25 نوفمبر، 2024 7:37 م
Search
Close this search box.

القانون فوق الجميع … مثالية ام تطبيق

القانون فوق الجميع … مثالية ام تطبيق

نجد الدول التي يكون فيها القانون مطبقا” بصورة مثالية دون وجود تتدخل من قبل اطرافا” في اتخاذ القرار او تبديل الرأي النهائي حول فكرة او موضوع ما مزدهرة.  ويأتي هذا نتيجة الى قوة الوعي الفكري والاستعداد النفسي لدى تلك الدول (كموارد بشرية) في الأمتثال الى القرارات او التوجيهات او التعليمات الصادرة من قبل الجهات العليا الى الدنيا؛ من اجل تنظيم سير العمل ويصبح القانون مرجعا”، دستورا”، مستندا”، وتطبيقا” على الجميع، ونقصد بالجميع: الموارد البشرية الذين يعيشون في المجتمع.
 
لانجد لمسألة الاعراف والتقاليد الاجتماعية حيزا” في تلك البلدان (المتحضرة والمثقفة) لأنهم يؤمنون ويدركون، هنا بمعنى وجود قناعة واستعداد نفسي وبدني للأمتثال وتطبيق القانون بدون شك او حيرة تساور النفس البشرية، بأن وجودهم داخل مجتمع او بيئة فيها قانون يتم تطبيقه بصورة عادلة دون تمييز او تفرقة.  فهم، اقصد المتحضرين والمتمدنين لا يقومون بعمل وساطة او تملق لأنهم يفهمون ويدركون ويعون ان السبيل لهذه الاشياء لايجد طريقا” له او منفذا” يتم من خلاله تسويف القضية، المسألة او الموضوع دون معاقبة المقصر او المذنب او المخل بالنظام او القانون.
 
لكن في بلدان، لاتؤمن بالقانون والنظام، نجد امثلة كثيرة يصعب تصورها او وصفها بمجرد كلمات او عبارات منمقة لأن المتهم يصبح بريئا”؛ والبريء يصبح متهما”؛ والعالم يصبح جاهلا”؛ والجاهل يصبح عالما”.  هذا يحدث لأسباب عديدة منها:
1-   ) تدخل السلطة المركزية او المخولة او المسؤولة عن فرض القانون او النظام بناء” على اراء واجتهادات ومزاجات ومحاباة في القرار النهائي.  نقصد ان المشكلة حدثت واصبح لزوما” في اعطاء القرار حولها، فنجد صاحب القرار يتأثر بالبيئة والمحيط والمجتمع والاعراف والعادات والتقاليد والمزاج دون وجود تطبيقا” معياريا” ونموذجيا” للموضوع على حساب المصلحة العامة حفاظا” على … كون الطرف الاخر صاحب منزلة اجتماعية او لديه دعم واسناد من جهات اخرى … وبالتالي، يتأثر صاحب القرار ولا يكون لديه قرارا” صائبا”، لانه غير مثقف ومتحضر، بسبب التدخل الخارجي والداخلي الذي أثر على شخصيته، مبادئه، ونفسه، وجعلت منه اداة وليس انسانا” (ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي).  فعنصر القانون او النظام، كتشريعات ولوائح ثابتة ورصينة، اصبحت حبرا” على ورق في تلك البلدان التي لاتؤمن بالقانون والنظام!  فالقانون والنظام والضوابط واضحة وصارمة لكنها بعض الاحيان تكون بأيادي ضعيفة، وهنا لايلام القانون او التشريع او الضوابط وأنما الانسان والثقافة …
2-   ) توجد هناك مزاجية وازدواجية وهروبية في تنفيذ النظام والقانون من خلال ما نراه من مخرجات ومعطيات واضحة للعيان والجميع، واصبح الانسان يدرك جيدا” بأن اية مشكلة او ازمة يمكن حلها بطرق غير شرعية، قانوينة ونظامية.  وهذا المفهوم يساوره، عادة عامة، ويتحدث عنه يوميا” بعدم وجود نظام او قانون لأنه ذلك الانسان يعلم اذا حاسبه شخصا” او مسؤولا” او موظفا” سيجد قنوات عديدة لغلق او انهاء موضوعه بسرعة دون ان يعي اهمية احترام القانون والنظام وتطبيقه على الجميع … فيجب ان يسند المعلم اذا حاسب طالبا” مخالفا” او مقصرا” في اداء واجبه، ورجل المرور اذا حاسب سائقا” مخالفا”، وموظفا” اذا طبق القانون والنظام والضوابط وفق المعايير النموذجية والقياسية وليس نقله او فصله او معاقبته لان المستفيد جهات عليا … وهؤلاء اذا لم يتم دعمهم واسنادهم سيصبحون عاجزين عن القيام بمهامهم وواجباتهم المكلفين بها، وما قيل اعلاه امثلة عامة وليس على سبيل الحصر. 
3-   ) يكون هناك ضعفا” في التطبيق للقانون والنظام والضوابط اذا شعر الفرد بأن القائد او المدير او المسؤول متراخيا” ولا يعير اهمية لمسألة المتابعة والرقابة والتقييم والتقويم؛ ويدرك ذلك الرجل ان العقاب والحساب ليس حليفه اذا قصر في اداء واجبه او تجاوز على القانون والنظام والضوابط.  فهنا، من الناحية النفسية، يشعر بالأمان وضمان الاجراء والتلاعب في كثير من الاحيان (من آمن العقاب أساء الادب).
4-   ) لايوجد شفافية في متابعة التقصير والحد منه من قبل الجهات الرقابية والاشرافية والتشريعية والتنفيذية فنلاحظ وجود خوف من قبل الانسان، الفرد في المجتمع، في كشف او اظهار او الوقوف ضد الفساد او الاخلال بالقانون او النظام او الضوابط كون ذلك الانسان يراقب اسلافه واقرانه والمحيطين به عندما يقومون بكشف الاخرين او الوقوف ضد المفسدين … وسيتم توريطه في مواضيع وأمور ربما يستغل بها على حساب المصلحة العامة ويبقى (الفقراء ضعفاء تحت وطأة الحرمان).
5-   ) تكون سياسة الاستبدال (التغير الاداري) والتنويع المتكرر سببا” في سياسة خلط الاوراق وبروز القلة “الصفوة” على حساب الكثرة، رغم أنهم لايملكون خبرات ومهارات وكفاءات تؤهلم لنيل مركز او مكان او منصب ما، الذين يسعون جاهدين الى أيجاد منافذ غير قانونية وغير شرعية لتنفيذ مآربهم وطموحاتهم ومصالحهم على حساب المصلحة العامة (القانون، النظام والضوابط) في البلد.  ويقع اولئك الاشخاص ضحية ماسحي الاكتاف، ويكونون ضعفاء في الفهم والادراك والتفسير والقرار … مما يؤدي الى كثرة تداول المصطلحات التالية في عقولهم: بيان الرأي، مداولة، التعمق، مناقشة، مواجهتي، حسب الظوابط، حسب التعليمات، … الخ ويفهمون ان ذلك يعطي اشعارا” بأنهم ضعفاء أداريا” وقانونيا” وقياديا” (تم طرح الفرق بين القيادة – الادارة والقائد – المدير في بحثي “ستراتيجيات تطوير وتنظيم الادارة العامة” عام 2009، وبحث “تحسين وتطوير كفاءة القائد والمدير”، عام 2008).
 
اخيرا”، نقول ان الحل الأمثل لقضية وجود قانون عادل ونظام وضوابط وتعليمات مطبقة هو البدء بمشروع “التثقيف الاداري والقانوني للمجتمع”، وجعل المجتمع نموذجيا” ومثاليا” في معرفة وتطبيق القانون بصورة جدية وفعلية دون مراوغة ومماطلة او تلاعب واجتهاد لتحقيق مصالح خاصة وترك المصلحة العامة.  فنرى سائقا” لديه سيارة منذ (30) عاما” لايعرف شيئا” عن العلامات المرورية في الشارع فكيف يطبق القانون وهذا مثالا” بسيطا” يراد منه تأليف كتابا” عن العلامات المرورية وضوابط السياقة وجعله منهجا” او مرجعا” يدرس به تلاميذ المرحلة الابتدائية.  اذن التثقيف ونشر ثقافة القانون واحترام القانون تبدأ بالمجتمع قبل المؤسسات، ونعلم بأن هناك مدراء وقادة لايعرفون أبسط القوانين وأهمها: “قانون أنضباط موظفي الدولة”، لكن نقول لنبدأ من الأن وهذا نداء للجهات ذات العلاقة.  ولا يسمح بأشغال مناصب عليا ما لم يتم تدريب وتطوير أولئك الأشخاص!

أحدث المقالات

أحدث المقالات