أثار قانون الأحوال الشخصية الجديد. لغطا وجدلا في الأوساط الشعبية والسياسية والقانونية, هذا القانون هو احد الألغام التي حشرت بين مواد الدستور العراقي لعام 2005 , وهي المادة ( 41) التي تنص بان (العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون). القانون الجديد يراد به أنشاء محاكم شرعية تملي أرادتها على القضاء ومحاكم الأحوال الشخصية, تتدخل بعمل القضاء وتمزيق النسيج الاجتماعي وتشيع الفرقة بين مكونات الشعب , لم يقلى هذا القانون ترحيب من الشارع العراقي ومن جميع مكونات , فقد خرجت تظاهرات شعبية ومنظمات مجتمع مدني في شارع المتنبي تندد بمرور هذا القانون ,وطالب “يونامي” عبر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق” أليان كوفيج” بأجراء مشاركة واسعة لمناقشة مسودة وبما يخص زواج القاصرات هذا القانون, واعتبره رجال قانون بأنه جاء في وقت غير مناسب ولا توجد ضرورة في الوقت الحاضر, خصوصا وان هناك قوانين أهم لا زالت معطلة,وجاء في زمن حرج من عمر البرلمان العراقي وقواتنا المسلحة والحشد تحقق انتصارات على عصابات الجهل والظلام, والأجدر ان نحتفل بهذه الانتصارات ويشرع البرلمان قوانين تهم الشعب لا تشيع الفرقة والتمزق والتطاول على القانون والدستور
وردا على السؤال , لا توجد ايجابية ولا ضرورة لطرح هذا التعديل لا من حيث المبدأ ولا من حيث التوقيت ولا من الناحية الأخلاقية والاجتماعية, قانون متخم بنقاط الضعف وانتهاك القانون النافذ والدستور, فتعديل قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي أرسلته الحكومة للبرلمان انتهاك صريح و واضح للدستور العراقي ولقانون الأحوال الشخصية النافذ رقم” 188لسنة 1959 المعدل” والمعمول به منذ أكثر من خمسة عقود ولم يحدث اي شرخ في النظام الأسري والاجتماعي وأعطى للمرأة والطفل كافة الحقوق واعتمد في تشريعه احترام المذاهب الخمسة, التعديل انتهاك للماد (5) من الدستوري العراقي التي تنصت على سيادة القانون, عندما أعطى العلوية للمحاكم الشرعية على القانون وهو بحد ذاته يعد تطاول على سيادة الدولة المكومة بسيادة القانون المدني منذ تأسيسها عام 1921 ,وكذلك أعطى شرعية للوقف الشيعي والسني بان يفرض رائيه على قاضي الأحوال الشخصية, ناسي المشرع او متناسي بان الوقف دائرة تابعة للمؤسسة التنفيذية وخاضعة للقانون الإداري في التعين والدرجات الوظيفية وهذا تدخل من قبل المؤسسة التنفيذية في أعمال المؤسسة القضائية ويخالف مبدءا الفصل بين السلطات, ومخالفة واضحة أخرى للدستور العراقي للمادة (88) التي تنص (القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة)” الدستور العراقي”
وهذا تهميش واضح للقضاء ومحاولة فرض سلطة التشريع على القانون, ويفتح المجال لإيجاد دكاكين للتشريع من مذاهب واديان أخرى.
استهان التعديل الجديد بعقد الزواج وعرضه الى التشويه عندما وصفه بعقد ” استمتاع فقط” في حين وصفة القانون النافذ رقم 188 لسنة 59 وفق (المادة الثالثة: 1 -الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايته إنشاء رابطة الحياة المشتركة والنسل. )” قانون الأحوال الشخصية”
ويعتقد المشرع للقانون الجديد بأنه أعطى حق للمرأة عندما منحها وكالة نفسها في حالة تريد الطلاق, ناسي بان هذا الاجتهاد يفكك المجتمع والأسرة فمجرد ” خصام بسيط يمكن ان تطلب المرأة الطلاق, ثم يرجع المشرع ويجبر المرأة بالسكن مع زوجات أخريات (ضرة)وهذا تناقض لنصوص القانونية, بينما تنص لمادة السادسة والعشرين من قانون الأحوال الشخصية 188لسنة 1959 : 1 -ليس للزوج أن يسكن مع زوجته بغير رضاها ضرتها في دار واحدة, كذلك ورد في التعديل لا يتم عقد زواج البنت او المرأة البالغ دون رضا الوالدين . واخطر ما في التعديل هو انتهاكه للطفولة عندما حدد سن الزواج بعمر ” تسع سنوات” هذا السن لا تكتمل فيه الأهلية العقلية ولا الصحية وينافي للأخلاق والأعراف في المجتمع العراقي , ويشبه الى حد كبير اغتصاب الطفولة وقوانين النكاح المشرع من قبل الجماعات التكفيرية , وزواج أسواق ” النخاسة” , بينما اعتبر القانون النافذ في مادته السابعة أولا” سن الثامنة عشر والأهلية العقلية والصحية.
وأخيرا ومن اجل عدم تمرير مثل هكذا قوانين تسعى لفرض أرادات فردية على القانون والدستور الذي تخضع له الأفراد والدولة بكافة مؤسساتها ويعتبر من يخرج عنه خارج عن القانون ويحاسب. أيضا تتحمل لجنة شؤون المرأة في مجلس النواب مسؤوليتها القانونية والأخلاقية والتاريخية وكذلك منظمات المجتمع المدني, باعتبارهما النخبة التي يعقد عليها الرهان في الدفاع عن الأسرة والمرأة والطفولة, بتقديم طلب الى المحاكم المختصة بالطعن بهذا القانون لغرض أحالته الى المحكمة الاتحادية.