15 نوفمبر، 2024 6:14 ص
Search
Close this search box.

هدى شعراوي.. شاركت في ثورة 1919 وحركة تحرير المرأة

هدى شعراوي.. شاركت في ثورة 1919 وحركة تحرير المرأة

خاص: كتبت- سماح عادل

اسمها “نور الهدى محمد سلطان”، ولدت بالمنيا في مصر في 1879، تعتبر من أهم الناشطات المصريات النسويات في نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، والدها محمد سلطان باشا، وكان رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق.

تعلمت “هدى شعراوى” في المنزل، مثل كل فتيات طبقتها في ذلك الوقت، وتزوجت في سن 13 من ابن عمتها “علي الشعراوي” دون إراداتها وكان يكبرها بحوالي40 عاما، أنجبت منه بنتا أسمتها “بثينة” وابنا أسمته “محمد”.

بداية التحرر..

تعلمت “هدى شعراوي” اللغة الفرنسية وتعرفت على سيدات من طبقتها، وبدأت تفهم أن أوضاع النساء في طبقتها وبلدها مجحفة وظالمة، وذلك بسبب فرض الحجاب عليها والذي لا يتمثل فقط في الزي ولكن في فرض بقاءها في المنزل طوال حياتها، وبعد سفرها لأوروبا في رجلة علاجية لولدها اكتشفت الفرق الشاسع بين وضع المرأة في مصر ووضعها في البلدان الأوربية، وانبهرت بامتيازات المرأة الأوروبية، و تعرفت هناك على بعض الشخصيات التي تطالب بتحرير المرأة.

نشاطها السياسي..

كان نشاط زوجها “علي الشعراوي” السياسي في ثورة 1919 وعلاقته ب”سعد زغلول” دور هام في انخراطها في تلك الثورة، حيث شاركت بقيادة مظاهرات للنساء عام 1919، وأسست “لجنة الوفد المركزية للسيدات” وقامت بالإشراف عليها.

تقول “هدى شعراوي” عن بوادر ثورة 1919 في مذكراتها: “انتهت الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٨، وأعلن الرئيس ولسون مبادئه الأربعة عشر التي كانت تعطي الأمم حق تقرير مصيرها واختيار الحاكم الذي ترضاه، وظلت مصر تترقب تطبيق هذه المبادئ عليها وبخاصة أنها قد ساعدت الحلفاء مساعدات قيمة كان لها أثر كبير في نتائج الحرب، وقد اعترف الإنجليز أنفسهم بقيمة هذه المساعدات. ولما رأت مصر أنه لا يبدو أن إنجلترا ستفي بوعودها وأن الحالة سوف تبقى على ما كانت عليه، تشكل الوفد المصري ليتولى القيام بعمل إيجابي. وقد تكوَّن الوفد، وفي يوم ٨ مارس ١٩١٩ تم اعتقال سعد زغلول باشا ومحمد محمود باشا وحمد الباسل باشا وإسماعيل صدقي باشا، ونفوا إلى جزيرة مالطة. ولقد شبت الثورة بعد نفي سعد باشا وأصحابه إلى مالطة، وحل محله زوجي الذي كان وكيلًا للوفد، وقامت حركة السيدات في ذلك الحين مباشرة، وكنت أنا وزوجي نعمل لخدمة وطننا لا لخدمة الأشخاص، وكان زوجي يطلعني على ما يحدث وما ينتظر أن يحدث، ليمكنني من ملء الفراغ الذي يحدثه نفيه أو سجنه، وكان هو الذي نصحني بالاتصال بحرم سعد باشا وحرم محمد محمود باشا وبعائلات أعضاء الوفد”.

وتضيف: “وقد أضرب طلاب المدارس العليا للاحتجاج على اعتقال الزعماء، وعلى كبت شعور الأمة وحرمانها الحق في إبداء مشيئتها، وأضرب عمال الترام بعد الظهر، ثم أضرب الحوذية في اليوم الحادي عشر، وأصبحت الدكاكين مغلقة في معظم أنحاء المدينة إلا الدكاكين الأوروبية، وتجددت المظاهرات من طلاب المدارس وطلاب الأزهر وطوائف شتى من الجماهير، فقابلها الجنود البريطانيون بإطلاق المدافع الرشاشة غير مفرقين بين كبير وصغير ولا بين مشترك في المظاهرات أو غير مشترك. وكانت نقابات المحامين قد أعلنت الإضراب، فانقطع المحامون عن المحاكم، واستثارت القسوة في قمع المظاهرات غضب الناس وحنقهم، فكثرت المظاهرات بدلًا من أن تقل، واضطرمت وقدتها بدلًا من أن تخمد، وشاع خبر القتل وإطلاق الرصاص في أنحاء الأقاليم، فانفجر السخط الذي طال كظمه في الصدور، وانفجرت الثورة في كل مكان، وإن أنس فلن أنسى الأثر المحزن الذي أحدثه ضرب أول شهيدة مصرية، وهي السيدة شفيقة بنت محمد في نفوس الشعب عامة، وقد تجلى ذلك في تشييع جنازتها التي اشتركت فيها كل طبقات الأمة، حتى صارت جنازتها مظهرا من مظاهر الوطنية المشتعلة”.

وفي 1921 وأثناء استقبال المصريين ل”سعد زغلول”، قامت “هدى شعراوى” بخلع الحجاب علانية أمام الناس وداسته بقدميها مع زميلتها “سيزا نبراوي”،  تقول في مذكراتها: “ورفعنا النقاب أنا وسكيرتيرتي “سيزا نبراوي” وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافرا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيرا أبدا لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته”.

تنكر السياسيين للنساء..

تحكي”هدى شعراوي” في مذكراتها عن تنكر السياسيين في حزب الوفد للنساء رغم أنهن شاركن الرجال في الحركة الوطنية وفي ثورة  1919 تقول: ” كان هناك بعض الظروف والملابسات التي دفعتني إلى أن أكتب رسالة إلى سعد زغلول باشا رئيس الوفد المصري بشأن هذه الأحداث، وقد تلقيت منه رسالة فيها الكثير من التقدير لجهاد المرأة المصرية والتأييد لموقفها، وهذا هو نص الرسالتين المتبادلتين.

حضرة صاحب المعالي سعد زغلول باشا رئيس الوفد المصري مرسل لمعالكيم برفقة هذا نسخة من قرار لجنة الوفد المركزية للسيدات المصريات يتضمن نظرياتها في مشروع الاتفاق، وهي تكرر لمعاليكم بنوع خاص، تمسكها بتلك التحفظات التي بدونها نكون قد أيدنا على أنفسنا شروط الحماية المقنعة وفقدنا كل حق في المطالبة باستقلال مصر التام وفيه حياتنا، وإنا لنرجو أن ننال على أيديكم غايتنا المنشودة. ثم نلفت نظر معاليكم إلى الاحتجاج الذي اضطررنا لتقديمه وذلك لأن مندوبي الوفد فضلًا عن كونهم قد تساهوا أولًا عن دعوتنا كباقي الهيئات لإبداء آرائنا في المشروع، قد أظهروا الضجر وعدم الرغبة في أخذ آرائنا عندما قدمنا لهم طلبًا بذلك، مصرحين بأنه لا يجوز للنساء التدخل في الأمور السياسية، ولولا إلحاح مندوبنا الشديد، لما تنازلوا بإجابة طلبنا، وإننا لفي غاية الاندهاش والاستياء من معاملتهم هذه لنا التي تنافي الخطة التي اتبعتموها معنا للآن، وتخالف المعاملة التي عودتمونا عليها بتعضيدكم لنا في مشاركتنا لكم في الحركة الوطنية، وتحبيذكم لعملنا وقت تشكيل لجنتنا بتلغرافاتكم المظللة بأسمى عبارات التهاني والأماني… والذي يزيد من استيائنا هو أن يثبت الوفد بعمله هذا ظن الهيئات الأجنبية بمصر اللاتي أولن نهضتنا بخلاف الحقيقة، حيث قالت: إن اشتراك النساء في الحركة المصرية لم يتم بدافع الوطنية، بل بإيعاز فئة من الوطنيين لاستعمالهن كآلة مؤقتة لإيهام الأمم المتحدة، ولتعتقد هذه بنضوج الأمة المصرية في الرقي وكفاءتها لحكم نفسها بنفسها، وتعضدها في نوال هذه الأمنية ونهضتها كما تعلمون بريئة من مثل هذه التهم، فضلًا عن كونها كسبت ميزة لم تنلها مثيلاتها، والآن وقد قربت القضية المصرية من حل مرض، فلا يليق بالوفد المصري الذي يطالب بحقوق مصر ويعمل لنوال استقلالها أن ينكر على نصف الأمة حقها فيه”.

وقد رد سعد زغلول على هذه الرسالة برسالته المؤرخة في ٢٧ أكتوبر ١٩٢٠، والتي يقول نصها: “حضرات صاحبات العصمة، رئيسة الوفد النسائي، وأعضائه المصونات، أتأسف شديد الأسف لعدم تشرف حضرات مندوبي الوفد بعرض المشروع عليكن، كما عرضوه على غيركن، ولكني أؤكد لحضراتكن أنهم لم يفعلوا ذلك استخفافا بكن أو إهمالا لشأنكن، بل لظروف أجنبية عن هذا المعنى، ولو كنت فيهم لامتنع تأثير هذه الظروف، وتعين علي أن أقوم بشخصي بعرض المشروع عليكن وتوضيح معانيه ومراميه، رغبة في الاستنارة بآرائكن التي لها المقام الأول من الاعتبار عندي وعند زملائي، ويسرني جدا أنكن مع ذلك فهمتن المشروع حق الفهم، وأبديتن فيه تحفظات أراها غاية في الأهمية، وأرى التشبث بها من أخص أحبائي، وإني أول من يرى أنه لا يمكن أن تتقدم هيئة اجتماعية بدون أن يشترك حسكم اللطيف فيها”.

الاتحاد النسائي..

حضرت “هدى شعراوى” أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923، بصحبة “نبوية موسى” و “سيزا نبراوي” وكانت رئيسة وفد مصر، ولما عادت إلى مصر كونت “الاتحاد النسائي المصري” في 1927وشغلت منصب رئاسته حتى 1947، كما كانت عضوا مؤسسا في “الاتحاد النسائي العربي” وأصبحت رئيسته في 1935، وبعد 20 عاما من تأسيس هذا الاتحاد قامت بعقد ما سمي ب”المؤتمر النسائي العربي” في1944، وقد حضرت هذا المؤتمر مندوبات من البلدان العربية المختلفة  واتخذت فيه قرارات وهي:

– المطالبة بالمساواة في الحقوق السياسية مع الرجل وعلى الأخص الانتخاب.

– تقييد حق الطلاق .

– الحد من سلطة الولي أيا كان وجعلها مماثلة لسلطة الوصي.

– تقييد تعدد الزوجات إلا بإذن من القضاء في حالة العقم أو المرض غير القابل للشفاء.

– الجمع بين الجنسين في مرحلتي الطفولة و التعليم الابتدائي .

و في نهاية القرارات قدم اقتراح: تقديم طلب بواسطة رئيسة المؤتمر إلى المجمع اللغوي في القاهرة والمجامع العلمية العربية بأن تحذف نون النسوة من اللغة العربية).

حضرت ” هدى شعراوي” مؤتمر باريس في 1926 ومؤتمر أمستردام في 1927 ومؤتمر برلين في 1927، ودعمت إنشاء نشرة “المرأة العربية” الناطقة باسم الاتحاد النسائي العربي، وأنشأت مجلة ” لاإجيبسيان” في 1925 بالفرنسية.

وفاتها..

في 29 نوفمبر 1947، صدر قرار التقسيم في فلسطين من قبل الأمم المتحدة، توفيت بعد ذلك ” هدى شعراوي” بحوالي الأسبوعين في 12 ديسمبر 1947، بالسكتة القلبية وهي جالسة تكتب بيانا في فراش مرضها، تطالب فيه الدول العربية بأن تقف صفا واحدا في قضية فلسطين.

  • المصدر: كتاب مذكرات هدى شعراوي- تأليف هدى شعراوي

فيلم وثائقي عن هدي شعراوي

https://www.youtube.com/watch?v=6hn6av068NI

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة