قبل 29 عاما أقدم نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على إرتکاب واحدة من أکثر جرائمه وحشية و بشاعة عندما نفذ حکم أعدام جائر بثلاثين ألف سجين سياسي من أعضاء او أنصار منظمة مجاهدي خلق المسجونين و الذين کانوا يقضون أحکاما صدرت بحقهم، وقد کان ولايزال إجراء بالغ کثيرا في دمويته و وحشيته ولذلك لم يکن غريبا عندما أطلقت عليه الاوساط الحقوقية الدولية وصف”جريمة القرن”بحق السجناء السياسيين.
ذلك الحکم الظالم الذي بني على أساس فتوى باطلة و ضالة و فاسدة أفتى بها الخميني في آب أغسطس 1988، والذي قضى بإعدام کل أعضاء منظمة مجاهدي خلق او أنصارهم المتواجدين في سجون النظام، وهي فتوى أثارت إستغراب و دهشة کبار قادة النظام نفسه لکن الخميني نهرهم بل وحتى تم إقصاء نائبه المنتظري من منصبه بسبب رفضه لتلك المجزرة و إدانته لها و طلب منهم تنفيذ هذه الفتوى البربرية بأسرع مايمکن، وعلى أثرها تشكلت “لجان الموت” في عموم البلاد وكانت حصيلتها اعدام 30 ألفا من السجناء السياسيين من المجاهدين والمناضلين كانت تشكل غالبيتهم مجاهدي خلق الايرانية حيث أبوا أن يتخلوا عن معتقداتهم. وبدأت حملة الاعدامات في أواخر تموز/ يوليو واستمرت على طول شهري آب/ أغسطس وايلول/ سبتمبر في السجون والمعتقلات وفي مختلف المدن واستمرت في بعض الحالات حتى نهاية العام. وكتب المقرر المعني بالاعدامات التابع للأمم المتحدة في تقريره لعام 1989: “خلال الأيام 14و15و16 آب/ أغسطس لعام 1988 تم نقل جثث 860 شخصا من (سجن) ايفين الى مقبرة بهشت زهراء”، لکن الامر الذي لابد من الإشارة إليه هو إن هناك عدد من الناجين من تلك المجزرة وقد أدلوا بشهاداتهم بشأن تلك المجزرة المروعة أمام محافل و مٶتمرات دولية وهو ماجعل الرأي العام العالمي على إطلاع بتفاصيل تلك الجريمة ضد الانسانية و عدم إلتزامها بالمستوى الادنى من القيم و القوانين و الاخلاق الانسانية.
وأما منظمة العفو الدولية فقد كتبت في بيانها لعام 2007 بهذا الصدد: “جواز هذه الاعدامات تم اصداره في أعلى مستويات القيادة الايرانية… منظمة العفو الدولية تعتقد أن هذه الاعدامات ترتقي الى الجريمة ضد الانسانية… لابد أن تكون الاعدامات في عام 1988موضوع اجراء تحقيق محايد ومستقل ويجب تقديم كل الذين يتحملون المسؤولية عن ذلك للعدالة لينالوا جزائهم العادل”.
وبينما مجرمو الحرب العالمية الثانية مازالو مطاردين الا أن المسؤولين عن هذه الجريمة هم من كبار المسؤولين في النظام الايراني ومازالوا يستخدمون تهمة “المحاربة” كآلة قضائية لاصدار حكم الموت ضد المعارضين.
اليوم و بعد نشر الملف الصوتي الخاص بالمنتظري و الذي يکشف قيام النظام بالجريمة وإنه وطالما لم يخضع مسؤولو هذه الجريمة للعدالة فان المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية تضامنية تجاه ذلك.
وعلى ضوء ما ورد أعلاه فإنه و في الذكرى التاسعة و العشرون لهذه المجزرة، وبعد أن قامت حرکة المقاضاة بتوضيح کافة الجوانب المرتبطة بهذه الجريمة، فإن المطلوب أن يبادر مجلس الأمن الدولي الى تشكيل محكمة خاصة للنظر في هذا الملف ومحاكمة منفذي وآمري هذه الجريمة، كما إنه من الضروري الاستجابة لما تطالب به الجالية الايرانية في سائر أرجاء العالم ولاسيما من حيث تشکيل محکمة دولية لمحاکمة قادة النظام و إحالة ملف حقوق الانسان في إيران الى مجلس الامن الدولي و مطالبة دول العالم بإشتراط علاقاتها مع هذا النظام بإيقاف حملات الاعدام، وقطعا فإن هکذا موقف من شأنه أن يغير من مسار الاوضاع في إيران بصورة لايمکن أن يتوقعها أحد خصوصا وإن الشعب الايراني يغلي غضبا حاليا و يواصل تحرکاته الاحتجاجية و التي تتصاعد بصورة غير مسبوقة بحيث تم تسجيل حالات يبادر المحتجون الغاضبون الى مهاجمة القوات الامنية و إجبارها على الهروب من أمامها.