دخلت الأحداث في نفق لا يبدو قصيراً وبوتيرة متسارعة بعد تعنت وأصرار السيد مسعود البرزاني على إجراء الإستفتاء عندما كان رئيساً للإقليم، وقد إنهارت جميع تطلعات شعبنا الكردي في ليلةٍ وضحاها ليس فقط من أيّد منهم الإستفتاء!، لا بل حتى من كان ضده نتيجة ما حدث من تداعيات كان آخرها أعمال العنف ومهاجمة البرلمان الإقليمي والبعض من أعضائه ورجال الإعلام وحرق مقرّات الأحزاب الكردية التي كان لها رأي مخالف للسيد مسعود البرزاني في بعض مدن الإقليم، وحيثُ إتهمت بعض قيادات تلك الأحزاب عناصر تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بإثارتها، وقد وصفت النائب في البرلمان الإتحادي ورئيسة تكتل حزب التغيير فيه سروة عبدالواحد في بيانها ما جرى من أعمال عنف داخل البرلمان على أنه “عمل إرهابي بإمتياز”!!.
الرابط أدناه: ممثل أربيل عن كتلة التغيير الكردستانية ورئيسه في البرلمان الإتحادي النائب سروة عبدالواحد تصف في بيان لها ما حدث من إقتحام للبرلمان الكردستاني على أنه “عمل إرهابي بإمتياز”:
http://www.nrttv.com/Ar/Detail.aspx?Jimare=62496
إنّ من له دراية بعلم الأنثروبولوجيا بشكل عام ورائده علم الأثنولوجيا بشكل خاص يستطيع تحديد الخصائص للمجموعات البشرية التي تسكن في مناطقنا الجغرافية ومنها تفاعلهم السريع مع الحدث بعواطفهم الشديدة التي تكونت لديهم كنتيجة طبيعية لبيئتهم المتباينة بتضاريسها وطبيعة مناخهم المتباين وقساوة معيشتهم التي حتمت عليهم الإعتماد على العاطفة وقوتها الترابطية بين أفراد المجموعة البشرية الواحدة، وحيثُ كانت إحدى الخصائص المهمة لمقاومة التحديات الطبيعية للبقاء على قيد الحياة.
ومع التطور الإجتماعي المقترن بالتطور العلمي الذي وصل الى أبعد مدياته التي لم يتوقع الإنسان الوصول اليها بالسرعة التي حدثت فيها في القرون القليلة الماضية، أصبحت تلك العاطفة ثقلاً كبيراً على مجموعاتها البشرية مشاركةً الأعراف والتقاليد بثقلها، وحيثُ باتت أحدى العوامل الرئيسية لعدم مقدرة هذه المجموعات من العيش بدونها وتجاوز حِقبها الزمنية الغابرة بتحدياتها الطبيعية.
طرحتُ هذه المقدمة البسيطة لبيان مدى تأثير العاطفة على مجمل ما حدث لشعبنا العراقي بكل مكوناته التي كانت متفاعلة مع التغيرات الفجائية نتيجة إجراء الإستفتاء والتي حصلت ما بين ليلةٍ وضحاها ـ ـ إيجاباً للبعض منهم ثمّ تحولها سلباً، والعكس صحيح للبعض الآخر.(*)
فالمؤيدون للإستفتاء وحق تقرير المصير (ليس فقط البعض من المكوّن الكردي وإنما البعض من الأحزاب العراقية وسياسييها وكما سآتي على ذكرها)، حيثُ كانوا مشجعين لهذه الخطوة ومباركين لها وكانوا (إيجابيين) في الدفع بإتجاه تنفيذها!!، أو على الأقل وقوف تلك الأحزاب أو القادة السياسيين صامتين ظاهرياً أمام الرأي العام العراقي الذي كان يغلي تجاه ما يجري ولكنهم بالخفاء كانوا مؤيدين لها لأسباب خاصة بأيديولوجياتهم (المتناقضة) والمحيّرة للمواطن العراقي أو لمنفعة البعض منهم الشخصية وكما سأبين ذلك لاحقاً!!!.
أما الرافضين للإستفتاء بأغلبية الشعب العراقي والمعتزين بعراقهم الموّحد ومنهم عدد لا يستهان به من الكُرد وسياسييهم المعتدلين فكرياً وقومياً (وهذا واقع لا يمكن تجاهله وحيثُ كان لهم الدور المهم في إفشال الإستفتاء)، فقد غلبت عليهم النزعة السلبية المتشائمة قبل الإستفتاء مستندين الى إعتزازهم بخارطة العراق الموحد وعدم رغبتهم بتصور فقدان جزء مهم من مكوناتهم وأرضهم وعدم رغبتهم في العودة الى التحارب ما بين أبناء الوطن الواحد، فحتى الكُرد الذين يعتزون بعراقيتهم لم يستطيعوا تصور العيش في رقعة محددة لا تشمل كل العراق من شماله حتى جنوبه، وهذه حقيقة يجب أن ندركها بعيداً عن الأكاذيب الإعلامية التي تبين عكس ذلك.
حتى جاءت ساعة الحسم بإصرار السيد مسعود البرزاني وتعنته رغم وقوف العالم بأجمعه ضد قراره، فحدث الإستفتاء وبدأت تظهر الى الوجود ردود أفعاله بالدقائق وليس بالساعات أو الأيام، وهنا تدخلت العاطفة من جديد ليس داخل المجتمع العراقي فحسب وإنما داخل مجمل شعوب المنطقة التي تشترك بنفس الخصائص الإنسانية كما ذكرت، وبدأت تداعيات الإستفتاء تنعكس سلباً هذه المرّة على من أيّد الإستفتاء، خاصة بعد إنهيار أحلامهم بسويعات نتيجة الحقائق على الأرض وخسارة ما كان قد تحقق من مكتسبات وأحلام لشعبنا الكردي لم يتصور بلوغها الجميع قبل ثلاثين عاماً، فإنقلبت المشاعر الإيجابية الى سلبية والسلبية الى إيجابية في غضون يومين أو ثلاثة بين مجمل مكونات الشعب العراقي وتضاربت مشاعرهم فنتج عنها ما نتج من حوادث مؤسفة على جميع المكونات المتواجدة داخل دائرة التأثير الجغرافي الفعلي والمباشر للإستفتاء، وقد لعبت العاطفة دوراً مهماً في تأجيج المواقف والأحداث على الرغم من المحاولات الجادة لرئيس الحكومة الإتحادية وكابينته الوزارية والحق يقال بتهدئة الموقف ومحاولة السيطرة على ردود الأفعال وإتخاذ الخطوات الهادئة لإفشال الإستفتاء.
ثمّ بدأت الجهود لتجاوز الأزمة ولملمة تداعياتها وهنا تدخلت العاطفة مرة أخرى بجانبها السلبي، وزاد تعنت من تسبب بتلك الأحداث في محاولته لعدم الرضوخ للضغوط الميدانية والقرارات المحلية والإقليمية والتشبث بالحس العاطفي المبني على أساس عدم التنازل والرضوخ حفاظاً على ماء الوجه!!، لكن في نفس الوقت لم يكن هنالك خياراً لمن تسبب بهذه الأزمة السياسية المحلية والإقليمية والدولية وتداعياتها خاصة بتسارع وتيرة الإجراءات التي إتخذتها الحكومة الإتحادية ما بين إعادة الإنتشار للجيش الإتحادي والقطعات المساندة له في المناطق التي أقرها الدستور العراقي الذي إشترك في صياغته القادة الكُرد والمصوّت عليه بالأكثرية الساحقة في مناطق الإقليم وبين فرض الخطوات الإدارية والقانونية لتقويض دعاة الإستفتاء مع وضع الحصار الإقتصادي الذي هددت بإتخاذه الحكومة الإتحادية ودول الإقليم المتضررة موضع التنفيذ، فخرجت حكومة الإقليم (وليس رئيس الإقليم السابق لأنه شعل فتيل المواجهة وإختفى من الواجهة!!) بمبادرة أو إقتراح لتجميد الإستفتاء دون تحديد مدته في مناورة مفضوحة لإعادة ترتيب أوضاعها وتجميد الحراك الرسمي والشعبي العراقي والإقليمي ضدها وترطيب الأجواء الدولية، وأيضاً المحاولة في كسر العزلة الدولية لحكومة الإقليم وتفتيت تأييد جميع دول العالم لإجراءات الحكومة الإتحادية في فرض سيطرتها الدستورية، وبالطبع كان جواب الحكومة الإتحادية المتمثلة برئيسها في رفض هذه المبادرة (التكتيكية) لعدم كفايتها كضمان في عدم التفكير بالإنفصال مرّة أخرى، بالإضافة لعدم تحديد زمنها مما يجعل إحتمالية الرجوع عنها والتنصل منها واردة في أي لحظة يكون فيها دعاة الإنفصال بوضع أفضل محلياً ودولياً، كذلك تعطي الموافقة عليها فرضية الإعتراف الرسمي من الحكومة الإتحادية والإقرار بشرعية الإستفتاء الإحادي ضمنياً، عندها سيتحمل من يوافق على مبادرة حكومة الإقليم (التكتيكية) الخطأ التاريخي الذي لا يمكن إصلاحه بعد ذلك، ولربما يُتهم من يوافق عليها (أي على المبادرة) بالخيانة الوطنية!!!.
الرابط أدناه: “المبادرة التي طرحتها حكومة الإقليم بتجميد الإستفتاء والبدأ بالحوار”:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=857092.0
الرابط أدناه: “العبادي يرفض عرض حكومة إقليم كردستان بتجميد نتائج الإستفتاء مطالباً بالغاءه”:
https://kitabat.com/news/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a8%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d8%b1%d9%81%d8%b6-%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d9%83%d8%b1%d8%af%d8%b3%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%af-%d9%86%d8%aa%d8%a7%d8%a6%d8%ac-%d8%a7/
الرابط أدناه: “رفض الحشد الشعبي على لسان ناطقه الرسمي لتجميد الإستفتاء”:
https://kitabat.com/news/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b4%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d8%a8%d9%8a-%d9%8a%d8%b3%d8%aa%d9%87%d9%8a%d9%86-%d8%a8%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d9%83%d8%b1%d8%af%d8%b3%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%ac%d9%85%d9%8a/
الرابط أدناه: “العبادي يعلن عن إتفاق تمّ ما بين الحكومة الإتحادية وكردسستان لإعادة إنتشار القوات الحدودية وصولاً الى معبر فيشخابور الحدودي”:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=857261.0
أما فيما يتعلق بموقف بعض الأحزاب الأيديولوجية التي تنعت نفسها بالوطنية (ولا أعلم ماهية وطنيتها الحقيقية ما لم تكن واضحة وضوح الشمس في هذا الظرف الذي تحتاج فيه الى الوقفة الوطنية العراقية الحقّة وترجمتها على أرض الواقع أمام تحديات التقسيم!!) فنستطيع القول إنها مواقف تباينت ما بين المنفعة الحزبية أوالمصالح الشخصية لقادتها وفي أبعد الأحوال تشبث بعضاً منها بمقررات كانت قد أقرتها قبل دهر من الزمن للظروف (النضالية) التي كانت تمر بها حينها.
وقبل الدخول في تفاصيل العتاب (القاسي) ربما في نظر البعض المؤيد والمبرر للإستفتاء، أقول ليعذرني من هم أعضاء وأنصار لتلك الأحزاب أو الشخصيات السياسية التي إتخذت المواقف الضبابية أو الإنتهازية تجاه مصير العراق وشعبه بذريعة عدائها الفكري أو الأيديولوجي وصراعها السياسي مع الحكومة الحالية وحيثُ كنّا نتمنى أن لا يصل فيه للتضحية بوحدة العراق تشفياً وكرهاً للحكومة الإتحادية وأحزابها، وأنا أجزم من أنّ الكثير من أعضاء تلك الأحزاب الوطنيين في مشاعرهم قد مارسوا حقّهم برفض الإستفتاء والوقوف ضد توجه قادتهم السياسيين وبياناتهم المخجلة التي تجاوزت الخطوط الحمراء في مباركة خطوة مَنْ حاول تجزئة الهوية العراقية الموحدة لا بل شجعته للمضي بها.
فمن إطلع على بيانات “الحزب الشيوعي العراقي” من الوطنيين الحقيقيين من عامة الشعب الى مثقفيهم يصيبهم الغثيان لما جاء فيه ويشعرون بالأسى لما وصل اليه هذا الحزب الذي بكل تأكيد نحن لسنا بصدد محاكمته أو تقييمه بقدر ما يتعلق به الأمر بتهديده لوحدة العراق وتأييده الواضح لإنقسامه!!، وما المبرر الذي لا يزال هذا الحزب يتمسك به لتبرير (إنتهازية) قادته وصنّاع قراره “بحق الشعوب في تقرير مصيرها” إلاّ دندنة نشاز أصبحت لا تطرب المسامع وربما لي وقفة مطوّلة مع هذه الأحزاب (الثورية والإيديولوجية) التي أوصلت العراق والعراقيين الى هذا الوضع المأساوي وجلس قادتها على التل يُنَظّرون من جديد ويصوّبون لإطلاق طلقة الرحمة على ضحيتهم العراق الموحد، فلو كانوا يؤمنون حقاً بحق الشعوب في تقرير مصيرها، فلماذا إذن كانوا ضد شعوب الجمهوريات السوفيتية السابقة الخمسة عشر في سعيها لتقرير مصيرها عندما كانت ترزخ بحق تحت وطأة النظام الشيوعي ـ الإستاليني فيتشاطروا فقط على بلدهم العراق ويشجعوا مكوّن منه على الإنفصال ليكون لهم في جباله الملاذ الآمن لنضالهم (بالرموت كونترول)!!.
فلا يوجد بلد واحد في العالم أحادي الأثنية أوالقومية ليعيش أبنائه بشكل مستقل إدارياً عن بقية شعوب الأرض، فلو شجعنا حق تقرير المصير للمكونات العِرقية والإثنية في دول العالم لوجدنا بعد حين إنّ العالم قد أصبح عبارة عن كانتونات قومية صغيرة تتقاتل فيما بينها الدهر كلّه على بضعة أمتار مربعة على حدودها ولأصبح العالم ساحة حرب مستمرة تجري الدماء في أنهاره بدل المياه، فهل هذا ما يريده المُنَظّرون في الحزب الشيوعي العراقي؟؟؟!!!، وهل هذه هي الأممية التي يناضلون من أجلها لتوحيد الشعوب وليس لتفرقتها؟!!، وأين هي شعاراتهم التي ملأت الدنيا ضجيجاً وذهب مَنْ وقع ضحية الإيمان بها فداءً على لاشئ !! ـ ـ و”يا عمال وكادحوا العالم إتحدوا”؟!!، فالأولى بهم أن يشجعوا عمال بلدهم العراق من كُرده وعَربه وبقية مكوناته على الإتحاد أولاً، لا أن يطالبوا تشرذمهم بين معسكرين يقتل أحدهما الآخر كما فعل حزبهم بتقسيم نفسه الى كردستاني وعراقي متناسياً أمميته وأقرَّ بتقسيم العراق قبل حدوثه!!، وهل سألوا أنفسهم مرّة واحدة لماذا تطالب الدول العظمى كروسيا وأمريكا من الدول الأخرى السماح لمكوناتها بحق تقرير المصير ولا تسمح به في بلدانها؟؟!!.
وربما نحن المواطنين العراقيين وأكرر هنا كلمة العراقيين إفتخاراً بالهوية العراقية ومستحقاتها الوطنية لدينا الف سؤال وسؤال محيّر أقلق مضاجعنا ونحن نراقب مسيرة هذا الحزب (النضالية) وتضحياته الجسام التي بحق ننحني إكراماً لمن فدى بنفسه لغاية كان يعتقد بأنها نبيلة!!، لكن الوقائع أثبت عكس ذلك!!!.
الرابط أدناه: الشيوعي العراقي يعلن تأييده للإستفتاء:
http://www.shafaaq.com/ar/Ar_NewsReader/1dd60164-021e-4009-892e-61637d6f3774
الرابط أدناه: “الشيوعي العراقي يدعو بغداد وأربيل الى الحوار المباشر”:
http://ar.iraqnow.news/TopArticles/35330
ولكي نكون منصفين في (عتابنا)، علينا أن نثني على بيان الإتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأمريكية الرديف للأحزاب اليسارية العراقية الذي شخّص سبب الأزمة الحالية مؤشراً بوضوح الى تعنت السيد مسعود البرزاني في إجراء الإستفتاء ومشدداً على الحوار ضمن منظومة الدولة الإتحادية بدستورها الإتحادي، فكان من الواجب على من صاغ بيانات الحزب الشيوعي العراقي في الداخل أن يستعين بالنفس الوطني العراقي النقي لمن صاغ بيان الإتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة.
الرابط أدناه: “بيان من الإتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأمريكية” لطلب التهدئة والحوار:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=857470.0
ولأعرج على بقية الأحزاب التي تدعي (الوطنية) في ملامتي وعتابي كمواطن عراقي غير مسيس ومؤدلج إلاّ بالهوية الوطنية العراقية وأقول على ذمة مَنْ نشر مقتطفات من بيان حزب البعث العربي الإشتراكي/جناح عزت الدوري من أنه برر الإستفتاء بوجود “حيف وظلم” بعد سنة 2003م على المكوّن الكردي في محاولة سياسية مكشوفة المقاصد والأهداف وليعذرني كل من له رأي آخر أو أنه ينتمي أو متعاطف مع تلك الأحزاب، ولا يلومني البعض منهم لا بل من العدل والإنصاف توجيه اللوم على من صاغوا تلك البيانات التي تحابي الطرف “الإنفصالي” لمنفعة شخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا ووحدة العراق التي إجتازت خطوطها الحمراء تلك الأحزاب (من المعروف في حالة حزب البعث أن السيد عزت الدوري وجناحه هم في حماية جيش النقشبندية ومتواجدين في مناطقهم الآن)، وقد حاولتُ الحصول على نص البيان لكنني لم أفلح، وإذا صحّ ما ورد فيه فإنني أتسائل: أين هو “الحيف والظلم” الذي يدعيه البيان؟، هل هو بسيطرة حكومة الإقليم بعد 2003م على جميع المناطق المتنازع عليها إضافة لإستقلاليتها في المناطق التقليدية بعد عام 1991م في محافظات أربيل والسليمانية ودهوك وتوابعها الإدارية من أقضية ونواحي وقرى؟، وتكوين حكومة مستقلة في الإقليم؟، وخلق منصب رئيس إقليم؟، وإنتخاب برلمان خاص للإقليم وتشريع قوانين خاصة بكردستان/العراق؟، وترسيم الحدود الإقليمية التي لا يستطيع المواطن العراقي من خارج الإقليم أن يجتازها إلاّ بتصريح خاص من شرطة إقليم كردستان التي تسمى “الأسايش”؟، ودفع الرسوم عند دخوله اليها حاله حال الأجانب؟، إضافة الى السيطرة على المنافذ الحدودية البرية والأجواء الجوية، وتبوء المناصب السيادية في الحكومة الإتحادية من رئيس الجمهورية العراقية الى الوزراء والسفراء والبرلمانيين والسيطرة على قيادة القوة الجوية العراقية وسابقاً كانت رئاسة الأركان الإتحادية بأيديهم وغيرها من المناصب المهمة، وكذلك السيطرة على تصدير النفط للحقول الشمالية قاطبةً والإحتفاظ بعائداته دون سيطرة ورقابة إتحادية عليها، وتوقيع العقود الثنائية مع الشركات النفطية، حتى إستغربت نائب البرلمان الإتحادي العضو عن حزب الإتحاد الوطني الكردستاني آلاء الطلباني خطوة السيد مسعود البرزاني لإجراء الإستفتاء في الوقت الذي كان الإقليم فيه يتمتع بحقوق ومكتسبات دولة مستقلة!!، وتسائلت ماذا نريد أكثر من ذلك؟؟!!.
وأطرح سؤالي لمن يدعي بأنّ هنالك “حيف وظلم” على الكُرد منذ سنة 2003م ولحد ما قبل الإستفتاء: هل أنّ وضع الكُرد كان بأفضل في حملة “الأنفال” التي سُجّل رسمياً ودولياً عدد الضحايا فيها من الكُرد بما يزيد على المئة وإثنين وثمانين الف مواطن كُردي (حسب تصريح النائب عن كتلة التغيير سروة عبدالواحد في الدقيقة الثامنة والأربعين من المقابلة في برنامج المناورة المرفق رابطه مع هذه المقالة)؟، فليكونوا منصفين من يتكلموا عن الماضي القريب والحاضر ولا يستغبوا الشعب العراقي الذي نال من الأذى على أيديهم ما ناله، حتى لم يسلم منه قيادات كانت مخلصة للوطن من نفس أعضاء حزبهم!!!.
وفي بيان آخر (مؤكد) هذه المرّة نعت حزب البعث إعادة إنتشار القوات الإتحادية وإعادة سيطرتها على كركوك “بالإحتلال”، فهل أن العشائر العربية والمكوّن العربي الذين أيّدوا دخول القوات الإتحادية الى مدينة كركوك وحدودها الإدارية قد أيّدوا “الإحتلال” في نظر من صاغ البيان؟!، وما هو تفسيره في الخروج للآلاف المؤلفة منهم الى الشارع رافعين الأعلام العراقية ومحتفلين بقدوم الجيش؟؟، كذلك ما هو رأيه في تأييد وفرحة المكوّن التركماني وحتى البعض من المكوّن الكردي بدليل نقل السلطة بطريقة سلمية والذي إعتبرها السيد مسعود البرزاني “خيانة” من بعض البيشمركة وقياداتهم المنظوين تحت مظلة حزب الإتحاد الوطني الكردستاني، وقد تجاهل من إنّ الإنسحاب الطوعي للبيشمركة حصل أيضاً في المناطق التي يسيطر عليها عناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني في سهل نينوى وسد الموصل ومنطقة “زمّار”!!، فهل كان يريد من صاغ البيان بقاء الوضع على ما هو عليه والموافقة على سلخ كركوك عن العراق!!.
الرابط أدناه: لما ورد على ذمة أحد الإعلاميين في نقده لبيان حزب البعث الخاص بالإستفتاء:
http://www.albadeeliraq.com/node/677
الرابط أدناه: بيان يدين فيه حزب البعث ما أسماه “إحتلال” كركوك:
http://www.dhiqar.net/Art.php?id=51214
كذلك لا يفوتنا من توجيه أصابع الإتهام بالتنصل من الهوية الوطنية العراقية الى البعض من قادة الكتل السياسية المشاركين في العملية السياسية الذين أما تراصفوا مع “الشيطان الأخرس” بسكوتهم وإختفاء أصواتهم المجلجلة في أحداث أقل أهمية، أو تقمصوا دور “الشيطان الناطق بالجور” حين حاولوا إقناع الحكومة الإتحادية بالحوار مع “الإنفصاليين” دون شرط الغاء نتائجه!!، والسبب طبعاً للحفاظ على مصالحهم وملاجئهم داخل الإقليم.
إنّ من يتابع ما يجري على الساحة العراقية من أحداث مهمة ستحدد حتماً المصير السياسي للخارطة العراقية وبِنَفَس وشعور وطني مجرّد من التبعية الحزبية أو الطائفية أياً كان مصدرها سيصل الى نتيجة حتمية من أنه لا يزال هنالك حس وطني عراقي مغروس في صدور الملايين من أبناء الوطن المهمشين الذين لا دخل لهم بالسياسة وألاعيبها ومصالح قادتها الشخصية الضيقة وبضمنهم مواطنينا الكُرد، كذلك سيجد من هم ينتمون لتلك الأحزاب المشجعة للإستفتاء ببياناتها التي صاغتها قياداتهم من أنّ قواعدها الشعبية وأعضائها لا يتوافقون بأغلبهم مع مَنْ يقف ضد وحدة العراق من قادتهم، ومن هؤلاء مَنْ هُم أعضاء نشطاء حتى في الأحزاب الكردية وقادة سياسيين في ساحتها، وأجزم أيضاً من أنّ في صدورهم نفس الحيرة والأسئلة التي طرحتها للتصرّف الغير وطني والغير مسؤول لعرّابي الإستفتاء ومن أيّدهم من القادة السياسيين للأحزاب (الأيديولوجية) والكتل السياسية الأخرى!!.
فالنائب عن الإتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان الإتحادي “آلاء الطلباني” أبدت موافقتها الضمنية على الغاء نتائج الإستفتاء في لقاء لها في برنامج “المناورة” لإيقاف التداعيات والبدء بالحوار مع الحكومة الإتحادية، وتسائلت قائلة: ماذا كان ينقصنا ككُرد ـ ـ كُردستان كانت دولة ـ ـ والسيد مسعود البرزاني كان يُستقبل كرئيس دولة في كل دول العالم ـ ـ في الأليزيه والوايت هاوس (البيت الأبيض) وغيرها من عواصم العالم ـ ـ وعندنا برلمان ـ ـ وعندنا حكومة ـ ـ وكان السيد مسعود يتصرف كرئيس دولة ـ ـ كما كان لدينا في كل دول العالم القنصليات حالها حال السفارات العراقية ـ ـ وكان رؤساء الخارجية للدول (تعني وزراء الخارجية) عندما يزورون العراق أما يذهبون أولاً الى بغداد للتباحث ثمّ الى أربيل أو يأتون الى أربيل أولاً ثمّ الى بغداد ـ ـ وحتى جميع دول العالم التي لها سفارات في بغداد لديها قنصليات في أربيل ـ ـ ولدينا البيشمركة النظامية والتي كانت تحت أمرة مسعود البرزاني والتي هي من المفروض وفق الدستور (الإتحادي) أن تكون جزء من منظومة الدفاع العراقية ـ ـ ولدينا النفط وكان مسعود يصدره دون مسائلة من الحكومة العراقية.
وتسائلت النائب “آلاء الطالباني” ماذا كان ينقصنا حتى “صار اللي صار”!!، فيجب سؤال مسعود البرزاني عن ذلك؟!.
ثمّ أكملت (والحديث لا يزال للنائب آلاء الطالباني) قائلة: طلبنا بعد الإستفتاء مباشرة بالغاء نتائجه والذهاب الى بغداد للحوار قبل أن تتأزم الأمور فأتهمونا “بالخيانة”، ثمّ تسائلت: كيف لمحافظة مثل دهوك التي يبلغ تعداد سكانها مليون ونيّف نسمة أن يصل عدد الناخبين المسجلين لديها رسمياً أكثر من تسعمئة الف ناخب!!، فهل من المعقول أن هذه النسبة العالية جداً تمثل مَنْ لهم حق التصويت فوق سن الثامنة عشر من أبناء المحافظة؟؟؟!!!، في إشارة واضحة للتشكيك بنتائج الإنتخابات ونزاهتها!!، كما رمت باللائمة على حكومة الإقليم من خلال تعمدها في تعقيد الأمور مع الحكومة الإتحادية ومماطلتها لحل المسائل العالقة خاصة في مجال النفط وتسويقه، وحيثُ كانت متواجدة في الإجتماعات الدورية للمسئولين في أربيل لهذا الغرض.
الرابط أدناه للقاء النائب عن الإتحاد الوطني الكردستاني “الاء الطالباني” في برنامج “المناورة” لمقدمه الإعلامي “غزوان جاسم” والذي يُعرض على قناة دجلة الفضائية، وفيه تؤكد النائب آلاء الطالباني على موافقتها ضمناً على الغاء الإستفتاء لما تسببه من إنتكاس للمكاسب المتحققة للكُرد:
https://www.youtube.com/watch?v=mVkt_cPjzsM
كذلك فعلت الشئ ذاته النائب عن حزب التغيير والممثل له عن مدينة أربيل في البرلمان الإتحادي سروة عبدالواحد، حيثُ ذكرت في مقابلة منفصلة لنفس البرنامج (المناورة) ما يلي: “نهاية الإستفتاء بالنسبة للشعب الكردي كانت نهاية محزنة وكارثية ونكسة ومئات العوائل نزحت من كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها وهنالك عدد كبير من الشهداء والجرحى، وقد كنّا نتوقع أن تحدث هكذا أمور، لذا كنّا نطالب بمقاطعة الإستفتاء وتأجيلهُ”، وكما أكدت بأنّ مجموع من صوّت على الإستفتاء كان فقط (40%) وليس كما يشاع!!.
الرابط أدناه: للقاء رئيس كتلة “التغيير” الكردية في البرلمان الإتحادي النائب “سروة عبدالواحد” في برنامج “المناورة” لمقدمه الإعلامي “غزوان جاسم” والذي يُعرض على قناة دجلة الفضائية، والنائب “سروة عبدالواحد” في نفس الوقت ممثلة حزب التغيير لمدينة أربيل لدى البرلمان الإتحادي، وفي هذا اللقاء تؤكد ضمناً النائب سروة عبدالواحد عدم ممانعة كتلتها في الغاء الإستفتاء ونتائجه والجلوس للحوار الوطني مع الحكومة الإتحادية:
https://www.youtube.com/watch?v=W0sBrXVzSyU
إذن هنالك تشكيك من قِبل بعض القادة السياسيين الكُرد قبل غيرهم بنتائج الإستفتاء ونسبة المشاركين فيه ورفضهم لنتائجه، إضافة الى إفتقاره للمراقبة الدولية المستقلة والمراقبة المحليّة من الجانب الإتحادي للإقرار بنزاهته، وقبل هذا وذاك عدم إعطاءه المباركة والشرعية الدولية بوقوف كافة دول العالم من الولايات المتحدة الأمريكية الى بريطانيا الى الإتحاد الأوربي الذي تنظوي تحت مظلته ثمانية وعشرين دولة مهمة بتأثيرها الدولي الى الدول الإقليمية المحيطة (إيران وتركيا) الى الدول العربية وفي المقدمة منها (مصر والسعودية) الى المنظمات الدولية والعربية (الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية)، والأهم من كل ذلك فقدانه للشرعية من المكونات العراقية المشاركة للكُرد في الوطن العراقي الموحد وبرلمانه ومحكمته الإتحادية.
لقد أصبح واضحاً من أنّ الغاء نتائج الإستفتاء مطلب جماهيري من زاخو الى الفاو لتجاوز الأزمة الخطيرة التي سببها، والجلوس بعده في حوار وطني يُستبعَدْ فيه “الإنتهازيون” وأصحاب المصالح الشخصية ومَنْ تسببوا بهذه الآزمة الخطيرة، فهل سيتمكن رئيس الوزراء من تصحيح المسار والعودة بالسفينة الى بر الأمان بعيداً عن عواصف التقسيم والإنفصال.
إنتباهة:
(*) ربما سيقول قائل من أن قرار الإستفتاء لم يكن فجائياً وقد أعلن عنه السيد مسعود البرزاني قبل شهور عديدة وحدد موعده في الخامس والعشرين من أيلول المنصرم!!، أقول نعم هذا صحيح لكن تسعة وتسعين بالمئة من العراقيين بجميع مكوناتهم وحتى الكُرد منهم وكذلك كل الدول الإقليمية والعالم بقادتهم السياسيين كانوا يتوقعون بأنها مناورة سياسية سيتم الإعلان عن الغائها في لحظاتها الأخيرة!!!.