خاص : ترجمة – آية حسين علي :
تستقبل “أوغندا” حوالي 35 ألف لاجئ شهرياً من “جنوب السودان”، معظمهم من الأطفال والنساء، ويأوي مخيم “بيدي بيدي” الأوغاندي، ما يزيد عن 300 ألف شخص، ويعد هذه المخيم هو الأكبر في إفريقيا إلا أنه يعاني من مشكلات نقص التمويل والغذاء.
واندلع العنف بين حكومة رئيس جنوب السودان، “سالفا كير”، والقوات الموالية لزعيم المعارضة ونائب الرئيس السابق، “رياك مشار”، لأول مرة عام 2013، ثم تجددت في تموز/يوليو الماضي عقب إنهيار اتفاق السلام.
المدارس تحولت إلى كتائب لتجنيد الأطفال..
تحولت المدارس في “جنوب السودان” إلى كتائب لتجنيد الأطفال، إذ تقوم العصابات بتدريبهم على حمل السلاح، وثمة عدة قواعد تتبعها الميليشيات، أولها هو الحرص على قتل أي شخص وفي أي سن، والقاعدة الثانية أنه إذا كان المقتول طفلاً فهذا أفضل لأن ذلك ينقل مسؤولية التطهير العرقي للجيل المقبل.
ولا أحد يعلم كم طفل فُقد حتى الآن من أطفال “جنوب السودان”، لكن من المؤكد أن أعدادهم تقدر بعشرات الآلاف.
أُسر بديلة..
فر أكثر من مليون طفل من المعارك الدائرة بسبب الحرب الأهلية الطاحنة من بلدهم بمفردهم أو بصحبة آخرين إلى “أوغندا وإثيوبيا والكونغو والسودان وإفريقيا الوسطى”.
وفي “أوغندا” وضعت منظمة “يونيسيف”، بالتعاون مع منظمات إنسانية أخرى، برامج لإستقبال هؤلاء الأطفال في مخيمات، وتوفير أُسر بديلة لهم، ويعيش في كل مخيم حوالي ألف طفل، وتقوم “يونيسيف” بعمل مراجعات دورية كل 6 أشهر للتأكد من عدم تعرض الأطفال لأية إعتداءات من أي نوع من جانب الأسر التي تستقبلهم.
جثث الموتى والأسلحة راسخة في مخيلة الأطفال..
صرح أحد المدرسين المكلفين بالتعامل مع الأطفال في المدارس، التي أقيمت بالمخيمات، “يُطلب من كل طفل أن يرسم على ورقة ما يشعر به، في البداية عقب وصولهم يرسمون جثث موتى وأسلحة ودماء، لأن ذلك أكثر ما يؤثر في نفسياتهم ولا يستطيعون إخفاؤه، لكنهم مع الوقت يتعافون”.
الأطفال يشقون طريق الفرار بمفردهم..
قال أحد الأطفال الفارين، يدعى “إيديسون مانديلا”، (14 عاما): “كنا نسمع فقط دوي طلقات الرصاص، وأمرتنا جدتنا بالفرار، فركبنا سيارة بينما كانت تمر من شارعنا حملتنا إلى قرب مدينة موروبو واستكملنا الطريق مشياً على الأقدام ولم يكن معنا طعام”.
وأردف: “أنا أكبر أخواتي، وكان عليَ أن أخبرهم بالحقيقة، وهي أن والدينا ربما يكونوا قد قتلوا”.
وأضاف “مانديلا”: “المحاضرات التي نحضرها في المدرسة هنا أفضل بكثير، ونحصل على قدر كاف من الطعام، كما أن السيدة التي تكفلنا تحاول بذل ما في وسعها كي نصبح أفضل، لكنني لست سعيد هنا في أوغندا وأرغب في العودة إلى منزلي قريباً”.
ويعيش “مانديلا” مع 10 أطفال آخرين، تقوم برعايتهم سيدة تدعى “بيتي ليلى”، بعدما تعهدت بذلك، وقالت إنها تعاني من مشكلة نقص المال، حتى أنها لا تستطيع شراء ملابس لهم من أجل المدرسة، وأوضحت أنهم يحصلون على الطعام من الأمم المتحدة والحكومة.
وحكى “ماريو مارك” (14 عاماً)، أن والده قتل خلال المعارك، وفقد والدته أثناء رحلة الهروب البائسة، كما أنه تعرض لسوء معاملة من جانب خاله المقيم في “أوغندا” بمجرد وصوله، حتى أن الشرطة بلغت عنه وهرب الطفل وبقي في العراء لمدة 4 أيام؛ حتى تم العثور عليه، لذا فهو يعاني من صعوبة في الكلام.
وقالت أمه البديلة، “أبيو”، إن الطفل يعتبر هروبه من خاله حرية، لكنه لا يزال يعاني من عواقب ما فعله به، فهو يتعامل مع باقي الأطفال بصعوبة شديدة.
وأضافت: “منذ أيام تلقينا خبراً جيداً من أحد جيرانه، الذي تمكن من الهرب مؤخراً، إذ أخبرنا بأن والدته انتقلت إلى مخيم أوغاندي أيضاً، ويحاول الصليب الأحمر العثور عليها لجمع شمل العائلة، وإذا تمكنا من تجميعهم من جديد ستكون فرصة جيدة لماريو كي يتعافى من الضغط الذي تعرض له خلال شهور من العنف”.