22 ديسمبر، 2024 10:51 ص

الى وزير النقل الغيور , لاتربط الميناء بإقتصاد اليونان المنهار حتى لا ينهار كاسر الإمواج

الى وزير النقل الغيور , لاتربط الميناء بإقتصاد اليونان المنهار حتى لا ينهار كاسر الإمواج

من البشائر المطمئنة على نجاح مشروع ميناء الفاو الكبير , هي الغيرة الوطنية الطافحة التي آتسم  بها وزير النقل العراقي , السيد هادي العامري , لقد إبدى اصرارا نادرَ المثال على الإنطلاق بهذا العمل و مواصلته , ضاربا مثلا في انه على إستعدادٍ لنصب خيمةَ على موقع العمل و المكوث فيها لتشجيع سير العمل بجديةِ و اصرارِ على متابعة التنفيذ  . كما تناقلت الأخبار .ان هذا السلوك الوطني يُحفزنا على الاصطفاف معه لإنجاح مساعيه  ,و لو بإبداء الرأي و المشورة , وها نحن نفعل, مستمدين الرأي من معطيات موقعنا الأستشاري في مراقبة السوق العالمية و إقتصاد دول السوق الاوربية المشتركة , اننا  ها هنا نُطلق تحذيرا و نسوق مبرراته. اننا نحذر من مغبة ربط إقتصاد الموانئ العراقية الناهض بإقتصاد اليونان المتسارع الانهيار . و ذلك بما يخص مشروع ميناء الفاو الكبيروتحديدا بما يخص مناقصة بناء كاسر الأمواج  ,الذي تناقلت وكالات الانباء ان شركة يونانية قدمت أوطأ عروض الأسعار , بالطبع ستبدي الشركة اليونانية الكثير من الوعود و التسهيلات للفوز بهذه الفرصة , و لكن وعودها و امانيها الصادقة  ,  سوف لا تقوى  على الوفاء و الصمود امام عواصف اعصار الانهيار الاقتصادي لبلدها , ومن ثم فهي إذ لا يمكن ان تخترع نظاما خاصا بها خارج  سياقها الوطني , لذا فإن السياقات المصرفية وقوانين العمل و التداعيات الاجتماعية , ستكون بالغة التأثير فيها .و من البديهي القول بتفاعل العضو  مع سائر البدن , أي ان الشركة اليونانية المنفذة هي العضو في البدن الاقتصادي المحموم لبلدها  ! . بعد هذا الإستطراد الذي لابد منه , يتحتم السؤال المهم و هو:- ما الذي يجري في اليونان ؟ و لماذا هذا الحذر  من  شؤم التعامل معه؟
حسنا , سنورد بعض الشواهد الصارخة و المختصرة التي يستوعبهاهذا الحيز من الكتابة , و نرى انها كافية لتنم عن حقيقة الوضع , و هي اشارات واضحة كافية للحد من المضي قُدُما في طريق إقتصادي محفوف بالمخاطر.
لقد حذّرَ رئيس الوزراء اليوناني إنكونيوس ساماراس من انهيار المجتمع اليوناني , إذ صرّح  لصحيفة ( هاند لسبلات) الألمانية , في 5 أكتوبر الجاري , ان اليونان الديمقراطية تواجه أكبرتحدٍ لها وهوصعود قوى يسارية متطرفة , هكذا عبّرعن مخاوفه , و لتقدير حجم المخاطر المتوقعة  لننتبه الى تصريحات النائب الشاب و الزعيم اليساري تيسبيراس الذي احتل  حزبه المنتمي لتيار اليسارالمركز الثاني في الانتخابات العامة من خلال وعده بإلغاء الاتفاق الخاص بالدين اليوناني الذي وقعه قادة اليونان السابقون في فبراير (شباط) الماضي
، لقد دخل في لعبة رهان عالية المخاطر مع قادة أوروبا. فبينما تدافعوا لوضع خطط طوارئ في حالة خروج اليونان من منطقة اليورو، أعلن تسيبراس عن موقفه وجعل بقية دول أوروبا ترتجف خوفا من التداعيات المدمرة المحتملة في حال اتخاذه تلك الخطوة.
وقال تسيبراس،  وعلى وجهه ابتسامة، أثناء مقابلة أجريت في مكتبه  في البرلمان اليوناني:«إنني أحب بالفعل لعب البوكر». وأضاف: «هدفنا ليس ابتزازهم أو ترويعهم وإنما زعزعة كيانهم»، وقال: «نود إقناعهم. إنهم بحاجة لتغيير السياسات في اليونان والسياسات في أوروبا، وإلا ستكون أوروبا معرضة لخطر فادح».
وقال تسيبراس: «منطقة اليورو هي سلسلة مؤلفة من 17 حلقة. وفي حال انكسرت واحدة من تلك الحلقات، ينفرط العقد بأكمله».
وبينما تطالب أحزاب سياسية أخرى الآن في اليونان بالتفاوض على اتفاق الدين اليوناني، وضع تسيبراس، اليساري غير الخبير الذي قد يصبح رئيس وزراء اليونان في إنتخابات قادمة، في مواجهة مع مقرضي اليونان. وفي المقابلة، قال إنه لن ينكث وعوده برفض شروط حزمة إنقاذ اليونان التي ألقت بصعاب جسيمة على كاهل عامة الشعب اليوناني، وهو موقف ربما يقود مقرضي اليونان إلى عدم تقديم مزيد من المساعدات والدفع باليونان إلى حالة من العجز عن  سداد الديون  و فيما يتلق بالتعاون مع اليونان من جهة العراق لابد من الفكير بحذر وعمق مع بلد يضع بعض قادته خططا إنتحارية للاقي رواجا  وقبولا شعبيا على نطاق واسع ان مثل هذا الارتباط المجازف ربما يعمل على عرقلة مشروع ميناء الفاو و الزج به في متاهة محاكمات حقوقية دولية و تدميره برمته لاسمح الله
وتتركز الأسئلة الان حول حجم التنازلات والتعديلات التي سيطلب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد إدخالها على صفقة القروض التي حصلت عليها اليونان، وقيمتها 110 بلايين يورو في أيار 2010 و 130 بليوناً في آذار (مارس) 2012. ويخضع صرف الأقساط المالية إلى شروط التنفيذ الكامل لإجراءات التقشف الشديدة وإصلاحات النظام الضريبي والتي أدت إلى حد الآن إلى اتساع مساحات الفقر في البلاد وزيادة غضب الأوساط الشعبية والنتائج السلبية التي طالت المؤسسات الاقتصادية والتجارية وإفلاس كثير منها وانعدام الثقة في النظام المصرفي وفي حال معدوم الثقة بالمستقبل  ! لا مبرر لدخول وزارة النقل في مجازفة تاريخية كبرى , دون اي جدوى , وقد توفرت بدائل على قدر كبير من الاقتدار الاقتصادي و التمكن والمهارة في التنفيذ , ويمكن مفاوضتها من أجل التنازل عن الفارق في السعر ليتساوى مع السعر اليوناني وكذلك تحديد مصدر  صخور تبطين  كاسر الامواج  و جهة انتاج الأسمنت و نوع المعدات , وكذلك ستكون مواجهة صعبة في حال خروج اليونان من اليورو
فمن جانبها، ترى صحيفة «وول ستريت جورنال» أن سيناريو خروج اليونان من اليورو سيبدأ بإعلان اليونان إجازة وطنية لعدة أيام تقوم الحكومة خلالها بإغلاق جميع البنوك وماكينات السحب حتى تمنع تحويلات اليورو خارج البلاد. ثم يقوم البنك المركزي بتحويل جميع حسابات اليورو إلى الدراخما. ثم يتم تشجيع المواطنين على استخدام بطاقات الائتمان بدلا من النقد إلى حين طباعة عملة الدراخما. وبعد طباعة الدراخما يتم تعويمها مقابل اليورو . وحينا كيف ستكون تعاملات العراق المصرفية؟ و الى أي تعقيد مرعب ستنجر؟!
هذه خلاصة سريعة للتنبيه على المخاطر المتوقعة التي نهيب بالسيد وزير النقل تجنبها  رغم الاغراءات التاي ستبديه الشركة اليونانية بتشبث و استماته . انه مستقبل وطن و ارزاق شعب عانى الأمرين  .و لابد من قرار شجاع بإحالة  مشروع بناء كاسر الامواج الى شركة لاحقه ذات تاريخ معروف في تطوير الموانئ ومن بلد مستقر البنى الاقتصادية .وبذلك يخطو الوزير العامري الخطوة الواثقة المحمودة التي ستحسبها له الاجيال اللاحقة بتوفيق الله .