تفتحت عيوننا؛ ونحن نشاهد حلقات المسلسل الكارتوني “مغامرات الفضاء”، وتعلقت قلوبنا بذلك البطل الذي لايهزم “الدوق فليد”، القادم من كوكب فيكا وهو يقود مركبته الفضائية كرندايزر، مدافعا عن الأرض من الغزو الفضائي، الذي حاول احتلالها والسيطرة عليها بقيادة فيكا الكبير.
كنا نردد دائما أغنية المسلسل، التي حفظناها عن ظهر قلب : “امض .. تقدم يا دوق فليد، حلق .. حلق يا كريندايزر، البحر والأرض والسماء الزرقاء، والسلام الذي أقسمت بحفظه مع أصحابك، انهض وقاومهم .. بدفاعك الحديدي، حتى لو كانت الأرض كوكبا صغيرا .. فهو كوكب يشع بالعدل والمحبة، احمه وأحفظه .. دافع عنه، كوكب البشرية .. كوكب الجميع”، وكنا نرقص عند كل نصر يحققه كرندايزر، وكأنه أنقذ مزرعتنا من الحرق والتدمير.
لطالما حلمنا أن نصبح أبطالا مثل الدوق ورفاقه، وشجعانا مثل أبطال العرب الذين درسنا عنهم في كتب المدرسة، وكيف فتحوا البلدان حتى وصلوا الى الصين شرقا والأندلس غربا، لكننا لما كبرنا وجدنا أن الجيوش العربية، قد انهزمت من اصغر جيوش العالم لمرات عدة، وأن العرب أصبحوا طرائق قددا، وفلسلطينهم أخذت سبية لم يقدروا على ردها، وصاروا يتهاترون بينهم يكيد بعضهم لبعض يعير احدهم الآخر بجبنه، وجيوشهم صارت تدافع عن عروش السلاطين، بدل كرامة الأمة وأرضها المستباحة، وشكل الطغاة فصائل عسكرية باسم القدس، لقتل شعوبهم وامتهان كرامتهم.
ومضت السنين ومازالت الأناشيد تصدح : ” الشعب العربي وين .. وين الملايين “، ذلك الشعب الذي استولت عليه حكام، رهنت أنفسها لمشاريع الاستكبار والتطبيع مع المحتل، مقابل الجلوس على كرسي الحكم وتجويع شعبها، وسلبه حريته وإرادته، ونزع كل القيم الإسلامية والعربية من تفكيره وضميره، فما يكاد يتخلص من حاكم، إلا ويأتي من هو أشد منه عمالة وارتباطا مع المحتل، حتى ملئ اليأس قلوبها، وصارت لاتهتم إن احترقت فلسطين، أم استولت عليها إسرائيل، ولسان حالها :” فللقدس رب يحميه”.
هكذا أصبحت فلسطين نسيا منسيا، وتراثا يعلوه الغبار واسطوانة مشروخة لم تعد تعزفها الفرق العربية، واستعيض عنها ب ” أرب أيدل ” و” أرب كوت تالنت “، وصار المجاهدون العرب وغالبيتهم من الفلسطينيين، يفجرون أجسادهم على أبناء جلدتهم وقوميتهم، في العراق وسوريا ومصر وليبيا وتونس بدلا عن فلسطين، وتتحالف الجيوش العربية لقتال أبناء اليمن بدلا عن إسرائيل، ولم يعد يستحي الحكام من مصافحة الإسرائيليين وتناول القهوة معهم، والاستجمام في منتجعات حيفا، والمبيت في فنادق تل أبيب.
أبعد كل هذا، نستغرب أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ؟ بل إن الذي نستغربه، هو عدم خروج الحكام العرب الذين يدعون إن القدس مقدسة عندهم، ببيانات التهنئة والتبريكات لإسرائيل على عاصمتها الجديدة !، ويبدو أن العرب سينتظرون الدوق فليد يعود إليهم مع مركبته كريندايزر، ليحرر لهم القدس ويعيد فلسطين.