من الواضح جداً أن للحسين عليه السلام وثورته وإحيائها أهمية استثنائية في الفكر والتراث الإسلامي، وقد كشف عن تلك الأهمية ما صدر من النبي وأهل بيته والصحابة من مواقف وأحاديث تتعلق بالحسين ونهضته ووجوب نصرته وثواب إحياء ذكراه وزيارته بالشكل الذي ينسجم مع جوهر الثورة والأهداف الحسينية.
إن إحياء ثورة الحسين وامتدادها عبر التاريخ حتى قبل وقوعها وقبل ولادة الإمام الحسين ليس لمجرد التحسيس بفظاعة المأساة، وإثارة العواطف، وإسالة الدموع، وإن كانت هذه الأمور مشروعة، ولكن عندما ننظر إلى الأهداف التي خرج من أجلها الحسين عليه السلام والتي أعلنها في خطاباته وبياناته وجسدها في مواقفه وكذلك الكيفية التي حث عليها النبي وأهل بيته في إحياء ثورة الحسين ، تكشف لنا أن إحياء الثورة الحسينية والتأكيد عليه إنما هو من أجل تحقيق الأهداف الإلهية الرسالية الإنسانية التي ارتبطت وتلازمت مع نهضة الحسين من أجل الإصلاح الذي يستوعب جميع مجالات الحياة إصلاح للقلب وللعقل وللإرادة، وإصلاح للسلوك وإصلاح للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها،
وبهذا الصدد يقول أحد العلماء المحققين المعاصرين:
((أصبحت ثورة الحسين ونهضته وتضحيته هي الهدف والغاية التي ملكت القلوب وصُـهرت أمامهـا النفـوس فانقادت لها بشوق ولهفة حاملة الأرواح على الأكفّ راغبة في رضا الله تعالى لنصرة أوليائه وتحقيق الأهـداف الإلهيـة الرسالية الخالدة ، وبعد معرفة هذا يحصل عندنا الاطمئنـان بل اليقين أن إحياء ثورة الإمام وامتدادها عبر التاريخ حتى قبل وقوعها وقبل ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) علـى أيدي الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) وعلى يـد خـاتم الأنبياء(صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيّه(عليه الـسلام) وامتدادها عبر العوالم في السماوات والأرضين – كما عرفنـا سابقًاً – كلّ ذلك لم يكن إلا من أجل تحقيق الأهداف الإلهيـة التي خُلق الإنسان من أجلها وصدرت الأحكام الشرعية من أجل تحقيقها وتلك الأهداف وتحقيقها جعلـها الله تعـالى مرتبطة ومتلازمة مع ثورة ونهضة الإمـام الحـسين (عليـه السلام).
وعلى ضوء ما تقدم يتضح بشكل جلي أن إحياء أمر أو شعائر الإمام الحسين عليه السلام ينبغي أن يكون مستوعباً لشخصية ونهضة الإمام بكل أبعادها وأهدافه، إحياء أهداف النهضة الحسينية والتي حددها عليه السلام بقوله: إنما خرجت لطلب الإصلاح…