مُحلل إسرائيلي : بعد 100 عام .. لا يزال “وعد بلفور” يطرح حل السلام على العرب !

مُحلل إسرائيلي : بعد 100 عام .. لا يزال “وعد بلفور” يطرح حل السلام على العرب !

خاص : ترجمة – سعد عبد العزيز :

سيظل الشعب اليهودي كلما حل شهر تشرين ثان/نوفمبر من كل عام يحتفل بالذكرى السنوية لـ”وعد بلفور” الذي منح اليهود وطناً قومياً في فلسطين بعد ألفي عام من الشتات. وفي هذه المناسبة نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” مقالاً للكاتب الإسرائيلي “كين جاكوبسون” تحدث فيه عن العلاقة المزعومة التي تربط بين اليهود وأرض فلسطين، وأكد على أن “وعد بلفور” حقق الحلم الصهيوني, ولكنه أيضاً يتيح للشعبين الفلسطيني واليهودي حق تقرير المصير والعيش في سلام وأمان.

عام الاحتفالات لإسرائيل..

يقول “جاكوبسون” إن هذا العام يحمل الكثير من المناسبات والذكريات السارة بالنسبة لإسرائيل, التي تحتفل هذه السنة بمرور 120 عاماً على انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول, كما تُحيي الذكرى المئوية لـ”وعد بلفور” ولمرور 70 عاماً على قرار الأمم المتحدة بإقامة دولة يهودية.

كما يحتفل الإسرائيليون هذا العام أيضاً بالذكرى الـ 50 لحرب 1967 والذكرى الـ 40 للزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري الراحل “أنور السادات” إلى مدينة القدس.

يلفت الكاتب الإسرائيلي إلى أنه بالإضافة إلى كون تلك المناسبات تمثل محطات هامة في مسيرة إقامة الدولة اليهودية وضمان أمنها، فإن القاسم المشترك لها جميعاً هو التأكيد على العلاقة بين دولة إسرائيل الحديثة وتاريخ الشعب اليهودي. فالتوقيع على “وعد بلفور”، الذي يحتفل به الشعب الإسرائيلي في هذا الشهر، يؤكد تلك العلاقة لاسيما في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ شعب إسرائيل.

“وعد بلفور” وأهمية التوقيت..

يرى “جاكوبسون” أنه حتى موعد إصدار “وعد بلفور”، أي بعد 20 عاماً من تأسيس الحركة الصهيونية، لم يتمكن قادة الحركة الصهيونية من الحصول على أي اعتراف بحق الشعب اليهودي في إقامة وطن قومي له في فلسطين. وحقيقة أن البريطانيين قد أعربوا في تشرين ثان/نوفمبر 1917 عن دعمهم لإقامة وطن قومي لليهود – عندما كانت الحرب العالمية الأولى لاتزال في أوجها, وحينما كان العثمانيون لايزالون يسيطرون على فلسطين – كانت تمثل في حد ذاتها انطلاقة هائلة. وازدادت أهمية “وعد بلفور” عندما قامت القوات البريطانية بهزيمة الأتراك والاستيلاء على فلسطين.

حلم “تيودور هرتزل” يتحقق..

يشير الكاتب الإسرائيلي إلى إنه منذ إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين تدهورت العلاقات بين البريطانيين والحركة الصهيونية. ولكن “وعد بلفور” كان بمثابة حقيقة منتهية ولحظة فارقة في تاريخ الحركة الصهيونية, لأنه رفع من معنويات قادة الحركة الصهيونية ومنحهم الأمل واليقين في إمكانية أن يتحول حلم “تيودور هرتزل” إلى حقيقة.

كما كان “وعد بلفور” أيضاً يمثل المسار الذي تشبثت به الحركة الصهيونية إلى أن صدر قرار الأمم المتحدة في عام 1947. ولم تكمن الأهمية الكبرى لوعد بلفور فقط في أنه صادر عن وزير خارجية دولة عظمى، بل أيضاً في أنه بُعث في رسالة نصية إلى رئيس الحركة الصهيونية في بريطانيا “اللورد روتشيلد”.

الصهيونية لا تتطابق مع المفاهيم الاستعمارية..

يزعم “جاكوبسون” أن جوهر الحركة الصهيونية كان يركز على أهمية أرض إسرائيل بالنسبة للشعب اليهودي. وإن هذا الدعم البريطاني لشرعية المطلب الصهيوني, والرسالة التي تلقاها رئيس الحركة الصهيونية في بريطانيا يحملان الاعتراف بأن المطالبة اليهودية بقيام دولة إسرائيل كانت مختلفة: “فهي لا تتطابق مع المفاهيم الاستعمارية، بل تعتمد على حق أساسي وتاريخي يعود إلى 3000 عام، ويؤصل علاقة  الشعب اليهودي بتلك الأرض”.

وقد اكتسبت هذه الرؤية مزيداً من الأهمية مع تزايد المشاعر المناهضة للاستعمار، لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية. وحتى اليوم، فإن أعداء إسرائيل غالباً ما يروجون الأكاذيب ضد الدولة العبرية زاعمين أنها كيان استعماري غريب تم فرضه على المنطقة من قبل الدول الغربية الاستعمارية.

المطلب الفلسطيني..

يستنكر الكاتب الإسرائيلي ما وصفها بالجهود السخيفة التي بذلها رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” لمطالبة البريطانيين بالاعتذار عن إصدار “وعد بلفور” المشئوم. ويقول إن “عباس” أدرك الحقيقة في نقطتين: “أولاً، لأنه لمس مدى أهمية وعد بلفور في إقامة الدولة اليهودية. وثانياً، لأنه أدرك (ويرفض) فكرة إصدار وعد بلفور، وهي: أن للشعب اليهودي الحق التاريخي في إقامة دولة في فلسطين. وليس من قبيل المصادفة أن يرفض الفلسطينيون مراراً وتكراراً الرواية التاريخية اليهودية, فهم يعلمون أن ادعاءاتهم ضد وجود إسرائيل لن تكون مقنعة إلا إذا أمكن وصف اليهود بأنهم غزاة ومستعمرين للمنطقة”.

لذا فإننا نحن الإسرائيليين نحتفل هذا العام من جديد بوعد بلفور. لأنه أضفى الشرعية على إقامة وطن قومي لليهودى وعزز العلاقة المعروفة بين الشعب اليهودي ووطنه. وعندما قررت الأمم المتحدة في عام 1947 تقسيم فلسطين إلى دولتين – يهودية وعربية – فإن القرار كان يعكس كلا الوجهتين في “وعد بلفور”.

وعد بلفور” يكفل حق تقرير المصير للشعبين..

في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد في “وعد بلفور” ما يُعيق حل المشكلة الفلسطينية. ويكفي القول – دون الدخول في التنافس بين الروايتين المتضاربتين – بأن حق تقرير المصير مكفول للشعب اليهودي، مثلما هو مكفول أيضاً للفلسطينيين. وفي الحقيقة فإن خطة التقسيم لعام 1947 كانت تشمل حق تقرير المصير لكلا الشعبين، وكان من الممكن تنفيذ ذلك لولا رفض الفلسطينيين وعواقب حربهم الفاشلة ضد دولة إسرائيل الجديدة.

في الختام يتمنى الكاتب الإسرائيلي ألا يظل “وعد بلفور” مجرد مناسبة يحتفل بها اليهود ويندد بها الفلسطينيون, بل يكون بمثابة خطوة مهمة تساعد الشعبين الفلسطيني واليهودي على تحقيق التطلعات القومية والعيش في أمن وسلام.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة