من يسمع الساسة عبر وسائل الإعلام والبرامج المختصة على استضافتهم لأغراض العقد المدنس في السنوات العشرة الأخيرة من غفلة الزمن الأغبر ,يجدهم يتغنون بالمواطن وحقوقه واستحقاقاته من ثروات الوطن, وترتفع الأصوات النشاز والصراخ مع العد التنازلي للانتخابات , لكنها في حقيقة الأمر, “جعجعة بلا طحين” .
لا احد يزايد المواطن على حب وانتماءه لوطنه العراق , فنهاك قصص لمواطنون نقف أجلال وإكرام وننحني عند أعتابهم لمواقفهم إزاء الوطن “بالدفاع عنه او تقديم منجز يرفع اسم الوطن,لا يطالبون احد ولا يبغون الحصول على مقابل مادي او معنوي ,وهناك قصص يندى لها جبين الإنسانية من ناس ينهشون بجسد الوطن والمواطن , ويحصلون على أموال ومناصب دون أن يقدموا أي خدمة للوطن والمواطن , وهذه هي المعادلة الغير منصفة. بين من يحملون لقب المواطنة.
اليوم المواطن الشريف يستغيث ولا يعرف أي جرح يداوي, عاطل عن العمل تحت مستوى خط الفقر لا يملك مسكن يؤوي عائلته ,عليه ان يدفع أجور لكل الخدمات, فاتورة الكهرباء ” الوطنية” ,وبدل خط المولدة,بدل أيجار المسكن, ومصرف العائلة,. أما أذا كان هناك مريض بمرض مزمن من جراء السموم المنتشرة في الجو والأكل الفاسد المستورد, فهذه كارثة, ويجد من سرق حقوقه يعرف له ,”(المواطنة بأنها صفة المواطن بحيث يتمتع بالحقوق، ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه … التزام أخلاقي بمجموعة الحقوق السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) وغيرها من التعاريف التي باتت شعارات مستهلكة لا تجد لها تطبيق على ارض الواقع,هذا المواطن المسكين لم يجد أمامه غير الرصيف والطريق مأوى يلتجئ إليه للحصول على سبابة رزق يسد بها رمق أفواه جائعة تنتظر عودته, وما أسوء من هذا الخيار لمواطن ينتمي لبلد يعد الثاني في الاحتياطي النفطي ويمتلك كل الخيرات, المسكين رضا بحكم القدر لكن أخيه الإنسان لم يرضى بان يكون حتى على الرصيف لأنه يشوه منظر عاصمة البلد النفطي,
لا يختلف اثنان على ان تكون بغداد أجمل العواصم, وإشاعة ثقافة النظافة وحكم القانون فيها, ولا احد يعترض على رفع التجاوزات على الممتلكات العامة, لكن الذي نختلف عليه هو الارتجال في اتخاذ القرارات وهدم الأكشاك بما فيها من أموال ومواد,مصدر رزق عوائل أصابها شغف العيش ورماها القدر على قارعة الطريق لتسترزق بعد ان ضاقت بها كل سبل العيش الكريم, نختلف على عدم دراسة الأسباب التي دفعت بالناس بالتجاوز على الأرصفة والأراضي, الأسباب كثيرة يا سادة يا كرام, أبرزها تعطيل القطاع الخاص وتوقف عشرات الألف من المعامل الإنتاجية للقطاع العام والخاص , و الشلل الذي أصاب الزراعة, وإغراق السوق بالمنتج الأجنبي والعمالة الأجنبية, وانفتاح الحدود على مصراعيها مع دول الجوار, وتحويل الاقتصاد العراقي الى اقتصاد ريعي يعتمد على النفط فقط., نختلف لأنكم سبب في تفشي البطالة وعدم توفير درجات وظيفية بل عجزتم على توفيرها بسبب ” سياسة التقشف” بعد ان سقطت أسعار النفط في فخ السياسة التخطيطية الفاشلة في أول انخفاض للأسعار النفط عالميا”الأمر الذي كشف عجز الحكومات في تغطية احتياجات البلد وانتهاج سياسة التقشف ورفع الضرائب على الموظفين الصغار والضرب على خاصرة الوطن( طبقة الفقراء), نختلف لان سياستكم الخاطئة ستجر البلد الى الويلات وتحميل الأجيال تراكمات من الديون , الاقتراض من البنك الدولي وبعض الدول وتحميل الأجيال القادمة عبئ هذه الديون والفوائد,وتغيب الجيل الحاضر من فرص التعين الذي انحصر على الأحزاب الماسكة بالسلطة , نختلف على استغلال الوظيفة وتحولت الوزارات الى دكاكين و مقاطعات للأقارب وأعضاء الحزب , لا يملك البعض منهم أدنى تحصيل دراسي. هذه هي الأدوات التي دفعت العراقيين من الخريجين وغيرهم الى افتراش الأرصفة وتوفير لقمة عيش تسد رمق العوائل التي لم تمتلك فرصة للتعين رغم توفر كل الشروط,
وفروا لهم البديل الأفضل قبل هدم مصدر أرزاقهم , وهذا اقل استحقاق للمواطن من وطن يمتلك كل مقومات العيش الكريم,. لكن للأسف لا يمتلك أدارة لتلك الموارد وهذه ليست منه او فضل من احد بل واجب وجزء من حقهم من إيرادات النفط الذي يذهب لجيوب الفاسدين, أنكم تدفعون الشباب للوقوع في فخ الجريمة باتخاذكم مثل هذه الإجراءات , وفروا البديل و انذروهم وسنكون معكم في حينها ونشد على أيديكم .
الأفضل ان ينشغلوا الشباب بالعمل , فالبطالة منبع الجريمة , خصوصا وان الموازنة لعام 2018, خالية من فرص العمل لا للخرجين ولا لغيرهم ,وبهذا تكون الحكومة قد أخلت بالعقد الاجتماعي الأخلاقي والذي بنص بان المواطنة حقوق و واجبات ,هؤلاء(أصحاب الأكشاك) مواطنين عراقيين أدوا الواجب الملقى عليهم كثير منهم من لبى النداء يوم كان الوطن على شفى الانهيار, ومنهم من قدم شهداء وجرحى وقدم خدمات مجانية , ومن حقهم العمل وكسب العيش في وطنهم بكرامة, اين حقوقهم المسلوبة, اين العدالة, في المعاملة, من أين يأتون بالأموال لدفع بدل الخدمات التي أصبحت تقدم مقابل أموال , , نأمل ان تكون هناك دراسة لخلق سياسة عادلة قبل الارتجال بالقرارات.