إنّهُ زمن المراجع التقليديون, و منهم آلمدعو ألسّيد “آية الله” حسين الصدر الذي خان الدّين و الوطن و الشهداء و الشعب العراقي و طلائعه الذين إستشهدوا أو تغرّبوا بسبب مواقفه آلخيانيّة وتخاذلهِ و تعاونهِ مع النظام البعثيّ الصداميّ و مع الظالمين من أمثال آل سعود و آل نهيان و نبهان السفير السعودي الذي كان يمثل رأس حربة الأرهاب في العراق!
إنّه آلزّمن العراقي الآخر ألّذي إحترق بآلكامل بسبب قتل النظام الصدامي المجرم للحقّ الذي مثّلهُ ألفيلسوف العظيم محمد باقر الصّدر مع ثلّة من المخلصين الذين قلّ ما يجود بمثلهم الزمن في مقابل الأنتهازيين و المتحاصصين من أصحاب الخدود الورديّة بقيادة “حسين الصدر” و أمثاله البائسين!
إنّ “حسين الصّدر” أو كما يُسمّيه بعض الدُّعاة و أهل العراق المساكين؛ بصدر العراق؛ هو أوّل شخصٍ خان عائلة الصدر ألأوّل العظيم لدعمه صدام و من بعده الحكومة الأمريكيّة و من تحاصص معها من الأحزاب و أعضاء حكومة المحاصصة العراقية التي ضمّت القيادات الحزبيّة “الوطنية” و “القومية” و “الأسلاميّة” و “الأمميّة” التي رضعت من ثدي الغرب .. مقابل بضع ملايين من الدولارات الحرام التي أعطيت لهم و له ليعيشوا بضع سنين أخرى في الذّل و المهانة على حساب حقوق المحتاجين و فقراء العراق!
أنّهُ الزّمن ألرّدئ المحروق ألآخر ألذي كشفَ وجه الحقّ متمثلاً بنهج الصدر الأوّل(محمد باقر الصدر) مع ثلة قليلة من المجاهدين المظلومين ألّذين ما زال من تبقى منهم ينزفون و يُعانون المحن بسبب المتحاصصين الظالمين الأُميين فكرياً بسبب عمى البصيرة التي إشتهروا بها و الذي سبب إخضاع العراق للبنك الدولي و بآلتالي للمنظمة الأقتصادية العالمية, كما كشف الزّمن من آلجّهة ألأخرى أيضاً؛ وجه الفساد و الفاسدين المتحاصصين الذين أقسموا على نهب العراق و تدميره و رهنه للأجانب إلى الأبد بسبب الديون المليارية التي وصلت لأكثر من ربع ترليون دولار أمريكي!
إنّ هذا المدعوا (حسين الصدر) الذي يعتبره دّعاة اليوم الأميين فكريّاً و أكثر شيعة العراق للأسف بسبب ضحالة – أو فقدان الوعي أحد مراجع الدِّين العظام؛ له تأريخ أسود و مُشين و مُقرف لا يعرفهُ معظم ألناس – إن لم أقل كلّهم – بإستثناء ثلّة قليلة من دعاة الأمس الذين شاركونا المحنة و الجّهاد لأجل العدالة أيام المواجهة القاسية مع النظام في سبعينيات القرن الماضي .. من الذين إستشهد أكثرهم على يد الأمن و المخابرات في الشعبة الخامسة في الكاظمية و في أروقة الأمن العامة المظلمة .. لقد غرّتهُ – أي حسين الصدر – الدُّنيا و الشيطان و الشهوة بسبب النهج التقليدي الذي كان يؤمن به فتعاون مع كلّ فاسد أثيم و أهدر دماء الشهداء و لعلهُّ فوّت أكبر فرصة ذهبية تأريخيّة كانت يُمكن أن تكون فاتحة خير و نجاة من المحن التي مرّت على آلعراق و المنطقة و إلى الأبد فيما لو كان مؤمناً حقا بآلله و بآلقيم الحُسيّنية.. و سنورد لكم بعض التفاصيل إن شاء الله:
في صيف عام 1979م .. زمن الرُّعب و الأرهاب الصداميّ و القتل و الحرق و التفجير على الهمسة و آللفتة, و كعادة لنا نحن المؤمنين في بغداد وضواحيها؛ كنا نجتمع و نزور الأمامين الكاظمين عليهما السلام و أداء صلاة المغرب و العشاء جماعة كلّ ليلة جمعة في الصحن الكاظمي خلف السيد (حسين الصدر) و غيره أحياناً كآية الله السيد (إبراهيم الخراساني) الذي وافاه الأجل في مدينة قم بعد تسفيره لأيران بداية ثمانينات القرن الماضي حيث كان يُمثّل مرجعيّة ألسيد الخوئي (ألتّقليدية) في الكاظمية, و سبب صلاتنا خلفهُ – خلف حسين الصدر ؛ كان تيمّناً بنهج الصدر الأول لظنّنا أنهُ من عائلة آل الصدر و عالم و واعي و نظيف كما الصدر الأول و الثاني في الظاهر, و كعادتنا بعد إنتهاء صلاة الجماعة كنا نتوجه و كما إعتدنا كلّ ليلة جمعة لأداء مراسم الزيارة التقليدية و الصّلاة الخاصة مع دعاء كميل بن زياد و إجراء اللقاآت مع بعض المؤمنين, لكننا في أحدى تلك الأمسيات و في الوقت المعلوم قمنا بعد تخطيط دقيق مع مجموعة من الشباب المؤمن المنتمي لحزب الله و بعد إخْبار ألسّيد الصدر بنيّتنا بعد صلاة المغرب .. بآلأشارة لقيادة تظاهرة كبيرة من داخل الصّحن الكاظمي الشريف على أمل إسقاط النظام و كما حدث في إيران, و فعلاً إنطلقنا بحماس و قوّة بعد أوّل شعار رفعناه وسط المصلين و طفنا خلالها حول الأمامين الكاظمين مرّتين و نحنُ و معنا جمهور كبير نُردّد هتافات و شعارات قوية و هادفة ضدّ النظام البعثي الصدامي علناً .. منها على ما أتذكر: (ماكو ولي إلّا عليّ و نريد حاكم جعفري) و كذلك (بآلرّوح .. بآلدّم نفديك يا إمام) و غيرها بضمنها الهوسات العربية المعروفة, بآلمناسبة و فيما بعد .. كرهتُ و مقتُّ هذا الشعار بعد ما إستخدمه العراقيون لصدام نفسه و من ثمّ لقادة المحاصصة بعد سقوطه عام 2003م, لقد كُنا خططنا أنهُ بعد إلتفاف الناس حولنا بآلخروج من الصّحن إلى الشارع ألرئيسي و من ثم الأعظمية حتى باب المعظم .. و كنا نتوقع و كما إتفقنا مُسبقا بأنّ وجود عمامة السّيد(حسين الصّدر) و هو يتقدم المظاهرة سيكون ضامناً و دافعاً قوياً لجلب المزيد من الناس و بآلتالي ستنتفض الكاظمية – الشّيعية و حتى باقي المناطق كلها و نتحرّر من قيود النظام و من ثم نستمرّ لدخول بغداد التي بتحريرها ستتحرّر كلّ محافظات العراق و بآلتالي نُنهي كابوس البعث اللئيم و نظام صدام و نقطع دابر الظلم و إرهاب الظالمين و الحروب و الدّمار و السجون و التعذيب و الفقر في العراق و المنطقة كلّها و إلى الأبد .. نعيش بسلام و أمان و رفاهية لنعبد الله تعالى بلا خوف أو وجل.
لكنّ الذي حدث .. و الذي لم نكن نتوقعهُ هو إنّ السّيد ألمدعو “آية الله العظمى” حسين الصدر الذي يقلّده اليوم أكثر أهل الكاظمية و حتى العراق و للأسف الشديد خاننا بوضوحٍ بسبب جُبنه و سطحية عقيدته التقليدية كما الكثير من مراجع العراق و بلا حياء و ضمير و إنسحب سريعأً فور آلأنتهاء من أداء الصّلاة الثانية راجعاً لبيته من دون أن يخطو خطوة واحدة مع تلك التظاهرة, و قد حاولنا أقناعه في اللحظات الأخيرة قبيل خروجه من باب الصحن متوسلين إليه بآلبقاء و ضروة نصرة الحقّ في هذه اللحظات التأريخية لقيادة الجماهير الفقيرة المعذبة المسكينة التواقة للحرية معنا و لعلها فرصة تأريخية نادرة لا تتكرر ليوم القيامة .. خصوصاً و أنها بآلفعل قد إنتفضت و بعفويّة لم نتوقعها لمجرّد سماعها لأوّل هتاف منا, و قلت له؛ إن وجودك سيكون له أثر كبير في إعطاء زخم للناس و تحريكهم و تعبئتهم بإتجاه الخلاص خصوصا و إن الصدر الأول قد أفتى بوجوب القضاء على النظام, لكنّه كان يرتجف و يترقّب خائفاً و لم يستطع حتى من الرّد عليَّ, و مع ذلك أكملنا الأنتفاضة لله تعالى لوحدنا مع خيانة المرجعية و نحن مُصرّين كما نويّنا و مجموعاتنا الجّهاديّة التي إستشهد أكثرها؛ إمّا على تحقيق النصر أو الشهادة, و و الله لقد إضطرب البعثيون و أجهزة الأمن و المخابرات الجبانة على كثرتهم و أسلحتهم و قد واجهناهم بأيادٍ خالية و صدور عارية إلاّ من الأخلاص و الأيمان بآلله و بآلعدالة و الحقّ و بدين و ربّ الأمام الحسين(ع) لا دين و ربّ التقليديون ألجُّبناء.
و بسبب كثرة جلاوزة النظام الذين تكاثروا و بدؤوا بآلتّجمع مع أسلحتهم و سياراتهم بعكس المتظاهرين الذين بدؤوا بآلتفرق و من ثمّ الهروب, خصوصاً بعد تدخل المخبرين و الجواسيس الذين إمتلأت بهم الكاظمية و العراق أنذاك من الذين كان النظام قد زرعهم بعد ما إشتراهم في كلّ بيت و شارع و محل و كذلك تدخل أجهزة المخابرات و قوات الشرطة و النجدة و المنظمات الحزبية البعثية و الجيش الشعبي, و ساد جوّاً من الهلع و الخوف وسط الناس أيضاً, بحيث إستنفر النظام كل قواته ضدنا؛ إلى أن إنتهت تلك الأنتفاضة الجماهيرة المظلومة التي لم يتطرّق لها أحد لعدم وجود أيّ من هؤلاء المتحاصصين فيها, لا من دعاة اليوم .. و لا من وطنّي أو قوميِّ اليوم .. و لا من غيرهم حتى بعد إستلام السلطة, ربما تستراً و إكراماً لذلك السيد العميل الجبان الذي يعتبر الآن و جهاً و ركناً من أركان الدعوة و الحكومة العراقية المتحاصصة .. حيث يدار معظم المتحاصصين حوله.
و من المُؤسف جدّاً أنّ أجهزة الأمن تمكنوا من القبض حينها على مجموعة من الشباب الحركي المؤمن الذين كانوا حفاةً بعد ما فقدوا أحذيتهم بين المتظاهرين فتمّ كشفهم بسهولة بعد إنتهاء المظاهرة حيث كان الأمن يلقون القبض على كل من كان حافياً و هكذا إنتهت تلك الأنتفاضة العظيمة و رحل دعاة الأمس و بقي دعاة اليوم الخبثاء الجّبناء العملاء مع هذا السيد(حسين الصدر) للآن كما أساتذته التقليديون .. عاراً على الأمّة, و المحنة الأكبر إن (دُعاة اليوم) هم الذين حموه و إعتبروه أحد قادتهم بعد السقوط و للأسف الشديد, بحيث تمّ تعريفه للسيد (بريمر), بينما حقيقته لا يصلح أن يكون حتى إماماً لمسجدً صغير .. لأنّه أميٌّ جبان لا يفقه شيئا من المعرفة و العلم و النبل و آلشجاعة و آلفكر الأنسانيّ .. ربما يعرف مسائل الحيض و النفاس و الشك في الركعات و مسائل الطهارة قبل الجماع و غيرها من الأمور المتعلقة بشهوة آلبطن و ما دونه بقليل.
و لا تستغربوا من موقف هذا السيد الخائن و لا من غيره من المواقف المشينة بحقّ أعلام و دعاة الأمس المجاهدين العصاميين – و ليس دعاة اليوم المتحاصصين العملاء الخبثاء المنافقين – الذين قدّموا أسوء صورة عن الأيمان و الأسلام و الوعي و الدعوة, بعد ما أثبتوا بأنّهم لا دين لهم خصوصا بعد كفرهم العمليّ بدين الصّدر الأول المظلوم الذي إستوزروه للأستهلاك الأعلامي لإستحمار الناس من أجل بيع الوطن و سرقتهم و نيل بعض حطام الدنيا لبناء البيوت و شراء العقارات في الأردن و الخليج و لندن و غيرها!
و لذلك .. لم يبق من (دُعاة ألأمس) الحقيقيين اليوم سوى بعدد الأصابع .. بعدد من أيّدوا علياً بآلأمس بعد وفاة النبي(ص)؛ و لهذا مُحِيَ الدِّين الحقيقي و فقد الوعي و الأخلاق و الشرف و الصدق في العراق و خارج العراق في الجاليات و حلّ بدله النفاق و الكذب و الغيبة و العمالة .. و لذلك إنتشر الفساد و الظلم و آلزّنا و إنحط الناس إلى أبعد الحدود للأسف بفضل سياسات و سلوك الحكام المتحاصصين الأميين فكرياً و الذين لخّصوا فلسفة “الدعوة” و الهدف من “الحكم” بجمع المال بكل الطرق الممكنة, و لذلك دعموا بغباءٍ مفرط حتى السياسات الأستكبارية التي إستهدفت تغيير أسس و قيم و أركان الحياة العراقية و آلبنى التحتية و تضعيف القوة الأقتصادية و المالية المتمثلة بآلنفط الذي رُهن لآخر قطرة منه!
إن جذور الفساد و الأنحراف الأخلاقي و الأدبي و العلميّ و الفكريّ و الأقتصاديّ في العراق ما كان ليكون لولا الدين التقليدي و الثقافة و التربية السطحية المدرسية, بسبب نهج الحكومات و بعض المراجع التقليديون الذين لهم تأثير فعّال في الوسط الشعبي العراقي و الأمّة العربية و الأسلامية, و كما شهدنا ذلك في فتوى السيد السيستاني حفظه الله ضدّ داعش, و لذلك صحّت مقولة المعصوم(ع) الذي قال؛
[مثل العَالِم(المرجع) في الأمّة .. كمثل الرأس من الجسد , إذا صلح الرأس صلح الجسد و إذا فسد الرأس فسد الجسد] و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم و آلله العارف بعواقب هذا الفساد بغطاء الدين و الدعوة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (ألأزمنة العراقية المحروقة) سلسلة هامة من المباحث التي كتبناها سابقاً, تحكي قصّة الأزمنة العراقية و العالمية التي إحترقت بسبب فساد و محاصصة الحكام الظالمين عبر التأريخ, للمزيد من المعرفة راجع تلك البحوث الهامة.