ليس بالأمرِ المفاجئ الشعور فِي أنَنَا قد أصبحنا نعيشُ فِي زمانٍ يندر فيه عدم ظهور مشكلات متباينة التأثير، أو التعرض لمختلفِ الأزمات، ما يوجب ضرورة استعداد القيادات الإدارية المسبق للتعاملِ بفاعليةٍ مع جملةِ المخاطر المترتبة عَلَى ما يحتمل حدوثه مِنْ ظروفٍ مفاجئة – ربما تكون خارجة عَنْ تقديراتِ الإدارات المعنية – بالركونِ إلى استشاراتِ العلماء والمتخصصين، وَالَّذين بوسعهم المساهمة الجادة فِي إعدادِ خطط الطوارئ العاجلة الكفيلة بتحشيدِ الموارد الخاصة بالمؤسسات الرسمية والمنظمات غير الحكومية كافة الساندة لها؛ لأجلِ مواجهة الأزمات عند حدوثها بقصدِ التخفيف مِنْ شدتها والسعي لدرءِ أخطارها، فضلاً عَنْ المحافظةِ عَلَى أرواحِ المواطنين وممتلكاتهم، وحماية مسيرة الدولة وصيانةِ مؤسساتها، وَلَا أدل عَلَى ذلك مِنْ تبني الأجهزة التنفيذية المعنية استعدادات مبكرة لمواجهةِ الفيضانات وتجمعات المياه المتوقع حصولها خلال مواسم الأمطار. وَالْمُلْفِت أَنَّ حكومات بعض البلدان عمدت إلى إنشاءِ دوائر متخصصة بإدارة الأزمات والكوارث لها كيان ذاتي مستقل وتتمتع بشخصية قانونية؛ لأجلِ توفير أسلوب منظم للتعاملِ مع الظروفِ غير الطبيعية المتوقع حدوثها بالاستنادِ إلى أحدثِ المعايير العلمية وما متاح مِن المعلوماتِ والبيانات الَّتِي جرى جمعها وتحليلها مسبقاً، وَالَّتِي تلزم جميع الأجهزة التنفيذية بالعملِ عَلَى وفقِ مفهوم العمل الجماعي فِي مواجهةِ أيِّ أزمة أو كارثة محتملة؛ بالنظرِ لما يفضي إليه المفهوم المذكور آنفاً مِنْ أثر إيجابي يضمن عمل جميع الإدارات كفريقٍ واحد متكاتف، فضلاً عَنْ إمكانيةِ تعبئة ما متيسر مِن مواردٍ في جميع قِطاعات البلاد، مع العرضِ أَنَّ خططَ العمل كفيلة بتحديدِ مسؤولية كُل جهة أو قطاع قبل الأزمة وإثناءها. ويضاف إلى ذلك الاهتداء إلى دراسةِ ما قد يظهر مِنْ أخطاءٍ بشكلٍ موضوعي بعد الانتهاء مِن الأزمة بهدفِ تفادي حدوثها خلال الأزمات الأخرى. كذلك يجري التركيز عَلَى وظيفة الإرشاد مِنْ خلالِ تحديدِ أهم المخاطر والأزمات المحتملة والتعريف بطبيعةِ الخطط الخاصة بمواجهتها، بالإضافةِ إلى الاهتمام بنشرِ الوعي ما بين المواطنين.
لا نبعد عَنْ الصَوَابِ إذا قُلْنَا إنَّ الزلزالَ الَّذِي ضرب عاصمتنا الحبيبية وبعض مناطق البلاد الأخرى – بدرجات متفاوتة الشدة والتأثير – مساء الأحد الماضي، حمل فِي طياته الكثير مِن النتائجِ الَّتِي تتطلب وقفة جادة مِنْ مفاصلِ الأجهزة الحكومية المعنية؛ إذ كان سكان العاصمة يعيشون حالة ذهول ولا يعلمون ما ينبغي أنْ يفعلوه مِنْ هولِ الصدمة، وأدهى مِنْ ذلك غياب الدور التوعوي المفترض لوسائل الإعلام المحلي، فإلى جانبِ غياب مراسلي القنوات الفضائية المعنيين بنقلِ الوقائع بأسرعِ ما يمكن والجهد فِي إجراءِ اتصالات مباشرة مع المتخصصين لبث الاطمئنان فِي نفوسِ الأهالي وإرشادهم، بادرت إحدى القنوات المهمة إلى بثِ خبرٍ عاجل بطريقةٍ تفتقر إلى المهنية فِي تحريرِ الخبر، حيث أعلنت عَن حدوثِ زلزالٍ بمدينة كركوك وهروب الناس إلى الشوارع، حيث أَنَّ تضخيمَ الأحداث وتهويلها مِنْ شأنه المساهمة فِي سريانِ الإشاعة الَّتِي يترتب عَلَيها أحداثِ هلعٍ ورعب لدى الأهالي، فضلاً عَن قيامِ أحد المراسلين للقناةِ ذاتها بنقل مشاهدٍ حية مِنْ أطرافِ مدينة السليمانية لسياراتٍ تسير فِي أحد الشوارع ملمحاً إلى عدمِ حصول هزة أرضية فِي المدينة، فِي وقتٍ كانت فيه وسائل إعلام عربية وأجنبية تنقل مشاهد لآثارِ الزلزال فِي ذاتِ المدينة، وأما أسئلة مذيعي الأخبار للمراسلين فقد كانت تؤشر ضعفاً واضحاً فِي الأبجديةِ الإعلامية!!.
فِي أمَانِ الله.