هناك نمط معروف في نظام ولاية الفقيه بزعامة علي خامنئي في الرد على المواضيع السياسية المهمة و الحاسمة ببطأ و تأخير مبالغ فيه. وعندما يکون قد فكر بالموضوع بما فيه الكفاية وعزم على الرد أو أرغم عليه، يحضر عادة في جلسة قلما تحضر فيها الشخصيات الحكومية أو من له مسؤولية في الحكم أو منصب ما ، وإنما يحضر في جمع يتشكل من الأشخاص المجهولين دون أي منصب أو توجه فكري معين حيث يتمكن أن يقول ما يهوي و لا يهمه مايسمع الحضور منه لكن في وسائل الإعلام يعبر عنهم بالأشخاص النخبة و الشريحة الممتازة و ما إلى ذلك لتشجيعهم على هذا الحضور .
وعلى غرار ما أسلفنا آنفا حضر خامنئي يوم 18/أكتوبر –تشرين الأول في جمع من هؤلاء المجهولين وعموما من الشباب من كل أرجاء إيران و بعد 5 أيام من التأخر عن الرد على إعلان استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة وتسمية الحرس الإيراني بالإرهاب، بدأ بالرد والنفث في العقد وکأنه عويل قائلا :
”لا نريد تضييع وقتنا في الرد على الرئيس الأميركي“.
ناهيك عن إن استخدام عبارة ”لانريد نضيع وقتنا ..“ يتناقض مع إطالة كلمته بحيث يثير ضحك السامع أو الناظر و يتساءل كيف نجمع عدم رغبتك بعدم تضييع الوقت و هذا الاطناب الممل في إرسال الکلام على عواهنه ؟؟
كان واضحا بأن خامنئي وعلى عكس ما كان يقول ، قد أمضى وقتا طويلا للرد و كان تخوفه واضحا و مکشوفا في أداء كلمته التي كانت تضمن 7محاور و كان يسميها ” نقطة “ وحاول أن يعبرها بمزيج من الشتائم لكتمان خوفه من جهة و من جهة أخرى لرفع معنويات قواته غير المرموقين بأن يطمئنهم بعدم وقوع الحرب.
بالنسبة للموقف الأوربي تجاه الاتفاق النووي، تطرق خامنئي في رده للولايات المتحدة ولخوفه من العزلة في مقابل الاجماع الدولي والذي يؤثر لامحالة داخليا على توسيع نطاق المقاومة و الإنتفاضة الشعبية ضد نظامه، و بلهجة أذبه ماتکون بتخويف الطفل من قبل والديه قال : « هناك تأكيد من جانب البلدان الأوربية على الاتفاق النووي، لكن هذا لايكفي .. طبعا ما دام لم يمزق الطرف المقابل (الولايات المتحدة ) الاتفاق النووي ، فإننا لن نمزقه لكن عندما يمزقه فإننا سنفتته أيضا.. فعلى أوروبا أن تقف أمام إجراءات الولايات المتحدة ..».
و قبل أن يدلي خامنئي بخزعبلاته هذه، سبق أن قال أحد أزلام خامنئي ، ”حسين شريعتمداري“ في جريدة كيهان الحكومية في 14/ أكتوبر – تشرين الأول 2017في لقاء أجرته معه وكالة فارس للأنباء التابعة للحرس : «إن أكثر الردود تأثيرا من جانبنا يمكن ويجب أن يكون بإسدال الستار على صواريخنا البالستية العابرة للقارات لكونها ”کعب آخيل الولايات المتحدة“ واليوم وبشکل خاص، فإن الولايات المتحدة أضحت بجوارنا لوجود 50قاعدة وحضور عشرات الآلاف من قواتها العسكرية ».
لاشك أن ما قاله خامنئي وسائر أزلام نظامه خير دليل على تخوفه من عواقب سياسة الولايات المتحدة الجديدة حيث قال : «لا يجوز الغفلة عن العدو، لايجوز اعتبار العدو حقيرا ومسكينا، على الجميع أن يکونوا في حيطة و حذر و على أهبة الاستعداد و حاضرين في الساحة ، لن تقع الحرب، لكن هناك أشياء لاتكون أهميتها أقل من الحرب ، يجب أن نراقب الأوضاع لنرى ما ذا سيفعل العدو، و ما ذا يريد أن يقوم به مستقبلا …» .
… وعلى هذا النمط من الخوف و التوجس، هناك إلحاح من قبل النظام الإيراني برمته و خامنئي بالذات على مواصلة مشاريعه في تصنيع الصواريخ و التدخلات الإقليمية كطريق حل وحيد لديمومة النظام كما إنه يعتبر التنازل عن هذا الموقف سيؤدي حتماإلى سقوطه.
كما وقدسبق أن قال الملا حسن روحاني في 23/أكتوبر: الموضوع الأول هو الثقة بين الشعب والحكم . لا تسمحوا بأن تتعرض الثقة للمساس . الحكومة والسلطة التشريعية والسلطة القضائية والقوات المسلحة وعلى رأسها القيادة كلنا نعتبر سلطة في هذا النظام . لا تظنوا أن المساس بجزء من هذا النظام من شأنه أن يعزز الجزء الآخر.. لا.. بل ينهار كل النظام واذا لا نتوحد ونشد أيدي بعضنا البعض واذا لم نقف جنبا لجنب ، فان الرصيد الاجتماعي سيتعرض للمساس فلا تسمحوا بذلك و اذا كان هناك اشكالية صغيرة فلا تضخموها…».
عندما نضيف هذه التخوفات التي أسلفناها آنفا، بجانب كلمة ”نيوت غنغريتش“ في ندوة المنتدى الوطني للصحافة في واشنطن يوم 20/ أكتوبر- تشرين الأول ، والتي أقيمت من قبل منظمة الجمعيات الإيرانيين أنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في الولايات المتحدة الأميركية، سنستوعب ونعثر على عمق غضب وخوف خامنئي وأزلامه أكثر فأكثر .
وأكد نيوت غنغريتش قائلا:
أتصور أن ما قام به الرئيس ترامپ في قراره ، يعتبر لحظه مهمة جدا لإدارته … إنه سافر إلى الأمم المتحدة وألقى كلمة هناك … وكانت كلمته قوية جدا… هي كلمة قوية وملفتة جدا… مازال يستطيع (النظام الإيراني) تصديرالإرهاب إلى أرجاء العالم سيكون هذا خطر مهلك للولايات المتحدة كما يكون أمرا مخيفا للشعب الإيراني أيضا… فأنا متفائل استراتيجيا ، هناك أمر عظيم وطارئ أمامنا لكن و في نفس الوقت أعتقد قابل للتطبيق إذ فإن سيرالتاريخ باتجاه الحرية ولا باتجاه الدكتاتورية ، فعليه ورغم العراقيل الموجودة أحيانا أمام الطريق، لكن أنا اعتقد أننا سنقوى في المدى البعيدة وهم سيضعفون أكثر من ذي قبل لامحالة…أنا أتصور أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية له قوة عظيمة مستقبلا وأود أن أؤكد على ما قامت به السيدة مريم رجوي بأنه كان مثيرا للعجب في زعامة منظمة طيلة فترة طويلة جدا وبتحمل كل الصعوبات . وأعتقد أنها أحدى النماذج والمثل في المقاومة بوجه الدكتاتورية حيث ستؤثر بشكل عظيم على كل إيران بالذات ».
.. هل توافقون معي بأن لخامنئي حق أن يتخوف ؟ هو ونظامه برمته ؟ نعم إنهم يرون السقوط في الأفق القريب ويثيرهم الرجفة ، هذا ما يكتمه خامنئي متعمدا.