26 نوفمبر، 2024 5:39 م
Search
Close this search box.

حينما اصبح وزيرا للصحة. اولا: تشخيص الخلل

حينما اصبح وزيرا للصحة. اولا: تشخيص الخلل

هذه المقاله هي مقاله افتراضية اضع فيها نفسي وزيرا للصحة لاقوم ببضعة خطوات لتصحيح الواقع الصحي في العراق ولست مطالبا فيها باي شيء ولا اوجه فيها انتقادا لاحد فكل انسان حر نفسه ونجاحة يتبع انجازاته وتفكيره رهن به واعماله تتبع إرادته بداية اريد ان اشير الى ان الدولة التي لاتهتم بالنظام الصحي معرضة للخطر نتيجة للسخط المتزايد من قبل الجمهور ضد السلطة في حال اهمال الصحة حيث انه من البديهي ان اهم ما لدى الانسان هو حياته وبلا صحة لاتوجد حياة ولا اريد في معرض هذا الكلام التطرق الى الزراعه والاعمار فهما لايقلان اهمية عنها والترتيب هو الطعام والصحة والسكن.
اذا فالمطلوب بالنسبة للصحة هو التالي
اولا:- تشخيص الخلل
ان اهم خطوة للتصحيح هي تشخيص الخلل في الاداء ليعرف المقوم للخلل على ماذا يعمل لكي لاتضيع جهوده هباءا ويبقى يحول حول امور لاعلاقة لها بالواقع وبالتالي يفقد القدرة على النهوض بالواقع الصحي من خلال تجاوز المعوقات. الخلل في الواقع الصحي متعدد الاسباب واهم هذه الاسباب هي الامور التالية:-
1.قلة عدد الاطباء في العراق والذين لايتجاوز عددهم 17 الفا والسبب في ذلك هو هجرة الاطباء لاسباب كثيرة الى خارج العراق.. ان الطبيب الذي يخسره العراق لا يعوض ابدا على الاطلاق ومتوهم من يظن ان بالامكان تعويضه حيث ان تجهيز طبيب واحد بدلا عن من ترك الوطن يحتاج اولا الى 24 سنه من الوقت وثانيا الى مجهودات تدريسية من جديد ومصاريف الجامعات والمدارس وهذه كلها خسائر للدولة واما عن عدم امكانية تعويضه فتكمن في ان هذا الطبيب الذي تم اعداده للتعويض يكون عديم الخبرة في حين ان من خسرناه ستكون له خبرة 26 سنه في الوقت الذي جهز فيه الطبيب الجديد ولذا نجد ان الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة ترحب بأي طبيب يأتي اليهم من اي مكان بعد ضمان قدراته الطبيه بإمتحان كفاءة لكي تتجنب المتاعب والمصاريف في تجهيز طبيب بدلا من اخذه جاهزا من من لايعرف كيفية الحفاظ عليه.. طبعا هذا الامر ينطبق على كل الكفاءات ولكنها ليست معرض الحديث. كذلك يعزى نقص عدد الاطباء الى قلة الجامعات والكليات المؤهله لتخريج الاطباء ويجب الانتباه الى ان العدد يجب ان لايكون على حساب النوعية في الاطباء لانهم بالذات يتعاملون مع حياة الناس وكلية الطب يجب ان تولى اهتماما شديدا لتخريج اطباء بكفاءة عالية وليس مجرد فتح كليات لتخريج اطباء بغض النظرعن قدراتهم الطبيه
اما عن اسباب خروج الاطباء من البلد فأهمها ما يلي:-
ا.الوضع العام في البلد من ناحية الارهاب والتهديدات وعدم الاستقرار الامني فحياة الانسان هي اعز مايملك ولايضاهيها شيء.
ب.الضعف الاقتصادي والتضخم بالنسبة للرواتب المصروفه من قبل الدولة خذ على سبيل المثال طبيبا مقيما دوريا او اقدما في اي مستشفى في العراق تجد ان مرتبه الشهري هو930 الف دينار اي ما يعادل حوالي 750 دولار فاذا كان هذا الطبيب متزوجا من امرأة عاطلة عن العمل فإن حياة هذا الطبيب تضحي جحيما بعد صرفه 400 الف دينار للايجار وتتبقى لديه 500 الف دينار للنقل ومتطلبات الحياة الاخرى من ماء وكهرباء واجور مولد وطعام وما الى ذلك من امور اخرى مما يؤدي بالطبيب الى ان يكون ماديا في التعامل المستقبلي مع المرضى.
ج.سوء الادارة وعدم المهنيه في التعامل مع الاطباء من قبل رؤسائهم حيث ان اغلب المدراء ليسوا بمهنيه عالية وليسوا مؤهلين للقيام باعمالهم على اتم وجه وعادة ما يصدرون اوامر بلا دراية يكون مردودها سلبا على الاطباء ووينعكس اثرها على ادائهم وعلى تعاملهم مع المريض وهذه الاوامر دوما اجتهادات فردية لاتاتي عن دراسة مع لجان.
د.غياب الترفيه غيابا شبه تام وخصوصا في المحافظات عدا العاصمة بغداد حيث انك لاتجد نقابة حقيقة (مجرد جهات تصدر الهويات ولاشيء اخر) ولا تجد منتدى للاطباء او نادي ترفيهي لتخفيف وطأة ضغوط العمل عن كاهلهم ليعودوا نشطين من جديد للعمل بكفاءة اعلى بل وحتى لاتوجد اماكن ترفيه عامة بمستوى عال.
ه.صعوبات السكن وبعد الاطباء عن مسقط رأسهم وكثرة التنقلات وعدم توفير سكن ملائم للاطباء المتزوجين الجدد من المقيمين الدوريين والاقدمين مما يضيف ضغوطا اعلى عليهم وربما الطبيب وهو اعلى شهادة بكلوريوس علمية في البلد لايملك دارا خاصة به الا بعد 15 او 20 سنه من تعيينه اي حينما يتجاوز الاربعين من العمر وبعد افتتاحة لعيادة خاصة يجمع منها ماله عن طريق المرضى بطريقة او باخرى.
و.الشعور بالاضطهاد من قبل الطبيب من الجميع فلا حماية ولاقوانين تخدمه بل يترك للمراجع ليفعل به ما يشاء والامثلة على المشاكل في ذلك كثيرة لست بحاجة الى التطرق اليها.
ز.انعدام الحس الوطني للكثيرين من ابناء العراق وشعورهم بان ولادتهم في العراق كانت لعنه عليهم وهذا الشعور موجود ولا نستطيع طمر رؤوسنا بالتراب والقول ببطلانه والكثيرين من مدعي الوطنيه تجدهم قولا لافعلا ولست في صدد الحديث عن الوطنية حاليا فالانسان الوطني لايمكن ان يسيء الى وطنه باي طريقة كانت ولا يتركه الا مكرها لابطل.
2.عدم وضوح الرؤيا من قبل الجهات العليا من حيث القطاع الخاص والعام وعدم وجود اليات لتحديد العمل و ضبط الخدمات المقدمة فاضحى المريض يضطر للذهاب الى المستشفيات الخاصة ليلقى رعاية افضل من المؤسسات الحكومية وهذا امر مرتبط لدرجة كبيرة ببعض النقاط اعلاه.
3.انعدام التخطيط انعداما تاما في المؤسسات الصحية وتحجيم دوره في وضع الخطط الحقيقية للنهوض بواقع الصحة واضحى التخطيط مجرد قسم يهتم بتوزيع الاطباء وكثيرا مايكون هذا التوزيع غير مبني على رؤى رصينة وغياب الفكر البناء في مرافق الوزارة لشديد الاسف فتجد الاوامر تنتهي والرؤى تنهتي بمجرد تغيير الشخص المسؤول عن قسم معين او تغيير الوزير في حين ان الخطط الموضوعه يجب الاستمرار بها وهذا هو صميم عمل التخطيط.
4.شعور الموظف في الصحة بان الدوام هو اسقاط واجب لاخذ الراتب نهاية الشهر وليس مهنه لتقديم خدمة للمرضى وابناء الوطن ابتداء والاسباب في ذلك هي تقريبا نفس الاسباب المؤدية الى هجرة الاطباء والواجب تصحيحها.
5.انعدام التوعية الصحية في الاعلام انعداما تاما وجعلها حصرا بالمؤسسات الصحية مما لايصل الى كافة الشعب وعادة يكون المريض ليس في مزاج لتلقي توعية صحية ولا تصل التوعية في هذه الحاله لهدفها ولا تؤدي غرضها لذا تجد ردهات الطواريء مثلا في المستشفيات تغص بالمصابين بالصداع والانفلونزا في حين ان هذه الامور تعالج في المراكز الصحية ولاحاجة للمرور بردهة الطواريء اي ان المواطن اضحى لايميز بين الحالات الطارئة والحالات غير الطارئة مما يسبب انهاكا شديدا ومشاكل للاطباء والعاملين في ردهات الطواريء وازدحاما كذلك في العيادات الاستشارية في المستشفيات وخلو المراكز الصحية تقريبا من المراجعين مقارنة باعدادهم في العيادات الاستشارية الصباحية في المستشفيات.
6.عدم الاهتمام بالطبيب والكادر الصحي والعاملين في المؤسسات الصحية من ناحية التعليم ما بعد الكلية وانشاء كوادر ضعيفي خبرة طبيه وقلة التعليم السريري واختلافه من مستشفى لاخر وضعف الاعداد المهني لكل العاملين في المستشفيات من الادارة الى عمال الخدمة وعدم تدريبهم على اعمالهم بصورة وافية وعدم مراقبتهم وتعليمهم تعليما سريريا صحيحا داخل المستشفيات مما يؤثر سلبا على الاداء العام اذ ان المستشفى سلسله عند انقطاع احد حلقاتها تنقطع السلسلة وينحدر مستوى العمل.
7.النقص الشديد في الكادر التمريضي النسوي وافتقار اغلب المستشفيات الى كادر نسوي لعدم رغبة خريجات كليات التمريض بالعمل في المستشفيات لضغوط عرفية او اجتماعية.
8.قدم وقلة بنايات المستشفيات وعدم كفايتها للحاجة وسوء توزيعها نسبة للمسافات التي ازدادت بعد انشائها في المحافظات كافة.
هذه اهم المشاكل التي تعوق عمل الصحة حاليا وان سهوت عن امور اخرى فلكوني فرد وفكري قاصر مهما كان وحينما تكون هنالك لجان تقوم بدراسة الامر ستصل الى ماهو ادق واعمق ولكن للخطوط العريضة قلت ما سبق وان شاء الله في مقال اخر سآتي على الحلول والخطط لتجاوز اغلب هذه المشاكل.

أحدث المقالات