خاص – كتابات :
على عكس الرغبة السعودية في إشعال الحرب بالمنطقة ومد الفوضى، المشتعلة أصلاً في مناطق كثيرة، إلى الأراضي اللبنانية بزعم مواجهة النفوذ الإيراني وذراعه الطولى بلبنان المتمثلة في “حزب الله” عبر عمل عسكري كبير.. يأتي الموقف المصري رافضاً لتلك الحرب المتوقعة على أرض الآرز أو أي مواجهة مسلحة ضد إيران.
منطقة تفيض بالحروب ولا مجال لمعارك أخرى..
نعم اختار الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” أن يسير هذه المرة ضد قرار الرياض ومملكة “آل سلمان”؛ بإيقاظ نذر الحرب التي باتت تلوح في الأفق.. لكن السؤال الذي سارع إلى طرحه محللون سياسيون.. كيف للرجل الذي جاء بعد إطاحته بحكم “الإخوان المسلمين” من السلطة بمساعدة كبرى وضخمة من السعودية ودول الخليج – باستثناء قطر – أن يعصي أمراً لملك السعودية “سلمان بن عبد العزيز” ؟!
قال “السيسي” كلماته تلك، خلال منتدى عالمي للشباب من جميع البلدان نظمته مصر في مدينة شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر في سيناء، وتحديداً في لقاء متلفز مع مذيعة قناة (CNBC) الأميركية.. موضحاً أن الاستقرار في المنطقة شيء مهم جداً.. وعلى الجميع حمايته.
وقدم نصيحته، بعد أن وجهت له المذيعة سؤالاً حاداً حول عدم وجود نية لديه للانقضاض على “حزب الله”، بالرد بأن الأمر ليس انقضاضاً من عدمه، وعلى جميع الأطراف أن تعلم أن المنطقة تفيض بالحروب والقلاقل وعدم الاستقرار.. وأنه لا يرغب في زيادة زعزعة استقرارها أكثر بالحروب.
هل يخشى الرئيس المصري على بلاده أم على مكانه في الحكم ؟
علينا أن نحمي استقرارنا وأمننا، فهل يخشى الرجل أن تتورط بلاده في حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، أم أنه يرفض أن يتأثر مقعده في السلطة من نيران معارك قد تتورط فيها بلاده وهو مقبل على انتخابات رئاسية لفترة ثانية في حزيران/يونيو 2018 ؟
لقد بين “السيسي” أنه على الآخرين أيضاً أن يحموا هذا الاستقرار، وعاد ليكررها ثانية.. المنطقة لا تتحمل مزيداً من الاضطرابات.. هذه رسالتنا.. أمن وسلامة لبنان ووحدته الوطنية أهم.. الدولة الوطنية في لبنان تحمي وحدتها واستقلالها.. مضيفاً بأن الموضوع لا يتعلق باتخاذ إجراءات ضد “حزب الله” من عدمه.. إنه يتعلق بهشاشة الاستقرار في المنطقة.. هشاشة الاستقرار الذي تواجهه دول مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال وغيرها.. علينا أن ندعم الاستقرار وليس زيادة عدم الاستقرار بأي إجراءات أخرى.. !
“السيسي” لا يملك قراره !
حول رأيه في تصريحات الرئيس المصري، التي عبر خلالها عن رفضه الصريح لاستهداف “حزب الله” بأي عمل عسكري، علق المتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية “آدم إيرلي”، بقوله إن “السيسي” يعتمد على المملكة العربية السعودية والإمارات للبقاء على قيد الحياة اقتصادياً وسياسياً، واعتراضه على استهداف “حزب الله” أو إيران ليس مهما.. !
ولفت المتحد الأميركي السابق إلى أن المهم من وجهة نظره هو أن أمن السعودية معرض للخطر على يد “حزب الله” وإيران؛ وهو ذات الخطر الذي تتعرض له الإمارات العربية ودول الخليج الأخرى.. وبالتالي لابد من العمل لحماية هذه الدول عن طريق تصعيد النزاع والمواجهة مع إيران.
إن لم تشارك مصر فهناك إجماع عالمي على مواجهة إيران !
في المقابل، رد وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير”، على تصريحات “السيسي”، في مقابلة مع شبكة (CNBC) الأميركية، مساء التاسع من تشرين ثان/نوفمبر 2017، بقوله إنه يعتقد أن تصريح الرئيس المصري يتماشى مع ما يفكر به الجميع في المنطقة، إذ علينا أن نجد طرقاً للحد من نفوذ “حزب الله” وأضراره، وعلينا أن نجد سبلاً للضغط على أنشطة “حزب الله” الإرهابية ومشاركته في شؤون بلدان أخرى بناء على طلب إيران، وليس هناك تناقض في المواقف، رغم أن “السيسي” لم يتطرق إلى أي كلمة تتهم “حزب الله اللبناني” بالإرهاب.
كما بدا واضحاً من تصريحات “الجبير”؛ أن “السيسي” غير عازم على مساعدة مملكة “آل سلمان” في أي معركة ضد “حزب الله” بقوله: “إن لدينا عدداً كبيراً من البلدان في جميع أنحاء العالم، إن لم يكن جميع البلدان عدا إيران، تعارض أنشطة حزب الله الإرهابية وخطف حزب الله للدولة اللبنانية، وعليه لسنا وحدنا في هذا”.. ما يعني أن السعودية قد عقدت العزم وبيتت النية للتحرك نحو لبنان، لكن من أرضية دولية أخرى ليست فيها أي مشاركة مصرية، فعلى من تتكأ الرياض في معركتها هذه ؟!
كي لا يخسر الدعم المالي !
لقد أمسك “السيسي” العصا من المنتصف كي لا يقطع عنه الدعم المالي الذي تحتاجه بلاده، فسارع إلى تغطية حديثه عن رفض الحرب على لبنان بقوله مجدداً: “نطالب بعدم زيادة التوتر في المنطقة، لكن ليس على حساب أمن واستقرار الخليج، إذ إن أمن الخليج من أمن مصر، وأمن مصر من أمن الخليج، خاصة السعودية والإمارات والبحرين والكويت، ولابد أن يتعامل الجميع معنا في هذا الإطار”.
كما أن الرجل لا يرغب في أي تصريح من شأنه معاداة إيران وأتباعها في البلدان العربية، إذ إنه أصبح يعتمد على بعض اتفاقات النفط مع بغداد، ويعلم جيداً أن غضب طهران يعني قطع شحنات النفط العراقي عن بلاده !