25 نوفمبر، 2024 11:29 م
Search
Close this search box.

احترام قرار المحكمة الدستورية الاتحادية مسؤولية وطنية

احترام قرار المحكمة الدستورية الاتحادية مسؤولية وطنية

بعد سقوط الطاغية المستبد , وجاء العهد الجديد على عرش السلطة بديموقراطية عرجاء وعمياء وهجينة في الكثير من الاحيان , لاتفرق بين الصالح والطالح . وبين الاخضر واليابس , ولم تر معالم الطريق من الذي يدعم مسيرة الاصلاح وتطوره المناسب , وبين الذي يعمل على حرف المسيرة السياسية ودفعها الى المنحدر او الطريق المسدود لدوافع ضيقة , وختلط عليها حابل بالنابل ولم تعد تميزبين  الانتهازي بالف وجه ولون من التملق والنفاق , وبين من يملك وجه واحد ينطلق من دواعي الحرص والمسؤولية على مصالح الشعب والوطن . وهكذا انحرف الهدف السامي للعملية السياسية بعد سقوط نظام القمع والطغيان ,وانزلقت الى دوامة الصراع السياسي , الذي شهد جملة من المفاهيم الهجينة في القاموس السياسي برؤية ضبابية وافكار متناقضة التي تشبه الكوميديا السوداء , في اسلوب تعاملها مع الواقع او اسلوب معالجتها للمشاكل والمعضلات , او اسلوب استجابتها لمستجدات الظرف الراهن , وبهذا المنطق توفقت اطراف العملية السياسية عند حدود مصالحها ومنافعها الذاتية في توافق السياسي , ولهذا ولدت حكومة الشراكة الوطنية مشلولة ومعطلة وعاجزة عن ادارة شؤون البلاد , واتبعت اسلوب شفط ونهب المغانم , والاستحواذ على الاموال بحجة المشاريع او العقود الوهمية مع شركات غير موجودة على الارض سوى على الورق , ونتيجة لهذا التخبط برز الفساد المالي والاداري ليحتل موقع السيادة في مفاصل الدولة وفي الحياة السياسية , ويتزامن مع تصاعد ظاهرة الارهاب وجرائم القتل التي تطال الناس الابرياء . وصار هذا الثنائي المخيف والمرعب ( الفساد والارهاب ) الطامة الكبرى التي جلبت البلاء للشعب والوطن وصار المواطن حقل تجارب لمفاهيم الشر والقتل والظلم والحرمان وللا نتهازية السياسية , بسبب عجز الاطراف السياسية ان تحدد مسار الطريق الصحيح وتخطط لمرحلة الاصلاح السياسي والاقتصادي وانقاذ الشعب من المأسي التي ورثها من الحقبة المظلمة  , إلا ان بعض الاطراف السياسية المتنفذة اختارت طريق الاحتكار وسياسة الابعاد والاقصاء والتهميش وقطع جسور الصلة والتواصل مع الاطراف السياسية الاخرى ومع عامة الشعب .. ان مقياس قوة وجبروت اي حزب او تكتل سياسي لا يقاس بعدد مقاعده في البرلمان , وفي موقعه في هرم الدولة فقط , وانما يقاس بمعايير مدى  قربه لهموم وتطلعات الشعب , ومدى سياسته تتفاعل مع العدل والانصاف , وما مدى تمسكه بالاصلاح السياسي والاقتصادي الذي يعود بالنفع على غاليبية الشعب , وكذلك عدم انجراره بخداع حفنة من المنتفعين والوصولين الذين يتاجرون بالدم العراقي بابخس الاثمان . ان تعامي وتجاهل هذه القيم الانسانية تقود صاحبها الى منحدر خطير او نفق مسدود , واذا كان البعض يفتخر بانه حصل على نسبة كبيرة من المقاعد في الانتخابات , تتيح له التحكم بالقرار السياسي فان الحقيقة تقول بان قانون الانتخابي يعتمد على سرقة الاصوات وتزيف ارادة الناخب , وانعدام العدالة والنزاهة والتنافس الحر . ان هذه الحقائق الدامغة لايمكن تجاهلها او القفز عليها او نكرانها او التستر عليها . وما قرار المحكمة الدستورية الاتحادية جاء ليصلح الخلل والخطأ , ويضع العدل والحق في مكانه السليم , والقرار واضح كالشمس لا يقبل التأؤيل او التفسير الخاطئ , انه قرار صريح حيث يقر بعدم دستورية اعطاء المقاعد الشاغرة للقوائم المفتوحة التي حصلت على اعلى عدد من الاصوات بحسب نسبة ما حصلت عليه من المقاعد لاستكمال جميع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية . . ان هذا القرار الشجاع والصائب جاء ليضع العدل في نصابه الصحيح , ويمثل احترام لارادة الناخب في حقه في الاختيار , ويمنع سرقة اصوات الناخبين , وهو يمثل مقدمة للاصلاح السياسي المنشود , و بمثابة اصلاح العلاقة بين الناخب والمنتخب . وعلى الجميع احترام قرار المحكمة الدستورية تمشيا مع منطق الديموقراطية وقيمها . وان هذا القرارسيسهم في اعادة المسار الاعوج في العملية السياسية الى السكة الطريق السليم . وهذا ايضا يدق ناقوس الخطر لبعض الاطراف السياسية التي استخفت بمشاعر الشعب واستهانت بقواه الكامنة , وراحت تفصل المفاصل السياسية حسب مقايسها فظهر التقاعس والخمول عن اداء الواجب الوطني, وخنق بوادر الاصلاح بالخروج من الازمة السياسية الطاحنة .. ان العقل الحصيف والضمير الحي لايقبل بالمهانة  بان العراق يوصف بانه من افقر بلدان العالم وشعبه من اكثر الشعوب تعاسة وهو يعيش فوق بحر من الذهب الاسود . لذا على الاطراف السياسية ان تخلع الاقنعة وتنزع ازدواجية التعامل السياسي , وان تنطلق بصدق واخلاص نحو بوادر الانفراج , وان تخفف سقف مطاليبها , وتحاول ايجاد طريقة لحل المشاكل والمعضلات العالقة التي تقف حجرة عثرة في تقريب وجهات النظر ومد جسور الثقة المتبادلة بين الاطراف السياسية , لان الانتخابات على الابواب والشعب لايرحم الذين شطبوه من قاموسهم الساسي .

أحدث المقالات

أحدث المقالات