من ألاعباء المرهقة للثقافة والسياسة في العراق ماتقوم به كل من:-
1- أحزاب السلطة ومن يتعلق بها تملقا وتزلفا حتى أصبحت عناوين ” القيادي في القائمة الفلانية أو في الحزب الفلاني ” ربما أكثر ترددا من عدد أعضاء تلك الجماعة الحقيقيين ؟
2- فضائيات مابعد 2003 والتي راحت تنمو بشكل عشوائي لايعرف تمويلها ولا من يقف ورائها ولكننا نعرف كم أستلبت من الشباب والشابات وجعلت منهم جيشا يأتمرون بدكتاتورية ألاستوديو والمخرج والمكياج , مثلما نعرف كم من البرامج التي تطرح على الهواء لاتنتمي لهوية المجتمع العراقي ولا لثقافته ولا لتطلعاته الوطنية , وكم يصف لهذه البرامج ويحشد من وجوه غريبة على الثقافة وطارئة على السياسة فتستهلك الكلمات رطانة والمصطلحات خطأ , والمفاهيم تناقضا معكوسا , مما جعل أنخفاض المنسوب الثقافي في العراق واضحا , فالعالم من حولنا يراقب أعلامنا : المرئي والمكتوب والمسموع .
ومعاناة الثقافة العراقية كبيرة بسبب هذه الجهات التي همشت كل شيئ للثقافة في المؤسسة الحكومية من خلال سطوة أحزاب السلطة , وتعاونت معها فضائيات أمتلكت الكاميرات وأجهزة البث والمال ولم تمتلك الخبرة والكفاءة والعقول , فغزت ألاولى الدولة ومؤسساتها , فأصبحت المؤتمرات والندوات حكرا لها وغزت الثانية : ألاعلام وقنواته وفضاءاته , فأصبحت ألاستضافات حكرا على مزاجها .
وبعيدا عن قناة الحرة عراق وتابعيتها لآدارة ألاحتلال ألامريكي بقنواته المختلفة والمعروفة , وبعيدا عن برامجها ذات البعد ألانتقائي المتحيز لجهة البوصلة ألامريكية صاحبة الخيار التي أصبحت قوالب جامدة بعناوينها وبشخص مقدميها مثل : بالعراقي , وحديث النهرين , وحوار خاص , وسيرة مبدع التي صادرت ألابداع الحقيقي ثم قفزت الى ” العمود الثامن ” متخذة من التسميات لقلقة يصدق عليها قول الشاعر :
وقصيدة قد قلتها ….. ليقال من ذا قالها ؟
أن بقاء قناة الحرة عراق بعد رحيل ألاحتلال ألامريكي تعني أن ألاحتلال لم يغادر الحقل الثقافي وأصراره على البقاء ليس حبا بالعراق ولا حرصا على ثقافة العراق وأعلام العراق .
ومع ذلك تبقى أفتتاحية الحرة عراق للآخبار أفضل بكثير عن أفتتاحية الشرقية المغرقة بألاباحية والتي تعرض المرأة بصورة غنجية تمحو عنها شخصيتها وحضورها لتصورها من عصر الجواري التي لاتعرف ألا فتنة الجسد , وتبقى مسلسلاتها الغريبة على عادات وتقاليد المجتمع العراقي دلالة على منحى خطير من التعرية التي تريد أن تصور المجتمع العراقي تصويرا غجريا .
وأذا كانت قناة البغدادية تضم بين كوادرها عناصر وطنية ألا أنها وعبر عمرها المهني لم تتخلص من شراك البث الملتبس ببرامج لم تدرس بشكل جيد ولم تعرف مدى حاجة المجتمع العراقي لها , ومدى مساهمتها في تطوير ألاعلام العراقي بأتجاه الهوية الوطنية , فبرنامج ” يلا شباب ” لايمكن لقناة وطنية تحترم ألارث العراقي في عاداته وتقاليدة التي تتصل بالعقيدة أن تقدمه على علاته التي قدم بها لامن حيث المضمون ولا من حيث الشكل , حتى أني كتبت مرة عاتبا على قناة البغدادية بلغة تحذيرية من موقع النصيحة ” ما للبغدادية والحجاب ” وذلك عقب برنامج قدم من قبل شباب مغمور بالوله لايعي مايقول حتى أصبح حديثهم عن الحجاب وكأنك تستمع لبرنامج يبث من الدول ألاسكندنافية التي أباح بعضها الزواج المثلي ؟
ومما يؤخذ على البغدادية بعض تسمياتها لبعض برامجها مثل ” عرب أون لاين ” لماذا ألاصرار على كتابة العناوين باللغة ألاجنبية ؟ وما الفرق بين القناة ألاعلامية التي يراد لها أن تسهم في الثقافة الوطنية وبين الحالات الفردية من أصحاب المهن الذين يسمون مطاعمهم ومحلاتهم وشركاتهم بأسماء أجنبية أو أسماء غير عراقية , وهذا مما لاتجده لدى الدول والشعوب التي تحترم خصوصيتها الوطنية والثقافية .
أن برنامج سحور سياسي أخذ من التراث ألاسلامي الحي عنوانا جميلا يشكر عليه مقدمه عماد العبادي الذي نجا من محاولة أغتيال غادرة بقدرة الله الذي جعل مع كل نفس سائقا وشهيدا وكنت أمل لعماد من باب حب لآخيك ماتحب لنفسك أن لايفرط بتلك الفرصة التي منحتها أياه السماء , ولكن السحور السياسي لعماد العبادي أصبح يعج بما هب ودب من الذين لاتشملهم مصاديق ومفاهيم السحور السياسي بالمعنى الذي شرع من أجله السحور وبالمعنى الزماني الذي أصبح السحور يشكل فيه محطة روحية ليس في رمضان فقط وأنما تمتد بأمتداد الزمن الذي يحتل فيه السحور معنى ألاسحار مستقبلا تباشير الفجر والصبح أذا تنفس بالحياة وزقزقة العصافير وتغريد البلابل وهديل الحمام
ومن الطفح المخلوط بالعتمة والظلام أستضاف عماد العبادي في أول مراحل أنطلاقة السحور السياسي شخصا يسخر من القرأن ويستهزأ بالجنة , وينكر سورة الفيل , ويجرد ألاسلام من ألاقتصاد وينفي عن رسول الله تفسيره للقرأن كل ذلك بعقلية ألاعراب ” ألاعراب أشد كفرا ونفاقا ” وبمحدودية ألاميين وبسطحية العوام , ويومها عاتبت السيد عماد العبادي على تلك ألاستضافة ولمست منه القبول .
ورغم أن برنامج السحور السياسي حاول الكشف عن مظاهر الفساد ألا أنه لم يعط لمفهوم العنوان حقه طيلة مدة تقديمه
ألا أن برنامج قضية رأي عام الذي كان يقدمه الدكتور عبد الحميد ثم بدأ عماد العبادي تقديمه هو ألاخر أستسلم لحالة من الروتين والتقليد الذي درجت عليه فضائياتنا التي لاتمتلك خبرة التقديم ولا ذكاء المحاورة ومادتها , ومما أوقع البرنامج ومقدمه في أشكالية الحديث عن التوترات السياسية التي سادت في الساحة العراقية بين أحزاب السلطة أستضافته لذات الشخص الذي عاتبت السيد عماد العبادي حوله وأذا به هذه المرة يستضيفه بعنوان باحث أسلامي ؟
ومن باب الحرص على المفهوم وصحة ألاصطلاح والعنوان كان ألاحرى بالسيد العبادي وبقناة البغدادية أن لاتورط نفسها بتناقضات من أصبحوا مكشوفين للساحة , فالرجل الذي يعتدي على ذات الجلالة , ويسخر من القرأن ومن رسول الله ” ص” ولايعرف المفاهيم ألاسلامية في السياسة وألاقتصاد والعقائد , ويكذب سورة الفيل ويهزأ من الجنة , شخص من هذا المستوى المنحدر لايمكن أن يستغفل قناة البغدادية لتقدمه بعنوان باحث أسلامي , والبغدادية بهذا تكشف عن عدم خبرتها أو عن تعمدها في ألاستثارة التي لامبرر لها , ثم أن الرجل ظهرا خاويا لايمتلك مادة الحوار في موضوع التوترات السياسية فراح يلوك مصطلحات مثل ” الحداثوية ” مما لامسوغ لها سوى التشدق ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]