في مساء السبت بتوقيت المملكة العربية السعودية تحركت مجموعات من قوات الامن السعودي انطلقت من فندق ريتز – كارلتون في الرياض باتجاهات مختلفة لتعود مصطحبة معها 11 أميراً و38 وزيراً ونائب وزير حاليين وسابقين وتم احتجازهم في فندق الكارلتون الذي تم تفريغه لهذا الغرض لتكون هذه التحركات خاتمة ليوم سبت طويل قد يكون الاطول في تاريخ المملكة منذ ان تحرك الملك المؤسس من الكويت لاحتلال الرياض .
كان ذلك السبت قد بدء بقرارات متعددة كان اهمها واخطرها اعفاء الامير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز من رئاسة الحرس الوطني وهو المنصب الذي ورثه عن ابيه الملك الراحل والذي قضى اكثر من خمسين عاما في ذلك المنصب في قيادة تلك القوات التي تتكون في معظمها من قبيلة شمر اخوال الملك عبد الله ، القرار الثاني هو تعيين الامير خالد بن عياف من فرع ال مقرن ال سعود رئيسا للحرس الوطني وهو ابن عبد العزيز بن محمد بن عياف، والذي شغل منصب وكيلًا للحرس الوطني سابقًا وجده مقرن هو جد آل سعود وعياف هو عم سعود جد الفرع الحاكم في المملكة , تلى ذلك قرار بانهاء خدمات قائد القوات البحرية الفريق عبدالله بن سلطان بن محمد السلطان وهو ابن امير محافظة الخبراء بمنطقة القصيم السابق واحالته على التقاعد وترقية اللواء فهد بن عبد الله الغفيلي قائد الاسطول الشرقي الى رتبة فريق وتعيينه قائدا للفوات البحرية , كما صدر امر ملكي باعفاء المهندس عادل بن محمد فقيه وهو ابن رجل الأعمال الراحل محمد بن عبد القادر فقيه من منصبه وزيرا للاقتصاد والتخطيط وتعيين محمد بن مزيد التويجرى بدلا عنه
كان ابرز القرارات التي صدرت انشاء لجنة باسم لجنة مكافحة الفساد برئاسة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ، وبعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة وقد اجتمعت اللجنة في نفس اليوم لتصدر قرارات بتوقيف العديد من الامراء والوزراء ورجال الاعمال من ابرزهم الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني المعفى من منصبه والأمير تركي بن عبدالله بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض سابقا والملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز و الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة السابق، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ال سعود نائب وزير الدفاع السابق. كما شملت الاعتقالات خالد بن عبد العزيز التويجري ابن نائب رئيس الحرس الوطني الاسبق عبد العزيز التويجري المقرب جدا من الملك عبد الله وكان خالد يعتبر ملك السعودية غير المتوج اثناء حكم الملك عبدالله بن عبد العزيز اثناء تولية منصب رئيس الديوان الملكي وهو المنصب الذي طرد منه في اول يوم تولى الملك سلمان سدة الحكم . ومن أبرز الوزراء الحاليين الذين تم اعتقالهم إبراهيم بن عبد العزيزالعساف وزير الدولة الحالي ووزير المالية السابق.أيضا من أبرز المسؤولين السابقين الموقوفين: عادل فقيه وزير الاقتصاد والتخطيط المعفى أمس، محمد الطبيشي رئيس المراسم الملكية في الديوان الملكي السعودي سابقا، عمرو الدباغ محافظ هيئة الاستثمار السابق، وسعود الدرويش الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة الاتصالات السعودية.ومن أبرز رجال الأعمال الموقوفين: صالح عبدالله كامل زوج الفنانة صفا ابو السعود ومالك محطة الاي ار تي واثنين من ابنائه ، والوليد الإبراهيم مالك مجموعة mbc وشقيق الاميرة الجوهرة الابراهيم ارملة الملك فهد بن عبد العزيز وام ولده الامير عبد العزيز بن فهد الذي اختفى منذ عدة اشهر ، وخالد الملحم المدير العام لشركة الخطوط الجوية السعودية السابق،ورجل الاعمال بكر بن لادن رئيس مجموعة بن لادن، ورجل الأعمال محمد العمودي . وكشف النائب العام السعودي، سعود بن عبد الله المعجب، وضع الأمراء والمسؤولين المحتجزين على ذمة اتهامهم بالفساد والرشوة , كما تم استدعاء مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ال الشيخ لاستصدار فتوى بان مكافحة الفساد تعادل مكافحة الارهاب . في نفس الوقت لقي الأمير منصور بن مقرن ابن الامير مقرن بن عبد العزيز، نائب أمير منطقة عسير، جنوب غربي المملكة، مصرعه الأحد، في تحطم مروحية كانت تقله مع عدد من المسؤولين السعوديين وكما هو معلوم بان الامير مقرن بن عبد العزيز كان ولي العهد للملك سلمان بن عبد العزيز بوصية من الملك عبد الله بن عبد العزيز الا ان الملك سلمان تمكن من ازاحته بعد فترة قصيرة لفسح المجال لتعيين الامير محمد بن سلمان وليا لولي العهد ثم وليا للعهد .
اصابت تلك التطورات والتغييرات المتسارعة العالم بالذهول في محاولة فهم الاسباب التي حركت تلك التطورات فالعالم يعرف بان الامير محمد بن سلمان يسعى الى الوصول الى سدة الحكم خلفا لوالده الذي يعاني من امراض التقدم في العمر وان هناك معارضة داخل العائلة المالكة لذلك التوجه والتي تلتف حول الامير احمد بن عبد العزيز الابن الحادي والثلاثين للملك عبد العزيز ال سعود الا ان كافة تحركات الامير محمد بن سلمان كانت تسير بصورة حذرة لتجنب اثارة معارضة مفتوحة داخل الاسرة , اذن ماالذي جعل الامير يتحرك بهذه الصورة المستعجلة ؟
لفهم اسباب الحركة السريعة والمستعجلة يجب العودة الى مساء يوم الخميس حين استلم الامير محمد مكالمة هاتفية دفعته الى الغاء كافة التزاماته ومواعيده ليهرع بصورة مستعجلة وسرية الى دولة عربية مجاورة عرفت بتنسيقها العالي مع المملكة وفي اثناء اجتماع حضره اربعة اشخاص فقط من بينهم رئيس عمليات شركة امنية امريكية معروفة جدا تم ابلاغ الامير بان هناك تحركا ضمن الاسرة الحاكمة للاطاحة به وبوالده بانقلاب عسكري تقوم به وحدات الحرس الوطني بقيادة متعب بن عبد العزيز للمناداة بالامير احمد بن عبد العزيز ملكا وبالامير متعب وليا للعهد وان هذا التحرك سيكون في فجر يوم الاحد كما تم تزويده بكافة الاسماء المشاركة في هذا التحرك ومن ضمنها ابناء الامير طلال بن عبد العزيز وخصوصا الامير الوليد الساخط على تهميشه وعائلته في اتخاذ القرارات داخل الاسرة بالرغم من انه يعتقد باعتباره ابرز رجال الاعمال في العالم فهو يستحق ان يمنح مساحة اوسع كذلك السخط الذي يشعر به ال الابراهيم نتيجة لما تعرض له ابن اختهم الامير عبد العزيز بن فهد من معاملة واختفائه داخل المملكة منذ عودته من باريس وكذلك المؤسسة الدينية والتي تشعر بان توجهات الامير محمد بن سلمان قد قلصت من دورها في المجتمع السعودي وخصوصا بعد الغاء هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
كانت المعضلة الاهم التي طرحت اثناء الاجتماع هو كيفية ايقاف التحركات ضد الامير محمد ووالده الملك سلمان دون اثارة ردود فعل داخلية وخارجية نتيجة للعلاقات الواسعة التي تحظى بها الاسماء المتهمة بالحركة . كان اول الخيارات المطروحة هو يجب ان يتم السيطرة على المؤسسة الدينية من خلال المفتي وهو الامر الذي يمكن السيطرة عليه داخليا الامر الاصعب هو تقديم تفسير مقنع للاطراف الخارجية . كان الخيار المطروح هو الاتهام بالفساد الاداري والمالي فهي التهمة الوحيدة التي يمكنها من ان تقيد وتضعف اي محاولة للاطراف الدولية وخصوصا الادارة الامريكية من التدخل لحماية بعض الامراء الذين يتمتعون بعلاقات ممتازة مع الادارة الامريكية وخصوصا الامير متعب وعلاقاته بالبنتاغون الامريكي . كما ان جميع الاسماء التي ذكرت هي لاشخاص يمثلون ثقلا عسكريا وسياسيا واقتصاديا واعلاميا داخل وخارج المملكة وان اي فرصة لافلات اي منهم شخصيا يعني ان تنقلب الامور في غير صالح الامير المتطلع للحكم لذلك تم استغلال حادث اطلاق صاروخ بالستي من اليمن باتجاه مطار الامير خالد ليتم الاعلان عن منع اي طيران خاص داخل المملكة وبهذا تم حرمان اي من المتنفذين من فرصة الافلات بطائرته الخاصة الى خارج المملكة .
على اثر الاجتماع عاد الامير الى الرياض مع قوات تابعة لشركة امنية كبيرة واتخذ مقر اركان في فندق ريتز كارلتون الرياض وكانت بداية التحرك في اقتلاع المخالب العسكرية لاي تحرك بعزل الامير متعب من الحرس الوطني كما تم التحرك لمنع الامير تركي شقيق الامير متعب وهو رجل ذو خلفية عسكرية من الاتصال بقيادات الحرس الوطني التي تدين بالولاء للامير متعب ووالده الراحل وقد لوحظ انتشار قوات عسكرية في المناطق المحيطة بقصور الامراء من العائلة المالكة.
اذن نجحت تحركات الامير في ايقاف نشاط خصومه واصبح جميع المعارضين لتوليه سدة الحكم بصورة مباشرة خلف القضبان الحريرية لفندق كارلتون كما ان جميع ارصدتهم وثرواتهم والتي قدرت بحوالي اثنين تريليون دولار تحت قبضته ولكن السؤال الذي يطرح الان هل سيستمر ذلك النجاح ليعلن نهاية عهد اسرة عبد العزيز ال سعود وبداية عهد اسرة سلمان هذا ماسوف تجيب عليه الايام المقبلة ولكن مما لاشك فيه بان التاريخ السعودي بعد سبت يوم الرابع من تشرين الثاني لعام 2017 هو غير ماكان قبل ذلك التاريخ .