23 ديسمبر، 2024 8:44 م

نظرية الحركة الجوهرية والشامانية مهداة للصديق فيصل الياسري

نظرية الحركة الجوهرية والشامانية مهداة للصديق فيصل الياسري

أعجبني أهتمام الصديق ألاستاذ فيصل الياسري بالشامانية ذات المنشأ الصربي وهي طريقة من الطرق البشرية التي تحاول معرفة ظواهر الغيب ولو في مجال المرض القدر الملازم لفسلجية الخلية عند الكائنات الحية جميعا , ولذلك عندما كان ألامام علي عليه السلام في وعكة صحية مر عليه أحد اللئام فقال غامزا وشامتا : كيف تجد نفسك ياعلي ؟
فقال علي عليه السلام : ” بشر ” ؟
أي أن البشر : يمرض , ويضعف , ثم يموت .
ومن هنا ظل المرض  , والضعف , والموت , يكتنفهما الغموض
ولم يستطع الطب بكل أنجازاته أن يتغلب على ذلك الغموض , لآنه لم يستطع معالجة كل ألامراض ؟
وعند علماء الطب لم تكن مهمة علم الطب تجاوز حدود الغيب , ولكن هذه رغبة عند الناس لاسيما الذين لايعرفون حدود الغيب وعالم الغيب , ولذلك كثر المنجمون , والكهنة والسحرة والمشعوذون , حتى أن بعض ألاتقادات الذهنية التي تظهر عند البعض من خواطر وصور تعتمل في النفس وتتقد في المدركات العقلية فتجعل لآصحابها رؤية للحوادث غير منفصلة عن فيزياء الكم التي جعلت من أنشتاين أبا للنظرية النسبية ومن ثم للقنبلة الذرية , وغير منفصلة عن كيمياء الدم والهرمونات التي تشكل خريطة وجغرافية لغة الجسد وعلم ألاشارات , ولكن هذه جميعا ماهي ألا ألتماعات ذهنية مثلما خرجت لنا علماء أكتشفوا قوانين الجاذبية والضوء وسرعته والصوت وسرعته , والكهرباء , والبنسلين , والتخدير , واللقاح , وألاستنساخ , والسفر في الفضاء وكل هذه ألانجازات حصلت بعيدا عن أستحضار بوصلة السماء لذلك كانت مصحوبة بالثغرات وألاخطاء مثل ” حرب النجوم ”
مما جعل ” الباراسيكولوجي ” وعلم الطاقة , يبحثان عن الروح حتى بدأت ألابحاث الفضائية تأخذ ذلك بالحسبان ولكن ليس بمفهوم بوصلة السماء التي تقول : ” وللله غيب السماوات وألارض واليه يرجع ألامر كله , فأعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون” – 163- هود –
وأذا كانت الشامانية قد أعتبرت منذ العام 1980 من قبل منظمة الصحة العالمية طريقة من طرق العلاج التي فتحت الباب واسعا لما يعرف ” بالطب البديل ” والذي دخلت عليه عناصر تكثر ألادعاء فتغري المرضى من أصحاب الحاجة بما هو ليس من العلم ولم يكن بديلا حقيقيا , فالطب لابديل له ألا الطب القائم على العلم قال تعالى ” وأذا مرضت فهو يشفين ” وقال تعالى في قصة يوسف وكيف رجع البصر الى النبي يعقوب بمجرد أن شم ريح يوسف من قميصه الذي كان يحمله أخوته وعندما ألقي القميص على وجه يعقوب أرتد بصيرا ” فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فأرتد بصيرا قال ألم أقل لكم أني أعلم مالاتعلمون ” – 96- يوسف –
والشامانية التي راحت تدور حول عالم المغيبات لاتستطيع أن تفسر رجوع البصر الى يعقوب من قميص يوسف , مثلما لاتستطيع أن تفسر كيف تمكن ذو القرنين في ذلك الزمن القديم من قطع المسافة بين شرق ألارض وغربها ” أي مشرق الشمس ومغربها ” وكيف تسنى له بناء السدود , وكيف توصل الى صناعة الحديد والنحاس  وعمل اللحام ؟
مثلما لاتستطيع الشامانية تفسير رحلة ريادة الفضاء ألاولى بأرتفاع عيسى عليه السلام الى السماء , وبرحلة ألاسراء والمعراج التي كان رائدها خاتم ألانبياء والمرسلين محمد بن عبد الله “ص” ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد ألاقصا الذي باركنا حوله لنريه من أياتنا أنه هو السميع البصير ” – 1- ألاسراء –
وأذا كانت الشامانية تتحدث عن عدم وجود فراغ في الكون فقد سبقتها الى ذلك ألايات القرأنية التي قالت : ” وما من دابة في ألارض ولا طائر يطير بجناحيه ألا أمم أمثالكم ” وقال تعالى ” وما من شيئ ألا يسبح بحمده ” والشيئ وألاشياء هي كل الموجودات , معادن , نباتات , حيوانات , بشر , جن , ملائكة , وقال تعالى ” ثم أستوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللآرض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ” 11- فصلت – وقال تعالى ” .. الله الذي أنطق كل شيئ وهو خلقكم أول مرة واليه ترجعون ” 21- فصلت –
وقال تعالى ” وماقدروا الله حق قدره وألارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ” 67- الزمر – وقال تعالى ” فصعق من في السماوات ومن في ألارض ألا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فأذا هم قيام ينظرون ” 68- الزمر – فالصعق لمن يدرك ويحس ويشعر وهذا مشمول به كل ألاشياء , وألاشياء هي ماذكرنا أنفا ,
وعلى هذا ألاساس وهذه الرؤية العلمية قامت نظرية الحركة الجوهرية التي نظمها وأخرج مستنتجاتها من علوم أهل البيت عليهم السلام الذين قال عنهم علي بن أبي طالب : سلوني قبل أن تفقدوني فأني أعلم بطرق السماوات من طرق ألارض ” وقال ألامام الصادق في تفسير معجزات الكون والخلق من قبل الله تعالى الذي قال ” أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها ”
وألامام الصادق كان يجيب الدهريين ومن لايؤمن بقدرة الله بالنظر والتأمل في ” الذهبة الجامدة والفضة المائعة ” ويقصد بذلك صفار البيض وبياضه وكيف يحافظ على التوازن ولا يختلط بعضهما بألاخر ؟ ومثلما ضرب الله مثلا ببرزخ البحرين هذا ملح أجاج وهذا عذب سائغ شرابه ؟ من فعل ذلك ومن جعله منتظما كما نراه؟
ونظرية الحركة الجوهرية التي شرحها ” صدر المتألهين الشيرازي ” صاحب كتاب ألاسفار ألاربعة في الحكمة المتعالية حيث بين بطريقة فلسفية أن كل ألاشياء في حركة من معادن والذي كانوا يسمونه خطأ بالجماد , بينما تعطيه نظرية السماء حيوية منقطعة النظير في الشعور والحس والحركة وألانفعال ” لو أنزلنا هذا القرأن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ” وقال تعالى ” ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وأن من الحجارة لما يتفجر منه ألانهار وأن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وأن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون ” -74- البقرة –
فالحركة الدائمة في الجزيئات والذرات وما هو أصغر من الذرات التي أشار اليها القرأن وعبر عنها علم الفيزياء الذرية ” بالكوارتز” هو من أهتمامات نظرية الحركة الجوهرية في القرن الحادي عشر الهجري ونحن اليوم في القرن الخامس عشر الهجري أي أن نظرية الحركة الجوهرية قبل أربعة قرون مما يجعلها تسبق كل المبادرات العلمية والفلسفية على طريق تفسير حركة الكون الذي تحدث عنه القرأن بلغة علمية معتبرا أياه متوفرا على الشعور وألاحساس بما تمنحه معرفة بخالقه ” يسبح للله مافي السماوات وما في ألارض ” والتسبيح هو التنزيه وهو فعل عبادي يقوم به من له القدرة على ألادراك والتفاعل وتلك هي أسرار الكون المعجز
ومن هنا تبقى الشامانية متأخرة رتبة في سلم معرفة الحركة الجوهرية زمنيا ومتأخرة مراتب كثيرة في معرفة العلاقة بين مكونات الخلية ” وأذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين ” وهذا كشف عن حتمية العهد بين الخالق والمخلوق مثل حتمية العلاقة بين السماء وألارض التي تحدثت عنها ألاية القرأنية ” قل لو كان في ألارض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ” .
والحركة الجوهرية من خلال ألاسفار ألاربعة  وهي من الحق الى الخلق ومن الخلق الى الخلق وهي رسالة الرسول والنبي وألامام ثم من الخلق الى الحق , وفي كل هذا المسار لاتغفل وجود المخلوقات ألاخرى التي تتفاعل مع الحدث عندما يكون صادرا عن السماء بينما لايتحدث الطب البديل عن ذلك ولا الشامانية التي أعتبرت جزءا من الطب البديل ولذلك تبقى خطوة تحتاج الى تصحيح البوصلة بأتجاه السماء المرجعية الكونية لكل شيئ .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]