ان تكون للطبقات العامة ذات الوعي والثقافة المتشابكة او المرتبكة البسيطة اليد الطولى في بناء نظام الدولة العام.
تبعا للحقائق والدلائل والنتائج والدراسات والاراء والتحليلات الشخصية نرى من الصعوبة بمكان ايجاد امة او شعب من شعوب العالم تكون فيها نسبة المثقفين تفوق نسبة الطبقات العامة المتواضعة الثقافة والوعي(المتخلفة او قليلة الوعي)،
وهي حالة او نتيجة طبيعية عرفتها البشرية منذ القدم ولازالت،
بل حتى في الرسالات السماوية والاديان الاخرى واتباع المصلحين والمفكرين والمخلصين كانت نسبة المؤمنين بهم دائما قليلة مقارنة بنسبة الرافضين او المعاندين او المنحرفين او حتى المتصدين لهم،
من هنا لانجد ادنى شك في ان خلاص الشعوب المنكسرة او الفاشلة او المضطهدة او التي تعاني من صعود النخب المزيفة الانتهازية الى سدة الحكم،يتم عبر تبني نموذج سياسي عقلاني واقعي،اي ليس امامها الا طريق التغيير والثورة على بؤر واوكار وجماعات الفساد والظلم والفوضى، والابتعاد ولو جزئيا او كليا لكن بالتدريج عن شبح الانهيار الشامل ،بالتعامل بجدية مع فكرة اعتماد طريق ديمقراطية النخب الوطنية النزيهة،
حيث يكون لها بالفعل الدور الاكبر في صياغة وصناعة المستقبل الامن لبلدانها واجيالهم القادمة،بتشريع نظام الاصوات المتميزة او المختلفة،بأن يكون على سبيل المثال للكفاءات والنخب المفكرة والمثقفة والمتعلمة اصوات انتخابية ديمقراطية اعلى من الذين لايملكون اية شهادات دراسية او ثقافة عامة معروفة في المجتمع، وهكذا بالنسبة لبقية المستويات المتدنية الكفاءة والوعي،
عندها سيكون اعتبار مسألة او نسبة النجاح او الفشل في النظام السياسي النخبوي او ادارة الدولة النموذجية هي نتاج طبيعي لحالة المجتمع وثقافته العامة،اذ لاتوجد طاقة او قدرة او الية اخرى يمكن اعتمادها لتسجل نتائج او نسب نجاح عليا او مقبولة غير تلك الموجودة حاليا….
اما بالنسبة للعراق فنحن نعتقد ان الشعب بحاجة الى حركة سياسية شاملة لكل المجالات والافكار السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والدينية(الخ.)،
تأخذ بعين الاعتبار التجارب اليسارية والقومية والاسلامية،من اجل تصحيح الافكار المريضة بتلك التجارب العقيمة والعديمة الفائدة ،الخارجة عن روح العصر،الذائبة في التراث والبيئات المتعفنة بالنظريات والافكار والجدليات الشخصية والجمعية الخاصة(اي النخب الدينية البائسة المغلقة على الموروثوالتي اصبحت فكر جمعي ديني متسلط)،
فقد لاحظت وراقبت وعايشت جميع المجتمعات والشعوب العربية اخر التجارب الدينية الارهابية والفاسدة،المتمثلة بداعش ووعاظ الفتنة والارهاب،وبالحكم الشيعي الفاسد في العراق،
اذ اتضح ان الفقه السني والشيعي فيه شوائب كثيرة، بل كوارث عقائدية عديدة، اضافة الى العديد من الانحرافات والاكاذيب والتفاسير والتأويلات الخاطئة والقدسيات الدينية المزيفة ،وحالات الدجل الكثيرة (ولو بنسب متفاوتة وفوارق فقهية كبيرة بين دموية الفقه السني وطقوسية الفقه الشيعي )،
هذه الاحداث والحقائق تجعل من ضرورة ايجاد فكر عربي شامل،يشرح طبيعة العلاقة بين الدين والدولة والاخلاق والاقتصاد، وتوزيع الثروات بعدالة بين افراد الشعب،يحترم الحريات الفكرية والدينية والعقائدية والثقافية والاثنية العقلانية المعتدلة،
يؤمن بدولة الانسان، وبحكومة المواطن،
وبوطن ودولة متعددة الثقافات والاعراق والاثنيات والطوائف والاديان (الخ.)،
مجتمع ودولة تحارب الفساد والدجل والتفرقة والعنصرية داخل اطار الاولويات الديمقراطية الوطنية(اي التي لاتتداخل مع نظرية ديمقراطية النخب لصناعة دولة ناجحة تطبق فيها تلك الافكار والثقافات الهادفة لاستقرار الدولة والمجتمع في المحصلة النهائية)…
الامل تصنعه النخب المفكرة ،وتكمله الاجيال الواعية في المستقبل،لا امل بلا عمل سياسي يبدأ من النخب المنغمسة والمتواصلة والمتداخلة مع الطبقة العامة من المجتمع،
فقواعد التغيير الثوري السلمية تبدأ بوضع اللبنات الاساسية المهمة ،لتحاكي الضمير والوجدان الانساني الطبيعي لاصحاب الفطرة السليمة،ثم تنطلق كالشرارة في ميادين الدولة والمجتمع ،لانقاذهم من الهزيمة المطلقة الطويلة الامد امام قوى الفساد والشر….
الفكر السياسي الجديد سيقود للمجتمع نحو النموذج الحديث للدولة المدنية العقلانية التي تؤمن بالمبادئ العامة للنظام الديمقراطي النخبوي.والتي منها على سبيل المثال لا الحصر مجموعة من المبادئ…
اولا ..يجب الفصل بين الدين والدولة مع احترام الخصوصيات الدينية والعقائدية لجميع الاديان والطوائف والاثنيات الاخرى،وجعلها احد اهم الاسس والقواعد الاخلاقية للدولة والمجتمع
ثانيا..النظام الديمقراطي نظام نخبوي واجتماعي شامل اي لكل مواطن الحق بأختيار ممثليه داخل السلطات الدستورية الاربع(السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية والتشريعية العليا كسلطات الانظمة الديمقراطية او مايسمى بمجلس الشيوخ اي مجلس خبرات النخب العليا)ولكن بنسب متفاوتة تميز عقليا ومنطقيا وثقافيا بين مستويات الكفاءات العليا والوسطى والدنيا والطبقة العامة المتعلمة والغير متعلمة)
ثالثا..الثروات توزع بين افراد الشعب بعدالة مع اعتماد مبدأ الدعم الشامل للقطاع الحكومي العام، وابقاء ابواب الشراكة الاقتصادية والتجارية المختلطة مفتوحا بين القطاع العام والخاص ولكن في مجالات وقطاعات محدودة،مع الايمان بنظرية تحديد الثروات اي لايسمح ان تدخل اموال من الخارج يمكنها ان تشكل تهديدا للاقتصاد الوطني ولايجوز كذلك السماح لاصحاب الثروات المحلية بتجاوز بعض التحديدات الخاصة بالثروة تبعا لاقتصاد البلد وحالته او ظروفه المالية والتجارية كي لايسمح بأية حالة تجاوز او التأثير المالي على القرار السياسي والاقتصادي للدولة والمجتمع
رابعا..اعتماد مبدأ الدعم الحكومي الشامل للقطاع العام ،وبالاخص قطاعات التربية والتعليم والصحة والخدمات العام،وايقاف مهزلة اعتماد خطط البنك وصندوق النقد الدولي التي يحارب فيها الطبقات الفقيرة والمتوسطة ،واجبار الحكومات الفاشلة على ايقاف وابعاد الدعم الحكومي لهم ،على اعتبار انها عملية متعارضة مع الديمقراطية الرأسمالية،وهي اقرب لنظريات الدولة الشمولية او النظام الاشتراكي
خامسا..ابقاء الدعم الحكومي متواصلا لقطاع الطاقة والكهرباء وبقية المجالات والقطاعات الاستهلاكية والمواد الغذائية، وتشجيع الصناعات الوطنية المحلية بقوة…
…….الخ.
هذه الافكار والاراء والاطروحات السياسية هي كما نعتقد الطريق والسبيل المتاح حاليا لانقاذ مايمكن انقاذه من حالة التراجع العربي والعراقي الكبير في مجال اعادة بناء الدول المحطمة او الفاشلة، او الغارقة في الفساد المالي والاداري والوظيفي والسياسي..
فالدول الامنة المستقرة المزدهرة لاتبنيها الجيوش والمليشيات والجماعات المسلحة والعادات والتقاليد والثقافات القبلية والعشائرية، وان كانت في بعض الاحيان تعد هي السور الذي يمكن ان يحمي ويحرس الاوطان من الاعداء،
لكنها حتما ليست خبيرة في مجال السياسة والبناء والاعمار والتجارة والاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي (الخ) ،
ولاتملك اية اليات مدنية لمحاربة الفساد وتطبيق النظام والقانون ،وايجاد سلطات دستورية نزيهة وفاعلة في الدولة والمجتمع،
انما هي مهمة النخب المفكرة والمثقفة والكفاءات العلمية العليا ،والطبقات المتوسطة الثقافة والوعي كما ذكرنا سابقا..
(يجب ان لاتترك منطقة الفراغ مرة اخرى للفاسدين والانتهازيين،لابد ان تتحرك النخب لشغلها )
المفكر العربي

صاحب مشروع ونظرية ديمقراطية النخب الوطنية…ونظرية تحديد الثروات

أحدث المقالات