23 ديسمبر، 2024 8:36 م

الأرجوحة وأقاصيص اخرى

الأرجوحة وأقاصيص اخرى

الأرجوحة
رأيتها من بعيد، فأقتربت أكثر. تلبس ثوبها الأحمر المطعّم بالزهور الخضراء. يتطاير شعرها الأسود الطويل في كل الأتجاهات. ضحكاتها تملأ المكان. المحظوظ يدفع الأرجوحة المعلّقة بحبلين من خوص بين شجرتين تحملان ثمارا طيبة.
على حين غرّة، طارت السندريلا لتحطّ على كتفي، طيرا من طيور الجنة. يتوقف الزمن، وتتقطع نياط القلب، في حين ظلّت الأرجوحة تصعد وتنزل في مكان خلا من كائنات حية.

أستمتاع من نوع ما
كلما أطرق بابها أحسّ أن قلبي يغادر مكانه بغية رؤيتها. أشعر أحيانا أنها تبتعد عني قاصدة. عندما أكون بين أصدقائي أصغي لصوتها، أكاد أسمعه. تزورني دون أستئذان فتفرض نفسها على كياني.
أظنكم جميعا تعرفونها. هي القصة القصيرة جدا. لا زلت مستمتعا معها في السرير.

لحية تولستوي
يدخل الزوجان صالة السينما. القاعة باردة نوعا ما والحضور على عدد الأصابع. تبتاع الزوجة مشروبا غازيا وتستريح في كرسيّها كأنها على وشك أن تنام، غير آبهة بأعلانات تجارية رخيصة. يداعب الزوج تلفونه الجوّال. سيبدأ الفيلم بعد قليل، والممثلة بدور “آنا كارنينا” ستحب الشاب الجميل، ذاك الفارس الذي لا يعرف القتال. يعلم الزوجان نهاية الحكاية.
على حين غرة، شوهد تولستوي بلحيته الكثّة وهو يتمشى في صالة السينما، فيجلس في الوسط بين الزوجين ليعقد قرانهما من جديد، حتى تفرح آنا كارنينا وتظلّ على قيد الحياة!.

ورد اصطناعي
تقف أمام الناس في شارع مزدحم، مغنيّة المدينة المحترفة وهي تلبس تنورتها القصيرة السوداء المرقطة مع جوارب حمراء طويلة غطّت ساقين لا تفتأ ترقصّهما على صوت الموسيقى العذب. أخذت بالغناء فتجّمعت حمامات الشارع حولها وصار الناس يصفقون فرحانين، حتى تحوّل الغناء الى شكوى من كثرة الديون ومن الأموال المصروفة على شراء الأحذية النسائية ومن تأخرها في دفع أيجار شقتها وأنها لا معيل لها..فجأة خرج من بين جمع الناس رجل عجوز بهندام محتشم فغطّى المغنية المحترفة بسترته الرمادية ومشى معها بعد أن ملأ قبعتها بالجنيهات وأهداها وردة أصطناعية.

القنّاص
أشول..يضع سبابته على زناد سلاحه ذي السبطانة الممتدة بين حجر بيت خرب..يثبت عينه على فرضة وشعيرة بأتجاه بيت جار له قديم. كان هو وأبن الجار يلعبان بدراجتيهما سوية يوما ويسابقان الريح. لا زال الهدف بعيدا..لم يظهر، ولكنها الرصاصة التي أنطلقت فخّر القنّاص مضرجا بدمه.