لكل قضية ثوابتها الجوهرية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بها، أيآ كانت الأسباب ومهما صعبت المراحل، لكونها تعتبر سمة الانتماء القومي وأساس وجودها وقضيتها ومسيرتها النضالية. وصيانتها هوالحافز الرئيس لولادة الحركات والتيارات السياسية في فترات تشكل فيها الأحداث خطورة على كيان الأمة. لذلك يكون العمل السياسي مشروعا في اطار المتغيرات. أما تسييس الثوابت فذلك يصل الى درجة الخيانة. خيانة الأمة، وخيانة المسيرة، وخيانة القضية برمتها. فالشعوب والأمم، على مر العصور، ليست إلا مراحل في تاريخهم القومي الطويل يتوجب على الأجيال المتعاقبة حماية وصيانة كيانهم من خلال وضع أيديولوجية ترسم الخطوط العريضة للعمل السياسي لتصون الأمة من تحديات واقعها المزري، لتجتاز تلك المرحلة بأمان بدون أن يصيب قضيتها ومسيرتها أي تشويه من شأنه أن يؤثر على أستمراريتها، ويجعلها ترسي على هامش التاريخ، ليؤدي ذلك إلى ضياع أجيالها القادمة وانصهارهم في بوتقة الأمم الأخرى. ولكي يتحقق كل ما ذكرته أعلاه يتوجب، لا بل يشترط الحفاظ على تلك الثوابت المتمثلة بمقومات الأمة، هذه المقومات التي توطد أواصر أبنائها وتميزهم عن بقية الأمم والشعوب، يشترك بها كل أبنائها بمختلف انتماءاتهم الدينية والعشائرية والمناطقية.
واذا ألقينا نظرة على قضيتنا القومية الآشورية ومسيرتها النضالية في تاريخنا المعاصر. وتمعنّا، بالأخص، في هذه المرحلة الحرجة التي تعصف بها. فالأحداث تعاقبت سريعا في وقت لم نكن جاهزين أو مهيئين للتغييرات التي أحدثتها. كما أن طبيعة القوى التي برزت على الساحة ونهجها اللا وطني، وتدخل القوى الخارجية والدول الأقليمية في الشأن الداخلي للبلاد، كل هذه العوامل أثرت بشكل سلبي ومباشر على الآشوريين شعبا وأرضا وقضية.
بالأضافة الى كل هذا، وبحكم طبيعة الخلافات الداخلية، ولاسيما الانشقاقات الكنسية القديمة الجديدة، حالت دون أن يكون لنا خطاب قومي موحد تنتهجه كافة مؤسساتنا القومية، سياسية كانت أو اجتماعية أو كنسية، وهذا الخطاب بحد ذاته يساعد في توعية مجتمعنا الآشوري ويسهل عملية تعبئته لاتخاذ المواقف المناسبة في كافة المراحل والظروف مهما كانت شدتها وقسوتها.
وبالنظر لتشخيص وقراءة الأحداث المتسارعة التي حلت على الوطن خلال العشرين سنة الماضية، وتأثر قضيتنا القومية الآشورية بها، سنرى بأنه قد برزت القضية الآشورية على الساحة السياسية العراقية ولأول مرة منذ أحداث سميل الدامية. فتفاعل شعبنا الآشوري، في الداخل وفي المهجر أيضا، مع هذه النقلة الأيجابية. فنشطت الحركة الديمقراطية الآشورية على الساحة السياسية في الوطن مدعومة من قبل شعبنا في الداخل، وكافة مؤسساتنا القومية في المهجر. وبالرغم من قلة الخبرة السياسية لدى غالبية أعضائها إلا أنها لاقت ترحيبا واسعا بين أوساط أمتنا الآشورية بكافة انتماءاتها الكنسية وتلاوينها المذهبية والمناطقية. وتوجت، بذلك، الممثل الشرعي والوحيد في الوطن لقضيتنا القومية. ولاقت الدعم الكامل والمساندة التامة من لدن أبناء أمتنا الآشورية. كما أقرت المعارضة العراقية، وقتذاك، بالحركة متعاملة معها على أساس أنها التيار القومي الآشوري الشرعي الوحيد على الساحة السياسية.
فبالرغم من نهجها وفكرها القومي الآشوري الذي تعوقه خلافاتنا الكنسية على غرار أسلافها من التيارات القومية، ولكنها أثبتت جدارتها وحظيت بثقة شعبنا، ولم تكن الانتخابات التي جـرت في ربيـع عام 1992، لتشكيل حكومة ما يسمى ( كردستان)، إلا دليلا قاطعا على التفاف الجماهير الآشورية حولها. فحصلت على أربعة مقاعد من أصل خمسة مخصصة للآشوريين,. علما ان المنافسين على هذه المقاعد، إضافة الى الحركة، كانا الحزبان الكرديان الرئيسان تحت مسميات مسيحية. والحزب الشيوعي العراقي الذي دخـل المنافسـة تحت قائمـة ( كلدو وآثور) لكسب عاطفة السذج من أبناء أمتنا لاغير، وذلك باللعب على وتر التسميات المقيتة. ومن الجدير بالذكر أن أبناء أمتنا الآشورية المنتمين الى الكنيسة الكلدانية كانوا أكثر عددا في المنطقة ولكن أغلبيتهم وقفوا الى جانب الحركة لأنها كانت تمثل أمل الأمة وطليعتها السياسية، ولم يعيروا أي أهتمام الى التسمية المركبة حينها بأستثناء قلة من الذين كانت لهم مصالح شخصية. وبذلك أخذت المسيرة القومية طريقها القويم. وما أن بدأت تظهر على الساحة السياسية تيارات قومية آشورية أخرى كالحزب الوطني الآشوري، وحزب بيث نهرين الديمقراطي حتى طفت الصراعات الحزبية والشخصية على الساحة واستحوذت على مساحة كبيرة منها، وأثرت تأثيرا سلبيا كبيرا على العمل القومي السياسي وذلك نتيجة شحة وضعف الوعي القومي، وقلة الخبرة السياسية. ولن أخوض في تلك التفاصيل في هذه المقالة لتجنب إطالتها.
ظلت المسيرة القومية تترنح تحت وطأة الصراعات الحزبية، وارتجالية القيادات المتنفذة في هذه الأحزاب، ولكنها ظلت محتفظة بشرعيتها بالرغم من تعثرها بتلك الصراعات. ثم جاءت الولادة القيصرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني وفرضه على شعبنا، ومحاولة إبرازه، من خلال إشراكه في مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام ،2002 من قبل القيادات الكردية كممثل لقومية مستحدثة داخل صفوف شعبنا. وهنا كانت البداية العلانية والفعلية للتدخل الكردي اللامشروع في شؤون الأمة الآشورية الداخلية. فأخفقت تنظيماتنا السياسية في التعامل الصائب مع هذه الحالة وذلك من أجل تأمين مقاعد ومناصب لهم في المؤتمر. فنجحت التجربة الكردية في خرق البيت الآشوري تمهيدا للهيمنة على القرار السياسي ومقدرات الأمة الآشورية.
ولكن الأسوء من كل ذلك حدث بعد سقوط النظام البعثي القمعي في نيسان من عام 2003 حين اتسعت ساحة العمل القومي السياسي لتشمل كافة مدن البلاد. فتحرك بعض الأكليروس في الكنيسة الكلدانية للحصول على مكتسبات كنسية وشخصية مستغلين صراع التسمية كذريعة وغطاء لشرعنة هذا التدخل في الشؤون السياسية الذي لا يليق برجال دين مسيحيين. مستغلين بذلك عاطفة أبناء شعبنا المقسم إلى مذاهب وطوائف. وقد شكل هذا ضغطا مباشرا على التيارات القومية العاملة على الساحة السياسية. فرضخت الأخيرة إلى هذه الضغوط واضعة بنظر الأعتبار، هي الأخرى، المكتسبات الحزبية والشخصية الضيقة. فوقعت الكارثة عندما أسفرت الاجتماعات المستمرة بين بعض المطارنة في الكنيسة الكلدانية وفصائلنا السياسية وأبرزهم الحركة الديمقراطية الآشورية الى الاتفاق على التسمية المركبة. فباشرت الحركة الديمقراطية الآشورية والمنظمة الآثورية الديمقراطية التعبئة لعقد مؤتمر قومي تحت أسم (المؤتمر القومي الكلداني السرياني الآشوري العام). دعيت اليه أغلبية الآحزاب السياسية والمنظمات القومية وجميع طوائف شعبنا الآشوري تمهيدا لشرعنة التسمية المركبة لتحل محل الآشورية. وقد نجحوا، فعلا، في تمرير هذا المشروع الخطير الذي أسقط شرعية الآشورية التي عمدها مئات الآلاف من الشهداء الأبرار بدمائهم الزكية، وناضل من أجلها الرواد القوميون العظماء للحفاظ عليها لكونها لم تكن، يوما، مجرد تسمية فقط وإنما كانت ولم تزل هوية شعب وذاتية أمة، وخصوصية مسيرتها ورمز نضالها وجوهر قضية حية ومشروعة ساهم فيها وضحى من أجلها من كل فئات شعبنا الآشوري، وانضوت تحت لوائها كل أطياف أمتنا الآشورية، اتسموا بها قبل وبعد سقوط كيانها السياسي عام 612 قبل الميلاد. وبذلك تم ضرب القضية القومية في الصميم. فلما كانت الدعوة إلى هذا المؤتمر بحجة إيجاد حل توافقي لتوحيد الصفوف. نجد، وفي فترة قصيرة جدا، تغييرا في المواقف من قبل من عمل جاهدا لإنجاح أنعقاد هذا المؤتمر وإعلان مقاطعة التسمية الهجينة التي شاركوا في صياغتها. فاتضح جليا بأن هذا المؤتمر دعي له بحجة توحيد الصفوف ولكن غاية البعض منه كانت نزع شرعية الآشورية كقضية. ونتيجة هذه المؤامرة أسقطت المسألة الآشورية من طاولة المباحثات وانطوت صفحة أستحقاقاتنا التاريخية. ففي أول خطوة في هذا السياق أجحف الدستور العراقي بحق الأمة الآشورية عندما وضع تسمية طائفية بجوار الآشورية تمهيدا لقضم حقوقنا واستحقاقنا ومحو وجودنا القومي إضافة إلى التهميش الصارخ الذي تعمد كتّاب الدستور أجرائه على مجمل قضيتنا القومية.
وبعد حين أقرت خمسة مقاعد تحت مسمى الكوتا المسيحية لتمثل كافة مسيحيي العراق من الآشوريين بطوائفهم الثلاثة، والأرمن, والعرب والكرد المسيحيين منهم. وبذلك أصبحنا اليوم شعب مغيبة قضيته القومية بالكامل وبالتالي فمن الطبيعي جدا عندما تختفي القضية فلن يكون لها ممثلون، وهذا ما حصل فعلا. أما الذين يشغلون مناصب في الكوتا المسيحية فهم يمثلون مسيحيي العراق عامة، وهذه صفة دينية لا علاقة لها بالشأن القومي. واليوم للمسيحيين الأرمن والعرب والكرد كامل الحق في التنافس على مقاعد الكوتا المسيحية، ولن نتفاجأ إذا ما تربع أكراد أو عرب مسيحيون على هذه المقاعد كممثلين لمسيحيي العراق قاطبة.
يعتبر هذا بحق من أخطر المنعطفات التي مرت بها المسألة الآشورية مهددا كيانها ووجودها والسبب الرئيس يعود الى إسقاط شرعية الهوية الآشورية التي تعتبر قدس أقداس مقوماتنا القومية، وبسطها على طاولة التفاوض من أجل مصالح فئوية ومؤسساتية وحزبية وشخصية، وبالتالي كان المغتصب لأرض آشور من أكثر المستفيدين على الإطلاق. فبغيابها سيتتحق له استملاك هذه الأرض، وتسميتها كما يشاء ويحلو له مما يثير الشكوك بوجود دور له في هذه العملية.
عندما يفقد شعب خصوصيته القومية، وفي نفس الوقت تغيبه الدولة، والقائمين على شؤونها، من دستورها وقوانينها ليظهر كالمهاجر والدخيل في وطنه فمن الطبيعي جدا أن يتعرض الى قتل وتهجير وقمع وترهيب وتعريب وتكريد والى آخره من الممارسات اللاإنسانية واللاوطنية. وهذا ما حدث أمام مرأى ومسمع أبنائه ممن يدعون زورا تمثيله قبل المهيمنين على كافة مراكز القرار في البلاد. فمنذ عام 2004، ولحد يومنا هذا، تصاعدت الحمله الشرسة تدريجيا مستهدفة أبناء أمتنا في جميع أنحاء البلاد من تفجير الكنائس واستهداف مباشر تعرض له شعبنا الآشوري راح ضحيته أكثر من الف شهيد بين أطفال وشيوخ ونساء وتم تهجير مئات الآلاف من مناطق سكناهم، وهاجر أكثر من نصف عدده الى خارج الوطن مذعورين لا معين لهم ولا من يسأل عن أحوالهم ولا من يمثلهم بصدق واخلاص ولا من يدافع عنهم. في الوقت الذي جاءت فيه مواقف ممثلينا السياسيين ورجال الدين خجولة وغير مسؤولة، ومثيرة للتساؤل، ومفرطة في وطنيتها الزائفة اللامبررة، لا بل راحت الى أبعد من ذلك حيث ضل يعارض ممثل المسيحيين في برلمان العراق فكرة إنشاء منطقة آمنة لحماية وجودنا على أرض الوطن. استمرت هذه الممارسات الهمجية ضد أبناء شعبنا العزل الى أن وصلت ذروتها عندما اقتحمت مجموعة أرهابية كنيسة سيدة النجاة سقط على أيديهم أكثر من 50 شهيدا من النساء والأطفال ورجال الدين، فلم يستطع سياسيونا أن يجدوا التصريحات المناسبة للمراوغة والتلاعب بها لتمر هي الأخرى كسابقاتها لما أبداه شعبنا من سخط واشمئزاز إلى درجة شعروا بأنها تهدد مناصبهم وستسقط شرعيتهم لعدم جدوى تواجدهم فيها. فراحوا يبحثون هذه المرة عن بدعة جديدة ليخففوا حجم الضغط الشعبي عليهم. الى أن جاء تصريح رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني، في فرنسا، بعدم ممانعته من إقامة محافظة خاصة بالمسيحيين لينقذ ممثلينا من المأزق الذي وقعوا فيه. فبالرغم من خطابات التخوين والاتهامات المتبادلة، وسعة الفجوة بين فصائلنا السياسية وعدائها لبعضها البعض، وأختلاف مطالبها المتراوحة بين إدارة محلية الى حكم ذاتي. تحولوا بين ليلة وضحاها، وبقدرة قادر إلى رجال بمستوى المسؤولية فأجمعوا على طرح رئيس الجمهورية تاركين وراءهم أجنداتهم، معلنين اللحمة السياسية والاجماع المطلق في تبني مشروع المحافظة. وبدأت التحضيرات لعقد مؤتمر تُدعى اليه كافة الأحزاب السياسية إضافة الى جمعيات ثقافية وأخرى قومية للبت في هذا المشروع. تزامنت هذه الاجتماعات مع انعقاد مؤتمر الأتحاد الآشوري العالمي في عنكاوة في 4/12/2010 مستغلين الفرصة لحفظ ماء الوجه. فاجتمعوا في التاريخ المذكور متفقين على بعض النقاط ذات الصلة، وأي أجماع وأية مطالب!! وفي هذه المرة، أيضا، أسقطوا حقنا المشروع في تشكيل المحـافظـة. فقـد كانـت أبـرز مطـاليبهم، ناهيك عن المحافظة، المطالبـة بتفعـيـل المـادة 35 مـن الدسـتور ( المسودة ) الكردي، والتي تضمن تحقيق الحلم الكردي في ضم سهل نينوى الى إقليمهم المزعوم بعد أن استحال ذلك من خلال تطبيق المادة 140 من الدستور الفيدرالي ما شنّج مواقف التيارات العربية، ولاسيما السنية منها، ضد هذا المشروع الذي يدخل ضمن صراعهم مع القيادات الكردية على منطقة سهل نينوى. فأصبح مشروع المحافظة جزء من الصراع الكردي- العربي ليذهب هذا المطلب المشروع هذه المرة، أيضا، أدراج الرياح. فحتى هذه الساعة، ومنذ إعلان مشروع المحافظة، لم تقدمه أحزابنا السياسية ليطرح في البرلمان الفيدرالي للمناقشة. ترى لماذا ؟؟؟؟ ومتى سيتم ذلك؟؟؟
من الجدير بالذكر بأن المادة 35 من مسودة الوثيقة الكردية تنص على منح الحكم الذاتي لكافة الأقليات في إقليمهم المزعوم في المناطق التي تشكل فيها أغلبية. والسؤال الوجيه هنا يقول: يا ترى في أي منطقة من الإقليم المزعوم نشكل فيه أغلبية؟. وبهذا كان ربط تفعيل المادة 35 من الوثيقة الكردية بمشروع المحافظة، في بيان صادر باسم جميع قياداتنا السياسية، خطأ فادحا إن لم يكن متعمدا حسب التزامات بعض هذه الأحزاب مع القيادات الكردية أدى الى رفض القوى العربية مشروع المحافظة في حين كانت قوافل الهجرة لأبناء شعبنا مستمرة الى خارج الوطن.
هكذا بقي الحراك السياسي لتجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية (سورايا) محصورا في الزيارات المتبادلة لبعضهم بعضا إضافة الى بعض التصريحات التي يضطرون للإدلاء بها فيما يخص الاعتداءات الصارخة والمستمرة على أبناء شعبنا الآشوري، ولعل أبرزها وأخطرها، بعد تأسيس تجمع التنظيمات المذكور، كان على أصحاب المحلات التجارية في زاخو ونوهدرا (دهوك) وديرالوك وشيوز وغيرها من المناطق بالأضافة الى عملية تكريد شهداء صوريا بعد أن لفت رفاتهم بالعلم الكردي وكتبت على قبورهم باللغة الكردية. والاستيلاء على الكثير من أراضي عينكاوة. وأخيرا وليس آخرا مصادرة أراضي قرية كوري كافانا بالأضافة الى الكثير من التجاوزات اليومية. أين يا ترى يقف هذا التجمع المبهم وغير المتجانس فكريا وسياسيا وقوميا وحزبيا من كل هذه الأحداث التي أعقبت تأسيسه؟. بينما نراهم هذه الأيام يشحذون الهمم وتعلو أصواتهم في البرلمان الفيدرالي وتكثر استنكاراتهم وقامت قيامتهم فأنطلقوا بسرعة البرق ليصلوا عتبات الأمم المتحدة مستجدين تدخلها من أجل مقعد بائس في المفوضية العليا للأنتخابات.
إضافة الى كل هذا تقرع مسامعنا في الآونة الأخيرة بعض التوصيات إثر كل اجتماع لهذا التجمع، ولعل أهمها هو التحضير لعقد (مؤتمر قومي عام). (بحيث صرنا في ريبة من هذه المؤتمرات وتراودنا الوساوس والشكوك من غاية انعقادها حتى كاد حرف التاء فيها ينقلب إلى حرف الألف،، ولما لا؟. فقادتنا أصبحوا خبراء في تركيب الأسماء والواوات، لا. بل أثبتوا فشل مقولة لكل قاعدة شواذ فراحوا يصنعون من الشذوذ قواعد. فكما وضحنا أعلاه فعلى إثرانعقاد مؤتمر التسمية المشؤوم في أكتوبر 2003 غابت القضية القومية الآشورية من المنابر السياسية في العالم عامة، وفي العراق على وجه الخصوص. ثم تلاه المؤتمر الذي وحد صفوف الإخوة الأعداء سياسيا في كانون الأول من عام 2010، أيضا، وبدون جدوى ولا تقدم في مجال العمل القومي السياسي. لا. بل إن تداعياته كانت أسوء بكثير.
أعتقد الآن بأن من حقنا أن نثير التساؤل. فقد انعقد مؤتمر في اطار وحدة التسمية، وفي اطار العمل الحزبي الجبهوي انعقد مؤتمر آخر، وعلى إثره انضوت كافة التنظيمات السياسية لاسيما في الوطن تحت لواء التجمع. فإذا ما هي الحاجة والغاية من عقد مؤتمر جديد مجهول البرنامج لحد هذه اللحظة؟ بينما هناك مؤشرات وتلميحات غير رسمية الى إمكانية طرح مسألة العلم القومي، وتواريخ رأس السنة الآشورية ويوم الشهيد الآشوري في المؤتمر المرتقب انعقاده قريبا.
اليوم وبعد أن غُيبت المسألة الآشورية نتيجة التلاعب بهويتها القومية، وأجهضت حقوقها نتيجة المواقف السياسية السيئة لممثليها، وبقيت تعرف بهويتها الدينية فقط. فهل من المعقول والصواب التلاعب بأركانها في وقت صعب ومرحلة حرجة كهذه؟ بالتأكيد كلا. فبمجرد مناقشة هذه الأركان الثلاثة في المؤتمر المزعوم يعني اسقاط شرعيتها، وبذلك فما أن يوضع العلم القومي الذي أحتضنه وشرعنه شعبنا الآشوري كرمز لوجوده على طاولة المباحاثات حتى تعلو أعلام ترمز الى أمم جديدة داخل البيت الآشوري كما حدث في مؤتمر التسمية. وما أن تناقش تواريخ يوم الشهيد الآشوري ورأس السنة الآشورية حتى تسقط شرعيتها وتعلن بدل ذلك أيام للشهداء ورأس السنة ترمز الى أمم داخل الأمة الآشورية. وبذلك حققنا حلم من يريد محو هويتنا القومية، واغتصاب أرضنا التاريخية، وطمس قضيتنا العادلة والمصيرية لنتحول الى أمم جديدة مشكوك في أمرها وانتماءها. لا قضية ولا حقوق لها على الإطلاق. وبذلك يكتمل المشروع الكبير الرامي الى الغاء قضيتنا، وقطع أواصرنا بجذورنا الآشورية الموغلة في التاريخ، والالتفاف على أستحقاقاتنا القومية، وبالتالي إلغاء وجودنا ومحوه كليآ. لذا يجب على القائمين على هذا المؤتمر أن يعوا هذا الأمر جيدا، وأن يدركوا بأن صبر هذه الأمة بدأ بالنفاذ. فلا مجال لهكذا خطوة خطيرة من شأنها أن تنقلنا من دوامة الى أخرى لا يحمد عقباها. وبالتالي هم سيكونوا المسؤولين أولا وأخيرا أمام الشعب، ويتحملون كافة النتائج التي تؤول إليها مثل هذه المحاولات الخطيرة. فمن الآن يجب أن يوضع حد لها(ان وجدت) ولا مجال لطرحها في المؤتمر المرتقب فبمجرد مناقشتها يعني إسقاط شرعيتها وحينها لن يكون هناك خط رجعة لإصلاح الخطأ التاريخي وتبعاته.
سيبقى العلم الآشوري رمز وجودنا، وملكا للشعب لا أحد غيره. والسابع من آب ذكرى شهدائنا على مر العصور وعيدهم المقدس. وسيحل علينا الأول من نيسان من كل عام ليذكرنا باستمرارية مسيرتنا القومية الطويلة، ورمزا لعظمة أجدادنا، يمدنا بالأمل ويقوي إيماننا بسمو قضيتنا القومية الآشورية. فحتما سنعود يوما الى أرضنا، أرض آشور المقدسة لنسترد أمجاد أجدادنا ونبني الحضارة من جديد.