التجرد والحيادية يقضيان البحث وفق ما موجود من دلائل ومعطيات للوصول لنتيجة صحيحة وإستقراء سليم للأحداث والوقائع المستقبلية . وهذا ما يجب الإلتزام به حين عرض الأمور على طاولة النقاش وعرضها أمام الرأي العام ، ولا قيمة لأي إعتبار في مقابل الحقيقة . إن الملاحظ على إيران ومنذ أن نجحت ثورة ولاية الفقيه فيها وهي تخطط لإحياء مملكتها ، وتحلم بإقامة دولة إيران الكبرى ، أو ما يعرف بالهلال الشيعي الذي يمتد ليشمل سوريا والعراق والأردن وجنوب الجزيرة ، لذلك راحت إيران تعمل على إبراز نفسها كزعيمة للعالم الإسلامي ، والمناصرة لقضاياه ، وأخذت تتبني خطاباً سياسياً علنياً تدغدغ به مشاعر الملايين من المسلمين ، وتعبث بعواطفهم . بينما الواقع أثبت خلاف ذلك تماما ، فحكومة إيران هي حكومة ذات بُعد طائفي تتفاعل مع شيعة المنطقة ومع من يخدم مصالحها وينفذ أجندتها أينما وجد ، وأخذت على عاتقها مَدِّهم بمختلف وسائل الدعم دون النظر إلى شرعية تلك المصالح أو شرعية ذلك الدعم . الطائفية ما هي إلّا منتج ثقافي يمثل أسوأ إفرازات العقل عندما يتحجر ويفقد صلته بنور السماء . والطائفية السياسية تخلق ثوابت منهجية في إفتعال مستمر لوجود بعبع للتهديد وإثارة الهلع والرعب في الحياة العامة ، وهو ما يساعد على الدفع باتجاه اللجوء في كل تفاصيل الحياة إلى الركون للفكر الطائفي . وهذا ما حصل في العراق وفي بعض دول المنطقة . ففي العراق وبإعتبار المالكي وحكومته ما هي إلّا خامنئية الولادة والحضانة ، رضعت السياسة والتوجهات الخامنائية ونما عودها على هذا الأساس نموا لا يقبل الإنفطام ! ، وبالتالي لا نتوقع من حكومة المالكي أن تعارض ما يخالف توجهات طائفية الفقيه ! وهذا الأمر غير مقتصر على الشأن العراقي الداخلي ، بل تعدّى إلى شؤون دول المنطقة ، وعند الشأن السوري الخبر اليقين ! ما ينبغي أن يكون هو أن يتمتع العراق بقرار ذاتي متمخض عن مصلحة البلاد لا مصلحة إيران ، فلماذا نربط مصيرنا بمصير إيران ؟ العراق يختلف بكثير من الأمور عن إيران ، الأمر الذي يستدعي عدم تفكير العراق بنفس العقلية الإيرانية ، فلكل ظروف ومعطيات رؤى خاصة ومواقف خاصة ، الموضوع قائم على أساس ظروف بلد بأكمله لا على أساس طائفة معينة ، إيران تحكمها طائفة معينة بذاتها شاءت أم أبت المكونات الأخرى وفقا لدكتاتورية وطائفية الفقيه ، وهذا ما لا يمكن أن يكون في العراق إطلاقا ، فلماذا وإلى متى تبقى حكومة المالكي تفكر وتسير وفقا للمنوال الإيراني ؟! وعلى المالكي أن يسأل نفسه ، هل سيضمن ديمومة الدعم الإيراني إذا ما تعارض ذلك مع مصالحها ؟ وهل سيستطيع الخامنئي من إنقاذه عند مثوله أمام القضاء عاجلا أم آجلا ؟ وهل سينجو المالكي من حساب ربّه يوم لا ينفع لا خامنئي ولا بشار ؟!